مقاطعة غير معلنة من عيدروس الزبيدي لمؤسسات الشرعية: لا لشراكة عرجاء    أول تعليق للبنك المركزي اليمني بعد أنباء تراجعه عن قراراته    وزارة النقل تدعو وكالات السفر المعتمدة في مناطق المليشيات للانتقال الى المحافظات المحررة    لن نشكركم..!!    مأرب تفشل مساعي عدن لتضييق الخناق على الحوثيين    سقوط الأقنعة: إسرائيل وأمريكا قتلوا رفيق الحرير وحملوا سوريا وحزب الله الجريمة    مليشيا الحوثي تعلن عن ''حج سياسي'' وتوجيه رسالة للسعودية    البعداني يختار منتخب اليمن للمشاركة في غرب آسيا للشباب ( الأسماء)    «كاك بنك» يتولى النسخة الثانية من فعالية العروض (DEMODAY)    اليمن يفرط بالفوز على البحرين    تأهل تاريخي لفلسطين في تصفيات المونديال    عن ''المغفلة'' التي أحببتها!    الإطاحة ب''سارق خطير'' بعد هروبه بها إلى مدينة أخرى شرقي اليمن    إلى سلطان عمان.. ''خنجرُ ابنِ العمِّ لابنِ العمِّ أذبح''!    القاص العمراني يروي ''مفاجآت ليلة ممطرة''    قيادي حوثي منشق يفجر مفاجأة صادمة ويكشف ما وراء حكم الإعدام لرجل اعمال بصنعاء !    مواطن يقدم على ارتكاب جريمة قتل بحق ابنه الوحيد وزوجته بسبب إصرارهما على شراء سيارة    عامان ونصف مرا على الحرب في أوكرانيا.    تصريحات أمريكية مثيرة للجدل بشأن قرارات البنك المركزي اليمني في عدن بشأن العملة القديمة ووقف بنوك صنعاء!    حرب حوثية إخوانية على الجنوب.. دحرها أولوية المرحلة    ضغط أوروبي على المجلس الانتقالي لتوريد إيرادات الدولة في عدن إلى البنك المركزي    باحث سياسي فرنسي يبدي إهتماما بقضية شعب الجنوب في المحافل الدولية    قيادي إصلاحي كبير مسؤول بالشرعية يثير غضب اليمنيين.. هل يعتزم العودة لحضن السلالة الحوثية بصنعاء؟؟    إلى سلطان عمان.. "خنجرُ ابنِ العمِّ لابنِ العمِّ أذبح"!    ناشطون يطلقون حملة إنسانية لدعم بائعة البلس في الضالع    خروج القاضي "عبدالوهاب قطران" من سجون الحوثي...إليك الحقيقة    منتخب مصر يواصل انتصاراته بتصفيات كأس العالم    كيف نجحت المليشيات الحوثية في جذب العملة القديمة إليها؟ خبير اقتصادي يوضح التفاصيل!    الإفراج عن العراسي ونجل القاضي قطران يوضح    اليونيسف: أطفال غزة يعيشون كابوسا من هجمات متواصلة على مدى 8 أشهر    ميليشيا الحوثي تهدد بإزالة صنعاء من قائمة التراث العالمي وجهود حكومية لإدراج عدن    اشتراكي المقاطرة يدين الاعتداء على رئيس نقابة المهن الفنية الطبية بمحافظة تعز    رئيس اتحاد كرة القدم بمحافظة إب الأستاذ عبدالرحيم الخشعي يتحدث عن دوري الدرجة الثالثة    تصفيات اسيا للمونديال .. الاردن تتأهل للدور الحاسم    زيدان ... أفتقد التدريب    السعودية: غدا الجمعة غرة ذي الحجة والوقوف بعرفة في 15 يونيو    المنتخب الوطني الأول يتعادل مع البحرين في تصفيات آسيا وكأس العالم    الزكري ينال الماجستير بامتياز عن رسالته حول الاستدامة المالية وتأثيرها على أداء المنظمات    عدن.. الورشة الخاصة باستراتيجية كبار السن توصي بإصدار قانون وصندوق لرعاية كبار السن    خبراء صحة: لا تتناول هذه الأطعمة مع بعض الأدوية    الحكومة اليمنية تدين تعذيب 7يمنيين بعد دخولهم الأراضي العُمانية مميز    الشرعية تؤكد تعذيب الجيش العماني لسبعة يمنيين!!    الوحدة التنفيذية للاستيطان اليمني    في وداع محارب شجاع أسمه شرف قاسم مميز    الوزير الزعوري يدعو المنظمات الدولية لدعم الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لكبار السن    مدير منفذ الوديعة يعلن استكمال تفويج الحجاج براً بكل يسر وسهولة    العشر الأوائل من ذي الحجة: أفضل أيام العبادة والعمل الصالح    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    خراب    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغنى رجل في بابل
اكتشف سر تحقيق الثروة الشخصية
نشر في الجمهورية يوم 26 - 11 - 2007


الحلقة(7) تاجر الجواهر في بابل
خمسون عملة ذهبية! لم يحمل رودانش، صانع الرماح في بابل، طوال حياته ذهباً كثيراً جداً كهذا في كيس نقوده الجلدي، كان يمشي بخطى واسعة عبر الطريق العام مغادراً قصر الملك وهو في سعادة غامرة للكرم الزائد الذي أغدقه به عليه جلالته، كانت تملؤه البهجة في كل مرة يسمع فيها صوت تخبط العملات الذهبي الناتج عن تأرجح كيس النقود المعلق في حزامه مع كل خطوة يخطوها؛ فقد كانت هذه هي أغرب موسيقى سمعها طوال حياته.
جورج كلاسون
خمسون عملة ذهبية! كلها ملكه، لقد استطاع بشق الأنفس أن يحقق تلك الثروة الضخمة، فيا لقوة هذه العملات الذهبية! إنه يستطيع أن يشتري بها أي شيء يريده؛ منزل فخم، أرض، أنعام، إبل، خيل، مركبات، وكل شيء آخر قد يرغب فيه.
ما الاستخدام الأمثل لهذا الذهب إذن؟ في ذلك المساء، وبينما كان ينعطف في شارع جانبي مؤدٍ إلى منزل شقيقته، لم يستطع أن يفكر في أي شيء آخر كان يفضل امتلاكه بخلاف هذه العملات الذهبية المتألقة والثقيلة التي بين يديه الآن، والتي أصبحت ملكاً له.
وفي ليلة من ذات الليالي التي تلت ذلك بأيام قليلة، دخل رودان الحائر إلى ذلك المتجر الذي يمتلكه ماثون، تاجر الجواهر والأقمشة النادرة، لم يلتفت رودان يميناً أو يساراً إلى تلك الأصناف متعددة الألوان والمعروضة ببراعة، بل إنه مر عبرها متوجهاً مباشرة إلى حجرة المعيشة المرفقة بمؤخرة المتجر، فوجد ماثون الارستقراطي جالساً على سجادة فاخرة يتناول الطعام الذي أعده له خادمه الأسود.
وقف رودان بطريقة بلهاء، مباعداً بين قدميه، وكاشفاً عن صدره كثيف الشعر الظاهر عبر فتحة سترته الجلدية وحدثه قائلاً: أود أن أتشاور معك في أمر مالي لا أعرف كيفية التعامل معه.
فعلت وجه ماثون الهزيل الشاحب ابتسامة ودودة مرحبة وقال له: ما الأعمال الطائشة التي ارتكبتها واضطرتك لطلب المساعدة من تاجر مثلي؟ هل جابهك سوء الحظ في عملك؟ أم أن أحداً قد خدعك وأخذ منك بضاعة ولم يدفع ثمنها؟ فمنذ معرفتي بك من عدة سنوات، لم تأتِ إليّ أبداً طالباً المساعدة في حل مشكلاتك.
لا .. لا .. إن الأمر مغاير تماماً لما تظن، كل ما في الأمر هو أنني راغب في نصائحك الحكيمة.
ماذا؟! ماذا تقول؟! ما من أحد يأتي إلى تاجر الذهب والأقمشة ليطلب النصيحة، لابد أن أذنيّ تعبثان بي.
بل إن ما سمعته صحيح.
أحقاً ما أسمع؟ أحقاً أن رودان، صانع الرماح، وأمهر العاملين في مهنته، يأتي إلى ماثون طلباً للنصيحة؟ إن الكثير من الرجال يأتون إلي ليبيعوا ويشتروا، ولكن أن يأتي أحدهم طلباً للنصيحة، فهذا ما لم يحدث من قبل، رغم أنني أدرك أنه ما من أحد أفضل من تاجر عجوز في إعطاء النصيحة إلى الرجال المنغمسين في المشاكل المالية.
ثم أردف قائلاً: سوف تتناول الطعام معي يا رودان، فأنت ضيفي هذا المساء، ثم أشار آمراً خادمه الأسود قائلاً: جهز سجادة لصديقي رودان صانع الرماح والذي أتى طلباً للنصيحة، فسيكون ضيفي المبجل، فقدم له الكثير من الطعام، واختر له أجود أنواع المشروبات التي ستنال رضاه إذا شربها.
والآن أخبرني عما يزعجك.
إنها منحة الملك.
منحة الملك؟ أوهب الملك لك منحة، وهذه المنحة هي ما يزعجك؟ ما نوع تلك المنحة إذن؟.
نظراً لأن الملك كان مبتهجاً جداً وسعيداً بالتصميم الذي قدمته له للرؤوس الجديدة للرماح الخاصة بحراس القصر الملكي، فقد أغدق عليّ بخمسين عملة ذهبية، وأنا الآن حائر جداً.
إنني مطارد على نحو مستمر من قبل أولئك الذين يرغبون في أن يشاركوني إياه.
هذا أمر طبيعي، فعدد الذين يسعون لامتلاك الذهب أكثر ممن يمتلكونه بالفعل، وهم يرغبون في أن يتقاسموا هذا الذهب مع أي شخص يكسبه بسهولة، ولكن ألا يمكنك أن تقول لهم لا؟ أم أن إرادتك ليست قوية مثل قبضتك؟.
إنني أقول لا لأشخاص عديدين، ولكن أحياناً يكون من السهل أن أقول نعم. فهل يستطيع إنسان أن يرفض أن يتشارك مع أخته التي يحبها بكل قلبه؟.
ولكن من المؤكد أن أختك لا تود أن تحرمك من التمتع بمكافأتك.
هذا صحيح، ولكنها تريد المال من أجل زوجها «أرمان» الذي تتمنى أن تراه تاجراً غنياً، إذ إنها تشعر بأن الفرصة لم تتح له إطلاقاً من قبل، وتوسلت إليّ أن أقرضه من الذهب حتى يصبح من خلاله تاجراً غنياً ويرده إليّ بعد ذلك من أرباحه.
فرد عليه ماثون قائلاً: إن الموضوع الذي طرحته يستحق النقاش بالفعل يا صديقي، فالمال دوماً ما يلقي بالمسئولية على عاتق صاحبه ويغير من موقفه مع رفاقه، كما أنه يجلب الخوف لصاحبه خشية أن يخسره أو أن يسلب منه بالخداع، ويكسبه أيضاً شعوراً بالقوة والقدرة على فعل الخير، وبنفس الطريقة، فهو قد يأتيه بالفرص التي تجلب له المشاكل نتيجة لنيته الحسنة.
هل سمعت من قبل عن مزارع نينيفيه، والذي كان يفهم لغة الحيوانات؟ لا أعلم إن كانت هذه الحكاية من الحكايات التي يفضل الرجال أن يقصوها على مسمع من أحد سابكي البرونز، ولكني سأقصها عليك، لأنك يجب أن تعلم أن عملية التسليف والإقراض يتعدى كونها عملية نقل المال من ملكية شخص إلى ملكية شخص آخر.
كان هذا المزارع، الذي كان يفهم ما تقوله الحيوانات لبعضها البعض، يفضل البقاء كل مساء في ساحة المزرعة ليستمع إلى حديثها، وذات مساء سمع نواح الثور إلى الحمار شاكياً له من صلابة الأرض التي يحرثها: إنني أبذل جهداً شاقاً في جر المحراث من الصباح وحتى الليل، فمهما كان الجو حاراً، أو كانت قدماي متعبتين، أو تقرحت رقبتي من النير المشدود بها، فلابد أن أستمر في العمل، أما أنت فحيوان مرفه، إنك مجمل بدثار مزخرف، ولا تفعل شيئاً سوى حمل صاحبنا إلى حيث يرغب، وعندما لا يذهب إلى أي مكان، ترتاح وتتناول الأعشاب الخضراء طوال اليوم.
وبالرغم من التصرفات المؤذية التي يتصف بها الحمار، فإنه كان رفيقاً ومتعاطفاً مع الثور، لذا فقد رد عليه قائلاً: إنك يا صديقي العزيز تعمل بكد شديد، وأنا سأساعدك في تخفيف أعبائك، سأخبرك بطريقة تستطيع من خلالها أن تحصل على يوم من الراحة، فعندما يأتي الخادم في الصباح كي يوقظك للعمل بالمحراث، اضطجع على الأرض وتألم كثيراً حتى يقول بأنك مريض وغير قادر على العمل.
وبناءً علىه فقد عمل الثور بنصيحة الحمار، وفي الصباح التالي عاد الخادم إلى المزارع وأخبره بمرض الثور وبعدم قدرته على سحب المحراث.
فقال المزارع: أربط الحمار في المحراث لأن الحرث لابد أن يستمر، وظل الحمار الذي قصد فقط مساعدة صديقه يعمل طوال النهار ووجد نفسه مجبراً على أداء عمل الثور؛ وعندما جن الليل وحرر من المحراث، شعر بمرارة في نفسه، وكانت قدماه متعبتين، كما تقرحت رقبته.
ثم وقف المزارع في الفناء كي يستمع إلى حديثهما مثل كل يوم.
بدأ الثور حديثه أولاً قائلاً: يا لك من صديق جيد، فنتيجة لنصيحتك الحكيمة، استمتعت بيوم من الراحة.
فرد عليه الحمار قائلاً: أما أنا فكنت ذلك الحيوان الساذج الذي بدأ بمساعدة صديق وانتهى بأداء مهمته نيابة عنه، ولكنك لابد أن تجر محراثك مرة أخرى؛ لأني قد سمعت صاحبنا يقول للخادم بأن يرسل في طلب الجزار إذا مرضت ثانية. وأنا أتمنى أن يفعل ذلك؛ لأنك صديق كسول، وبعد ذلك لم يتحدثا ثانية، فقد أنهت هذه الحادثة صداقتهما، هل يمكنك الآن أن تخبرني يا رودان بالمغزى المقصود من هذه القصة؟.
فرد رودان قائلاً: إنها قصة جميلة بالفعل ولكنني لم أستطع أن أكتشف المغزى منها!.
كنت أعلم أنك لن تكتشفه، ولكنه موجود وبسيط جداً، إنه فقط كالتالي: إذا أردت أن تساعد صديقاً لك، فافعل هذا بطريقة لا تجعلك تتحمل أعباءه بدلاً منه.
إنني لم أفكر من هذا المنطلق من قبل، ويا له من مغزى حكيم بحق، فأنا لا أرغب في أن أتحمل أعباء زوج أختي، ولكن خبرني بحق، إنك قد أقرضت الكثيرين حتى يبدأوا مشروعاً خاصة بهم، نظير نسبة في الأرباح، ألا يلتزم هؤلاء بذلك أبداً؟.
فابتسم ماثون ابتسامة رجل يملك في قرارة نفسه الكثير من الخبرة قائلاً: هل تكون الصفقة جيدة إذا لم يتمكن المقرض من رد ما اقترضه ومعه نسبته من الأرباح؟ ألا يجب أن أكون حكيماً وحذراً في حكمي فيما إن كان مالي هذا سيعود إليّ مرة أخرى، ومعه حصتي من الأرباح، أو إن كان سيتبدد من قبل شخص ليست لديه القدرة على أن يستخدمه بطريقة حكيمة فيتركني بلا ثروة، ويتركه بدين لا يستطيع إيفاءه؟ إنني سأعرض عليك الآن الصكوك والمرهونات التي أحتفظ بها وسأدعها تخبرك ببعض من حكاياتها؟.
ثم قام وأحضر صندوقاً طويلاً بطول ذراعيه مغطى بالجلد ومزيناً بزخارف برونزية، ووضعه على الأرض وجلس القرفصاء أمامه ثم وضع يديه على غطاء الصندوق.
لقد كنت أنتزع رهناً أو صكاً من كل شخص أقرض له مالاً وأضعه في صندوقي الخاص وأحتفظ به حتى يتم الإيفاء بدينه على الأقل، إذا لم يستطع الكسب بنجاح وإذا ما تم الإيفاء بهذا الدين، فإنني أرد هذا الصك أو الشيء المرهون، ولكن إذا ما لم يتم الإيفاء به أبداً، فإنه يبقى ليذكّرني دائماً بهذا الشخص الذي لم يفِ بدينه لي.
وبناءً على الدروس التي تعلمتها، فأنا أشارك في مشروعات بإعطاء قروض لأشخاص لديهم ممتلكات أكثر قيمة من القروض التي يطلبونها، فهم يمتلكون أراضي أو جواهر أو إبلاً أو أياً من الأشياء الأخرى التي يمكن بيعها لسداد الدين في حالة فشل المشروع، بعض المرهونات التي قدمت لي كانت مجوهرات ذات قيمة أعلى من القرض، والبعض الآخر كان عبارة عن وعود يقطعها أصحابها على أنفسهم، بأنهم إذا لم يسددوا هذا الدين كما هو متفق عليه، فإنهم سيسلمونني ممتلكات معينة سداداً له، وبهذه الطريقة أضمن أن مالي سيعود إليّ، ومعه نسبتي من الأرباح في بعض الأحيان، لأن هذه القروض كانت تعتمد على الملكيات.
وهناك من لديهم المقدرة على الكسب، وهم مثلك تماماً يعملون ويدخرون ويسددون ديونهم، فهم يمتلكون دخلاً ثابتاً، وفي حالة ما إذا كانوا أمناء ولا يعانون من سوء الحظ، فإنني أعرف بأنهم أيضاً يستطيعون سداد المال الذي أقرضتهم إياه ونسبتي من الأرباح التي كنا قد اتفقنا عليها، ومثل هذه القروض تكون معتمدة على المجهود البشري.
وهناك آخرون ممن ليست لديهم ممتلكات أو مقدرة على الكسب المضمون فالحياة صعبة ومليئة دائماً بالكثير ممن لا يستطيعون التكيف معها، وللأسف فإنني لا أقرض هؤلاء ولو حتى بنسات قليلة، ما لم يكن هناك ضمان من قبل أصدقاء معروفين بالنبل مقربين لهؤلاء المقترضين.
ثم أزال مارثون الإبزيم من على الغطاء وفتح الصندوق، فمال رودان برأسه إلى الأمام متلهفاً لرؤية ما بداخله.
في أعلى الصندوق، كان هناك قلادة برونزية ملفوفة في منديل قرمزي، فالتقطها ماثون وربت عليها برقة، ثم قال: «ستبقى هذه القلادة في صندوق مرهوناتي دائماً ذلك لأن مالكها قد مات، وأنا أحتفظ بها كما احتفظ بذكراه لأنه كان أعز أصدقائي، فلقد كنا معاً نقوم بأعمال تجارية ناجحة، إلى أن تزوج امرأة من الشرق، كانت امرأة جميلة، ولكنها لم تكن مثل سائر نسائنا، لقد كانت امرأة مبهرة حتى إنه أنفق كل ماله بإسراف كي يلبي لها رغباتها، وفي يوم أتاني وهو حزين بعد أن ضاعت كل أمواله، فتشاورت معه، وأخبرته بأني سأساعده كي يسيطر مرة أخرى على شئونه التجارية، ثم أقسم لي بأنه سيعمل على تحقيق ذلك، ولكن هذا ما لم يحدث، وفي أثناء مشاجرة بينهما، طعنته بسكين في قلبه الذي شجعها هو على أن تطعنه فيه. فسأله رودان قائلاً: وماذا عنها؟.
فالتقظ المنديل القرمزي وقال: إن هذا كان لها، فقد رهنته عندي مقابل مبلغ من المال، إن مرارة الندم جعلتها تلقي بنفسها في نهر الفرات، وهكذا، فهذان القرضان لن يردا لي أبداً. ومن ثم فإن هذا الصندوق يؤكد لك يا رودان على أنه من الخطر إقراض البشر الذين يعيشون في خضم انفعالات كثيرة، لأنهم لن يستطيعوا الوفاء بديونهم.
ثم تناول خاتماً منقوشاً من عظم الثور وقال: أما هذا فالوضع يختلف تماماً، إن هذا الخاتم يخص مزارعاً اشترى السجاد الذي تغزله زوجته، وفي يوم أتى الجراد وأكل كل محصوله، ولم يعد لديهم طعام، فساعدته حتى حصد المحصول الجديد ورد الدين، ثم أتى إليّ بعد ذلك مرة أخرى، وأخبرني عن ذلك النوع من الماعز الغريبة الموجودة في بلد بعيدة كما وصفها له الرحالة، حيث كانت تلك الماعز تتميز بالشعر الطويل الجميل والناعم، والذي من الممكن أن ينسج سجاداً أجمل بكثير من أي سجاد قد شوهد في أرجاء بابل من قبل، كان يود أن يشتري قطيعاً منها، إلا أنه لم يكن يملك المال الكافي لذلك، وبناء عليه اتفقنا على أن نتشارك سوياً، فأعطيته مالاً كافياً كي يذهب في رحلته ويجلب ذلك النوع من الماعز، على أن يعطيني جزءاً من الأرباح بعد أن تنسج زوجته من خيوطها وتبيع سجادها، وأعطاني خاتمه هذا ضماناً لحقي في المال، والآن بدأ قطيعه هذا يؤتي ثماره وفي العام المقبل سأبهر كل أسياد بابل بهذا السجاد الأغلى سعراً، والذي سيدفعون من أجله مالهم الوفير كي يشتروه، وقريباً ما سأرد لهذا المزارع خاتمه، فهو مصر على الدفع الفوري.
فسأله رودان قائلاً: هل يقوم بعض المقترضين بذلك؟.
إذا كانوا يقترضون من أجل مشروعات تدر عليهم مالاً مرة ثانية، فإنهم يردون المال بشكل فوري عندما تنجح تلك المشروعات، ولكن إذا كانوا يقترضون للإنفاق على أعمالهم الطائشة، فإنني أنذرك بأن تكون حذراً إذا كنت تريد أن يعود إليك مالك في يوم من الأيام.
ثم التقط رودان سواراً ثقيلاً من الذهب المُحلى بالجواهر النادرة التصميمات وسأله قائلاً: خبرني عن هذا.
فرد عليه ماثون بمزاح قائلاً: لقد أثارت النساء إعجاب صديقي العزيز.
فرد عليه رودان: إنني مازلت أصغر منك بكثير ياصديقي.
إنني أوافق على هذا، ولكن الرومانسية في هذه الأيام أصبحت في غير محلها تماماً، إن صاحبة هذا السوار هي امرأة بدينة ومتجعدة الوجه، وكانت تتحدث كثيراً ولا أفهم منها سوى القليل حتى إنها تصيبني بالجنون، ولقد كان لديها الكثير من المال كما كانت شريكة طيبة حتى ألمت بها أوقات عصيبة، وهي لديها ابن تعمل على أن تجعله تاجراً، ولذا فقد جاءت إليّ واقترضت مني مالاً على أساس أن أشارك في أرباحه، كانت ستعطي هذا المال لابنها حتى يصبح شريكاً لصاحب قافلة يسافر مع إبله ويقوم ببيع ما اشتراه من مدينة إلى مدينة أخرى.
ولقد ثبتت نذالة هذا الرجل عندما ترك ذلك الولد المسكين في مدينة بعيدة بلا مال أو أصدقاء، إذ رحل في الصباح الباكر والولد لا يزال نائماً، وقد يرد هذا الولد ذلك القرض حتى يسترد سوار أمه عندما يبلغ سن الرجولة، وحتى ذلك الوقت فأنا لم أحصل على أي أرباح منه، فقط الكلام الكثير، ولكني أعترف بأن تلك الجواهر كانت تستحق هذا القرض.
هل طلبت منك تلك السيدة أن تعطيها النصيحة اللازمة للتصرف بحكمة في هذا القرض؟.
لا.. بل العكس تماماً، لقد كانت تصور لنفسها أن ابنها هذا سيكون أغنى وأقوى رجل في بابل، وإذا كنت قد أوحيت لها بالعكس، فإني بذلك كنت سأغضبها، وكانت ستوبخني بشدة، كنت أعلم المخاطرة التي سيتعرض لها هذا الولد قليل الخبرة، ولكن ما دامت قد قدمت لي الضمان، فلم استطع أن أرفض طلبها.
ثم أكمل ماثون حديثه ملوحاً بواحد من شكال الإبل وقال: إن هذا يخص نيباتور تاجر الإبل، فعندما أراد أن يشتري قطيعاً من القطيع الأساسي الذي يمتلكه، أحضر إليّ هذا الشكال كصك يثبت أنه قد اقترض مني، فأقرضته كل المال الذي كان يحتاجه، على أن يعطيني نسبة من أرباحه، كان تاجراً حصيفاً، وكنت أثق في تقديره الجيد للأمور، ولذا فقد كنت أقرضه ما يشاء، كما كان هناك الكثير من التجار الآخرين الذين كنت أوليهم ثقتي نظراً لسلوكهم النبيل، فقد كانوا يعرفون جيداً كيف يحققون مكاسب كبيرة ومن ثم أحصل على أرباح كثيرة عندما أتشارك معهم، إذ يعتبر هؤلاء التجار الأفضل هم مصدر قوة مدينتنا، ومن المفيد لي أن أساعدهم حتى أحافظ على مسيرة التجارة لتعيش بابل في ازدهار مستمر.
ثم أخرج ماثون فصاً على شكل جعران ذي لون فيروزي وأمسك به وقال: إنها حشرة من مصر، إن الشخص الذي كان يمتلك هذا الفص لم يكن يهتم اطلاقاً إذا كنت سأسترد مالي الذي أقرضته إياه أم لا، وعندما وبخته على ذلك رد عليّ قائلاً: كيف أرده لك وحظي العاثر يطاردني؟ كما أنك تملك مالاً وفيراً.. فماذا أفعل حينئذ؟ لقد كان الرهن هو ممتلكات والده، الذي كان رجلاً فاضلاً ذا موارد مالية ضئيلة كان قد قام برهن أرضه والقطيع الذي يملكه ليدعم مشروعات ابنه التجارية، وقد حقق الشاب نجاحاً في بادىء الأمر وأصبح متحمساً بدرجة كبيرة بعد ذلك لإحراز ثروة كبيرة، ولكن نظراًَ لمعرفته غير الناضجة، فقد انهارت كل مشروعاته.
إن الشباب يتسمون بالطموح، قد يتخذون طرقاً مختصرة لتحقيق الثراء والحصول على كل الأشياء المرغوبة التي يحققها الثراء، ولكي يحصل الشباب على الثراء السريع، فهم غالباً ما يقترضون بطرق غير واعية، وهم نتيجة لعدم امتلاكهم الخبرة أبداً لا يستطيعون إدراك أن الديون المتعذر ردها تشبه الحفرة العميقة التي قد ينزلق المرء فيها بسرعة ويظل يكافح بلا جدوى لأيام طويلة حتى يخرج منها، إنها حفرة من التعاسة والندم، حيث ضوء الشمس ملبد بالغيوم والليل كئيب بسبب النوم المفعم بالأرق، ولكني على الرغم من ذلك لا أعوق اقتراض المال بل أشجعه، كما أنصح به إذا كان سيصب في غرض حكيم، وأنا شخصياً كنت قد حققت أول نجاح حقيقي بالنسبة لي من خلال مال كنت قد اقترضته.
ولكن ماذا يفعل شخص مثلي في حالة كهذه؟ فالشاب الذي نتحدث عنه يائس ولم يحقق شيئاً، كما أنه محبط أيضاً، ولم يبذل أي مجهود لرد هذا الدين، ولم يطاوعني قلبي على أن أحرم الأب من أرضه وماشيته.
فتجرأ رودان وقاطعه قائلاً: أنت تخبرني بالكثير مما أستمتع بالاستماع إليه، ولكني لم أسمع أية إجابة عن سؤالي حتى الآن، هل أقرض زوج أختي العملات الذهبية الخمسين التي أمتلكها؟ إن هذا المال يمثل الكثير بالنسبة لي.
إن أختك امرأة فاضلة وأنا أكن لها كل الاحترام، فإذا جاء زوجها إليّ طالباً أن أقرضه مبلغاً كهذا، فمن المفترض أن أسأله عن الغرض الذي سيستخدمه فيه.
فإذا أجابني بأنه يرغب في أن يكون تاجراً مثلي يتاجر في المجوهرات والأثاث النفيسة، فإني سأقول له: ما الخبرة التي تمتلكها عن سبل التجارة؟ هل تعرف أين يمكنك أن تشتري بأقل الأسعار؟ وهل تعرف أين يمكنك أن تبيع بأعلى الأسعار؟ فهل من الممكن أن يرد ب «نعم» على هذه الأسئلة؟.
فأقر رودان قائلاً: لا، لن يستطيع، فقد كان يساعدني كثيراً في صناعة الرماح، ولكنه قليلاً ما كان يساعدني في المتاجرة بها.
إذن، سأقول له بأن غرضه هذا يفتقر إلى الحكمة، فالتجار لابد أن يكون لديهم المعرفة الخاصة بالتجارة، إن طموحه رغم أنه يستحق التقدير، إلا أنه غير عملي، وبناءً عليه فلن أقرضه أي مال.
ولكن إذا افترضنا أنه قال: نعم، لقد ساعدت التجار كثيراً، وأعرف كيف أسافر إلى سميرنا وأشتري بأسعار قليلة ذلك السجاد الذي تنسجه ربات البيوت هناك، كما أني أعرف الكثير من أثرياء بابل ممن استطيع أن أبيع لهم تلك الأشياء وبأرباح عالية، هنا سأقول له: إن غرضك هذا حكيم كما أن طموحك نبيل، ولذا فسأسعد بأن أكون شريكاً لك في هذه التجارة، وسأقرضك تلك العملات الخمسين الذهبية، إذا استطعت أن تعطيني ضماناً حتى تعيد إليّ هذا المال، ولكن إذا قال: ليس لدي أي ضمان سوى أني رجل نبيل وسأدفع لك قرضك كما ينبغي، فسأرد عليه قائلاً: لقد بذلت جهداً مضنياً في ادخار كل عملة من تلك العملات الذهبية، فإذا سرقها منك اللصوص أثناء رحلتك إلى سميرنا أو سرقوا منك السجاد أثناء عودتك، ففي هذه الحالة لن يكون لديك وسيلة لرد ذلك المال وسأخسر مالي هباءً.
فكما ترى يا رودان، فالمال هو بضاعة التاجر، ومن السهل إقراضه، ولكن إذا ما أقرضته بطريقة غير واعية، فسيكون من الصعب عليك استرجاعه بعد ذلك، فالتاجر الحكيم لا يرغب في المجازفة، ولكنه يرغب في ضمان الرد الآمن.
ثم أردف قائلاً: إنه لمن الجميل أيضاً أن نساعد أولئك المنغمسين في المشاكل، ومن الجميل أيضاً أن نساعد أولئك الذين تخلى عنهم الحظ، كما أنه من الجميل أن نساعد أولئك المبتدئين والذين قد يحققون تقدماً في هذا الشأن ويصبحون مواطنين أثرياء، ولكن هذه المساعدة لابد وأن تعطى بطريقة واعية خشية أن يحدث مثلما حدث لحمار المزارع، فبدلاً من أن نقدم المساعدة، فإننا نحمل على عاتقنا ذلك الحمل الذي يخص شخصاً آخر.
ومرة أخرى، فإني أحيد عن سؤالك يا رودان، ولكن اسمع إجابتي عليه: ادخر الخمسين عملة الذهبية التي تمتلكها، فما تكسبه من خلال عملك وما يعطى لك كمكافأة هو ملكية خاصة بك ولا يستطيع أحد أن يجبرك أن تشاركه بذلك المال مالم تكن ترغب في ذلك، فإذا شاركت به أحداً في تجارة لكي تجني المزيد، فشارك بحذر وفي مجالات متعددة، إنني لا أحب المال غير المستخدم كما أني أيضاً لا أحب المخاطرة الكثيرة.
كم عاماً عملت فيها كصانع للرماح؟.
ثلاثة أعوام كاملة.
إذن فكم ادخرت من عملك بخلاف ما أعطاه لك الملك؟.
ثلاث عملات ذهبية.
هل تود أن تخبرني بأنك في كل عام كنت تعمل وتحرم نفسك من خيرات الحياة كي تدخر عملة ذهبية واحدة فقط من إيراداتك؟!.
تماماً مثلما تقول.
وهل معنى ذلك أنك قد تعمل لمدة خمسين عاماً مع إنكارك لذاتك وكل رغباتك كي تدخر خمسين عملة ذهبية؟.
إذا امتد العمر لهذا العمل.
إذاً فهل تظن أن اختك ترغب في أن تجعلك تخاطر بمدخرات خمسين عاماً من العمل أمام بوتقة صهر البرونز حتى يجرب زوجها ليكون تاجراً !.
لا أظنها سترغب في ذلك، إذا ناقشتها بنفس منطقك.
إذاً فاذهب وقل لها: لقد ظللت أعمل كل يوم لمدة ثلاث سنوات من الصباح وحتى الليل، كما حرمت نفسي من الكثير من الأشياء التي كنت أتوق إليها بشدة، وبعد كل عام من العمل وإنكار الذات لم أكن أدخر شيئاً سوى عملة ذهبية واحدة، وبما أنك أختي المقربة لقلبي فأنا أتمنى أن يلتحق زوجك بعمل تجاري يستطيع من خلاله أن يحقق ثروة كبيرة، وإن قدم لي مشروعاً يراه صديقي ماثون من وجهة نظره أنه مشروع واعٍ وممكن، فإني في هذه الحالة سأسعد بأن أشاركه بمدخراتي في عام كامل حتى تتاح له الفرصة ليثبت قدرته على تحقيق النجاح، أفعل كما أقول لك، وإن كان لديه ما يحفزه للنجاح فسيتمكن من إثبات ذلك، أما إذا فشل فلن يكون مديناً لك حينئذ بأكثر مما يأمل أن يرده لك في يوم ما.
فأنا تاجر ثري، وذلك يرجع إلى أني أملك مالاً أكثر مما قد استخدمه في تجارتي، وأنا أرغب في أن أجعل مالي الفائض هذا يعمل من أجل مساعدة الآخرين عن طريق مشاركتهم بجزء فقط من مالي في مشروعات تجارية، وبتلك الوسيلة سأحصل على مال أكثر، كما أني لا أود أن أخاطر بخسارة مالي الذي عملت من أجله كثيراً وحرمت نفسي كثيراً حتى أحصل علىه، ولذا فإني لن أعطي أحداً شيئاً منه إن كنت غير واثق من ضمان هذا القرض واسترجاعه، كما أني لن أقرضه أيضاً ما لم أكن مقتنعاً تماماً من أنه سيعطيني نصيبي من أرباح تجارته على الفور.
لقد أخبرتك يا رودان بقليل من الأسرار المتعلقة بصندوق المرهونات والصكوك التي أحتفظ بها، ومن خلال هذه الأسرار يمكنك أن تستنتج نقاط ضعف الرجال وتلهفهم إلى اقتراض ما لا يملكون وسائل محددة لرده، ومن خلال هذا يمكنك أن ترى إلى أي مدى تكون آمالهم العريضة في كسب إيرادات كبيرة، فقط إذا توفر لهم المال، هي مجرد آمال زائفة ليست لديهم المقدرة أو الخبرة اللازمة لتحقيقها.
إنك تملك الآن يا رودان المال الذي لابد وأن تستغله في كسب المزيد منه لصالحك، إذ أنك على وشك أن تصبح تاجراً مثلي تماماً، فإذا حافظت بطريقة آمنة على مالك هذا، فإنه سيجني إيرادات كبيرة من أجلك وسيكون مصدراً وافراً للسعادة، والربح طوال حياتك، ولكن إذا تركته يهرب من بين يديك فسيكون مصدراً للأسى والندم المستمر طوال حياتك.
ما أكثر الأشياء التي ترغب فيها والمتعلقة بالمال الموجود في كيس نقودك؟.
«أن أحافظ عليه بأمان».
فرد ماثون مؤيداً إياه قائلاً: كلام حكيم، إن رغبتك الأولى تتعلق بالأمان، إذاً فهل تعتقد أن هذا المال سيكون في مأمن حقيقي من الخسارة المحتملة إذا كان تحت تصرف زوج أختك هذا؟.
بل أعتقد أن العكس هو الصحيح، فهو يفتقر إلى الحكمة في حماية المال.
إذاً فلا تدع الأفكار العاطفية الحمقاء تسيطر عليك وتجبرك على أن تعهد بمالك إلى شخص آخر، فإذا كان عليك أن تساعد عائلتك أو أصدقاءك، فابتدع طرقاً أخرى غير تلك التي تعرضك لخسارة أموالك، ولا تنس أن المال يفر بطرق غير متوقعة من أولئك الذين يفتقرون إلى البراعة في حمايته، وبالإضافة إلى تبديدك لأموالك بتبذير، فإنك بذلك تعطي الفرصة لآخرين لكي يخسروا أموالك أيضاً.
«ما الرغبة التالية والمتعلقة بمالك هذا؟».
«أن أجني المزيد منه».
إنك وللمرة الثانية تتحدث بشيء من الحكمة، إذ لابد أن تعد العدة لهذا المال كي يكسب ويتزايد أكثر، حيث إن تشغيل المال بطريقة حكيمة قد يجعله يتضاعف من خلال إيراداته، قبل أن يشيخ رجل مثلك، فإذا خاطرت بخسارة ذلك المال، فإنك تخاطر بخسارة كل ما سيكسبه أيضاً.
فلا تسمح بأن يسيطر عليك أي من المشروعات الخيالية للرجال غير العمليين ممن يعتقدون بأنهم يملكون طرقاً لجعل مالك يجني إيرادات استثنائية كبيرة، إذ يبتدع بعض هذه المشروعات أفراد خياليون يفتقرون إلى الفهم الحاذق للقوانين الآمنة والموثوقة في شئون التجارة، لذا فلابد أن تكون متحفظاً فيما تأمل أن يكسبه هذا المال، فربما تود أن تحتفظ بهذا المال وتستمتع به، فإذا شاركت به أحداً على وعد بأن تحصل على أرباح من المشروع ، يجب أن يكون لديك الضمان الكافي لذلك.
واسع إلى التعامل مع الرجال الذين حققت مشروعاتهم النجاح، فربما يجني مالك الكثير إذا ما تم ذلك تحت إشراف من مهارتهم في استعماله، وربما تساعدهم حكمتهم وخبرتهم في حماية مالك بطريقة آمنة.
وهذا ما قد يجعل سوء الحظ يتخلى عنك كما قد يساعدك على الحفاظ على المال وكسب المزيد منه.
وعندما أراد رودان أن يتقدم له بخالص الشكر على نصحيته التي منحه إياها، لم يستمع إليه، بل قال له: إن منحة الملك تلك ستعلمك الكثير من الحكمة، فإذا أردت أن تحافظ على تلك العملات الذهبية الخمسين، فلابد أن تكون حذراً بحق، فستغريك الكثير من المشروعات، وستتلقى الكثير من النصائح، وسيعرض عليك العديد من الفرص كي تحصل على أرباح هائلة، لذا فلابد أن تأخذ حذرك من القصص التي يحتوي عليها صندوق المرهونات والصكوك الذي عرضته عليك، وقبل أن تدفع أي عملة ذهبية تغادر كيس نقودك، لابد أن تكون متأكداً من أنك تمتلك طريقة آمنة لاسترجاعها، وإذا أردت أن تحصل على أية نصائح أخرى، فعد إليّ ثانية، وسأعطيك إياها بسعادة.
وقبل أن تنصرف، اقرأ تلك المقولة التي نقشتها تحت غطاء صندوق المرهونات والصكوك الخاص بي، وهي مقولة تنطبق على كل من يتعامل مع المال:
الحذر القليل خير من الندم الكثير».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.