البكتريا هي كائنات مجهرية وحيدة الخلية ذات أنواع عدة منها النافع والتي تتواجد بشكل طبيعي على بعض أنسجة الإنسان ومنها الضار ويطلق عليها البكتريا الطبية وتتواجد في التربة أو في الحيوانات أو في الإفرازات الملوثة كالصديد التي يطرحها المصاب وتنتقل إما بالتلامس المباشر للبكتيريا أو ابتلاعها مع الطعام أو الشراب أو استنشاقها مع الهواء فإذا ماحصل ذلك وتمكنت هذه البكتريا من اختراق خطوط الدفاع الأولى كالجلد والأغشية المخاطية يبدأ جهاز المناعة بآلياته المختلفة بمقاومة البكتريا والعمل على التخلص منها غير أنه في بعض الأحيان يفشل في ذلك الأسباب عديدة منها مايعتمد على نوعية البكتريا وعددها والتي تكون قادرة على اختراق الحواجز المناعية ومهاجمة الأنسجة المصابة مؤدية إلى إتلافها أو انتاج السموم المختلفة . كفاءة الجهاز المناعي عندئذ يذهب المصاب إلى الطبيب والذي بدوره يبدأ بوصف المضادات الحيوية والتي من شأنها قتل هذه الجراثيم أو إيقاف نموها حتى يتم التخلص منها بواسطة الجسم غير أن من أهم الصعوبات التي تجابه الطبيب المعالج للأمراض البكتيرية هي مقاومة هذه البكتريا للعقاقير المضادة لها. إن أي عقار مضاد لكي يحصل تأثيره لابد أن يصل إلى مركز تأثيره داخل الخلية البكتيرية فإذا لم يتمكن من ذلك فإنه لايستطيع أن يؤدي دوره وهنا تنشأ مقاومة المضادات الحيوية والتي تتم بثلاث طرق: 1 مقاومة طبيعية: كوجود حواجز تركيبية أو تشريحية تحول دون وصول المضاد إلى مركز تأثيره داخل الخلية البكتيرية أو على سبيل المثال بعض البكتريا قادرة على الحياة في وجود الاكسجين أو غيابه في حين أن بعض المضادات يعتمد اختراقه للغشاء الخلوي والوصول إلى مراكز تأثيره «الريبوسومات» يحتاج إلى طاقة مستمدة من ذات البكتريا يعتمد انتاجها على الاكسجين وفي حالة غيابه يفشل المضاد حين تستمر البكتريا في البقاء. 2 المقاومة بواسطة الطفرات: الطفرة الوراثية هي تغيير في المادة الوراثية من شأنها أن تؤدي إلى تغيير في تركيب مراكز تأثير المضاد الحيوي أو انتاج بروتينات معينة «خمائر» تؤدي إلى تعطيل عمل هذه المضادات وعادة ماتحدث هذه الطفرة في أثناء فترة الإصابة الجرثومية وعلاجها مثلاً عند تعرض البكتريا لأشعة X أو للأشعة فوق بنفسجية في نفس الوقت التي تتعرض للمضاد. 3 المقاومة بواسطة البلازميدات: البلازميدات هي مادة وراثية مستقلة توجد سابحة في سيتوبلازم خلية البكتريا وتحوي على جينات ذات وظائف عديدة منها مقاومة المضادات الحيوية ومن السهل انتقال هذه البلازميدات بين السلالات البكتيرية مؤدية إلى انتشار مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية ويعد هذا النوع هو الأكثر شيوعاً .. إن الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية كاستخدام جرعات غير مكتملة من العقار عدم الالتزام بتناول العقار في الأوقات والجرعة المحددة من من قبل الطبيب وصف المضادات الحيوية في حالات مرضية لا علاقة لها بالاصابة البكتيرية مثل نزلات البرد الإسراف في تناول المضادات الحيوية من باب الوقاية وجود بعض العلاجات والتي تحوي على مضاد تركيزه فيها أقل مماهو مدون عليها كل ذلك يؤدي إلى عدم القضاء تماماً على البكتريا الممرضة والتي ينشأ منها أجيال مقاومة. كذلك استخدام المضادات الحيوية في تغذية الحيوانات أو الدجاج بدون أن يكون هناك أي عدوى يطور مثل هذه الأجيال المقاومة لديها والتي لربما تنتقل إلى الإنسان عدم التخلص من البكتريا والتي جرى معاملتها مع المضادات الحيوية في المختبرات الطبية بالشكل المناسب والقائها العشوائي في سلال المهملات عدم تعقيم الأدوات الجراحية وغرف العمليات وأغطية المرضى في المستشفيات كل ذلك يسهم في انتشار البكتريا المقاومة في البيئة. الاستخدام للمضادات الحيوية الحديثة أولاً بأول وبدون أي اشراف صحي يسهم في تطوير اجيال مقاومة لها وبالتالي فإن مقاومة البكتريا للمضادات الحيوية يشكل خطراً على الوضع الصحي والاقتصادي على حد سواءً فالمضادات الحيوية رخيصة التكلفة آمنة الاستخدام أصبحت عديمة الفائدة الأمر الذي يستدعي البحث عن أصناف جديدة باهظة الثمن وهذا بدوره يتطلب المزيد من الجهد والوقت والمال كما إن هذه الأصناف ليست بمنأى عن أن تتولد سلالات بكتيرية مقاومة لها مماقد يؤدي إلى أن نخسر المعركة مع البكتريا الممرضة وهنا يجدر بك عزيزي القارئ أن تتوقع النتائج المترتبة على ذلك.