"من أين سنجد مقالات حول هذه المواضيع؟ هكذا يسأل الطالب أستاذه الذي يجيب باسماً: "لا يجب عليك أن تجد المقالات بل عليك أن تكتب المقالات بنفسك". هذا هو الواقع الجامعي بالمختصر المفيد، ولأن التعليم الأكاديمي يحتاج إلى وعي وتفكير وقراءة وبحث، كانت المهمات والواجبات والأبحاث والمواضيع جزءًا مهمًا من حياة الطالب الأكاديمية، والقاعدة الأساسية كانت "اقرأ وابحث وفكر ثم اكتب" ولكن للأسف هذه القاعدة تعرضت للتغيير وأصبحت "ابحث واقرأ وانسخ والصق" وشراء الأبحاث والمواضيع الدراسية أصبح مشكلة حقيقية في النظام الأكاديمي. وتتنوع الطرق والوسائل للحصول على أفضل المواضيع، وبأبخس الأسعار التنافسية، فهناك من يكلف متخصصين في مجال كتابة الأبحاث وهناك من يشتري البحث جاهزًا من زملائه أو من مكاتب متخصصة وهناك من يلجأ إلى الطريقة التقليدية والتي تسمى "انسخ والصق" فكل الذي يعمله الطالب هو الدخول على الانترنت واستخدام محركات البحث سواء "ياهو" أو "جوجل"، فيكتب اسم الموضوع الذي يبحث عنه، لتظهر مئات بل آلاف المواضيع عن الموضوع، فيختار ما يريده.. ينسخ المعلومات التي يريدها ويلصقها ويطبعها وبالتالي يحصل على موضوع من 5 إلى 6 صفحات ويسلمه للأستاذ لتنتهي القصة. الأمر لا يقف عند هذا الحد، إذ لجأت بعض مواقع الانترنت إلى إنشاء أقسام مخصصة للبحوث وتبيعها للطلاب، ويكون الدفع بالبطاقة الائتمانية. هذه المواقع أصبحت الغذاء الروحي لطلاب الجامعات وهناك آلاف المواضيع وتستطيع الاختيار وطبعاً كل شيء بثمنه، فمثلاً المواضيع الممتازة التي قد تجلب للطالب علامات مرتفعة تكون أعلى سعراً، وينخفض السعر كلما انخفضت جودة البحث. على أحد المواقع المعروفة مثلاً وفي الصفحة الأولى هناك دليل ضخم للمقالات والأبحاث وحتى الخطابات مرتب حسب الاختصاص والطلب، فمثلاً تحت عنوان مقالات "الإقناع والمجادلة" هناك لائحة طويلة من المواضيع تشمل الإجهاض والإعدام والاستنساخ، وظاهرة الاحتباس الحراري، ومراقبة الانترنت والهجرة والعنف الإعلامي والتغذية والكثافة السكانية وغيرها من المواضيع العديدة. وهناك قسم لأبحاث التجارة والمال والأعمال والبنوك والبيع والشراء وهناك قسم خاص للغة الانجليزية يحتوي على مواضيع المقارنة والمحادثة والمقابلة والسرد وغيرها. وهناك قسم حول تحليل الأعمال الأدبية والروائية كروايات شكسبير وغيرها. وهناك قسم للتاريخ يحوي التاريخ الافريقي والأمريكي والأوروبي والعالمي، وهناك قسم حول الإنسانيات يشمل العمل الاجتماعي والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والأفلام والموسيقا والسينما وعلم الاجتماع وعلم النفس والصحافة والدين وغيرها من المواضيع، وهناك قسم للخطب التي تلقى عند التخرج وفي حفلات الزفاف والتكريم. وهناك قسم للعلوم يشمل الأحياء والفيزياء والكيمياء والاتصالات وغيرها. وبمجرد النقر على الاسم العام لموضوع الاحتباس الحراري مثلاً تظهر لك صفحة تحوي 600 موضوع حوله، تحوي عناوين المقالات مثل التلوث والبيئة أو الكثافة السكانية والبيئة أو العلاقة بين الإنسان والبيئة أو تلوث السيارات والبيئة واللائحة هنا طويلة، وبجانب كل مقال هناك تعريف وملخص عنه ومدى طوله وعدد كلماته، فمثلاً موضوع الكثافة السكانية والبيئة فيه ألفان وثلاثمائة وستون كلمة أي حوالي 6 إلى 7 صفحات وبجانب الموضوع عدة ألوان كل منها يدل على مستوى المقال، فالأصفر يعني مقالات جيدة والبنفسجي مقالات جيدة جداً والأزرق مقالات ممتازة والأخضر بحث طويل والأحمر مقالات مجانية مستواها رديء وهكذا. وعند النقر على هذا الموضوع أي الكثافة السكانية والبيئة هناك ملخص صغير من ستة إلى عشرة أسطر حول الموضوع ثم إذا أعجبك الموضوع تستطيع شراءه بمبلغ 19،95 دولار أمريكي بوساطة البطاقة الائتمانية وطبعاً الأسعار ترتفع بارتفاع حجم البحث المطلوب ومستوى تقييمه. وهكذا تستطيع الحصول على بحث جيد من دون مجهود يذكر (سوى أموالك) وبذلك تبادل العلم الحقيقي بمزيف. ولجأت بعض الجامعات والأساتذة منذ فترة قريبة إلى استخدام نظامٍ للكمبيوتر يقوم باكتشاف البحوث المسروقة عن الانترنت من ضمن الأبحاث التي يقدمها الطلاب. ويقارن النظام الأبحاث المقدمة من التلاميذ بما هو موجود على الانترنت وبالتالي في حال حدوث تشابه، يعطى التلميذ صفراً ويوجه له إنذار أكاديمي وفي حال التكرار يطرد من المادة. النظام المعلوماتي لمراقبة الغش تصممه عدة شركات منها الشركة الأمريكية iparadigms. وذلك عبر الموقع Turnitin.com ويتم عبره استخراج المواضيع المتشابهة باللون الأحمر واستخراج نسبة التشابه وهذه البرامج دقيقة جداً