«صياماً إلى أن يُفطر السيف بالدمِ وصبراً إلى أن ينطق الحق يافمي لقد صام هنديٌ فجوَّع أمَّةً فهل ضار علجاً صومُ مليار مسلمِ؟» - بهذه الثورية شارك الشاعر اللبناني المسيحي بشارة الخوري، مسلمي بلده احتفالهم بأحد أعياد الفطر، أما الهندي الذي يرد في البيتين السابقين من قصيدته فهو الروح الزكية «المهاتما غاندي» الذي أخذ الصيام على يده منحىً تحررياً لصيقاً بحركة المجتمع، وأوضح جدواه في صراعه من أجل دخول مضمار العصر، كشريك لا كتابع!! - قاد المهاتما شعبه إلى مقاطعة البضائع الانجليزية، إبان الاحتلال، فأغلق مصانع «مانشستر» ودفعها إلى وحل الافلاس، وضرب حاجة انجلترا إلى الملح، في الخاصرة، عندما حشد الشعب الهندي خلفه في المظاهرة المعروفة باسم «مظاهرة الملح». وعلى امتداد عنفوان عمره عاش «غاندي» صائماً. لكنه الصيام الذي لا يتجاوز الواقع، ليصبح ضرباً من الدروشة، وشكلاً من أشكال جلد الذات، بلا مغزى سوى الجلد ذاته.. إنه الصيام في سبيل استرداد الرغيف المغتصب، من أشداق لصوص العافية، واسترداد إنسانية البشر من قصور قراصنة الإنسانية... الصيام من أجل تحرير الغالبية المحرومين المتعبين والغلابى، ليس فقط من ربقة القلة المهيمنة على رقابهم، بل ومن قابليتهم للوقوع تحت الهيمنة بفعل الحاجة المطلقة إلى الاستهلاك والاستهلاك فحسب! - كان صيام المهاتما صراعاً في مواجهة محاولات الماكنة الغربية ابتلاع العالم «الثالث»، وكان هذا الصراع أعقد من أن يحسمه «بتنظيم ضباط أحرار»، لذا فقد خاضه برفيقين دائمين: شاةٍ، عاش مكتفياً بما يحلبه من لبنها و.. مغزلٍ يدوي يفي بحاجته إلى الملبس، باختصار كان يعلٍّم شعوب العالم الثالث، كيف ينبغي أن تصوم عن ركونها الكلي إلى منتجات الآخر، وأن تأكل مما تزرع، وتلبس مما تصنع، هكذا - فقط - يصبح لصيامها معنى! - وفي 48م سلّمت بريطانيا مرغمة، زمام الشأن الهندي لشعب الهند، لكن بعد أن رتَّبت فصول مذبحة بين المسلمين والهندوس.. استهدفت، قبل كل شيء، معلَّم الثورة وروحها المهاتما غاندي و .. لجأ غاندي إلى الصيام.. المزيد من الصيام لوقف المذبحة. ومرَّة أخرى أثبت هذا السلاح جدواه، وكفَّت السواطير عن القتل إلى حين. لتعاود عملها فتقتل المهاتما نفسه، قبل أن تفصد الوريد الهندي إلى دولتين: الهند وباكستان و .. شعبين، مسلمين وهندوس. وأشداق عاجزة عن الصيام تنهش بعضها البعض تحت لافتة الدين.. وبقي مغزل غاندي مصلوباً بين لونين في قماش العلم الهندي! ورغم صعوبات الحياة بحسب مانقله موقع «سبتمبر نت» إلا أن المائدة اليمنية تظل محافظة على أصنافها البسيطة والجميلة والتي يحرص الجميع بمختلف المناطق اليمنية على تناولها خلال شهر رمضان وكأن رمضان لا يحلو بدون تلك الأكلات الشعبية والتي ينحصر تناولها ببعض المناطق في رمضان فقط، كما يحرص الناس على تبادل التهاني بحلول شهر رمضان بل يقترن بالسلام وتبادل التحايا (بشهر كريم أو رمضان مبارك) .وعادة ما تعتمر المائدة الرمضانية بأنواع من الأطعمة والأشربة التي تعود عليها اليمنيون في شهر رمضان مثل الشفوت والشربة والسنبوسة والتمر والقهوة، وهناك أيضاً أكلات أخرى مثل الكبسة والسلتة والحنيذ والعصيدة والسوسي والهريش وهي من الوجبات المفضلة لدى الكثيرين أما الحلويات التي تتزين بها المائدة الرمضانية فهي خليط من الأصناف التي تختلف من منطقة إلى أخرى ولكن في الغالب تبقى بنت الصحن والرواني والكنافة والعوامة القطائف والشعوبية والبسبوسة والبقلاوة هي أصناف معروفة لدى العامة بمختلف المناطق والمدن اليمنية كما يزداد الطلب على العصائر الشعبية أيضاً مثل الزبيب والشعير ومربى الدبا والجزر، ويحرص الميسورون في اليمن على إقامة موائد الإفطار الرمضانية الكبيرة في المساجد طيلة أيام رمضان ويتسابقون على إفطار الصائم في منازلهم. الكيزان أيضاً تسجل ظهوراً قوياً خلال شهر رمضان، والكيزان مصنوعة من المدر و تستخدم لحفظ الماء بارداً ويتم تعليقها في أماكن مفتوحة من المنازل بحيث تكون بعيدة عن أشعة الشمس ومعرضة لنسمات الريح حتى تصبح باردة وهي تتواجد بكثرة في منازل صنعاء القديمة والحرص على استخدام هذه الكيزان رغم وجود الثلاجات في المدن القديمة ينبع من المذاق الخاص بالماء فيها وأحياناً يقوم البعض بتبخير المياه بالمسك والزعفران والبخور وعادة ما تستخدم في طقوس مقايل القات الرمضانية التي يحرص الكبار والصغار على حضورها وتبادل الأحاديث أومجالس الذكر وعقد الحلقات لقراءة القرآن الكريم. ويمثل شهر رمضان موسماً لإحياء الأسواق الشعبية التي تنتشر في كافة المناطق اليمنية وما تزال الأسواق اليمنية التقليدية تحتفظ بطابع الأسواق القديمة التي يشار إليها في الأدب الجاهلي مثل سوق عكاظ ودوامة الجند ففي كل يوم جديد تدب الحياة والحركة النشاط المكثف في هذه الأسواق التي لها مزايا تنفرد بها عن الأسواق اليمنية الحديثة. كما تقام في المناطق الرئيسة للريف اليمني أسواق على مدار أيام الأسبوع من منطقة الى أخرى بأسماء أيامها التي تقام فيها أسواق السبت والأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ومازالت هذه الأسواق اليمنية ممتلئة بأنواع السلع والبضائع وعادة ما تزدهر في شهر رمضان أكثر من المألوف وكما كانت عليه في الازمان القديمة عبر عقود التاريخ المختلفة وتستحوذ الأسواق الشعبية اليمنية على اهتمام السياح الأجانب الذين يرون فيها تجسداً حياً لتراث عربي عريق له ملامح الشرق الساحر حيث يصف أحد المؤرخين المهتمين بأسلوب الشرق الأسواق اليمنية بأنها متاحف عبر العصور حيث تمتلئ بالسلع القديمة والحديثة والتحف المحلية والمصوغات اليدوية ويقول بأن نشاطها يبدأ منذ الصباح الباكر تتم فيه عمليات البيع والشراء والمقايضة من خلال تبادل المحاصيل الزراعية للحصول على سلع أخرى ومن أشهر هذه الأسواق سوق الجمعة في سهل تهامة في محافظة الحديدة غرب اليمن حيث يشتهر هذا السوق بالمنسوجات التي تحاك محلياً بالإضافة إلى أشكال مختلفة من الأواني الفخارية والقبعات الشعبية المزخرفة. وكان سوق الفقيه بالحديدة يفوق كل الأسواق الشعبية اليمنية في نشاطه خلال القرن السابع الهجري خاصة فيما يتعلق بتجارة البن التي كانت يومها أضخم تجارة في المنطقة وكان روادها من أرجاء المعمورة الذين يقصدون الأسواق اليمنية من أجل البن اليمني. ويبقى القول إننا يمكن أن نعرف رمضان بخصوصياته من خلال الأسواق الشعبية التي تبدأ فيها الحياة والازدحام بالناس والبضائع الرمضانية تذييل إن الإنسان شقيٌ في مملكة الله، لم يبرأنا الباري ليعذبنا، ويصغِّرنا في عينيه، بل ليرانا ننمو وتلامس جبهتنا وجه الشمس، أو نمرح تحت عباءتها كالحملان المرحة. على لسان الحلاج في مسرحية «مأساة الحلاج» لصلاح عبدالصبور.