لشجر التوت أوراق،ولورقة التوت في الموروث الحكائي، قصة مفادها أن ورقة التوت هي التي تستر العورة؟! بتلك الخلفية،والتي تهيأت بدءاً حين قاربت هذه القصيدة.. وبما أثارتها من تداعيات وقراءات.. ومن وهج الألفاظ التي رحت أتابعها واستكشفها في القصيدة، تلك التي بمجلة غيمان الفصلية، اليمنية،وفي عددها الثاني «ربيع2007». بهذا لامست في البدء سطر القصيدة الأول«سلام على شجر التوت يسألني: كيف يحلو الكلام» وتابعت خطوي في مجاهل الكلمات والتراكيب. وبغير سراج مسبق لأستعين به،وبغير دليل لمنهج من أدوات أهل النقد وجها بذته، فلست منهم أو أرجو، مع شديد تقديري ومحبتي لهم. إلا بما أشرت سابقاً هنا ولأجل مقاربتي للقصيدة هذه! و«عن حبيباتنا عندما لانحب؟ وكيف ينوح الغمام/حين يختصر البرق أحلامه/ثم يحلم بامرأةٍ سوف يعشقها بعد عام»/. وواصلت ملامستي لمقطع قصيدة الشاعر علي الحضرمي، التالي، ثم الذي يتلو سابقه! وقد كنت كذلك في قراءة أخرى للمقطع من بعد المقطع، قراءة غير التي ألامسها بعيني وبصري ووعيي، إذ كانت القراءة الخفية الموازية، كتيار تحت سطح النهر يجري،وربما في غير اتجاه الماء بالسطح، أو بأكثر سرعة فيه ،أو حرارة ويغلي ومن تلك التيارات الخفية والتي في قاع القصيدة تسري، قرأت بملامستي للقراءة المخفية،و بمقطع قصيدة«السلام الملقى على شجر التوت» الأول، ثم الذي يتلو من المقاطع أوهكذا ظننت أو رأيت فيما رأيت،وبمقاربتي وملامستي، فقرأت: لاسلام على ورقة وشجرة أرادت تحديد العورة كيفما أرادت،وحين فرضت قانونها ولاحقت هذه النفس وتلك، رجلاً ذكراً،أو أنثى حسناء وامرأة! ولاغير الانسان البهي الذي ولد يوم ولد من دفء الرحم، حراً كريماً، وبأدوات فيه طليقة بديعة لاتعرف للشك حدوداً،و لا للحقيقة وجهاً واحداً! كما تعرف كذلك أن الحب والانوثة والحلم، أشياء ليست إلا لتكون الحياة رائعة، متجددة،ومتجلية لتبدع روعة التلاقي بين الأحبة،والعشاق،وبين قطبي المعايش للنفس الواحدة ،المرأة وخليلها،والمحب ومعشوقته! فإن تفرض شجرة التوت نظامها وقوانينها فتنصب نفسها حامياً لما أشاعت بقداسته وبأنه الحامي لنظامنا الاجتماعي،وباسم كذبة القداسة والعادات والعرف، استولت الشجر تلك،والتي تمادت في غيها،وفي شهوة التسلط وحب القهر والسيادة، فقالت باسم السماء وقد كنت فيكم ظل السماء فمن سلالة الآلهة والقداسات، كنت أنا وحدي الشجرة المباركة، المقدسة،وتريكم نسلي من بعدي،وبالذي حرمته وجعلته العورة فيكم، يامن وقعتم تحت ظلي وبرعيتي، فإلزم بما شرعته أيها العبد،و بأوراقي عليك أن تستر عورتك، كي لاتأثم،وتشذو وتظل وأصب عليك عذابي،وجام غضبي فيكم،و قد دارت سنني فيكم وقوانيني وما حرمته وصار العورة والحرام، دارت فيّ السنين وبكم حتى صارت مؤسسات تضربكم بقوانيني ،وبإيديكم وبعضكم البعض، فلاحرية،ولا أمنيات ولا انسانية وآدمية، إلا ما سنته شجرة التوت «البائسة» الحاكمة المتسلطة الجاهلة الغبية! وكذلك المرأة، الأنثى في عرفناعورة، أو لكي تتمتع غرائز الرجل بأنوثتها وبشبقها وفقط! فالأنثى هنا لحظة شهوانية،ولاقلب لها ،ولاهي لها أن تحلم بأبعد من عورتها،وكلها عورة،وبلاآدمية،وانسانية! هكذا الأمر الرهيب قالت شجرة التوت،وبه كذلك تأسست دواليب عجلة نظامنا،وحياتنا على هذه الأرض الواسعة،والتي ظللتها تلك الشجرة البائسة، شجرة التوت إياها،والتي استشرت وتغولت فينا،وتوارثتنا ،باسم الملك القهار ابن السماء تارة،وأخرى باسم جمهورية أفلاطون العربي! سلام على شجر التوت يعرف أن الشجر/لايغار على ظله، ثم إن المطر/لايخاف على أهله، ثم إن الحمام/لا يرى ماتراه الغزالة من أفق/تحت سقف الظلام»/. وبالرغم من أن الشاعر أراد لشجر التوت بسطح الماء وظاهر القصيدة شيئاً،واستنطقه،وإذ هو يقرئه السلام بعد السلام،وبما ظن الشاعر أنه بذلك الاستنطاق،وهذا السلام، سوف يستميله ويهاونه،وربما أعاد شجر التوت النظر في محرماته التي فرضها على كل من بأرضه وتحت ظله،والشاعر طبعاً واحد من المنصاعين لتشريعات التوت،وللخوف من العورات التي حددها وفرضها هذا الشجر! وكمن تبنى المهادنة والمسالمة،ورآها المنهج الذي علينا اتباعه مع شجر التوت الطاغي المتجبر!،و به يمكن استمالته ورده عن غيه، ليعم الحب وحرية الانطلاق بلاقيود ومحرمات ليست إلا ليدوم قهر شجر التوت وتسلطه وتمايزه،ولكي يدوم العرش في سلالته فقط،وبالطغيان الذي أدمنه! لذلك،أو لربما رأيت الشاعر في مقاربتي تلك لسطح تيار القصيدة، ومما كان من قول الشاعر لشجر التوت، كل أول مقطع،حين يقول: «سلام على شجر التوت يسألني: كيف يحلو الكلام» «سلام على شجر التوت يعرف أن الشجر/لايغار على ظله، ثم ان المطر.....»/ «سلام على شجر التوت يسأل عن أمسه» «سلام على شجر التوت يعرف أن البداية آخرها ليس إلا هناك/وأولها ليس إلا هنا/ثم ان البداية أولها ليس إلا حبيبي/وآخرها ليس إلا أنا/ثم ان الختام/قمر عند باب المدينة يأوي إلى نومه/ثم لايشتهي أن ينام»/. بالرغم من ذلك، إلا أن التيار الخفي والذي في قاع مجرى نهر القصيدة كان،وحين يقاربني وألامسه، كان يقول شيئاً مغايراً بالمرة عما بالسطح! فالبداية هي هنا،و هي لاسلام عليك ياشجرة التوت،ولاطاعة لك فيما سننته لقهرنا، من المحرمات،والعورات التي أماتت الحب والانسان فينا، رجلاً وامرأة بأرضك، سواء في القهر والاستلاب،وفي نظمك تلك المدمرة القاتلة المهينة والمذلة،وبها كذلك أخذنا الهوان، فتهافت علينا حينئذٍ، الطامعون المغامرون والبرابرة القراصنة من بقاع الدنيا، فغزونا واستحلونا،و بسبب قوانينك ونظم مؤسساتك، ماكنا نُهان! بهذا قالت القصيدة تحت السطح!.. وقالت كذلك، لاسلام عليك أيتها الشجرة الخبيثة،والتي أنت سر بلوانا وكل أسبابها! فالختام،«ثم ان الختام» الختام لابد أن يكون بجزك وازالتك من أرضنا تماماً،ومن مدينتنا التي كنت لنافيها التاجر المرابي،والبائع الأوحد،و كل السوق لك وإن تعددت المسميات والماركات! فلابد من اقتلاع شجرة التوت تلك لكي ينير قمر بها، الانسان بوابات مدينتنا وأرضنا! وحينها لانشتهي النوم،ولو أوينا إلى النوم، فما أروع التماهي في الحب وبهاء الانسان،وفي الانطلاق الحر البديع وبلاحدود زائفة ومحرمات جائرة،وعورات ليس بها عورة أبداً! لاسلام ولا استسلام لك أيتها الشجرة الشيطانية الآثمة بفجر! «ثم ان الختام/قمر عند باب المدينة يأوي إلى نومه ثم لايشتهي أن ينام»، بهذا أطلقت القصيدة قرارها المُحرض،وبسطح نهرها،كما بتيارها الخفي الموازي وقد توحدت تياراتها على نحو علني،وفي آخر كلماتها، حين يقول شاعرها: «ثم إن البداية أولها ليس إلا حبيبي/وآخرها ليس إلا أنا/ومن هنا انتهت المهادنة، وانقلب منهج المراهنة والاستمالة،مع مثل هذه الشجرة اللعينة! وهكذا أراد المقارب لهذه القصيدة مثلاً؟! ربما...! وربما بغير ذلك وهذا، لم يرد الشاعر الحضرمي أن يفصح لقارئه! تحية لهما!.