رويدا اسم جميل يدل على الصبر والتأني على غرار «أقبلت تمشي رويدا» وكذا رويداً رويدا، هذه الأغنية التي غنتها الفنانة الصاعدة التي لمعت في سماء الفن اليمني وذاع صيتها أيضاً في الدول الخليجية، هذه الموهبة الفذة والجوهرة التي ظهرت من مدينة المعلا «عدن».. تمتلك حنجرة ذهبية وذكاء يفوق سنها الذي استطاع استيعاب التراث اليمني بشتى ألوانه، ولا أبالغ إن قلت أن صوتها يقارب إلى حدٍ ما صوت الفنانات والمطربات الراقيات ولو أن حنجرتها تحتاج إلى مزيد من التدريب حتى تصل إلى المستوى المأمول. ماقلته يعتبر وجهة نظر خاصة ربما غيري من المتذوقين يرى خلاف ذلك، وقد استلهمت ماذكرته من خلال استماعي لمقابلة أجرتها معها إذاعة صنعاء وقدمت فيها نماذج من الغناء لفتت انتباهي، وكم نتمنى لو يسلط الضوء أكثر على هذه الفنانة الرائعة وتقديم التشجيع اللازم لها خاصة وأنها تجيد أغاني التراث اليمني بقاعدته الأصلية مصاغة بلمسات نغمية حديثة وساحرة. ونحن في هذا السياق لانبالغ إذا ماقلنا أننا مفتونون بهذا الصوت المميز الذي استمعنا إليه من حفلات عديدة وطنية وغيرها، هذا الصوت الذي جاء ليعيد التراث اليمني إلى مربعه الأول ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين وينتشل هذا التراث من غياهب النسيان بالإضافة إلى أن هذا التراث أصبح مغيباً ومستنكراً من شرائح كبيرة من الناس مع غزو الأغنية الشعبية الخاوية من أي مضمون.. ومايعادلها من الأغاني الهابطة. إن وجود هذا الصوت في هذه المرحلة التي عزفها الفن الأصيل قادر على أن يفرض نفسه أوتوماتيكياً على الذوق العام ويقتحم القلوب التي توغل فيها النوع الهابط من الفن - ويجعلها مستوعبة لهذا التراث والجمال الذي كاد يكون في خبر كان.. وحقيقة أن مثل هذا النوع من التراث المعبر عن أصالة المجتمع يجعلنا نتفاعل معه تلقائياً. إذاً رويدا رياض ابنة المعلا مركز الإلهام الفني منذ زمن أعادت لنا أمل افتقدناه من عقدين من الزمن وجعلنا نؤمن بأن التراث مهما غيب فأن له محبين يحمونه من العبث والاندثار.. وكم كنت سعيداً وأنا أستمع منها لأنماط من الغناء الصنعاني واليافعي واللحجي والحضرمي والبدوي وكذا الخليجي والعربي، فقد أدت الغناء الصنعاني الخميني بطريقة لم تسبقها أية فنانة يمنية، ورغم خبرتي المتواضعة أكاد أجزم بأن رويدا رياض تستطيع اجادة الموشحات الصنعانية والكوكبانية والتهامية بل تتعدى ذلك إلى اجادة الموشحات الخاصة بالقطبين الصوفيين جابر رزق وأحمد بن علوان رحمهما الله ناهيك عن الأغنية العدنية التي أخذت فيها باعاً في زمن قياسي مستلهمة من عمالقة هذا النمط أمثال محمد سعد عبد الله ومحمد مرشد ناجي ومحمد عبده زيدي وأحمد بن أحمد قاسم وغيرهم. فالمطلوب أن تنال هذه الفنانة الصاعدة كل الدعم سواء على المستوى الرسمي أو الخاص فكم نحن بحاجة إلى عودة الماضي الجميل ومزجه بالحاضر البهي حتى تمتزج الأصالة بالمعاصرة.. وعذراً للقارئ الكريم المتذوق إذا كنت قد تطفلت وشطحت بأفكاري بعض الشيء.