نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنى رجل في بابل
اكتشف سر تحقيق الثروة الشخصية
نشر في الجمهورية يوم 27 - 11 - 2007


الحلقة 8 ألواح بابل الصلصالية
جورج كلاسون
سانت سويثنيز كوليدة
جامعة نوتنجهام
نيووارك - أون - ترينت نوتنجهام
21 اكتوبر 1934م
بروفيسور فرانكلين كالدويل، البعثة العلمية البريطانية، هيلاه، ميسوباتاميا.
عزيزي البروفيسور:
وصلت الألواح الصلصالية الخمسة التي عثرت عليها نتيجة لعمليات الحفر الأخيرة في أطلال بابل القدمية، على نفس المركب مع خطابك، ولكم أبهرتني إلى حد بعيد، وقد قضيت ساعات طويلة ممتعة في فك رموزها، كان يجب أن أرد على خطابك سريعاً، ولكني تأخرت حتى أستطيع أن أكمل فك رموزها، ومرفق مع هذا الخطاب ترجمة هذه الألواح.
لقد وصلت الألواح بلا أي تلف يذكر، فشكراً لك على استخدامك الحذر للحافظات وللتعبئة الممتازة.
ولكم ستدهش من القصة التي ترويها هذه الألواح تماماً مثلما دهشنا في المختبر، فالمرء يتوقع أن هذا الماضي المظلم والبعيد سيتحدث عن الرومانسية والمغامرة، مثل ما رأيناه في «ألف ليلة وليلة» كما تعرف، ولكن ما حدث كان مغايراً لذلك، فعندما كشفت هذه الألواح عن مشكلة شخص يدعى داباسير، وهي المشكلة التي كانت متعلقة بالوفاء بديونه المستحقة، أدركت حينئذ أن الظروف والملابسات المحيطة بذلك العالم القديم لم تتغير كثيراً خلال خمسة آلاف عام كما كان متوقعاً.
ومن الغريب أن هذه الرموز القديمة قد أثارت «غيظي»، كما قال الطلاب، فنظراً لأني أستاذ جامعي، فقد كنت أتوهم إني إنسان مفكر يمتلك المعرفة الكافية في معظم المجالات، ولكن ها هو ذلك الرجل القديم يخرج من تحت أطلال بابل المغطاة بالتراب ليقدم وسيلة لم أسمع بها من قبل، وسيلة يستطيع المرء من خلالها أن يرد ديونه ويكسب في نفس الوقت مالاً كافياً لملء محفظته.
أعتقد أنها فكرة رائعة ومهمة أن نثبت ما إذا كانت أساليبه ستنجح في عالمنا المعاصر بقدر ما نجحت في بابل القديمة، لذا فإنني أخطط أنا وزوجتي لتجريب خطته تلك في شئوننا الخاصة والتي قد تتحسن بسببها.
وأتمنى لك حظاً سعيداً في مشروعك المهم هذا، وأنتظر بتلهف فرصة أخرى لمساعدتك.
صديقك المخلص،
ألفريد إتش شروسبيري
قسم الأثار
اللوح الأول
هانذا، داباسير، بعد أن عدت لتوي من أسر العبودية في سوريا، عازماً في قرارة نفسي على أن أرد ديوني الكثيرة كاملة وعلى أن أصبح رجلاً ثرياً وجديراً بالاحترام في موطني الأم بابل، أجلس الآن، لأنقش هنا على هذا اللوح سجلاً دائماً لشئوني المالية، ليرشدني ويساعدني على تحقيق رغباتي السامية.
فاتباعاً للنصيحة الحكيمة التي منحني إياها صديقي الطيب ماثون، تاجر الجواهر، فإني عازم على اتباع خطة دقيقة، يمكنها، كما قال لي، أن تخلص أي إنسان شريف من دينه وتفضي به إلى الثراء واحترام الذات.
وتشتمل هذه الخطة على ثلاثة أهداف هي مبتغى أملي وكامل رغبتي.
أولاَ: تضمن لي هذه الخطة الازدهار المستقبلي.
وبناءً عليها، فإن عشر إيراداتي لابد أن أدخره لنفسي، وذلك طبقاً للكلام الحكيم الذي تحدث به ماثون عندما قال لي:الرجل الذي يدخر عملات ذهبية وفضية كثيرة في كيس نقوده، هو رجل مفيد لعائلته ومخلص لملكه، والرجل الذي يحتفظ بمجرد عملتين نحاسيتين في كيس نقوده، ولا يدخر أكثر من ذلك هو رجل لا يمثل أي أهمية لعائلته ولا لملكه.
أما الرجل الذي لا يحتفظ بأي مال في كيس نقوده فهو رجل قاسٍ على عائلته وخائن لملكه، فهو يمتلك قلباً قاسياً متهوراً.
ولذا، فإن الرجل الذي يتمنى أن يبلغ هدفه، لابد وأن يحافظ على بقاء كيس نقوده زخراً بالمال، وبهذا سيمتلىء قلبه بالحب لعائلته وبالإخلاص لملكه.
ثانياً: بمقتضى هذه الخطة سيمكنني إعالة وتوفير الثياب لزوجتي الفاضلة والتي عادت إليّ بإخلاص من منزل أبيها، فماثون يقول: إن اهتمام المرء جيداً بزوجته المخلصة يضع في قلبه احترامه لذاته ويضيف القوة والتصميم إلى أهدافه.
ولذا فإن سبعة أعشار إيراداتي سوف استخدمها في تجهيز المنزل، وتوفير الثياب، والطعام، وفي الإنفاق حتى لا تفتقر حياتنا إلى السعادة والاستمتاع، ولكنه قد أكد وإلى حد بعيد على ألا أنفق أكثر من سبعة أعشار إيراداتي على هذه الأعراض المهمة، وهنا يكمن نجاح هذه الخطة، إذ لابد وأن أعيش في حدود هذا المقدار المحدد وألا استخدم أبداً ما يريد عن ذلك وألا اشتري ما يضطرني إلى دفع ما يزيد عن المقدار.
اللوح الثاني
ثالثا: في ظل هذه الخطة سوف أتمكن من الوفاء بديوني من خلال إيراداتي.
ومن ثم، ففي كل مرة يصير فيها القمر بدراً، سوف أقسم عشر إيراداتي بشرف وعدل بين أولئك الذين وضعوا ثقتهم فيّ وأدين لهم بالمال، وهكذا، وفي الوقت المحدد أكون بكل تأكيد قد انتهيت من الإيفاء بكل ديوني.
ولذلك، فإنني سأنقش هنا على هذا اللوح اسم كل رجل له دين عندي والمقدار الصحيح لهذا الدين.
قاهرو، حائك الملابس، عملتان فضيتان، 6 عملات نحاسية، سنجار، صانع الأسرة، عملة فضية.
أهمار، صديقي. 3 عملات فضية، عملة نحاسية.
زانكار، صديقي، 4 عملات فضية، 7 نحاسية.
أسكامير، صانع الذهب، 6 عملات فضية، عملتان نحاسيتان.
دياربيكر، صديق أبي، 4 عملات فضية، عملة نحاسية.
الكاهاد، مالك المنزل، 14 عملة فضية.
ماثون، تاجر الجواهر، 9 عملات فضية.
بيرجيك، المزارع، عملة فضية، 7 عملات نحاسية.
(وما بعد ذلك محطم ولا يمكن حل رموزه).
اللوح الثالث
إنني مدين لهؤلاء الأشخاص بمجموع مائة وتسع عشرة عملة فضية ومائة وإحدى وأربعين عملة نحاسية، ولأنني كنت مديناً بهذه المبالغ ولم أجد أية وسيلة لردها، فقد أوحتى لي حماقتي آنذاك بأن أترك زوجتي تعود لأهلها، وأترك مدينتي الأم بحثاً عن الثراء السهل في أي مكان آخر، لكني لم أجد سوى النكبة ورأيت نفسي وأنا أرسف في مهانة العبودية.
والآن وبعد أن عرض لي ماثون كيفية رد ديوني باستخلاص مبالغ صغيرة من إيراداتي، أدركت مدى الحماقة الكبيرة في هروبي من نتائج أعمالي المتهورة.
ولذا فقد قمت بزيارة أصحاب الديون ووضحت لهم بأني لا أملك أي موارد استطيع من خلالها أن أرد ديونهم سوى قدرتي على الكسب، وأني عازم على تقسيم عشر إيراداتي بالتساوي عليهم، وهذا المقدار موضوع طبقاً لحدود إمكاناتي ولا استطيع أن أدفع أكثر من ذلك، فإذا صبروا، فسأفي بكل التزاماتي في الوقت المحدد.
فسبني أهمار بقسوة، والذي كنت أحسبه أفضل أصدقائي، فتركته وفي نفسي شعور بالخزي، وناشدني بيرجيك، المزارع، بأن أدفع له أولاً لأنه في أمس الحاجة إلى المساعدة، أما الكاهاد، مالك المنزال، فقد كان رافضاً بشدة ومصراً على أنه سيكون مصدر إزعاج ومشاكل بالنسبة لي ما لم أصل إلى تسوية كاملة وعاجلة معه.
أما الباقون فوافقوا جميعاً على اقتراحي عن طيب خاطر، وعليه فقد أصبحت أكثر تصميماً من ذي قبل على سداد ديوني، وأنا مقتنع بأن محاولة سداد الديون أسهل بكثير من محاولة تجنبها، ورغم أنني لن أتمكن من تلبية احتياجات ومتطلبات قلة من الدائنين، سأتعامل مع الجميع بلا تحيز وبمنتهى الحيادية.اللوح الرابع
واكتمل القمر بدراً مرة أخرى، لقد عملت بكد وبعقل صاف، كما قامت زوجتي الطيبة بتدعيم نيتي لرد الديون إلى أصحابها، وبسبب تصميمنا الحكيم هذا، استطعت أن أكسب خلال الشهر المنقضي مبلغاً مكوناً من تسع عشرة عملة فضية من جراء بيع إبل جيدة لنيباتور.
وقسمت هذا المبلغ طبقاً للخطة الموضوعة، فأدخرت العشر لنفسي، وقسمت بالمعاونة مع زوجتي السبعة أعشار على تكاليف حياتنا، أما العشران الباقيان فقد قسمتهما بين الدائنين بالتساوي بقدر ما أستطيع.
ولم أقابل أهمار ولكنني تركت له نصيبه مع زوجته، أما بيرجيك فلقد كان سعيداً للغاية حتى إنه كاد يقبل يدي، ولكن الكاهاد العجوز هو وحده من كان كثير التذمر، وقال لي بأني لابد أن أدفع بسرعة أكبر من ذلك، فرددت عليه بأني إذا تمكنت من العمل بدون قلق، فذلك وحده ما سيمكنني من الدفع بسرعة أكبر، وشكرني كل الدائنين الآخرين كما نالت مجهوداتي استحسانهم.
وبناءً علىه، ففي نهاية شهر واحد، انخفضت ديوني بمقدار أربع عملات فضية تقريباً، وأنا أملك بحوزتي عملتين فضيتين إضافيتين غير مستحقتين لأي شخص، وشعرت براحة بال لم أشعر بها منذ فترة طويلة.
وانقضى شهر آخر، عملت بكد كعادتي ولكني لم أحقق سوى قليل من النجاح، إذ تمكنت من شراء عدد قليل من الإبل، وكسبت إحدى عشرة عملة فضية فقط، ولكن على الرغم من ذلك التزمت أنا وزوجتي الفاضلة بالخطة الموضوعية، وإن كنا لم نتمكن من شراء أي ملابس جديدة، ولم نأكل سوى القليل من الطعام، ومرة أخرى، أدخرنا عشر الإحدى عشرة عملة، بينما عشنا على السبعة أعشار، وكم أندهشت عندما راق ما أدفعه إلى أهمار على الرغم من صغر هذا المبلغ، وكذلك فعل بيرجيك، أما الكاهاد فقد غضب فجأة ولكن عندما أخبرته بأنه من الممكن أن استرد هذا المبلغ ما لم يكن يعجبه اضطر حينئذ إلى القبول، أما الآخرون فقد كانوا قانعين، مثلما كانوا من قبل.
وبعد انقضاء شهر آخر كنت مبتهجاً بشدة، إذ تمكنت من إيقاف قطيع رائع من الإبل واشتريت الكثير من الأصحاء منها، وبناءً عليه فقد زادت إيراداتي إلى اثنين وعشرين عملة فضية، وتمكنت أنا وزوجتي هذا الشهر من شراء احتياجاتنا الضرورية من الصنادل والملابس، كما تغذينا جيداً على اللحم والدجاج.
وتمكنت من سداد أكثر من ثماني عملات فضية للدائنين، حتى إن الكاهاد لم يعترض كعادته.
عظيمة هي بحق تلك الخطة التي تخلصنا من ديننا وتعطينا الثروة التي ندخرها.
ومرت ثلاثة أشهر كاملة على آخر مرة نقشت فيها على هذا اللوح، وفي كل شهر كنت أدخر عشر إيراداتي، ونعيش أنا وزوجتي على السبعة أعشار، على الرغم من صعوبة ذلك في بعض الأحيان، كما كنت في كل شهر أدفع للدائنين عشر إيراداتي.
والآن أصبحت أمتلك في حوزتي إحدى وعشرين عملة فضية، مما جعلني أقف مرفوع الرأس كما أصبحت أسير بفخر بين أصدقائي.
كما أعتنت زوجتي جيداً بمنزلنا وصارت تلبس على نحو رائع، وقد كنا سعداء في العيش مع بعضنا البعض.
ولكم كان لهذه الخطة مميزات لا تعد ولا تحصى، أفلم تحول عبداً سابقاً إلى رجل ذي مكانة جديرة بالاحترام؟
اللوح الخامس
وبعدها اكتمل القمر بدراً مرة أخرى، تذكرت كيف مر وقت طويل منذ أن نقشت على الألواح آخر مرة، إذ قد أتى وانقضى اثنا عشر شهراً في الواقع، ولكني في هذا اليوم لن أهمل هذا التسجيل حيث إني في هذا اليوم قد أنتهيت من دفع آخر ديوني، وهذا هو اليوم الذي ستحتفل فيه زوجتي ونفسي المبتهجة، وسنستمتع استمتاعاً بالغاً، وذلك لأننا تمكنا من تحقيق مبتغانا.
وقد حدثت وقائع كثيرة خلال زيارتي الأخيرة للدائنين، والتي سأتذكرها طويلاً، حيث توسل أهمار طالباً مسامحتي له على كلماته القاسية، وقال لي بإني كنت أكثر إنسان تمنى مصادقته من بين كل الآخرين.
أما الكاهاد العجوز فلم يكن مستاءً بشدة بعد كل ما حدث لهذا فقد قال لي: «لقد كنت في يوم ما أشبه بقطعة صلصال لين يسهل ضغطها وتشكيلها بأي يد تلمسها، ولكنك الآن مثل القطعة البرونزية التي لها قيمة بين الآخرين، فإذا احتجت إلى الفضة أو الذهب في أي وقت فتعال إليّ.
ولم يكن هو الوحيد الذي وضعني في منزلة عالية، فقد تحدث إليّ الكثيرون باحترام، كما أصبحت زوجتي تنظر إليّ ببريق في عينيها، جعل مني رجلاً يمتلك الثقة في نفسه.
فيا لها من خطة جعلتني أصل إلى النجاح الذي أصبوا إليه، إذ مكنتني من رد كل ديوني، كما جعلت كيس نقودي مملوءاً بالذهب والفضة، لذا فإنني أنصح بها لكل من يرغب في الفوز وتحقيق النجاح، إنها مكنت عبداً سابقاً من رد ديونه وملء محفظته بالعملات الذهبية، أفليس من البديهي إذاً أن تساعد أي إنسان في أن يتمكن من العيش باستقلالية؟ أنا شخصياً لم أنته منها بعد، إذ إنني مقتنع تمام الاقتناع بأني إذا اتبعتها لمدة أطول، فستجعلني ثرياً بين الرجال.
سانت سويثنيز كوليدج
جامعة نوتنجهام
نيووارك - أون - ترينت نوتنجها
7 نوفمبر 1936م
بروفيسور فرانكلين كالدويل،
البعثة العلمية البريطانية
هيلاد، ميسوبوتاميا.
عزيزي البروفيسور:
إذا صادفت في أثناء تنقيبك الدائم في أطلال بابل شبحاً لمواطن سابق وتاجر الإبل العجوز في بابل الذي كان يدعى داباسير، فقدم لي خدمة، أخبره بأن كتاباته التي نقشها على تلك الألواح الصلصالية منذ زمن بعيد، قد أكسبته اعترافاً مستمراً بالجميل على مدى الحياة من قبل زوجين من أساتذة الجامعة هنا في انجلترا.
ربما تتذكر ما قلته لك في خطابي منذ عام تقريباً من أنني قد قررت أنا وزوجتي تطبيق خطته تلك للخروج من مأزق مديوناتنا ولنمتلك في نفس الوقت مالاً كافياً في حوزتنا، ربما يمكنك أن تتوقع كم الضيق الشديد الذي كنا نعاني منه، على الرغم من أننا حاولنا كثيراً إخفاء ذلك عن أصدقائنا.
ولكم شعرنا بالخزي الشديد لسنوات طويلة من جراء تراكم الكثير من ديوننا القديمة، كما أصابنا القلق خشية أن يقوم بعض من أًصحاب المتاجر بإثارة فضيحة لي أجبر على أثرها على ترك الجامعة. فدفعنا ودفعنا - كل بنس استطعنا أن نعتصره بشق الأنفس من دخلنا المالي - ولكن السيطرة على الأمر كانت مسألة صعبة للغاية، بالإضافة إلى أننا كنا نضطر للاقتراض مرة ثانية للوفاء باحتياجات معيشتنا، مما جعل ديوننا لا تتناقص أبداً.
وقد تطور الأمر ليصبح واحدة من تلك الحلقات المفرغة الخبيثة، التي كانت تزداد سوءاً بدلاً من أن تتحسن، وأصبح سداد هذه الديون أمراً ميئوساً منه رغم كفاحنا الشديد، كما أننا لم نتمكن من الانتقال إلى سكن أقل تكلفة لأننا كنا مدينين لصاحب البيت الذي نقيم فيه، ولم يكن هناك أي شيء في الأفق نستطيع فعله لنحسن من موقفنا.
ثم أتانا أحد معارفك، وهو تاجر الإبل العجوز في بابل، بخطة تمكننا من تحقيق ما كنا نرجوه تماماً، إذ حثنا بلطف كي نتبع طريقته، فقمنا بوضع قائمة بكل ديوننا وأخذتها وعرضتها على كل شخص نقع تحت طائلة دينه.
أوضحت لهم كيف أنه من المستحيل أن أرد لهم ديونهم أبداً ما دامت الأمور تسير بهذه الطريقة، استطاعوا أن يتفهموا الأمر من خلال رؤيتهم بأنفسهم للحسابات التي عرضتها، ثم وضحت لهم بعد ذلك أن الطريقة الوحيدة التي أراها لدفع الدين كله هي أن أخصص عشرين بالمائة من دخلي كل شهر ليتم تقسيمها على أصحاب الديون بالتناسب، وبهذا أستطيع أن أرد ديوني كاملة في عامين على أقل تقدير، وفي غضون ذلك الوقت سنشتري كل لوازمنا نقداً حتى لا يتراكم علينا المزيد من الديون.
ولكم كانوا لطفاء بحق، وقد أوصانا بائع الخضر والفاكهة، وهو رجل عجوز حكيم، بطريقة ما ساعدتنا على إتمام الأمر: إذا تعاملت مع كل مشترواتك نقداً، ودفعت بعضاً مما تدين به، فهذا سيكون أفضل، فإذا لم تفعل ذلك، فلن تتمكن من تقليل مديوناتك ولا حتى بعد ثلاث سنوات.
وفي النهاية حصلت على توقيعاتهم جميعاً على اتفاق يلزمهم بعدم إيقاعنا في مشكلات ما دامت العشرون بالمائة من دخلنا ستدفع بانتظام، ثم بدأنا بعد ذلك في وضع التدابير اللازمة لكيفية العيش على نسبة السبعين في المائة، وعزمنا على إدخار نسبة العشرة بالمائة الإضافية، فقد كانت تغوينا كثيراً فكرة الادخار.
لقد كان الأمر أشبه بالقيام بمغامرة لإحداث التغيير، وقد استمتعنا باكتشاف هذه الطريقة التي جعلتنا نعيش بارتياح في إطار تلك السبعين في المائة الباقية، فبدأنا بأجرة البيت، وتمكنا من الانتقال إلى بيت أقل تكلفة، ثم بدأنا على سبيل المثال نتنازل عن أصناف الشاي المفضلة لدينا وما يشبهها، ولكم اندهشنا من أننا كثيراً ما استطعنا أن نشتري أصنافاً جيدة وبسعر أقل.
إنها قصة طويلة ولا يكفي هذا الخطاب لتناولها، ولكنها على أية حال ليست صعبة في تطبيقها، فقد تمكنا من تطبيقها وسعدنا بذلك تماماً، ويا له من ارتياح ذلك الذي شعرنا به عندما أصبحت شئوننا المالية في تلك الحالة الجيدة، حتى إننا لم نعد، كما كنا من قبل، في حالة من القلق الدائم بسبب الديون التي فات موعد سدادها.
ويجب ألا أغفل أن أخبرك عن نسبة العشرة بالمائة الفائضة والتي عزمنا على أن ندخرها، ولقد تمكنا من ذلك في بعض الأوقات، والآن أرجو ألا تضحك، فكما ترى، فهذا هو الجانب المرح في الأمر، وأنا أقول لك بأنه من الممتع بحق البدء في ادخار مال لا تضطر إلى إنفاقه، كما توجد متعة أكبر في تضخيم هذا المال المدخر أكثر من تلك المتعة الناجمة عن إنفاقه.
فبعد أن جلبنا الرضا والارتياح لقلوبنا بهذا الذي ندخره، وجدنا استخداماً أكثر ربحاً لهذه النسبة من المال، فقد استثمرنا أموالنا في مشروع استثماري خصصنا له دفع تلك العشرة بالمائة في كل شهر، وهذا ما ثبت أنه أكثر الجوانب إرضاءً لنا في حياتنا التي بدأناها من جديد، وقد كان هذا المبلغ الصغير هو أول شيء أقوم بسداده من راتبي.
وكان أكثر إحساس مشبع بالطمأنينة هو معرفتنا بأن استثمارنا هذا ينمو على نحو مطرد، وعند حلول الوقت الذي أكون قد تقاعدت فيه عن التدريس في الجامعة، سيكون هنالك مبلغ كبير وكافِ، وعليه فسيتولى هذا الدخل رعايتنا من ذلك الحين فصاعداً.
وكل ذلك وأنا مازلت أتقاضى نفس راتبي القديم، فيا له من أمر يصعب تصديقه، بالرغم من حقيقته التي لا تقبل الشك، إذ تمكنا من الوفاء تدريجياً بكل ديوننا، كما زادت قيمة استثمارنا في نفس الوقت، وبالإضافة إلى ذلك استطعنا أن نحقق تقدماً مالياً على المدى الطويل أكثر من ذي قبل، فمن كان يصدق أن اتباع خطة مالية محكمة بدلاً من السير على غير هدى على طول الحياة يمكن أن يحدث مثل هذا الاختلاف في النتائج.
ومع نهاية العام التالي، وحين تصبح كل فواتيرنا الحسابية القديمة قد سددت، سوف يصبح بحوزتنا المزيد الذي يمكننا أن ندفعه لاستثمارنا، بالإضافة إلى بعض الفائض من أجل السفر، ونحن مصممان على ألا نسمح مرة أخرى لتكاليف معيشتنا بأن تتجاوز نسبة السبعين في المائة من دخلنا.
ربما تتفهم الآن السبب الذي دعانا إلى تقديم شكرنا الشخصي لهذا الرجل العجوز، والذي أنقذتنا خطته من ذلك المأزق الخطير الذي كنا نحياه.
لقد كان يعرف مأساة الديون، فقد اجتاز كل مراحلها، لقد كان يريد أن يستفيد الآخرون من تجاربه المريرة، وهذا ما جعله يقضي ساعات ممثلة في نقش رسالته على هذه الألواح الصلصالية.
لقد كانت لديه رسالة صادقة لرفاقه المعذبين، رسالة مهمة بحق حتى إنها انبعثت من تحت أطلال بابل بعد خمسة آلاف سنة، صادقة ومحبة، تماماً كما كانت في يوم أن طمرت تحت الرمال.
صديقك المخلص
ألفريد إتش شروسبيري
قسم الآثار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.