انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات مجهولة من سفر النضال الوطني
مذكرات أول رئيس تحرير ل «الجمهورية»
نشر في الجمهورية يوم 10 - 12 - 2007

كتابة التاريخ بين مفاجآت وثائق دار «عرضي تعز» وتحقيقات اللقيّةمسيرة نضال كتاب وثائقي سلط من خلاله الكاتب، والإعلامي محمد حمود الصرحي على صفحات مجهولة من سفر النضال الوطني في سبيل مقارعة البطش والجبروت ونيل الحرية وقيام الثورة والدفاع عن نظامها الجمهوري، لقد حرص المؤلف على تضمين الكتاب مشاهد واقعية للظلم والقهر والاضطهاد الذي عاشه شعبنا إبان الحكم الإمامي البائد وما تعرض له الأحرار قبل الثورة من المآسي والآلام وأبرز الكاتب دور الطلاب في مسيرة النضال الوطني من خلال الأحداث التي عاشها وسرد ذكرياته مع زملاء دربه السياسي.. إلى جانب رصد دقيق للحظات ما قبل انبلاج ثورة سبتمبر وما أعقبها من أحداث ودور الإعلام وإذاعة صنعاء وصحيفة الجمهورية على وجه الخصوص في حشد التأييد الشعبي لمناصرة الثورة وتشكيل لجان المقاومة للدفاع عنها حيث كلف الصرحي بعد الثورة بتحمل مسئولية الإعلام في تعز كما أصبح أول رئيس تحرير لصحيفة الجمهورية وفيما بعد تقلد الأستاذ محمد الصرحي العديد من المسئوليات في الحكومات المتعاقبة آخرها نائباً لوزير شئون الرئاسة ومجلس الشورى في حكومة المهندس عبدالله الكرشمي.في الحلقة الماضية اطلعنا على دور اذاعة صنعاء في بث بيانات وشعارات الثورة.
الحلقة 7
جمعية الطلائع الثورية فكرة نشوئها وأسباب وأدها..!
عودة إلى الصحف
ويعلم الله كم قاسينا من متاعب في سبيل إخراج هذه الصحف التي سبق ذكرها لأن الإمكانات كانت محدودة والمطبعة كانت قديمة وترص الكلمات رصاً بالحروف وقد كنت لا أنصرف من مقر هذه الجرائد إلا بعد منتصف الليل..حيث آخذ قسطاً قليلاًمن الراحة والنوم لاستيقظ مبكراً وأبدأ في إعداد المواد وهكذا كنا كأنا في معركة أنا وزملائي جميعاً..
وثائق دار الإمام في العرضي والمفاجآت الغريبة
وأذكر أن القاضي الرئيس عبدالرحمن الإرياني رحمه الله كان قد كلفني وكان حينذاك وزيراً للعدل بأن أقوم بالإطلاع على بعض الوثائق التي قد جُمعت في إحدى غرف "قصر العرضي" وتزامل معي في ذلك الأخ الأديب/عبدالسلام أبوبكر الحداد وقد استمر بعدي في ذلك وقتاً لا بأس به كما أخبرني ويمكن أن يكون عنده أسراراً مما أطلع عليه من تلك الأوراق ...وقد كنت اعتذرت مراراً للقاضي عبدالرحمن الإرياني نظراً لما أنا فيه من شغل..ولعدم وجود الوقت الكافي لذلك..إلا أنه أصر عليَّ أن أقوم بذلك ولو بعد عصر يوم من أيام الجمعة.
ورحمت نفسي في عملي وأعددت مواد يومين وعملت إضافياً وفوق الطاقة مع زملائي حتى لايتأثر سير العمل بالغياب البسيط..
وذهبت وفُتحت لي الغرفة لأجد نفسي أمام كومة كبيرة من الأوراق بقامة إنسان وشرعت في الإطلاع عليها ومن العجيب حقاً والغريب حقاً أيضاً ومن المدهش بل ومن عجائب القدر أن أول ورقة تقع في يدي وثاني ورقة وثالث ورقة ورابع ورقة بل ورزمة كاملة من الأوراق يكون محتواها كله دساً بي إلى الإمام ووشايات طويلة ..عريضة..مملوءة بكل الأكاذيب المفتراة غرقت في مطالعة هذه الأوراق..والواقع أن زخم الثورة جعل الأفق أمامي واسعاً ورحباً ومضيئاً مثل الشمس..ونزع من قلبي كل مايمكن أن يكون حقداً أو حباً للانتقام..الأمر الذي جعلني لم أفكر فيمن يكون صاحبها وماذا أعمل ضده ولاسيما وأنه من أن أنزل إلى مستواه المتدني واللئيم وكانت الفرحة بالثورة تملأ قلبي بالسرور وتغمر حياتي بالسعادة..لذا فقد ألقيتها جانباً ولم أعرها أي اهتمام وقلت في نفسي: من واجب الأحرار أن يتحلوا بالطهر والفضيلة وأن ينسوا ويسامحوا كل من أساء إليهم لأنه بذلك يكونون أفضل منهم وأكثر طهراً ونقاوة وسلوكاً،وحب الانتقام لن يكون إلا من طبع اللئام وأهل النفوس المريضة والماضي الأسود.
وأذكر أن العميد محمد علي الأكوع وكان حينذاك مديراً للأمن قد اتصل بي هاتفياً إلى مقري في الصحيفة وحدثني بالحرف الواحد بأن الأخ/عبدالله المداني موجود لديه وقد بلغه أنه من جُملة من شب النار ضدي وأنني لو أردت منه أن يزجه في الحبس فسينفذ ذلك وكان جوابي له: أنه إذا كان قد ألقى القبض عليه من أجل شيء فعله ضد الثورة فله حكمه فيه أما إذا كان ذلك من أجلي فأرجو أن يطلقه وهذا علي محمد الشامي صاحب دار عمرو سنحان كان واحداً ممن كانوا أشد عليّ «من ذباب الصيف» كما وصفهم الأستاذ البردوني في مقال بصحيفة 26 سبتمبر عدد 807السابق الذكر عرفت هذا من زمان وحدثني البردوني بذلك في التلفنة التي جرت بيني وبينه عقب المقال المنشور له في الصحيفة المذكورة ومع ذلك فقد أرجعته إلى عمله عندما كنت نائباً في وزارة التربية بعد أن كان قد فُصل لأنه فر هو وأبن عمه/ محمد إسماعيل الشامي إلى بلادهم سنحان أيام حصار صنعاء،ولعلمي بأنهم لم يفروا كأعداء يؤازرون أعداء ضد الثورة وإنما خوفاً على أنفسهم من الموت في صنعاء المحاصرة،وكنت أعلم يقيناً أنه منهم ولكني لم أنتقم وكان في إمكاني أن أعتمد ما فعله غيري الذي سبق وأن فصله قبلي ولكني ربأت بنفسي من أن أكون مثله في مستوى عمله.
وسرت في الإطلاع على أوراق أخرى وإذا بي ببرقية تقول بأن اثنين من الضباط أو ثلاثة برتبة ملازم يتواجدون في بيت فلان يتآمرون عليكم ويشهد الله أنه قال في آخر البرقية " خادمكم فلان" باسمه الصريح..شاعراً أو متأكداً بأنه لن يأتي يوم يطع فيه على اسمه،وياليت شعري ماذا عسى أن يفعلا اثنان أو ثلاثة لو التقوا في بيت وقد تكون جلستهم «هدار» في هدار غير أن الدساسين لابد وأن يقدموا شيئاً لمن وظفهم في هذا المجال ولو كان ذلك الشيء كذباً وافتراء واختلاقاً لما لا أصل له ،كما وجدت أوراقاً أخرى ذات شؤون أخرى،وكان الوقت قصيراً ولاسيما وقد شغلتني ثلاث لفائف من البياض فتشتها ووجدتها كلها تبحث في تاريخ اليمن وقد كان كاتبها المؤرخ محمد بن محمد زباره والكاتب أحمد بن أحمد المطاع والثائر الأديب أحمد بن عبدالوهاب الوريث والمؤرخ عبدالله بن عبدالكريم الجرافي شيخنا في التاريخ في المدرسة العلمية فقد تقسموا فيما بينهما تاريخ اليمن تولى الوريث كتابة تاريخ اليمن قبل الإسلام وتولى زباره كتابة تاريخ اليمن من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بداية دولة بني زياد وتولى المطاع كتابة تاريخ اليمن من بداية دولة بني زياد إلى نهاية المائة العاشرة وتولى الجرافي كتابة تاريخ اليمن من أول المائة الحادية عشرة إلى المائة الرابعة عشرة وقد برز ماكتبه المؤرخ الجرافي مطبوعاً في أربعة مجلدات أسماه «أنباء اليمن ونبلائه بعد الألف».
وأعجبتني الكتابة والعناوين لكل الأبحاث في الثلاث اللفائف لذا فقد اهتميت بالموضوع واستدعيت الأخ عبدالله المقحفي رحمه الله وكان الأمين للقصر إلى جانب الأخ محمد مطهر شقيق الأخ عبدالغني مطهر وقلت له: ياأخي هذا تاريخ اليمن وهو مهم ويحسن أن تحتفظ به في مكان خاص حتى يُطالع مرة أخرى بكامله ومن ثم يخرج في مطبوع إلى الناس إذا كان كما يرام.
وفي آخر وقتي هاشت يدي بين الأوراق وإذا بي ألمس شىئاً صلباً فأمسكته وإذا بي أرى "عسيباً صغيراً" مع جنبيته في قطعة واحدة من الذهب وكأني به قد أهدي للإمام من دول الخليج..وقد ناديت الإخوة المسؤولين في القصر حين ذاك ولفت نظرهم إلى وجوب الاهتمام والاحتفاظ بحقوق الشعب ولاينبغي التقصير في ذلك.
وتسلموه مني وفتحوا الخزانة التي كانوا يجمعون فيها الذهب ووضعوه فيها.
وقد حصل بعض التقصير في بعض الأمور من لجنة الحصر مما حذا بصحيفة الجمهورية إلى كتابة هذه النكتة:
"والله ياقشر الملعنة لأكيلك من زوه لا زوه حتى أطلعك لاش " وذُيلت " ب نكتة نرجو أن تقرأها لجنة الحصر كما وأن أموراً أخرى من هذا القبيل قد جرت في القصور الملكية الأخرى في كل من صنعاء وحجة والحديدة والسخنة وغيرها حيث تعرضت هذه القصور للسلب والنهب حتي من القائمين على حمايتها والمشرفين رسمياً على التسجيل لمحتوياتها والحفاظ على كل مافيها ،وإذا بك ترى أن «حاميها حراميها» حتى لقد روى أحدهم أن الشنطات الصغار والتي كان يحمل فيها البياض والأقلام كانت تخرج وقد حملت غير ذلك والثلاجات التي كان يدخل فيها الماء كانت تخرج وبداخلها غير ذلك أيضاً كنتيجة للظروف حينذاك.
وقد كانت أول حكومة قد شُكلت في أول الثورة برئاسة الزعيم حينذاك عبدالله السلال وتعين فيها الأخ صالح محسن نائباً لوزير الأشغال: الأمر الذي جعل الناس يتعجبون إذ أن هذا الرجل كان من خاصة خاصة رجال الإمام..لذا فقد أكثروا الحديث في هذا الموضوع وأبدوا الاستياء والتشاؤم وسمعت هذا من أكثر من فم وفي أكثر من مكان فكتبت مقالاً في هذا الموضوع شرحت فيه ما تداولته الألسن ودافعت نوعاً ما في هذا المقال عن هذا الرجل باعتبار أنه لم يصدر منه شيء ملموس ومنكر ماعدا ماشكاه الطلاب الذين كانوا في القاهرة والذي تعرض لمرتباتهم واستحقاقاتهم ولو أخذناه بمسألة القرب من الإمام لأخذنا غيره وهم كثر وكان عنوان هذا المقال "الشعب يستنكر" وهذا هو المقال.
الشعب يستنكر
لماذا لانتكلم؟لماذا لانقول الحق؟ماالذي يمنعنا؟
ما الذي يكم أفواهنا؟
هل هناك دكتاتور آخر لطاغية أحمد يقوم بنشر الرعب والخوف والفزع والسيطرة على اللسان والفكر وعلى القلب والجسم؟
هل هناك جبير يريد أن يحكمنا بالحديد والنار؟
هل بقى شيء من هذا حتى نخاف من أن نتكلم وحتى لا نجرأ على قول الحقيقة؟
إن الجواب بطبيعة الحال سيكون لا وألف لا.. لم يعد هناك ديكتاتور ولا إله صغير يعبد في أرضنا.
لم يعد هناك إلا الشعب والشعب وحده.. هو الحاكم وهو الآمر الناهي وهو الذي يجب أن تحترم رغبته وتستمع كلمته وتنفذ وبكل سرعة إرادته.
والشعب هذا الذي نجده أمامنا في الشوارع وفي الميادين والقهوات وفي كل مكان نمر به يستنكر بلسانه في كل مناسبة يذكر فيها «صالح محسن» كنائب لوزير الأشغال وتظهر أمارات التعجب والاستغراب في أعين الناس جميعاً.
«فصالح محسن» في نظر المواطنين ليس إلا واحد من أولئك الذين خدموا الطاغية أحمد بكل إخلاص وتعاونوا معه بكل صدق.
ورغم ذلك فإنه لم يمنح لقب نائب وزير، ولكنه الآن وفي عهد التصفية الكاملة الجذرية لكل عناصر الفساد أصبح نائب وزير، على أننا وقد حاولنا إقناع الأكثر ممن استنكروا ذلك بأنه أعني «صالح محسن» قد كان على خلاف مع الطاغية أحمد في الأيام وحكمه كما يعني أن الإمام كان قد فهم هذا فحبسه حاولنا تبرير منح «صالح محسن» منصبه الحالي بهذا الكلام لأكثر المواطنين ولكنّا فشلنا في الإقناع كما أتهمنا في نفس الوقت بمحاباة الرجعية وبقية الفساد على حساب هذا الشعب، وإننا نقول لمن اتهمونا من إخواننا المواطنين، لاتتهمونا فإننا معكم وفي صفكم فرغباتكم هي التي يجب أن نلبيها وأن نسير معها، ولكنا بخصوصنا نرى أن هذه المرحلة التي نمر بها الآن إنما هي مرحلة استثنائية وليست الغاية والمصير على هذا فإن «صالح محسن» وأمثال «صالح محسن» لن يبقوا في مناصبهم ما إذا جاوزنا في المرحلة أو كما أعتقد أحد المواطنين يتكلم..
يا أخي لماذا تجعلون من حبس «صالح محسن» مبرراً لتوظيفه؟
هل تعنون بذلك أن كل من احتبس يعتبر حراً، لو كانت المسألة كذلك لكان أحمد محمد الشامي أحق بالوزارة من غيره وبوزارة الخارجية بالأخص لأن الطاغية أحمد قد حبسه وأهانه مدة طويلة، وإذا كان قد تحول في الأخير أو قل إذا كان قد ظهر على حقيقته كمخلص للطاغية أحمد ولكل طاغية من عنصره ومن بعد أن خرج من السجن إلى أن قامت الثورة بل وبعد أن قامت وإلى الآن.
إذا كان الشامي كذلك فما يدرينا ما كان سيفعل «صالح محسن» ما لو أطلق وفي حياة الأمام أحمد بقية.
إن الذي أقوله وبكل يقين أن صالح محسن لن يكون أقل من أحمد محمد الشامي إخلاصاً وخدمة هذا إن لم يكن أكثر منه، فصالح محسن وأمثاله ممن تربوا في أحضان الطغيان لايمكن وأن يسلكوا سبيل الرشاد لأن الرشاد بعيد منهم بعد المشرق عن المغرب،ولنكون أكثر تفهماً نذكر محمد أحمد الشامي وزيد عقبات وأمثالهم كثير هؤلاء حبسوا في العهد البائد وما أن أخرجوا من السجن حتى اخلصوا للطغيان وعملوا من أجل تدعيمه أكثر مما كان يعمل هو لنفسه،ثم لماذا تجعلون من المرحلة التي نمر بها مبرراً لبقاء من لايحبهم الشعب في المناصب التي عينوا فيها بعد الثورة،أنهم ليسوا أكفاء حتى نضطر إليهم بطبيعة المرحلة على حد تعبيركم هل صالح محسن إنسان كفؤ وبالأخص في الأشغال مع أنه لم يسبق له أن اشتغل فيها يوماً واحداً كما وأنه ليس من الثقافة بمكان حتى نقول إنه بما عنده من فكر ناضج ودراية وفهم يستطيع أن يعرف وبسرعة أي شغل يوكل إليه فهو بسيط وبسيط جداً والطاغية أحمد هو الذي كان يجعل «من الحبة قبة» «ومن الصغير كبيرا» مادام من «يقببه» أو «يكبره» في خدمته الصحيحة الصادقة وناصر العذري وابن محمود وعقلان شهود على ذلك.
هذا وأعود فأكرر عليك مسألة حبس «نائب الوزير» هل أقدم على عمل جريء ضد الوضع القائم حينذاك ؟هل قام بنشاط معاد؟
هل ضحى بشيء في سبيل الله والوطن ولو بدريهمات يسيرة،لا ثم لا كل هذا لم يكن والذي كان إنما هو سوء تفاهم شخصي مع الإمام كما يجري بين الصديقين والصديق هنا إمام يحبس ويقتل هذا هو السبب في حبسه، بالإضافة إلى أن بعض من كانوا يحيطون بالإمام أحبوا أبعاده ليكونوا محله في الصداقة الشخصية «فزادوا الطين بلة» أي «وجدوا العجين فعجنوها» ... هذا كل ما في الأمر..
حن الآن لانتكلم عن هذا بخصوصنا وإنما أكثر المواطنين هنا وفي وسعك أن تمر بهذا الشارع أو هذا أو ذاك ويكفي أن نذكر صالح محسن ثم بعد ذلك اسمع وستسمع مانقوله لك الآن.. إننا الشعب ونريد أن نسمع صدى لأصواتنا وتلبية لإرادتنا نريد ألا يبقى متهم أو مشبوه فيه...
وكم سنكون متشكرين مالو نقلتم رغباتنا للمسؤولين،ولا أظنكم تخافون لأن العهد الآن عهد الحرية،والثورة قد ضمنت في أهدافها حرية القول والنقد..
وأنا أقول لهذا الأخ المواطن وأمثاله من المستنكرين «صالح محسن» من أصدقائنا ولكن رغبتكم أحب إلينا منه ولن يسعنا إلا أن ننشر استنكاركم عملاً بحرية القول والنقد كما لايسعنا إلا أن ننشر كل رغبات المواطنين واستنكاراتهم وتحت هذا العنوان وكلنا رجاء وأمل.
رئيس التحرير/
محمد حمود الصرحي
نفقت الصحيفة التي طلع فيها هذا الموضوع بسرعة خاطفة في تعز وإب والمدن الأخرى حتى صنعاء لأننا كنا نهتم بسرعة الإرسال إلى المدن الرئيسية وكان يساعدنا في ذلك الأخ الضابط في المواصلات أحمد الحيمي.. رحمه الله.. لذا فقد عملنا على طبع هذا العدد مرة أخرى وفي نفس اليوم وجاءتنا برقيات ورسائل التأييد من كل حدب وصوب حتى من خارج الوطن وبالأخص من الطلاب الذين يتلقون دروسهم هناك.. واستمرينا في نشر هذا التأييد ولم يتوقف حتى توقفنا نحن عن النشر.
التحقيقات مع البطل اللقية وملابساتها
ومما أذكره أنني وأنا أطالع بعض الأوراق في غرفة قصر العرضي وجدت التحقيقات التي كانت تجري مع البطل الملازم عبدالله اللقية وقد فهمت منها أنه كان يرد على السؤال أكثر مما يراد من الجواب وكأنه بذلك كان يكتب للتاريخ لذا فقد أخذتها لأنشرها في الصحيفة وبدأت في يوم من الأيام والأخ مطهر الأرياني وكان ممن يشارك في إخراج هذه الصحيفة مشاركة فعَّاله في الإعداد لسلسلة هذه المذكرات وبدأنا أولاً في الإعلان عنها وفي أننا سننشرها وأن فيها حقائق وفيها أشياء مهمة وكررنا هذا الإعلان وإذا بالرئيس عبدالله السلال يأمر إبراهيم الحضراني وكان نائباً لوزير الإعلام بأن ينزل إلى تعز ويستصحبني معه إلى صنعاء ووصل وزرته في «دار الضيافة» وكان قد اتصل بي وإذا به يحدثني بأن الرئيس يريدني أن أصل إليه في صنعاء وبرفقته.
فطرحت له موضوع الصحف وما الصحف..؟!
وأن استمرار صدورها سيتأثر بغيابي كثيراً وأبرزت له أكثر من حُجة وتساءلت معه عما عسى أن يكون السبب في استدعائي؟
وهل هناك مايوجب ذلك..؟!
وبالتالي هل يكون أهم وأنفع وأجدى مما أنا فيه ولكنه لم يعطنِ أية فائدة وألح كثيراً على ماجاء به.
فكرة الطلائع الثورية وأسباب تعثرها
وكان قد سبق لي قبل هذا أن كتبت موضوعاً في صحيفة الجمهورية تحت عنوان «إلى الطلائع في كل مكان فكرة» قلت فيه «إننا كنا في الماضي وفي العهد الأسود البغيض نجترالخطوات بهدوء وحذر ونمر في الشوارع المظلمة حتى نصل إلى أحد البيوت لنجتمع فيه ونناقش قضية الوطن فيما بيننا ونطرح إشكالات من بعضنا تعترض طريقنا ونتلقى أوامر من البعض الآخر ثم ننسل من داخل هذا البيت واحداً واحداً وبحذر وخوف أيضاً وهانحن الآن قد أصبحنا في معمعة الثورة من رجالها والثورة تعترض لأخطار كثيرة وبالتالي قد لايستقيم لها العود وتتنفس الصعداء وتخرج من محنتها ولانضمن ألا يأتي في يوم من الأيام أحد المتعنترين أو النزويين الانتهازيين فيلوي عنقها في السير إلى جهة أخرى ويفقدها أهدافها التي قامت من أجلها ومن يضمن ألا يكون ذلك كلام كثير نثرته في هذا المقال ودعيت الشباب والمثقفين وأولي الفكر والنضال إلى أن يلتقوا في تجمع وطني حر يشمل كل اليمن وبه يمكن أن يكون صمام الأمان وكان لهذا المقال أثره السريع والسريع جداً حيث جاء إلى مكتبي عدد من الشباب الثائر وطلبوا أن نقوم بتنفيذ ذلك من وقته وحينه وأذكر أنهم كانوا أكثر من عشرة أنفار فبدأنا العمل وتواعدنا على اللقاء في البيت الذي كنت أنزله.
وفي ساعة متأخرة من الليل بدأنا نناقش الفكرة ونضع الخطوط العريضة غير المُقرة وإنما رأي من هنا ورأي من هناك.
وفي يوم آخر طرحنا الفكرة وتوزعنا نشرها كل من ناحيته وكل إلى أصدقائه وتكاثرت هذه اللقاءات من بعض لبعض ومن جماعة إلى جماعة حتى تحدد موعد اللقاء الأكثر جمعاً في نفس البيت الذي سبق ذكره وفي نفس الموعد وتم اللقاء واحتدمت الأفكار في بوتقة الرأي والرأي الآخر وتمخض الاجتماع عن خطوط عريضة في كيفية التشكيل وموارد المال واعتبار الأعضاء وخرجنا من الاجتماع بتصورمكتوب كامل، وأعضاء الطلائع:
من العسكريين هم:
العميد علي بن علي الجائفي، العميد عبدالوهاب الشامي، العميد علي بن صالح العولي، العميد محمد بن حمود الشامي، العميد حسين الغفاري، العميد أحمد بن علي السوسوة، العميد علي اليناعي، العقيد يحيى اليناعي، العميد علي العتمي، العميد عبدالله العتمي، العميد حسين العمري، العميد صالح العريض، النقيب علي العجاج، وآخرون لم أعد أذكرهم.
ومن المدنيين:
الأخ عبدالحفيظ بهران، الأخ محمد الربادي رحمه الله،الأخ عبدالعزيز الحبيشي، الأخ علي محسن الشرفي(1) رحمه الله، الأخ عبدالله الوصابي رحمه الله، الأخ أحمد دهمش،الأخ محمد الحمدي، الأخ حسن أبو طالب، الأخ شرف أبو طالب، الأخ عبدالله عطية رحمه الله الأخ محمد إبراهيم، الأخ محمد اليازلي، الأخ عبدالله غسان، الأخ أحمد قنبع، الأخ عبد الله صبر، الأخ محمود محمد الحكيم الأخ أحمد منصور أبو اصبع،الأخ علي جحيش، وآخرون لم أعد أذكرهم أيضاً.
وقد طلبنا في استبيان من كل من اشترك في جمعية الطلائع أن يكتب مايتذكره عنها وهاهو الاستبيان وهاهي ردود البعض منهم:
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة أعضاء جمعية الطلائع الثورية
حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:فإنني أرجو شاكراً أن تسجلوا بأقلامكم ما تتذكرونه عن جمعية الطلائع الثورية التي أنشئت بعد الثورة في تعز سنة 1962م وماكانت أهدافها وماهي العوامل التي تسببت في تدميرها والاتيان عليها وبالتالي من تتذكرون من أعضائها ومن هو صاحب فكرتها؟
أخوكم المخلص
محمد حمود الصرحي
رسائل بعض أعضاء جمعية الطلائع
بسم الله الرحمن الرحيم
جمعية الطلائع الثورية
كلما رجعت بي الذاكرة إلى مولد ثورتنا المباركة 26 سبتمبر سنة 1962م برز معها ميلاد جمعية الطلائع الثورية ومواقف تلك النخبة، الشابة الثائرة التي تمتعت بالحس الثوري الواعي والإدراك المبكر واضطلعت بمهمة تأسيس الجمعية وتهيئة الشباب الطلائعي لحمل مسئوليته للوقوف مع الثورة والدفاع عنها...
وأتذكر أن بناء الجمعية استكمل الأهداف واللوائح لمنظمته ومن أبرد أهدافها:
1 إنشاء فروع لها في كل المدن اليمنية لاستقطاب الشباب وتدريبهم.
2 المطالبة بإنشاء مكاتب للتجنيد وإنشاء حرس وطني للدفاع عن الثورة.
3 إنشاء طلائع للقوات المسلحة اليمنية الحديثة.
4 مناهضة الاستعمار ومساعدة الإخوة في الشطر الجنوبي من الوطن ومدهم بالمال والسلاح لمكافحة الاستعمار وتحرير الجنوب على طريق إعادة الوحدة اليمنية.
اختيرت مدينة تعز مسقط رأس الجمعية وموقعاً استراتيجياً عسكرياً للقيادة العربية «المصرية» لقربها من عدن عاصمة الشطر الجنوبي المحتل، وكانت مناهضة الاستعمار البريطاني هدفاً من أهداف المساعدة العربية لليمن، وعندما طالعت القيادة العربية المصرية فعاليات جمعية الطلائع الثورية اليمنية وأهدافها وعايشت مواقفها وحماس طلائعها الشابة، ومواقفهم أخاف هذا الوجود الناشئ وثوريته فسعت إلى تدمير الجمعية وتمزيق أعضائها وإبعاد رئيسها ومؤسسها إلى صنعاء بشتى الوسائل والطعون، أتذكر من أعضائها الشيخ عبدالعزيز الحبيشي والأستاذ عبدالله عطية أحمد دهمش والأستاذ محمد بن علي الناظري والأستاذ أحمد يحيى الكبسي والملازم محمد الكبسي والملازم عبدالوهاب الشامي وغيرهم وغيرهم..
أما صاحب فكرتها والداعي إليها ومؤسسها فهو الأستاذ الفتى الثائر العالم محمد حمود الصرحي أمد الله بعمره:هذا ما أسعفتني الذاكرة لإبرازه هنا بتاريخه فبراير سنة 2002م.
عضو الجمعية أحمد دهمش
هوامش
1 رحم الله هذا الرجل فقد كان حمال أثقال لاتحملها الجبال بالنسبة لخدماته التي كان يؤديها ويقوم بها ويوزعها على الأحبة والاخوان من زملائه في النضال وممن يتعرضون لأية محنة أو أي أذى وكان والله ذو قلب كبير لا يتألم ولايلحقه الفتور ولايقصر في أي واجب أو خدمة إضافة إلى جانب ماكان يتحلى به من أخلاق عظيمة وسلوك نبيل واستقامة فريدة وقد عاش عيشة الكفاف.. قائماً بواجباته في ميدان التربية والتعليم للنشء الجديد ولشباب الجيل الصاعد وقد توفي رحمه الله «في أواخر عام 2001م» وقد كان آخر عمل له مديراً عاماً لمدارس خمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.