إن الغاء عوائق الفهم هو البداية لكسر حاجز اللاتفاهم ووصولنا إلى صيغة مشتركة تسمى صيغة التفاهم والتي تعني بداية الطريق إلى المثل العليا وأسمى الثقافات قبولاً بالقيم الانسانية والابتعاد عن اللامبالاة والأنانية بين البشر وبذاك ربما نصل إلى أنسنة العلاقات الانسانية لا توحشها.. وبناءً عليه واذا ما استطعنا تعلم الفهم ونبذ الفرقة والاختلاف فإننا قد ننجي مجتمعنا من كوارث اللاتفاهم التي يعقبها الفرقة والشتات ونبذ الآخرين وشتمهم.. وخروجاً عن النمط المعتاد بلغة اللاتفاهم والتي لا تقود إلى تغيير وتجديد في علاقاتنا الانسانية التي يشوبها التشويش والتضليل في حين يصبح أمراً ضرورياً فهم أنفسنا وفهم الآخرين وتقدير الاختلاف بتعامل انساني خلاق.. في إطار الترحيب بالتنوع الخلاق للبشر. نحلم أن نصل مع الآخرين إلى التفاهم الانساني: حول هذا الموضوع صحيفة الجمهورية أفرغت هذه المساحة للطرح والمناقشة وإبداء وجهات النظر حول الفهم. التواصل والحوار الأخ / خالد محمود مدير عام مكتب الثقافة بالبيضاء تحدث بالقول: رغم تضاعف تطورات التقنية وتطور أساليب التواصل بطرق ووسائل حديثة ومتعددة فهناك شبكة الفاكس والهاتف النقال والفضائيات والانترنت بحيث أصبح العالم قرية واحدة وبرغم هذا التواصل إلا أن المفهوم السائد بين الناس هو اللاتفاهم ليس بين المجتمعات بل في المجتمع الواحد. واذا ما أردنا أن نرقى بأنفسنا إلى فن العيش مع الآخرين فعلينا أولاً أن نبتعد عن التمركز حول الذات والأنانية والفردية المتعصبة. الفهم أمر ضرور ومطلب أساسي لإضفاء طابع الانسانية في علاقاتنا مع الآخرين في ظل احترام وتقدير اختلافنا معهم.. الحقيقة لن يتم ذلك إلا بأمور يتطلب توفرها ومن هذه الأمور فهم انفسنا أولاً ثم قياس المدى والفارق الذي ولّد الخلاف بعد ذلك احترام وتقدير مصدر الخلاف مع القبول بذلك الفارق كمادة مطروحة للتحاور الخلاق بمبادئ انسانية ومقاصد نبيلة تعطي مساحة أكبر للتسامح والتراحم. للثقافة دور مهم في هذا الجانب فالانسان كلما توسعت مداركه المعرفية زاد فهماً وتعمق فيه فكراً أو سلوكاً.. معلوم أن الفهم لصيق الارتباط بالمعرفة..ولكي ننأى بأنفسنا عن عوائق الفهم علينا غرس وتعليم الفهم بعلاقتنا مع الآخرين تربوياً وذلك بفرض ذلك كمادة أساسية مثلها مثل الرياضيات واللوغاريتمات من أجل نبذ وعزل صيغة «اللاتفاهم» واستبدالها بإلفهم القادر على بناء علاقات انسانية قائمة على الرحمة والتسامح والتعامل مع الآخرين بأسلوب الفهم الانساني والأخلاقي الرفيع. ترسبات اللا تفاهم الأخ / سعيد حسن ناجي رجل أعمال .. مقيم بالمملكة العربية السعودية تحدث هاتفياً بالقول: حقيقة الفهم هو البداية للتصحيح والتغيير في حياتنا.. ولنتخلص من ترسبات الاختلافات وعدم القبول علينا أن نتجاوز عقبة اللاتفاهم إلى امتداد واسع من القبول والرضا في اننا أصبحنا اليوم بأمس الحاجة إلى تضامن الناس مع بعضهم البعض لكننا في الوقت ذاته تعصف بنا الاختلافات والرفض للآخر ونظل دائماً في دائرة مغلقة بالأنانية والفردية.. وحب الذات ونفي الآخرين . ربما نستطيع أن نصل إلى مرحلة التفاهم الانساني وربما أيضاً يكون لنا القدرة على الفهم بمقتضى الاعراف الانسانية والاخلاق النبيلة.. ولذلك هناك معايير لابد منها لإمكانية العيش مع الآخرين بوجه عام أي المجتمع البشري ككل أو بوجه خاص في مجتمعاتنا العربية أو على الأخص في مجتمعنا اليمني.. هذه المعايير أولاً الابتعاد عن الأنانية وحب الذات.. وتقديس الذات. ثانياً : نبذ كل ترسبات وأفكار الماضي المتخلفة المبنية على الفردية والجماعية المتعصبة وهدم كل موروثات التعصب الفكري المذهبي. وتطهير أفكارنا من بواطن الاحقاد المتنامية لمواقف وصدمات تاريخية .. القبول بالآخر واحترام وتقدير موقفه. عدم الاستسلام لسلبيات الثأر ونبذ كل مواثيق التعصب القبلي والعشائري والطائفي. أقول لك بأن ما خلفه لنا الاختلاف واللاتفاهم على مدى السنوات الماضية لم يكن سوى الهزيمة والتبعية والانقياد.. لو كان هناك فهم لأنفسنا في المجتمعات العربية لما كان حالنا بهذا الانقسام والتشتت الذي لا يفضي إلى طريق وانما يزيد من تفاقم الأزمات والكوارث .. ولو كان هناك فهم حقيقي لقضايانا العربية لكان حالنا أحسن بكثير مما هو عليه الآن. ان المجتمع العربي برمته وهو يحاور بعضاً ولكن بلهجة يتصدرها اللاتفاهم وهذا ما خلف للأمة العربية المآسي التي لا تتوقف. فما أشد حاجتنا اليوم كأمة عربية إلى التفاهم وإلى فهم قضيتنا كأمة عربية متضامنة وموحدة لا حواجز اقليمية ولا فكرية ولا مذهبية. الحوار البناء الأخ / هاشم البار مدير عام البحوث والتدريب بالبيضاء: أولاً لنفتح صفحة جديدة في حياتنا صفحة عناوينها البارزة التسامح والتراحم فيما بيننا والحوار البناء المنبثق من أخلاقيات الفهم المتمركز حول قناعة الذات وإباء النفس وتواضع الفكر والبعد عن الأنا وفتح المجال للآخر بأفق رحب للانسانية وترجمة ذلك إلى الواقع الحياتي. وحقيقة ان طرحك لموضوع الفهم كمادة صحفية يستفيد منها القراء وطرحك لهذه الفكرة بحد ذاتها كأنك تضع يدك على الجرح النازف دوماً. ليس علي المستوى المحلي بل على المستوى العربي والمستوى الدولي بما فيه من صراعات وانقسامات وأحداث جسام ودمار وهلاك كل ذلك سببه اللاتفاهم وعدم الفهم والوقوع في دائرة الاختلاف الذي بدوره يصل إلى التفكك وحب السيطرة والطمع على حساب باقي البشر وهو ما نجم عنه المآسي والقهر والخراب وتضرر منه البشر .. متى نصل إلى الفهم الحقيقي ذي المثل العليا والقيم السامية. متى سنعرف معنى جمال الحياة الانسانية إذا لم نفهم القيمة النبيلة لحياتنا، اذا لم نفهم بعضنا البعض. كيف سنجلب السعادة لأنفسنا اذا كنا نصنع من سلوكنا المغلوط وأنانيتنا القبيحة توحشاً وغابية تجعلنا نفر إلى أطرافها.. انني أجدد معك الدعوة عزيزي إلى تصحيح أفكارنا وتنقيتها من التشويهات ومسح غبار التلوث الفكري الذي أصابنا وجعلنا في غيبوبة لا نكاد نفيق منها لوغابت عنا الحقيقة وتناسينا قضايانا وأصبحنا بعيدين عن الفهم الذي يجعلنا نقترب من الحل.. فالأمر بالضرورة حتماً يحتاج منا الفهم الواعي المتوافق مع اختلاف الآخرين المقدر بجزيل الاحترام لمعنى الاختلاف الذي تحكمه علاقتنا الانسانية المنفتحة للتضامن البناء من أجل عيشة سلام ومحبة وتفاهم انساني مشترك. وأخيراً يتوجب القول: ان موضوع الفهم متعلق بالتنشئة التربوية وغرس القيمة الانسانية في أجيالنا الصاعدة.. كما أنه بالمقابل لا بد أن يكون هناك اتساع أكبر لموضوع التفاهم الانساني بحيث يتغير نمط الحياة وعلاقة البشر ببعضهم ويستبدل هذا النمط الغابي المتوحش المبني على أساس علاقته البشرية بمصطلح اللاتفاهم وهو ما يعني البقاء لي والموت لك ويعني أيضاً القوي يأكل الضعيف. اذن هو الصراع ذاته الذي يحدث في العالم وفي المجتمعات البشرية .. اللاتفاهم يعني الكثير يعني حال العالم اليوم.. يعني اختلاف العرب مع بعضهم البعض يعني الفردية العمياء التي وسعت فجوة أتاحت الفرصة للاستعمار أن يدمر الشعوب العربية واحدة تلو الأخرى. اللاتفاهم يعني موت شعب لبنان برصاص البندقية الصهيونية.. اللاتفاهم يعني الخراب والدمار الذي قضى على شعب العراق .. اللاتفاهم يعني الويل للعرب .. يعني الهزيمة.. والانكسار والذل..إذا فهمنا أدركنا الحل ان قضايانا ومشكلاتنا كلها مرهونة بالفهم الانساني وماذا يعني ذلك ؟ لو كان هناك فهم لمعنى العلاقة الإنسانية بين المجتمعات وبين البشرية بوجه عام لما دمرت لبنان.. ولو كان هناك فهم لمقاصد الانسانية لما مات أطفال العراق بضربات قذائف الأمريكان. ان التفاهم الانساني منعدم في العصر الراهن.. أين الفهم الحقيقي للانسانية وشعب فلسطين بلا مأوى لا يجد الماء والطعام والدواء.?! ان وصولنا إلى الفهم الواعي يعني وصول البشرية إلى مدينة أفلاطون إلى المدينة المثالية وهذا بالطبع غير ممكن في ظل ديمومة الصراعات وحب السيطرة والبقاء لي.. ولغيري الموت.