سنتان بعد الهجرة .. وفرض صيام رمضان .. ركن رابع لاتكتمل أركان الإسلام الخمسة إلاّ به ، ومنهج قويم تسمو به الأرواح وتصفو به النفوس وتقوى ، وتقترب إلى بارئها في عمل يختص به المولى عز وجل دون سائر أعمال ابن آدم وبه يجزى خير الجزاء .. لم يكن رمضان شهراً للصوم فحسب بل شهر القرآن والصبر والجهاد والقيام والزكاة والصدقة والرحمة والمغفرة والعتق من النيران.. شهر تصفد فيه الشياطين ، وتغلق أبواب النيران ، وتفتح أبواب الجنان ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، من صامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. وحدة رمضانية وفي رمضان تنطلق أمة محمد صلى الله عليه وسلم نحو بارئها تجمعها وحدة الدين بوجدان متعاظم وروحانية «متناهية لفعل الخيرات وترك المنكرات.. وتبقى المجتمعات المسلمة في شتى أرجاء المعمورة تتوق لهفة واشتياقاً لموسم خير وبركة في شهر الخير والبركة ، ومجتمعنا اليمني يتميز بحياة حافلة بالإيمان في هذا الشهر الفضيل. تهامة في رمضان وفي تهامة تجد قلوباً خصبة غنية بشواهد الإيمان كخصوبة سهولها الغنية بأطيب الثمار وأجودها. فرمضان تهامة يحتاج عمراً مديداً حتى تكتمل وقفات التأمل في مساره بين أفئدة «تستنير بنور الإيمان ووجوه تستضيء به فتبدو مضيئة رغم سواد بشرتها. حياة مآذن وعلى امتداد سهول تهامة تزدان مساجد تهامة بروحانية تنبعث من فرحة بقدوم رمضان «وحرص» على استغلاله الاستغلال الأمثل. فمنذ النداء الأول لصلاة التراويح تمتلئ المساجد بصفوف المسلمين في صورة «تصمت عن وصفها الألسنة وتتكفل به القلوب دون غيرها من سائر الجسد. شهر القرآن وتمتاز تهامة في رمضان بمحالس قراءة القرآن حيث تتجمع جماعات من الناس في «المبارز» و«المبارز» مفردها مبرز وهو مكان يحتضن مجموعة من الناس لتناول القات ويقرأون فيه القرآن، وهي كلمة تهامية تقابلها كلمة «ديوان» عند المناطق الأخرى في اليمن .. وفي العشر الأواخر تبدأ مراسم «الختومات القرآنية» حيث يكون في كل ليلة من الليالي العشر تجمع كبير عند «مبرز» أو أكثر لغرض ختم القرآن الكريم هناك كما جرت عليه العادة في تهامة وتوزع فيه أنواع خاصة من المأكولات والعطور والبخور في طقوس خاصة بأبناء تهامة. وفي الأسواق أما أسواق تهامة في رمضان فوحدها حكاية تنبئ عن خيرات «حسان» تنبت من رحم سهول تهامة. فهي عبارة عن معارض حقيقية لمختلف أنواع التمور والبطيخ والفواكه والخضروات والمأكولات الشعبية والعصائر والحلويات ومأكولات رمضانية تختص بها تهامة دون غيرها. فلذا تبقى أسواق تهامة في رمضان ذات نكهة «خاصة» لا تقارنها أية نكهة سوى النكهات الطبيعية الرائعة المتواجدة في ساحاتها والمنتشرة بين ارجائها. عشرٌ بعشر !! وفي العشر الأواخر من رمضان تمتاز تهامة بعشرة أعمال وصفات منها ما هو مطبوع على جبينها بأنه «حصري» ومنها ماهو مخصوص بالتميز في الأداء إذا كان من الأعمال المشتركة مع مجتمعات أخرى. - صلاة قيام الليل - ختومات القرآن الرمضانية «حصرياً» - أداء الزكاة في هذه العشر - استقبال أسواق تهامة لآلاف الزائرين «حصرياً» - الاعتكاف في المساجد - تكثيف حلقات الذكر بين المساجد «حصرياً» - أمسيات رمضانية متنوعة - أنشطة رياضية مختلفة 0 قيام نوعي استثنائي لليلة «نوعية» استثنائية، ليلة القدر خير من ألف شهر - بدء مراسم الأعراس بعادة «الجليس» وهي كلمة تهامية تعني اشهار موعد العرس «حصرياً» مع الوداع .. فيضٌ من دمع وما أن يلوح في الأفق البعيد اقتراب موعد رحيل رمضان حتى تفيض أعين المؤمنين بالدمع حزناً على فراق شهر طعموا فيه حلاوة الإيمان، وتجلت في أيامه ولياليه أروع مشاهد الإيمان وأعظمها على الإطلاق وتتوجه قلوب العباد إلى بارئها تسأله القبول وأن يعيد رمضان على الأمة الإسلامية أعواماً عديدة وأزمنة مديدة. وتبقى تهامة وحدها أول المستشرفين بقدوم هذا الشهر الفضيل وأول من يحزن على فراقه ووداعه وذلك حين تستقي الخبر اليقين من بحرها بحلول الشهر أوقدوم عيده المبارك.