نط في عينيه حزمة حزن .. راح يجمع ما يتواجد من أضلاعه المتناثرة على مقربة منه .. مسح عرق جبينه بقطعة قماش متربة .. سحب يمشط أظفاره في نحت خده المبلل بالأرق العاطس .. فكان فمه يهذي بعبارة عشوائية .. لا يفهمها سواه.. أستلم الطريق أمامه كخارطة مهمشة .. هرع يمط قدميه عند زاوية تقارب 180 ... يده تقبض حلقة .. لص يحدق بين زوايا حارة مرصوفة بفراغ مخيف ، واحتلام وجوه تشرب وتراً من حزن على حزن آخر عنوة .. بخفة يركل بقايا احجار تنام ملتهما طريق قدمه فلا وقت للحصار .. يمط عينيه الرصيف .. ينبس في اذنيه صياح لا يقدر يميز مصدره حتى عاد إليه صمم من الرنين.. بلا قدر يحضنه كبرياء جنون ميلادي .. راح بلا خجل ينهمر في البكاء يثكله صوت أذان الفجر .. غمرت عينيه دموع ، هذرات الريح أخذت المشهد ... تلاقت رموش عينيه على حدب واحد .. تلتصق محتو حزمه من تراب مكوم .. اختفت الطريق أمام عينيه ينحسر على مساهدة للظلام لأغير .. يتخبط عليلاً متدهوراً في الطريق العقيم .. فهو لا يرى شيئاً غير الظلام ... تحسس أثراً لطريق توصله إلى منزله .. عثرت يده على طفلة تركب بقايا حائط اسمنتي .. ينبس في أذنيه تغريد بكاء .. يشاهد قمراً ساهراً يلبس حلته البيضاء ويغني غناء الرحيل عن هذه المدينة المحطمة شوارعها المبهمة ... ثمة يد صياد مخيف تمسك على أبواب المدينة الخضراء في زمنينا .. والمغبرة في هذا الزمن الموجود أمامنا.. حاول فتح عينيه باللحظة .. لم يتمكن .. حاول دون فائدة .. ترك حرية يده تلمس خدها .. جسداً وردياً منسا على حائط اسمنتي مربوط بقطعة ملابس ممزقة .. يتلعثم طويل ، بالكاد قال : لماذا تبكي أيتها الطفلة ...؟ .. تاهت البيت عنك ...؟ بصوت مكسور في وجه الأرض .. بين ما صدفة فوهة حديثة تعانقت ضحك الرصاص في جوي السماء ... جعلها تختبئ بين معطفه بحنان. قلت: ماتت المدينة بأهلها .. وغطت أناملها على بصيرته بماء الصبر .. واستباحت السماء ، وشهقاتها. رشفت مواصلة البكاء .. وقالت : وأيضاً يقتلون اطفالها .. «يا أبتي» .. وووالنساء لا أعرف إلى أين يسحبونهم لكنهم يختفون بهم خلف ذلك الجبل... على تعجب يلكزه القول : الآه .. مراراً «ماذا .. ماتت المدينة »؟ ماذا .... ليضع كفه على كفاه بعد أن شرب نفحتا من الهواء. راحت تقول بتلعثم : لم يبقَ سوى لصوصها .. شاهدهم ضجت الشوارع بهم .. يشرعوا يتسكعون على جسور المدينة .. قم يزيلون معالمها الجميلة .. آه كم هم حقودين لنا ... راح يهز كفه ثم يقول : ساعديني يا «ابنتي» على فتح عيني لأشاهدهم... سحبت رموش عينيه تحاذي ملامسة أكمام السماء .. حدق في شوارع المدينة المحطم كله .. عينيه تجلب حقيقة رعب مشاهد في أساطير الخيال السينمائي .. ليس بعيداً عن دروب مجسم خيال مركب .. وأساطير الرسم المخيف.. أنفتحت المدينة أمامه كلوحة تراثية .. يلف عينيه بلا حدود .. تجلب عينيه رجال خُمر ، وبألوان أخرى لا يميزها ، يمرون على أطراف المدينة بأسلحتهم .. يسحبن دبابات مصفحة تصد البشر عن طريقه.. تتنهد .. تصرخ على وقع شديد .. بتعجب لا يعرف تعليله أحد .. فهم يقتلون كل من يجدونه في طريقهم . يسأل نفسه فقط : كيف دخلها اللصوص .. لماذا يسرقون ، ويحطمون جمالها ، ويقتلون أهلها ... سمعت صوته المدينة ... تلقت الأرض صورته .. تغير لون ثيابه.. . ولطخ الشارع دمه.