عبدالغني علي صالح المسلّمي لكل مجتمع من المجتمعات فلسفته التي يبنى عليها تصوره ، ونظرته للكون والحياة والانسان ، وفي ضوء هذه الفلسفة يحدد أهدافه الآنية والمستقبلية ويختار الوسائل المناسبة لتحقيق تلك الأهداف في الواقع العملي. وحينما ننظر الى ماوصلت اليه الولايات المتحدة الأمريكية من تطور نجد أن مفاتيح ذلك تتمثل في الفلسفة البراجماتية التي تجعل الغاية في العمل النفعي ، وشعارها «العمل من أجل الكينونة» أو «أعمل لتكون» وقد تأثر التعليم بهذه الفلسفة ، وصبغ بشعارها. ومن هذا المنطلق دعت (اليونسكو) في تقريرها «التعليم ذلك الكنز المكنون إلى اعتبار مبدأ «التعليم لنكون» أحد مبادئ التعليم للقرن الحادي والعشرين ، حتى تتفتح الشخصية على نحو أفضل ويمتلك الفرد الاستقلالية والمسئولية الشخصية في الحكم على الأمور ، ويوظف كل القدرات لإنجاز الأعمال على المستويين الشخصي والاجتماعي. وبما أن للفرد طاقات كامنة ، وقدرات مكنونة ، ومواهب مطمورة ، فإن التعليم ليكون ، استثمار لطاقاته ، وتوظيفاً لقدراته ، واكتشافاً وتطويراً لمواهبه ، وهو يحتاج إلى بيئة تحرر الفرد ، وتثري قدراته ، وتهيئة تلك البيئة تقع مسئوليتها على الأسرة أولاً ، خاصة في سنوات ما قبل المدرسة ، وبعد ذلك يأتي دور المدرسة والمعلمين ، والمناهج والأنشطة ، والمتعلم لن يصير مبدعاً مالم تتوفر لديه البيئة المناسبة ، ولن يستطيع المعلم التقليدي اكتشاف مواهبه وقدراته ، فضلاً عن رعايتها وتنميتها ، كما أن المدرسة لن تكون قادرة على احتضان الموهوبين واكتشاف المبدعين وتأهيلهم إذا لم تمتلك الكفايات والخصائص التي تؤهلها لذلك. إن «التعليم لنكون» تأكيد على التعلم الذاتي المستمر ، وطريق نحو الإبداع والابتكار والتميز ، ومن خلاله تصنع القيادات ، ويبرز الاختصاصيون في مختلف مجالات الحياة ، ويتمكن المجتمع من تحقيق أهدافه التنموية ، وصناعة النهضة الشاملة.