أثار الصديق عبدربه الهيثمي في عدة مقالات نشرت بملحق «فنون» العديد من الأسئلة حول مهرجان صنعاء السينمائي الأول 2008م وكتب العديد من الاصدقاء عدة مواضيع حول المهرجان ونحن سنحاول أن نوضح بعض الأمور الهامة على اعتبار أن من حق الاصدقاء والزملاء الحديث عن المهرجان وطرح آرائهم بكل حرية وحتى الذين هم ضد إقامة مهرجان سينمائي باليمن فلهم الحق في طرح أفكارهم فالحوار مهم جداً وضروري المهم أن يكون على أسس علمية وليس مجرد جدل عقيم. قصتي مع وزارة الثقافة الموضوع سيحتاج إلى عدة حلقات وأود توضيح أمر هام جداً في بداية الحديث وهو قصتي مع وزارة الثقافة وماذا حدث لي خلال زيارتي الأخيرة في صنعاء. حيث نشرت عدة صحف ومواقع اليكترونية قصة إهمال وزارة الثقافة وسوء الضيافة وعدم صرف أي مستحقات مالية لي إلى اليوم. الحديث عن هذا الموضوع ليس خرقاً للاتفاق الأخير مع الأخ الوزير الدكتور/محمد أبوبكر المفلحي الذي تم عبر وسطاء احترمهم وأجلهم وأقدرهم وهم الدكتور /قاسم محمد برية والدكتورة /رؤوفة حسن،والأستاذ أحمد سيف حاشد وسوف أحاول سرد القضية بشكل مختصر. بعد عودتي إلى باريس المرة الماضية في شهر يونيو وبعد أن تمت استضافتي «10» أيام فقط كانت ضيافة جيدة أثمرت مشروع مهرجان صنعاء السينمائي الأول 2008م ولم استلم أي بدل سفر أو مستحقات مالية وتحملت جزءًا من مصاريفي مثل التنقل والاتصالات وغيرها وبعد عودتي إلى فرنسا باشرت بإعداد البرنامج والخطط والدراسات واستعنت باصدقاء مشهود لهم بالخبرة في مجالات تنظيم المهرجانات والفعاليات وقمت بإجراء أكثر من عشرين حوارًا صحفيًا نشرت في صحف يمنية وعربية ودولية وكان الهدف أن نستمع إلى أفكار الأخرين ونستفيد من تجاربهم ونصائحهم. كنت أظن أن الوزارة قادرة على تمويل ودعم المهرجان أولها القدرة على إيجاد التمويل وبعد ارسال التصور الأولى للميزانية وبعد اتصالات مع الأخ الوزير اكتشفت أن الوزارة ليس لديها القدرة على التمويل الكامل وأنها من الممكن أن تساهم بجزء لايزيد عن عشرة بالمئة من الميزانية وتم تكليفي بالبحث عن جهات قادرة على أن تمول المشروع وفعلاً قمت بالتواصل مع عدة مؤسسات عربية وفرنسية وغيرها ولمسنا تجاوبًا جيدًا وتواصلت مع الأخ الوزير واتفقنا على أن أعود إلى صنعاء لتجهيز بعض الملفات لطلب دعم بالإضافة إلى ضرورة إقامة أول فعالية ضمن المهرجان وهي الملتقى السينمائي اليمني وإقامة ورشة تدريب في عدة مجالات سينمائية. تعهد الأخ الوزير بتذاكر السفر والضيافة التي تشمل الإقامة والأكل والشرب لي ولعائلتي بصنعاء وصرف ولو جزء من مستحقاتي المالية وتوقيع عقد يكفل حقوقي المالية والأدبية والفكرية. عدت إلى اليمن وقضيت أيامًا قليلة في بيت الفقيه ثم تواصلت مع الأخ الوزير عبر مدير مكتبه وطلب مني السفر إلى صنعاء وكانت المفاجأة أني وبعد وصولي إلى الفندق الذي حدد مقراً لإقامتي فوجئت بعدم وجود أي حجز وبعد اتصالات ووجع راس أقمت في الفندق على أن يتم استخراج رسالة رسمية من الوزارة تسمى رسالة التسكين، الثلاثة الأيام الأولى قضيتها وأنا أركض وراء هذه الرسالة التي لاتشمل الضيافة ولا أي شيء آخر، لاتغذية ولا مواصلات ولا أي بدل. التقيت الوزير في دار المخطوطات بصحبة الصديق صفوت الغشم وبعد نقاش دام ساعتين حول مسمى المهرجان وأكدت ضرورة إقامة الملتقى والورشة ولكن الوزير أكد أن إقامة الورشة صعب جداً رغم الميزانية المتواضعة ووجود مدربين متبرعين من مصر والإمارات والبحرين وفرنسا وبلجيكا وكان المطلوب فقط تذاكر سفر للمدربين واستضافة لائقة وشرحت للوزير المتاعب التي أواجهها في السكن والإقامة وأني افتقد إلى الوسائل والإمكانيات التي تمكنني من أداء مهمتي. ضيافة سيئة أصبت بصدمة كبيرة وأصبت بصداع وحمى أقعدتني يومين كاملين طريح الفراش وتلقيت دعوة من وزارة الثقافة الجزائرية للمشاركة في المهرجان الدولي للفيلم العربي في مدينة وهران وكان لهذه الدعوة أثر كبير في رفع معنوياتي وتشجيعي على المواصلة وعدم اليأس. قبل سفري بيوم واحد التقيت الوزير في بيته وأخبرني أن المهرجان أخذ بعدًا دوليًا وأنه تلقى عدة اتصالات من سفراء دول شقيقة وعدت بدعم المهرجان مثل السفارات الفرنسية والبريطانية والأمريكية واليابانية بصنعاء. أخبرت الوزير أن الضيافة ليست جيدة وأن الفندق الذي أقيم فيه غير جيد وتعامل الإدارة والعاملين مع ضيوف وزارة الثقافة سيئة جداً ووعدني بعد عودتي من الجزائر بتعويض ما فات بضيافة لائقة كون الحديث عن هذا الموضوع مزعجًا جداً والمفروض ألاًّ يكون هناك أي نقاش فهذا من أبسط الحقوق كوني تركت دراستي ومشاغلي، وزيارتي زيارة عمل وليست زيارة فسحة وصارحت الوزير بأنني قد اتجه إلى باريس في حال استمرار مشكلة الضيافة أو الاقامة بهذا الشكل وقال لي بالحرف الواحد «لوفعلتها سوف نذهب إلى فرنسا وسنعود بك كونك فتحت بابًا جديدًا وتستحق التكريم ورغم حالة الوزارة المرهقة بديون والتي لاتملك امكانيات إلاًّ أن مسألة اقامتك ومتطلباتك سوف تحل بشكل أو بآخر». عدت من الجزائر وذهبت إلى بيت الفقيه وأقمت عدة أيام وتواصلت مع الأخ الوزير عبر مدير مكتبه الذي أخبرني أن الوزير قام بدعوة سينمائيين من عدن لغرض أن نلتقي ونستفيد من النقاش والاستماع لهم وأخبرني أن الوزير وجه بترتيب وضعي وطلب مني التواصل مع مدير العلاقات العامة لترتيب اقامتي. مدير العلاقات العامة رأي أن اقامتي بفندق لائق مع التغذية مكلف، لذا حجز لي في نفس الفندق التعيس والمقرف وحاولت الاتصال بالوزير وحتى مدير مكتبه لكني لم أفلح. تلقيت دعوة كريمة من الدكتورة سعاد القدسي رئيسة ملتقى المرأة لغرض عرض افلامي وإقامة حلقة نقاش حول السينما اليمنية وآخر تطورات المهرجان وقد تمت استضافتي بفندق لائق. وتمت إقامة الفعالية وخلال الحوار والنقاش تم طرح أسئلة حول المهرجان واخبرت الجميع أن التواصل مقطوع مع الوزير وطلب الجميع من الأخ الوزير بتوضيح الموقف تجاه مهرجان صنعاء السينمائي. بعد نشر أخبار حلقة النقاش نشرت تصريحات صحيفة على لسان الأخ الوزير تؤكد الالتزام بإقامة المهرجان وأهميته. توجيهات الوزير لاتُنفذ عاد التواصل مع الوزارة وتم التوجيه بضرورة ترتيب وضع إقامتي بشكل جيد ولائق ولكن مدير العلاقات العامة ضرب بهذه التوجيهات عرض الحائط وطلب مني السكن بالفندق الحقير والبائس ووافقت على شرط أن تتم معالجة وضعي خلال يومين غير أني بعدها وجدت نفسي في غرفة حقيرة ضيقة وبعد يومين تركت الفندق وطالبت بأبسط حقوقي. * تم تفسير خروجي من الفندق أنه تمرد وتم إيصال كلام لم اقله إلى الوزير مثل أني هددت بالحديث إلى القنوات الفضائية وفضح الوزير، حاولت التواصل مع الوزير لكني لم افلح، وتلقيت دعوة من الأستاذ النائب أحمد سيف حاشد صاحب صحيفة «المستقلة» وسكنت على حسابه أنا وعائلتي. وجدت أن الصراع من أجل السكن والتغذية وخلافه كلام فارغ وقمت بالتنسيق مع ملتقى المرأة وطلبت من منتدى الفن السابع تنظيم ورشة تدريب في مجال التأليف وكتابة السيناريو وفعلاً وبإمكانيات متواضعة جداً تمكنا من إقامة الورشة وحصلنا على وعد من ملتقى المرأة بدعم انتاج ثلاثة افلام وهذا انجاز رائع. تلقيت رسالة من مهرجان الأمل الدولي للفيلم العربي الأوربي بأسبانيا، تقيد بقبول افلامي «ستيل لايف» و «الرتاج المبهور» داخل المسابقة الدولية وقد طلبوا في الرسالة مني عدة وثائق وأمورًا أخرى بعضها موجود بفرنسا بأسرع وقت واجتمعت مع الاستاذ أحمد حاشد والدكتورة رؤوفة حسن وأخيراً تواصلت مع الدكتور قاسم بريه حيث طلبت تذكرة سفر للعودة إلى فرنسا وتمكن الدكتور قاسم من التواصل مع الوزير وضمان صرف تذكرة سفر إلى جانب تعهد الوزير بصرف مبلغ ألف دولار كجزء من مستحقاتي المالية واستطعت الاتصال بالوزير وتحدثنا بكل صدق وشفافية موضحاً له موقفي واستمعت إليه وأكد نيته في إقامة المهرجان وأن نتواصل ونبحث ما يمكن فعله وأن الوزارة لا تملك الآن أي ميزانية ولكن مع بداية عام 2008م سيكون هناك خطوات عملية باتجاه مهرجان صنعاء السينمائي. من يقتل الإبداع ؟ * قد يقول البعض: حميد قضى إجازة متعبة بالصراع مع وزارة الثقافة من أجل إقامة مريحة وكان عليه أن يكون متواضعاً ولا يأخذه الغرور إلى وضع الشروط، وهنا أود أن أوضح بأن موقفي ورفضي لضيافة سيئة صون لكرامتي وكرامة أي فنان، فعلى وزارة الثقافة أو أي وزارة أو مؤسسة عند دعوة أي فنان أو مبدع عليها أن تحترمه وتقدره بسكن لائق وضيافة تشمل ما هو متعارف عليه التغذية والمواصلات وغيرها، فالفنان ليس «مرمطون» أو شحات، فا الاعتزاز بالنفس والحفاظ على الكرامة شيء مهم لا يجب لتفريط فيه. اكتشفت ولعل الوزير أيضاً اكتشف أن هناك مافيا في وزارة الثقافة هدفها قتل الإبداع واحباط أي محاولات وإفشال أي مشروع حضاري فني إنساني وعلى الوزير اتخاذ خطوات عملية لتطهير وزارته من هذه العناصر السيئة. * أود التأكيد أننا نقف بشجاعة وعلى استعداد للتضحية من أجل خدمة الإبداع ولم يكن المشروع والمقالات التي كتبت والحوارات تلميعًا أو تنميقًا للأخ الوزير ولست بوق لا للأخ الوزير ولا لغيره، وقد كان اتفاقنا الأخير أن نسخر كل امكانياتنا لخدمة الإبداع السينمائي من منطلق أننا جميعاً جنوداً للإبداع وشركاء لا أجراء. * الأخ الوزير بحاجة إلى أن نقف بجانبه شرط أن يكون صادقاً وعملياً ولا يكتفي بتصريحات صحفية لا تسمن ولا تغني من جوع وأملنا أن يتفهم الوزير هذا الموضوع وألا يستمع للمغرضين الفاشلين الذي لا هم لهم سوى تفجير منابع الإحباط والفشل. * وزير الثقافة أعطى صلاحيات لبعض المسئولين في وزارته في الوقت الذي لا يقدرون فيها مسئولياتهم فعلى سبيل المثال أي مشروع يحال إلي هؤلاء يعني رمي المشروع في سلة المهملات، وهو ما يتوجب عليه أن يمسك بمقاليد الأمور ولا يدع الأمر والنهي بيد مثل هؤلاء وعليه معاقبة أي شخص في وزارته لا ينفذ توجيهاته، الأمر يحتاج إلى حزم أكثر، والمطلوب من الوزير، أن يعالج جميع الإشكاليات المالية. وأيضاً هو بحاجة إلى أن يرتب الكثير من الأمور وأن يتم إعلان وزارة الثقافة لخدمة الإبداع والمبدعين بكل الوسائل. نكتفي اليوم بهذا وسيكون لنا حديث آخر للرد على جميع التساؤلات وكل ما نطلبه أن تقرأ هذا الموضوع بحيادية بعيداً عن الانفعال وإن كانت قد صدرت مني أخطاء خلال هذه الفترة الصعبة فأن في الأول والأخير بشر انفعل وأغضب، وكما يقول المثل «من يعمل يخطئ» وأي مشروع قد تصادفه مشاكل وعقبات لكن المهم أن نستمر وأن نواصل جهودنا بصدق واخلاص لخدمة الإبداع أولاً وأخيراً.