ما زال عبق القديم السمة البارزة لشهر رمضان في اليمن بروحانياته وطقوسه التعبدية والعادات الاجتماعية والأكلات والحلويات الشعبية وهو ما يجعل لرمضان خصوصية غير عادية ومذاقاً مختلفاً في اليمن فالجميع يتلهف لقضاء ليالي الشهر الكريم كل حسب برنامجه وما إن تعلن المدافع العثمانية القديمة المتواجدة في المدن اليمنية حلول شهر رمضان عقب صلاة المغرب حتى تبدأ الحياة الرمضانية تضفي بنفسها على الإنسان والشارع والأسواق وتطغى العادات الاستهلاكية على الناس في اليمن خلال شهر رمضان ورغم صعوبات الحياة بحسب مانقله موقع «سبتمبر نت» إلا أن المائدة اليمنية تظل محافظة على أصنافها البسيطة والجميلة والتي يحرص الجميع بمختلف المناطق اليمنية على تناولها خلال شهر رمضان وكأن رمضان لا يحلو بدون تلك الأكلات الشعبية والتي ينحصر تناولها ببعض المناطق في رمضان فقط، كما يحرص الناس على تبادل التهاني بحلول شهر رمضان بل يقترن بالسلام وتبادل التحايا (بشهر كريم أو رمضان مبارك) .وعادة ما تعتمر المائدة الرمضانية بأنواع من الأطعمة والأشربة التي تعود عليها اليمنيون في شهر رمضان مثل الشفوت والشربة والسنبوسة والتمر والقهوة، وهناك أيضاً أكلات أخرى مثل الكبسة والسلتة والحنيذ والعصيدة والسوسي والهريش وهي من الوجبات المفضلة لدى الكثيرين أما الحلويات التي تتزين بها المائدة الرمضانية فهي خليط من الأصناف التي تختلف من منطقة إلى أخرى ولكن في الغالب تبقى بنت الصحن والرواني والكنافة والعوامة القطائف والشعوبية والبسبوسة والبقلاوة هي أصناف معروفة لدى العامة بمختلف المناطق والمدن اليمنية كما يزداد الطلب على العصائر الشعبية أيضاً مثل الزبيب والشعير ومربى الدبا والجزر، ويحرص الميسورون في اليمن على إقامة موائد الإفطار الرمضانية الكبيرة في المساجد طيلة أيام رمضان ويتسابقون على إفطار الصائم في منازلهم. الكيزان أيضاً تسجل ظهوراً قوياً خلال شهر رمضان، والكيزان مصنوعة من المدر و تستخدم لحفظ الماء بارداً ويتم تعليقها في أماكن مفتوحة من المنازل بحيث تكون بعيدة عن أشعة الشمس ومعرضة لنسمات الريح حتى تصبح باردة وهي تتواجد بكثرة في منازل صنعاء القديمة والحرص على استخدام هذه الكيزان رغم وجود الثلاجات في المدن القديمة ينبع من المذاق الخاص بالماء فيها وأحياناً يقوم البعض بتبخير المياه بالمسك والزعفران والبخور وعادة ما تستخدم في طقوس مقايل القات الرمضانية التي يحرص الكبار والصغار على حضورها وتبادل الأحاديث أومجالس الذكر وعقد الحلقات لقراءة القرآن الكريم. ويمثل شهر رمضان موسماً لإحياء الأسواق الشعبية التي تنتشر في كافة المناطق اليمنية وما تزال الأسواق اليمنية التقليدية تحتفظ بطابع الأسواق القديمة التي يشار إليها في الأدب الجاهلي مثل سوق عكاظ ودوامة الجند ففي كل يوم جديد تدب الحياة والحركة النشاط المكثف في هذه الأسواق التي لها مزايا تنفرد بها عن الأسواق اليمنية الحديثة. كما تقام في المناطق الرئيسة للريف اليمني أسواق على مدار أيام الأسبوع من منطقة الى أخرى بأسماء أيامها التي تقام فيها أسواق السبت والأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ومازالت هذه الأسواق اليمنية ممتلئة بأنواع السلع والبضائع وعادة ما تزدهر في شهر رمضان أكثر من المألوف وكما كانت عليه في الازمان القديمة عبر عقود التاريخ المختلفة وتستحوذ الأسواق الشعبية اليمنية على اهتمام السياح الأجانب الذين يرون فيها تجسداً حياً لتراث عربي عريق له ملامح الشرق الساحر حيث يصف أحد المؤرخين المهتمين بأسلوب الشرق الأسواق اليمنية بأنها متاحف عبر العصور حيث تمتلئ بالسلع القديمة والحديثة والتحف المحلية والمصوغات اليدوية ويقول بأن نشاطها يبدأ منذ الصباح الباكر تتم فيه عمليات البيع والشراء والمقايضة من خلال تبادل المحاصيل الزراعية للحصول على سلع أخرى ومن أشهر هذه الأسواق سوق الجمعة في سهل تهامة في محافظة الحديدة غرب اليمن حيث يشتهر هذا السوق بالمنسوجات التي تحاك محلياً بالإضافة إلى أشكال مختلفة من الأواني الفخارية والقبعات الشعبية المزخرفة. وكان سوق الفقيه بالحديدة يفوق كل الأسواق الشعبية اليمنية في نشاطه خلال القرن السابع الهجري خاصة فيما يتعلق بتجارة البن التي كانت يومها أضخم تجارة في المنطقة وكان روادها من أرجاء المعمورة الذين يقصدون الأسواق اليمنية من أجل البن اليمني.