لكنها و للأسف الشديد توقفت المحاولات الإنتاجية و ظلت الكثير من دور العرض السينمائي باليمن تزخر بجمهور كبير إلى نهاية الثمانينات و منذ التسعينات إلى اليوم أغلقت اغلب دور العرض و تم تحويل الكثير منها إلى مساجد أو متاجر و بعضها تحول إلى حظائر للبهائم كما حدث لسينما أروى في مدينة بيت الفقيهبالحديدة . منذ التسعينات لم تهتم الجهات الرسمية و خاصة وزارة الثقافة بالفن السابع و لم يتم وضع أي خطط لبناء دور عرض سينمائي او تشجيع أي نوع من الإنتاج المحلي و مع افتتاح كلية للفنون الجميلة بجامعة الحديدة ظهر أمل جديد و افتخر اني كنت من المساهمين في تأسيس هذا الصرح الفني الوحيد باليمن و في السنوات الثلاث الأولى قمنا بعمل بعض النشاطات كان لها صدى ايجابي مثل مسابقة للتأليف و السيناريو و تنظيم معرض للتصوير الفوتوغرافي بالمركز الثقافي الفرنسي و غيرها و هناك إمكانيات عديدة بكلية الفنون الجميلة الى اليوم لم تستغل استغلال عملي و رغم كل هذه الصعوبات ظهر جيل من الشباب السينمائي يمتلك الرغبة و الموهبة و يفتقد إلى اقل دعم و تشجيع . في السنوات الأخيرة حصلت وزارة الثقافة على دعم و معونات تقنية من عدة دول مثل اليابان و فرنسا و للأسف فجميع هذه الأجهزة و التقنيات حبيسة المخازن و أظن بعضها تلف بسبب سوء التخزين و عدم الاستخدام . كان هناك فرصة كبيرة جدا لتشجيع مواهب و إنتاج أعمال سينمائية خلال فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة2004 و رغم ضخامة الميزانية و الأموال الا ان الوزارة لم تفكر بدعم أي مشروع سينمائي يومها . قبل عامين وجدت دعم تشجيعي من مؤسسة البابطين بالكويت لإنتاج فيلمي الرتاج المبهور و بحثت عن دعم تكميلي أخر و بعد عدة محاولات و مراسلات طويلة مع عدة بلدان و حصولي على ترخيص لتصوير الفيلم بالجزائر هذه الخطوات استهلكت جزء من الميزانية المتواضعة أخيرا و بدعم من السفير اليمني بباريس يومها الأستاذ محمد باسلامه قمنا بمراسلة الفنان الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة و السياحة باليمن و فعلا حصلت على تشجيع عبارة عن خمس تذاكر سفر من باريس إلى صنعاء و العودة. بعد ان استكملنا التصوير التقينا بالأخ الوزير و طرحنا بعض النقاط لتشجيع دعم الإبداع السينمائي اليمني و طلب منا التواصل معه لدعم مشاريع اخرى و بعدها انشغل الوزير و دخل اليمن بعدة دوامات سياسية و اقتصادية . مع التغيير الحكومي الأخير بدأنا بطرح الكثير من القضايا و خاصة موضوع ميلاد سينما يمنية و فعلا بعد نشر عدة مواضيع تلقينا دعوة من وزير الثقافة الدكتور محمد ابو بكر المفلحي و بعد عدة زيارات الى العاصمة اليمنية و إقامة عدة ندوات و حلقات نقاش طرحنا مشروع مهرجان صنعاء السينمائي الأول و اتفقنا أن يكون إقامته نهاية 2008 . وضم المشروع برامج عديدة لدعم الإبداع السينمائي مثل دعم إنتاج أفلام سينمائية قصيرة و برنامج لإقامة ورش تدريب و تأهيل و إقامة عدة ملتقيات سينمائية و تشجيع نشر الكتب و الثقافة السينمائية و معالجة أوضاع دور العرض السينمائية و تشجيع بناء دور جديدة و دعوة القطاع الخاص للمشاركة و المساهمة و الاستثمار في هذا المجال . استمع لنا السيد الوزير باهتمام و مازال الى اليوم يستمع إلينا و نحن على تواصل مستمر و لكن يبدو ان بعض المسئولين بوزارة الثقافة يخافون من مهرجان صنعاء السينمائي و من الثقافة و الإبداع السينمائي و بدلا من أن يعتذر هولاء على إهمالهم لهذه السنوات الطويلة و خذلانهم للإبداع السينمائي و الفني و الثقافي و السعي بجد لخدمة الإبداع الفني إلا إنهم و للأسف يزرعون مزيد من العراقيل و الصعوبات أمام هذا المشروع و غيره من المشاريع الجادة . طالعت قبل فترة عدة مقالات بصحف يمنية تناشد القيادة السياسية العليا بضرورة تغيير مثل هولاء وضخ دماء جديدة إلى وزارة الثقافة باعتبارها المؤسسة الأولى المعنية بدعم الإبداع الفني و الثقافي و نشر الثقافة اليمنية و تحصين الهوية الوطنية من مخاطر عديدة أصبحت تهدد وطننا الحبيب و وحدته و حضارته و نعتقد أن هذا سيحدث و قريبا كون القيادة السياسية العليا و خاصة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح أصبح مدركا لأهمية الثقافة و الفنون و تضمن برنامجه الانتخابي الأخير الكثير من الأهداف الطموحة . ظن البعض ان سعينا و جهودنا منذ عدة اشهر للإعداد لمهرجان صنعاء السينمائي الأول و برامجه الطموحة تهدف إلى البحث عن الشهرة او منصب و البعض يوشوش في اذن السيد الوزير الدكتور المفلحي ان حميد عقبي يسعى للوصول إلى كرسي وزارة الثقافة . هذه الاطروحات الغبية لا نظن أن الوزير سيضيع وقته لسماعها كون المطلوب منه العمل بجد و تكريس جهودة و تفكيره في تطوير وزارة الثقافة و جعلها مؤسسة إبداعية ثقافية و فنية و ليست مجرد وزارة ثانوية هامشية لا حول لها و لا قوه . نعلم جيدا ان اليمن بلد فقير تنقصه الكثير من الإمكانيات المادية و إقامة مهرجان سينمائي و دعم إنتاج أعمال سينمائية ليس امرا عاديا فهو يحتاج الى المال و الإمكانيات و لكننا يمكننا ان نحقق بعض الخطوات الأولى العملية و الايجابية ببعض الإمكانيات المتوفرة و وضع خطوات عملية للمستقبل و لحسن الحظ فمهرجان صنعاء السينمائي وجد صدى داخليا و خارجيا و اخبرني الوزير شخصيا ان عدة سفارات باليمن وعدت بتقديم دعم للسينما اليمنية و المهرجان و خاصة سفارة فرنسا و سفارة اليابان و السفارة الأمريكية و البريطانية . نحن هنا لا نطالب بمزيد من التصريحات الصحفية من الأخ الوزير و عبر هذا المنبر الدولي نطالب بخطوات عملية و قمنا موخرا بالاتصال بالأخ الوزير الدكتور محمد ابو بكر المفلحي و ناقشنا عدة نقاط عملية بخصوص المهرجان ودعم الإنتاج السينمائي و أملنا كبير ان تتحقق هذه الخطوات كون الكثير من المؤسسات العربية و الدولية على استعداد لدعم السينما باليمن و المهرجان السينمائي و هم ينتظرون منا خطو أي خطوة إلى الأمام . خلال مشاركاتي الأخيرة بعدة مهرجانات سينمائية دولية في الجزائر و أبو ظبي و أسبانيا و بلجيكا و جدت الكثير من الأصدقاء و نقاد كبار و رؤساء مهرجانات و مؤسسات سينمائية يسالون إلى أين وصل مشروع مهرجان صنعاء السينمائي ؟ و كيف يمكننا ان نساعدكم ؟ كثيرون جدا يحلمون بصنعاء.يتشوقون لمشاهده أفلام سينمائية يمنية علينا إذن ألا نتأخر أو نتقهقر إلى الوراء مهرجان صنعا ء السينمائي خطوة أولى يجب أن تتبعها خطوات كي نلحق بركب الحضارة الإنسانية و نساهم في الحوار الحضاري الإنساني و نعرض تراث و حضارة اليمن العريق . و لاننسى في الأخير كلمة شكر و تقدير إلى المخرج السينمائي اليمني البريطاني بدر ألحرسي و السيدة المخرجة خديجه ألسلامي على إصرارهم على خوض مغامرات سينمائية رائعة رغم كل الصعوبات التي تقف أمام هذا الإبداع في اليمن السعيد . * المنسق العام لمهرجان صنعاء السينمائي 2008 العرب الاسبوعي