عبر المسافة من منطقة العند إلى مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج تخيفك مظاهر زحف الرمال على الأراضي القابلة للزراعة فتتناسل الأسئلة وتوجه كحراب إلى الجهات المختصة وحين ترى زحف البناء على المساحات الخضراء تجد مبرراً للصراخ : ماذا بقي ياقمندان ليداعب هاجسي تحت عبئة المساء ؟ أو في بساتين الحوطة المثقلة بالخجل من زحف الرمال وصمت أديبها الراحل. فقد ارتبط أدب وفن القمندان بعرف روائح الفل والكاذي والبشام ومواضع خضراء وكان عاشقًا من الدرجة الأولى لبستان الحسيني لكن ما نشاهده اليوم زحف صحراوي مخيف يدفع باتجاه اكتشاف القمندان في جانب اهتمامه بالزراعة فهو من خلال ما عرفنا عنه في هذا الشأن كان كثير الاهتمام بجلب وزراعة الأشجار من موطنها الأصلي المتشابه مناخه مع مناخ وادي تُبن اذْ جلب أصنافًا عديدة من أشجار الفاكهة وغيرها من جنوب شرق آسيا ، وكانت عنايته بها كبيرة، وهذا موضوع يستحق البحث فهو أخذ حقه كأديب وفنان ولم يأخذ ما يستحقه في ناحية اهتمامه بالزراعة. القمندان مزارعاً القمندان لاتذكر لحج عامة والحوطة خاصة إلا وذكر معها يقول المهندس/ أحمد سعيد المعلم مدير المنشآت بمكتب زراعة لحج : القمندان مزارعاً، ولو بحثنا في الموضوع لوجدنا أنه كان متميزاً جداً في اهتمامه بالزراعة ليس من حيث حضور اسماء النباتات العطرية في أغانيه ولكن لأنه جلب الكثير من نباتات الفاكهة أيضاً واهتم بزراعتها وجسد حبه لها في شعره ويرى المهندس/ أحمد سعيد المعلم مدير إدارة المنشآت بمكتب زراعة لحج صحيح أن هذا الموضوع لم يُبحث فيه باهتمام حتى الآن إلاّ أن المعروف أن اهتمامه بالزراعة يجعله أعظم من كونه أديباً شاعراً وفناناً ونعتبره في هذه المحافظة بمكانة أبو الزراعة في روسيا «ببلوف». المختصون ومن عايشوه معنيون بالبحث والكتابة عن علاقة القمندان بالزراعة .. فالرجل وبطبيعته كأديب وفنان كان عاشقاً للنبات وعطرها وظلها وقد أدخل منها إلى جانب شجرة البشام العطرية ، والفنص (بالفاء) والجامبو وشجرة تسمى الجمرك والبلاك جامبو والفوفل ، التنبل ، منها مازرع في قسم من بستان الحسيني الذي ملئت شهرته الآفاق والبعض انقرض أنواعه منها حاول المهندسون الزراعيون في مشتل الحوطة إجراء بحوث تطوير لحمايتها وانتاج شتلات منها لكن المحاولات مستمرة وقد تسهل الآن مواكبة التجارب في هذا المجال والتي تجرى في البلدان الأخرى. فالأمر المهم هو أن الحوطة شهدت في نهاية الاربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين اهتماماً بالشجرة والحدائق من قبل السلاطين وحواشيهم وتعكس المكتبة الغنائية للقمندان وتلك الفترة ارتباط بعض النباتات بعادات وتقاليد السكان كالحنا، والفل والبشام في الأعراس والمناسبات والبام مما جلبه القمندان وأشجاره الآن متسامقة وهي من جنس الفل وهذا الأخير يزهر في فصل الصيف والبشام في الشتاء وهو بديل للفل غير موسمه وتزرع الآن في دلتا تبن شجرة العباسي وهي من الفواكه النادرة واسمها العلمي «السَّابوته» وتسميتها المحلية (في لحج) نسبة إلى عباس كمراني الذي جلبها من الخارج وزرعت حينها في الروضة التي أصبحت معهد ثم كلية الزراعة وكان انتشارها من قصر السلطان علي عبدالكريم إلى الحسيني وخارجه وتعتبر هذه النباتات من مميزات مشتل الحوطة وحافز على إعادة شرح حكاية القمندان مع الزراعة بغرض حماية علاقة الإنسان مع البيئة وسلامتها ومع الزراعة مهنة الآباء والأجداد. الأرز في دلتا تبن المهندس/ عدنان القطيش يقول : بتشجيع القمندان جربتْ ونجحت زراعة الأرز في دلتا تبن في أيامه وساهم غيره في العمل على أن تكون الحوطة وامتدادها الجغرافي حسينيًا موسعًا وهذا يدعونا إلى العمل بمسؤولية كبيرة واخلاص وتفان من أجل وقف الظواهر المخيفة وأسوأها الزحف الصحراوي والعمراني على المناطق الزراعية وتطوير الصرف الصحي والعمل على الاستفادة من السيول. ففي حجز المياه التي تذهب كلها إلى البحر يخدم تطور القطاع الزراعي واستغلال المساحات الصالحة للزراعة والقابلة للاستصلاح والتشجير لمنع زحف الرمال أكثر فأكثر إلى المساحة الخضراء ولابد من جهود متكاملة من مختلف الجهات المعنية بالمياه ومكافحة التصحر والتشجير الحراجي وقال قطيش : في مجال الزراعة والري تحققت انجازات وخاصة الري ويجب أن نعترف أنها من ثمار التعاون مع الروس سابقاً ومنها ماهو أقدم. الزحف الصحراوي م/أحمد المعلم يقول : عندما أنظر إلى مشكلة الزحف الصحراوي أشعر بألم فموضوعي لدرجة الماجستير يجمل اسم : الغطاء النباتي الطبيعي والمزروع ، الادارة الفنية للغطاء النباتي ومكافحة التصحر في دلتا تبن ، وظواهر التصحر ليست هيّنة فالتصحر يعني فناء الغطاء النباتي وهو في دلنا تبن ، وصل حداً مخيفاً لاينفع معه التحذير وحسب وإنما تتطلب المشكلة استنفار قدرات وامكانات الجهات المختصة لاحتواء زحف الرمال على مشارف مدينة الحوطة ومساحات واسعة من الدلتا. ينبغي الاهتمام بمعالجة الوضع لأن التصحر هي الظاهرة التي عقدت من أجلها ثلاث قمم عالمية لما لها من عواقب بين الظواهر البيئية وهي من أشد المواضيع حساسية في العالم. ونحن في اليمن عموماً ولحج خاصة مطالبون بالتحرك لاحتواء التصحر إنما وجد خطره وانشاء الأحزمة الخضراء أطراف المساحات والأودية الزراعية والاهتمام بانتاج الشتلات. إنتاج الشتلات وتحسين الأصناف وعن إنتاج الشتلات وتحسين الأصناف في دلتا تبن وفي إطار الساسة العامة قال المعلم : - ينتج المشتل منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي الشتلات المطعمة المحسنة للنهوض بالعملية الزراعية وقد بدأ تحت اسم محطة البحوث الزراعية وكان ضمن مهمته إدخال أصناف جديدة من الفواكه المختلفة التي تجود بزراعتها محافظة لحج.. تطور مع مر السنوات وأصبح مشتلاً عامًا ينتج جميع أنواع شتلات الفاكهة ، الزينة ، وأشجار حراجيات لكن مواصلة التطور واجراء الدراسات والبحوث لاتتوفر لها الامكانات المناسبة للمشتل وكذلك امكانات مكتب الزراعة لتطوير مهام المشتل لما للخبرات والكفاءة العلمية وأبحاث التطور والاستفادة من أبحاث الجهات المختصة من أهمية في توفير البذور أو الشتلات المحسنة والأكثر انتاجية وتكيفاً مع البيئة المحلية في إطار محافظة لحج وغيرها. امكانات تحت الصفر يقول المعلم : امكانات المكتب محدودة جداً بل تحت الصفر مقارنة بمستوى الطموحات والاحتياجات في قطاع الزراعة والمطلوب دعم كبير وإذا نظرنا إلى المشتل الموجود في الحوطة فإنه يحتاج إلى دعم لعملية التطوير فإنتاجيته دون المستوى المرجو والطلب متزايد على ما ينتجه من شتلات فاكهة أو أشجار زينة وحراجيات ذلك التوسع العمراني وتشجير الشوارع والساحات العامة والحدائق في لحج وعدن والطلب من المحافظات الأخرى كبير وتدني الإنتاج مرتبط بتدني الامكانات المادية. يعتقد المهندسون الزراعيون بإمكانية تطوير الانتاج بهدف مواكبة التطور في القطاع الزراعي وخدمة غرض تصدير الشتلات لوجود الكادر والخبرات المتراكمة. ففي المشتل الواقع في جزء من وادي تُبن الخصب ، إلى جانب المهندس المشرف ثلاث مهندسات وثلاثين عاملاً وانتاجه في الأساس للمناطق غير الباردة والطلبات عليه يأتي من محافظات مناخها أشبه بمناخ وادي تبن سواء من أبين أو الحديدة وحجة وخرجت الشتلات إلى خارج حدود الجمهورية إلى السعودية ولبنان وقبل ذلك إلى العراق.. وبدأت العملية بشحفة (طائرة) لتشجير شبه جزيرة الفاو وبعد تحريرها في نهاية الحرب العراقية الإيرانية. مشكلة الاستثمارات الزراعية وعن الإنتاج لتلبية احتياجات البلد قال م/أحمد المعلم : - يمكن الإنتاج لأغراض التصدير وتلبية احتياجات مشاريع استثمارية زراعية تقوم بدورها بتصدير المنتجات وسواء هنا أو في المشاتل المنتشرة في المحافظات.. لكن في الوقت الحالي فإن المحصلة النهائية للعملية كلها تحسين الانتاج الزراعي وجودة المنتجات من مختلف أصناف الفاكهة وأشجار الغابات مع الزينة وهذا هو الهدف الأسمى ونأمل دعم المشتل لأن عملية التطوير لم تسمه من بداية إنشائه بصفته الحالية. كما أن هذا المطلب يشمل قطاع الزراعة بشكل عام في محافظة لحج فهو الآن في حالة يرثى لها وفي المقابل تسعى الحكومة لإحداث تطور وتنمية زراعية نتمنى أن تتحقق ونتخلص من الظواهر المشار إلى بعضها وأن يعكس كل مواطن ومسؤول أياً كانت قناعاته بضرورة البدء بالعمل الجاد وتعزيز علاقتنا الايجابية بقضايا الزراعة والتنمية على أسس علمية دقيقة.