قائد الاحتلال اليمني في سيئون.. قواتنا حررت حضرموت من الإرهاب    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    تراجع في كميات الهطول المطري والارصاد يحذر من الصواعق الرعدية وتدني الرؤية الافقية    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    الجنوب هو الخاسر منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    غريم الشعب اليمني    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في خصوصية الترجمة الذاتية اليمنية الحديثة
نشر في الجمهورية يوم 24 - 12 - 2007

لايمكن الحديث عن «السيرة الذاتية في الأدب اليمني» بمعزل عن «الفن» نفسه في الأدب العربي ، كما أن من الصعوبة بمكان الحديث عن أي سيرة كانت في أي أدب وتاريخ ، دون أن تخضع لهذه المقاربة والمحددات النظرية:
1 ماهية السيرة الذاتية:
ليس المقصود بالماهية ، هنا ، مجرد طرح التعريف الحد فقط ، بل تشمل دلالية وحقيقة «السيرة الذاتية» من وجهة نظر فلسفية فضلاً عن بنائها الأدبي.
بعد ذلك يمكن الشروع في طرح السؤال الثاني : لماذا السيرة الذاتية؟ أو ما هي الحاجة التي أيدت الذاتية؟ كما يمكن الحديث عمن هو الذي يكتب سيرته الذاتية؟ ولماذا يكتبها؟ بوجه خاص في اليمن ؟ والإجابة على السؤال الأخير يجب أن تكون من جهتين :
جهة فن كتابة السيرة الذاتية نفسها «ماهي الحاجة التي تفترض أن تلبيها؟».
ومن جهة الكاتب نفسه أي كاتب السيرة «ماهي ضرورة كتابته للسيرة الذاتية؟».
2 «السيرة الذاتية» ماهية جدلية متشظية:
يمكن وصف كتابة السيرة الذاتية بأنها الصورة المبسطة لكتابة التاريخ ، فضلاً عن أن قدم السيرة هي قدم الكتابة نفسها ، أو الإنسان نفسه ، فقد نشأت السيرة موازية للتاريخ لأنها ، على نسق معين ، نوع من التاريخ.
وإذا كان التاريخ هو الإمكانية الوحيدة يشمل ذلك تقنيات نبش الماضي التي تبقي الإنسان على اتصال معرفي ، في المقام الأول ، بما مضى ، انتهى وانعدم و/ أو بما هو في طريق ذلك ، فإن الأمر نفسه مع كتابة السيرة الذاتية باستثناء طابعها الجدلي المركز:
فكلمة «السيرة» تعبر عن نظام وتنظم السرد لما زال وانعدم ، كما أنها «أي السيرة» في ذات الوقت ، من جهة ثانية تدل على رفض ذلك الزوال والانعدام ومقاومة له ، بالإجمال ، بل هي موقف حضوري متطرف في شدته على الحضور ، البقاء ، الوجود ، إن لم يكن الخلود في الحاضر.
ذلك تماماً هو معنى أن تكون السيرة : هي إعادة صور أحداث الماضي في أصل الحاضر بحثاً عن البقاء فيه.
فدلالية «السيرة» وجهان:
وجه يؤكد حقيقة الزوال والفناء لما مضى ربما لما يمضي أيضاً ووجه لايتنازل عن الرغبة في البقاء أو الخلود في ديمومة الحاضر.
ج على ذلك فإن حقيقة السيرة ، والسيرة الذاتية أيضاً ، إنها هروب بائس من بديهة الفناء ، ومن أن الحياة مجبولة على انعدام الاخلاق والعواطف تجاه كل كائن كان.. فهي بكل بساطة تتخلى عن كل ما يخرج عن ديمومتها ، ليسقط في ظلام بارد قديم «=العدم» لايمكن للإنسان معه حين يريد التفكير فيها إلا أن يكتب سيرة عن ذاته !!
فالخلفية العميقة لكاتب السيرة بوجه أخص ، هي خلفية نفسية «سيكولوجية» تؤلف بالوجود «كمقابل اللاوجود» الذي يمكن الإجابة على سؤال : لماذا يكتب الإنسان كاتب السيرة سيرته الذاتية؟
بالآتي:
«قلق الموت» الطبيعي أو العادي الناجم عن إدراك حقيقة : إن من مات لايعود في الواقع ، لهذا السبب يمكن وصف «السيرة الذاتية» بأنها حيلة دفاعية تضم إرادة ورغبات تتعلق بالوجود ، بالوعي بوجود الذات «=أي بكينونته» بمعنى أدق ، كحضور واع بالوجود في مقابل الغياب كلا وجود.
أسباب خاصة و/أو شخصية أهمها الشعور بالحاجة إلى تعزيز و/أو خفض مكانة الذات» ، وربما الدفاع والحماية للشخصية ، بالإجمال لفرض و/أو تعزيز المركز و/أو القيمة : الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو العلمية أو الدينية أو الأدبية...الخ.
وقد يكون الاحتجاج ، الرفض والايديولوجية من دوافع كتابة السيرة الذاتية ، فضلاً عن ذلك الأسباب والتبريرات التي قد يطرحها كاتب السيرة في سيرته.
أ بالإضافة إلى ما سبق فالعبارة «السيرة الذاتية» تعبير يفترض القيمة «اخلاقية وفكرية» التي السرد عن السارد نفسه بنفسه ، كما أن القيمة تتطلب الحكم الذي بدوره لايتحقق ولا يبدأ إلا بالشك الذي يجب أن يكون موقفاً أولياً للملتقي «القارئ» ولكن ليس قبل اجتياز القيمة الفنية «مستوى وشكل من له التعبير عن حقيقة دور السارد في الحدث أو اثر الحدث في ذات السارد» والتي تجمع بين طبيعة طرفي السيرة الذاتية «الأدبي / التاريخي».
ب هكذا نكون أمام علاقة مركبة متعددة ربما وربما معقدة لجدلية «الذاتي / الموضعي» فالسيرة بحد ذاتها ، مضمون يتألف من قسمين رئيسيين:
موضوع يخبر عنه تم تحققه موضوعياً.
وذات يظهر لنا من خلالها الموضوع /أو «الموضوعي».
فقد يحمل الموضوع /أو «الموضوعي» على الذات أو «الذاتي» أو أن يكون العكس ، أن تحمل الذات على الموضوع ، هذا من ناحية ، ومن أخرى تصح السيرة الذاتية بنائيتها هي الأخرى موضوعاً ،حيث تكون بازاء متلقيها أو قارئها لذات القارئ ، الذي بدوره لايمكن لموقفه أو حكمه إلا أن يحتوي على قدر من «الذاتي الموضوعي».
أمام هذا الحضور المبدئي للشك ومع امكانية خيانة السارد لسيرته ،/أو خيانة القارئ لها فإن الفشل هو ما ينتظر الهدف «الذاتي/ الموضوعي» من السيرة الذاتية على وجه الخصوص.
السيرة الذاتية في الأدب اليمني:
إن كان لابد أن تخضع كل السير للمحددات السالفة ، فإن من الصعب الحديث عن السيرة الذاتية في الأدب اليمني بمعزل عن السيرة الذاتية أو «الترجمة الذاتية في الأدب العربي» إذ لافرق في الاصطلاح بين «السيرة الذاتية» و«الترجمة الذاتية» وستكون البداية بتعريف السيرة أو الترجمة الذاتية:
«الترجمة الذاتية هي أن يكتب المرء «أو المرأة» عن نفسه تاريخ نفسه ، فيسجل حوادثه واخباره ، ويسرد اعماله وآثاره ، ويذكر أيام طفولته وشبابه وكهولته وما جرى له فيها من احداث تعظم وتتفاعل تبعاً لأهميتها ، وهي مظنة الاغراق والمغالاة وشرك للحديث عن النفس والزهو بها ، وإعلاء قيمتها «..» «وهي مجال تحقيق وتثبيت».. «التراجم والسير» ت . محمد عبدالمغني حسن دار المعارف الطبعة الثانية».
وكما يقول شوقي ضيف بأن السيرة الذاتية «فن مستحدث عندهم ، قلدوا فيه غيرهم من الأمم الأجنبية التي قرأوا آثارها ، وخاصة اليونان ، فإن بعض متفلسفتهم ترجم لنفسه ، وتحدث عن كتبه.
وحاكاهم متفلسفو العرب ، واتسعت المحاكاة ، فدخل فيها العلماء والمتصوفة ورجال السياسة.
وكان لكل طائفة منهجها الخاص ، فالفلاسفة والعلماء ، إنما عنوا بالتحدث عن حياتهم الفلسفية أو العلمية وما الفوا وخلفوا من مصنفات ، وقلما وقف شخص منهم عند طفولته ونشأته والمؤثرات الخارجية المختلفة التي وقعت عليه وأثرت في حياته ، ويظهر أنهم لم يفطنوا إلى ضرورة ذلك ، ومن ثم كانت هذه التراجم فقيرة من حيث المادة النفسية والاجتماعية ، إذ تصبح في أغلب الأمر ثبتاً لمؤلفات الفيلسوف أو العالم غير معنية بشيء من بيئته أو حياته.
ولم يجر المتصوفة في هذا الاتجاه ، فقد عنوا بالحديث عن تجاربهم الروحية وكأنهم يريدون بها جذب الناس إلى طريقهم وما فيه من مواجد ومشاعر ومقامات ومشاهدات ، وقلما اعترفوا باخطائهم أو تحدثوا عن نقائصهم ، ومع أنهم يطرفوننا أكثر من المتفلسفة والعلماء بوصفهم لتجاربهم الدينية ، إلا أنها تجارب محدودة بهذا المجال ، ولا تخوض بنا في الحياة البشرية العامة بكل ما فيها من قبح وحسن ، ونقص وكمال ، وضعف وقوة.
وكتب بعض الساسة ورجال الحرب تجاربهم في حياتهم السياسية أو الحربية ، وهي تجارب خارجية في أكثرها ، ولكنها تصور جوانب مهمة من احداث حياتنا في العصور الوسطى ، إذ اتفق أن كان من هؤلاء الرجال دعاة لبعض النحل الدينية السياسية وأبطال اسهموا في الحروب الصليبية غرباً وشرقاً في الأندلس والشام ، فقدموا لنا مذكرات ووثائق تاريخية خطيرة ، وأن كانوا قلماً قدموا حياتهم الخاصة في شكل يوميات دقيقة.
حتى إذا كان العصر الحديث رأينا الترجمة الشخصية عندنا تتطور تحت تأثير ما قرأ ادباؤنا وكتابنا للغربيين من تراجم كاملة عن حياتهم ، وقد وصفوها فيها من جميع أطرافها بعيوبها ومحاسنها بل لقد تحولوا بها إلى اعترافات صريحة بدون أي تحرج أو تصنع ، وبذلك غدت الترجمة الشخصية عندهم ضرباً من القصص الحي البديع.
وربما كان طه حسين خير من جارى الغربيين في هذا المضمار ، فقد كتب عن طفولته وشبابه في «الأيام» بدون أي تمويه ، واعطانا صورة تامة لكل ما اضطرب فيه بسبب فقده لبصره في سن مبكرة ، ولكل ما أثر فيه بسبب نشأته الأولى ، وسكب على «ايامه» كثيراً من فنه ، فجاءت قطعة أدبية رائعة، وكتب أحمد أمين حياته في يسر وبساطة ، مصوراً بيئته وظروفه تصوراً وافياً.
وباستثناء مجاراة «الأيام» لسيرة الغربيين الذاتية في العصر الحديث فإن ما قلناه عن السيرة الذاتية في الأدب العربي بتاريخه ينطبق على الفن نفسه في الأدب اليمني ، وقد تعاقبت القرون بعد القرن الثامن الهجري وليس في كلا الأدبين «العربي واليمني» سيرة أو ترجمة ذاتية ، فيما نعلم ، حتى جاء القرن العشرون في ربعه الأخير..
في خصوصية السيرة الذاتية اليمنية:
إن كنا سلمنا ، سابقاً ، بتطابق فن كتابة السيرة الذاتية في الأدب اليمني مع الفن نفسه في الأدب العربي ، تطابقاً يكاد يكون تاماً فإن هذه المداخلة تفترض الخصوصية اليمنية في كتابة السيرة الذاتية ، وهذه مجازفة ، من الناحية المنطقية ، على الأقل.
ولكن وثمة دائماً لكن المقصود بالخصوصية ، هنا ، أنها تحديد لملامح أو سمات أو مميزات خاصة ، محددة ، تميز السيرة الذاتية في اليمن وتفصلها عن كتابة السيرة الذاتية في الأدب العربي * لكأنها تطير خارج السرب أو تغرد بعيداً عن جوقتها ، بل إنها «أي السيرة الذاتية في اليمن» لون وصوت خاصين ، ضمن السرب وإنشاد الجوقة ، في العصر الحديث تحديداً.
يمكن تقريب الخصوصية بأنها ذلك المشترك ، في كتابة السيرة الذاتية في اليمن في العصر الحديث ، وهذا المشترك متعدد الجوانب :
بساطة اللغة .
عضوية وتداعي السرد.
التاريخ «فأغلب السير الذاتية ، إن لم يكن كلها لاتخرج عن الفترة التاريخية الواقعة بين عامي «1820 1975م» تقريباً.
الموضوع ، وهو الوجه الآخر بمشترك السابق ، حيث نجد أن الموضوع المشترك.. هو «السياسي» بل إن هذا الأخير هو افق السيرة الذاتية في الأدب اليمني.
ثمة مجازفة أخطر من الأولى ارتكبها الكاتب ، في القول بالخصوصية ، وهي الاعتراف بجهله بتاريخ أول سيرة ذاتية نشرت في اليمن الحديث ، وأيضاً عدم معرفته بإجمالي ما نشر من السير الذاتية في اليمن ، والذي لابد أنه يقدر بالعشرات.
وبالرغم من كل ذلك يمكن الحديث عن الخصوصية أو ذلك المشترك من خلال:
قراءة العديد من السير الذاتية في اليمن ، والتي يمكن اختيارها عشوائياً.
ويجب ، هنا ، التدارك بأن ليس بالضرورة تتوافر جميع عناصرها المشتركة في كل السير الذاتية التي كتبت وتكتب في الأدب اليمني ، ولكن بالضرورة توافر مشترك واحد ، على الأقل ، وسنقوم بالكشف عن المشترك أو الخصوصية في مجموعة من السير الذاتية ، مع التعريف السريع بها وهي:
«صفحة من تاريخ اليمن الاجتماعي وقصة حياتي» للمؤرخ المعروف محمد علي الاكوع الحوالي ، ثلاثة اجزاء : طبع الأول عام 1979م الثاني حرر عام 1991م والثالث طبع عام 1993م.
زيد بن علي عنان مذكراتي «القاهرة سنة 1403ه» المكتبة السلفية.
محمد عبدالواسع حميد الاصبحي ، يتذكر ط عام 1995م دمشق.
شاهد على اليمن اشياء من الذاكرة «أحمد جابر عفيف» ط 2000 مؤسسة العفيف.
كتابات من سجون حجة ، لمحمد عبدالله الفسيل طبعة أولى 1406ه.
أولاً : مذكرات أو قصة حياتي محمد علي الاكوع الحوالي
يبدأ الاكوع ، وهو المؤرخ المعروف ، قصة حياته ، في الجزء الأول .. بالرجوع إلى وثيقة «إجازة علمية أو شهادة» عمرها 268 سنة للتعريف بنسبه وعائلته ، ويقول بأن ولادته كانت في 91321ه ولئن كان المؤلف مؤرخاً فقد بدأ الحديث عن نفسه منذ ذلك الحين «أي صيف ولادته» ، بل وقبل ميلاده ، اعتماداً على اخبار والده له.
في الجزء الأول ، يتناول الأكوع ، بعد التعريف بعائلته واسرته ، وقائع الطفولة ، منبسطاً في السرد ، ثم يصف الطبيعة والطيور ، وقد يحصي انواعها في بيئته الأولى «الذاري» وصفاًَ دقيقاً وشيقاً وذلك في جزيرة الحديث عن العاب الاطفال ، ثم يعرضنا على مظاهر الحياة الاجتماعية المرتبطة بالمواسم الزراعية في «الذاري» وكذا الأطعمة في نطاق البيئة نفسها.
وما يزال هذا ديدنه في حله وترحاله.. بالإضافة إلى ذكر العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية ، في المناسبات والمواسم الزراعية لكل منطقة وقبيلة عرفها.
ولايخرج عن كل ذلك في بقية اجزاء مذكراته ، ومرد تلك المعارف عن البيئة والمجتمع اليمنيين ليس إلى كون صاحب السيرة.. مؤرخاً فقط ، بل إلى تلك العلاقة العضوية بين وظيفية والد صاحب السيرة الذاتية «عامل أوقاف ، قاضي خصومات» وبين الأرض وما يتعلق بها بالضرورة «حياة الناس ، الزراعية البيئية الحيوية» ، فكل تلك المعارف اكتسبها واختصها بالذكر.. من ولطبيعة مهنته «عامل أوقاف» وبالإجمال يمكن تمييز «قصة حياتي» لمحمد علي الاكوع بأنها:
سرد لليوميات أو لما يشبه اليوميات واحداثها.
- العرض للشخصيات وطبيعتها.
- أغلب الشخصيات هي الوسط «العلمفقهي » الذي ينتمي إليه المؤلف، الذي بدوره يتناولها بالتبجيل، فضلاً عن رسمية السرد.
كما لاتغفل سيرته الذاتية الحديث عن معاناته الشخصية.. وهي معاناة مادية أساسية كالجوع، المرض، الملبس والمسكن..
كل ذلك تم بلغة بسيطة ومحلية ربما، مستخدماً عفوية السرد وتداعيه، بل إن الأكوع يؤكد على تعمد ذلك.. لكأن بساطة ومحلية اللغة، وعفوية وتداعي السرد من منهجية كتابة سيرته الذاتية، فهو يقول وضعتها بلغة سهلة لاتقعر فيها ولاتشدق ولا إمعان في بلاغتها بل كله عفو الخاطر وفيض القريحة لسرد الحقائق «.. » وتاركاً للقلم سجيته وفيه من الغثاثة والتفاهة ماقد يسمج ذكر ومايدريك مايحمل من معان ليستفاد منها.
وأحيانا استعمل اللغة الدارجة على الألسن وهي التي تسميها «العامية» لانتشارها عند الناس وفهمها عند جميع الطبقات والحال أنها من صميم العربية إلا أنها لم تدون.
كما أن تلك اللغة وذلك الأسلوب.. قد استخدم للحديث عن فترة نظام حكم الإمامين يحيى وابنه أحمد، مايؤكد أن موضوع السرد هو «السياسي» - لا الاجتماعي كمايبدو لنا - وغايته هو التأكيد على قيمة وأهمية الثورة اليمنية في الشمال.. وهكذا نجد أن جميع عناصر المشترك «الخصوصية» حاصلة في سيرة الأكوع الذاتية.
ثانياً :- «مذكراتي» لزيد علي عنان :
كتاب مفارق بالفعل، لبقية كتب السيرة الذاتية التي كتبت في اليمن الحديث، ليس في البناء فقط، لأنه الوحيد الذي قام فيه المؤلف بالتعريف عن نفسه - الحقيقة أنه شبه تعريف كماسنرى - وكذا سبب، كتابة المذكرات، في آخر الكتاب معتبراً ذلك «كلمة ختامية» بدأت بهذا السطر :
«وبعد فقد ألح علي بعض الإخوان أن أكتب عن مذكراتي لكوني بدأت الخدمة منذ سنة «1347ه -1926» وعملت في السلك العسكري والمدني والسياسي لمدة ستة وخمسين عاماً منها عشرون سنة في أيام الإمام يحيى » ص116 ويضيف ذلك مباشرة بقوله وثم إني قرأت مؤلفات الأخ الأستاذ عبدالله البردوني فن الأدب الشعبي من الأغنيات النسائية والزوامل والرزفات والمهايد فذكرني ذلك بأغنيات نسائية لها مناسبات تأريخية وقد التزمت بعدم الكلام الذي لايستند إلى الصحة..»
وحين يجد القارئ الحديث عن أن كتاب البردوني في الفنون الشعبية هو الدافع لكتابة «مذكراتي» في الصفحة الأولى من الكتاب فإن القارىء لابد سيحكم منذ الصفحة الثانية على كاتب «مذكراتي» بأنه قد تذرع لخلق مناسبة للحديث عن أول دفعة طيارين في تاريخ اليمن والشرق الأوسط ثم الإغراق في القضايا السياسية. بينا الحقيقة بخلاف ذلك وهي بصدق ماقاله المؤلف بشأن تأثره بعرض البردوني لفنون الأدب الشعبي في اليمن.
فقد أعاد عرض البردوني إلى الماضي ليسترجع أغنيات نسائية صنعانية لم يتضمنها عرض البرودني، وغالباً ماتتداعى الخواطر إلى مناسبات تلك الأغنيات، وربما استرجع المؤلف أجواء الحياة في تلك الأيام.
فكتب عنها بلغتها البسيطة والدارجة.
وهذه هي المفارقة الأخرى في كتاب «مذكراتي» أي السرد فيه قد تم بعفوية وتداعي، كما كتب بلغة لا تكلف فيها، وإنما سهلة لادراجة أحياناً. لقد فعل «عنان» ذلك دون تنظير لذلك.
وإذا ماقرأنا الكتاب سنجده، يؤرخ لمظاهر الدولة إبان حكم الإمام يحيى، وبخاصة المظاهر العسكرية، بالإضافة شهادته العيانية، وحضور السماع والتقاط تعليقات على حوادث تمت مع الإمام يحيى، ورصد الوقائع ميدانياً إضافة إلى وصف صنعاء وأسواقها وشوارعها كل ذلك يؤكد اجتماع كل عناصر الخصوصية في «مذكراتي» عفوية السرد وتداعيه بلغة بسيطة وعامية.
هيمنة السياسي :-
- الفترة التأريخية «الإمام يحيى ».
- الموضوع «الثورة اليمنية»
ثالثاً : أحاديث في التاريخ أحاديث في الحياة لمحمد عبدالواسع الاصبحي.
يقدم كاتب السيرة كتابه على أنه من تاريخ «حياته » كمحمد عبدالواسع حميد الأصبحي وعن الحركة الوطنية التي «بدأها» مع الرفاق والزملاء والأحباب «كما أنه يقوم «تأكيد الذات» بالاسم كإشارة إلى عدم التهاون في صفته العائلية «كريمة المحتد» والتي ولد فيها «عام 1339ه».
وإذا كان مجال ووسط «الاكوع» الذي ظهر في سيرته الذاتية هو الوسط العلمي الفقهي، كما أن وسط «زيد علي عنان» كان الوسط العسكري، فإن وسط الاصبحي الذي عاشه أو عاش فيه هو الوسط الارستقراطي والمجال التجاري ومايتعلق به من الاغتراب في دول الجوار، وبرغم من كل ذلك فإنه حين «يتذكر» يكشف لنا عن معاناة المعيشة القترة وعن عذابات السفر، فضلاً عن سرده للعديد من الصدمات العاطفية والنفسية وبخاصة مايتعلق بالثقة في الأشخاص.
وعن خصوصية مشترك «السياسي» في ترجمة «الاصبحي» عن نفسه نجد أن الفترة التاريخية التي تناولها هي، تقريباً، الفترة نفسها «1948-1962».
ولاشك أن موضوع سيرته هو الثورة في شمال اليمن، أو «عن الحركة الوطنية» كما قال في مقدمة سيرته..
أما مشترك بساطة اللغة والتداعي والعفوية في السرد فإن «الاصبحي» لم «يتذكر» إلا على أساس ذلك، بل إنه قد فعل ذلك عن وعي وقصد : فأنا حين سميت كتابي هذا «محمد عبدالواسع حميد الاصبحي يتذكر» قد أعفيت نفسي من سرد كل قصة على حدتها، وعولت على الاستطراد والتداعي ومنحت الذاكر حرية التنقل بين الأحداث والأشخاص، وهناك سببان وجيهان في رأيي هما اللذان أمليا علي هذا الأسلوب :
أولهما : أنني أتذكر حقاً بكل ماتعنيه كلمة أتذكر من معنى، فبعد ضياع مذكراتي ورسائلي ووثائقي كماذكر في مطلع الكتاب لم يبق لي ماأعول عليه سوى ذاكرتي التي تشتبك فيها مجريات الحياة، وأني لماأحكمت تشابكه حدة الشباب أن تحمل الشيخوخة خيوطه باللطف والأناة.
وثانيهما : اعتقادي بأن تقديم المواقف والأحداث والترجمات على شكل لوحات في فقرات تتيح للقارئ أن يستعرض بانوراما تعج عناصرها بالحركة والحياة «ص106-107».
وعلى هامش خصوصي اللغة وعفوية وتداعي السرد، ثمة تقليد في العديد من السير الذاتية هو الاستعانة بأبيات من الشعر، في السرد، كاستشهاد أو تعليق على الحال.
الأهم من ذلك أن ثمة، أيضاً، في العديد من السير.. خبرات أدبية، يتمتع أصحابها بقدرات فنية كإجادة التصوير للمواقف والأحداث ووصف العواطف والاستجابات النفسية. وهو ماكان في كل السير الذاتية - السيرة الذاتية التي تناولناها حتى الآن، ولكن ومنذ نهاية سيرة «الاصبحي» الذاتية - السيرة التي تتمتع بكل عناصر الخصوصية وبهذا الاستطراد الأخير - نجد حضوراً للقارئ أو الملتقى في وعي كاتب السيرة وهو يكتبها، يرفق ذلك باستخدام الأسلوب الخطابي مع الخطاب الثوري.
رابعاً : شاهد على اليمن لأحمد جابر عفيف «كتابات من سجون حجة» لمحمد عبدالله الفسيل.
سنشهد، هنا، تنامي الحضور، حضوراً قوياً، للقارئ في وعي كاتب السيرة الذاتية وكذا تنامي أسلوب الخطابة في «السياسي» - خصوصية التاريخ والموضوع - وذلك على حساب تراجع، بل غياب خصوصية بساطة اللغة وعفوية السرد وتداعيه، بالرغم من أن «الفسيل» يقول في كتابه : تلك كانت قصة كتاب كيف نفهم القضية اليمنية«.. » وهي قصة لم أحاول الاعتناء بسردها، بل تركت نفسي على سجيتها تعبر بعفوية لاتكلف فيها.. ص 53.
ولكن إذا كانت كتابة «الفسيل» لقصة كتابه على ذلك النحو فكيف نفسر خطابيته المثالية في نضاله من أجل التحرير والثورة لو لم يكتب بحضور المتلقي في وعيه بشكل لافت !؟
الأمر نفسه عند أحمد جابر عفيف في «شاهد على اليمن»، بل كان حضور القارئ أو المتلقي مقرراً منذ البدء «انظر كلمة التلاميذ وكذا التمهيد، في بداية الكتاب» ولأن كان ذلك الحضور للقارئ في وعي الكاتب قوياً فقد غابت الحميمية «البساطة، العفوية، التداعي» عن السيرة.. لتحل رسمية الشخص محلها، وأصبح الشعور بأن الانتقال في موضوعات السيرة ميكانيكياً، لأن الخطابية والخطاب السياسي هما السائدان في السرد، فليس قليلاً أن ترى الألفاظ الكلية والتعميمات.. كما أن طرح «السياسي» أو غايته «ضرورة الثورة وتثمينها»، مصمم على تضمين المقارنة بين تاريخيين «ماقبل الثورة، ومابعدها، والذي هو الطرف المسكوت عنه في غالبية السيرة.. لأنه صارخ بحضورة « الواقع المتحقق».
فالموقف، في السيرة الذاتية للعفيف، هو موقف ثوري بامتياز، حيث نجد العفيف يتحدث عن «الأعراف والتقاليد» ص 260 ولاينظر فيها، بل ينظر إليها ويقيمها باعتبارها متعلقات بفترة نظام حكم الإمامة الماضي البائد، مؤكداً على قيم العصر وصفة المعاصرة التي تتطلبها الثورة.
لكن أليس معنى كل نظام في «السياسي» هو المتغير المستقل في «قصة كتابي» كيف نفهم القضية في «التحرير والثورة» للفسيل، وفي شهادة العفيف على اليمن؟ وبتعبير آخر أليس أن خصوصية و/ أو مشترك «السياسي» هو المهيمن، بموضوعه في سيرة «العفيف » و«الفسيل» الذاتيتين ؟ نعم . إنها كذلك، بل ربما كانت علاقة «السياسي» بالسيرة الذاتية في الأدب اليمني علاقة قدرية.. لكأن الموضوع «السياسي» هو قدر السيرة الذاتية في اليمن !! ومايدعونا إلى هذا الانطباع أن في القرن السادس الهجري كان الشاعر عمارة اليمني «المتوفي سنة 569ه/1173م» قد ألف كتاب «النكت العصرية في أخبار الوزراء المصرية»، عنوان الكتاب لا يدل على حقيقته، فهو ليس طائفة من الأخبار عن هؤلاء الوزراء، وإنما هو في أخباره هو نفسه، أي هو ترجمة ذاتية له، وهي ترجمة سياسية.
ويعرفنا عمارة في أوائل كتابه بمولده ونشأته، فهو من تهامة اليمن، من بلدة يقال لها مرطان، وهو قحطاني مذحجي من سعد العشيرة، كان آباؤه سادة قومه، وكان منهم العلماء المصنفون. ولد سنة 515ه/1121م ولما شب أرسله أبوه إلى زبيد ليتفقه في دينه. ومن ثم تعلق بالتجارة، وشدا الشعر، واتصل بملوك اليمن وآل زريع خاصة. وحج سنة 549ه/ 1154م فبعث به صاحب مكة رسولاً إلى الفائز خليفة مصر الفاطمي حينئذ، فقدمها سنة 550ه/ 1155م وكان الوزير بها طلائع بن رزيك، فاستقبله في قاعة الذهب بقصر الخليفة، ووقف عمارة بين يديه فانشده إحدى مدائحه فيه وفي الخليفة. وأفيضت عليه الخلع، وناوله طلائع خمسمائة دينار، وأرسلت إليه سيدة القصر بنت الخليفة السابق «الحافظ» خمسمائة دينار أخرى، وتهادته أمراء الدولة. ويتحول الكتاب من هذا الموضع إلى مذكرات سياسية قيمة، فيصور لنا أحوال مصر ومجالسها الأدبية ولايلبث أن يعود إلى مكة، فمسقط رأسه، فزبيد، ثم يحج في سنة 551ه/1156م فيرسل به صاحب مكة إلى مصر في سفارة ثانية، ويحتفل به المصريون وعلى رأسهم طلائع وتغدق عليه الجوائز والعطايا إغداقاً.
ويستقر عمارة بمصر، ويقتل وزيرها طلائع، وتكون المنافسة الحادة بين ضرغام وشاور ويستنجد العاضد آخر الخلفاء الفاطميين بنور الدين صاحب الشام، فيرسل إليه بأسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين، وتتطور الأمور ويصبح أسد الدين شيركوه وزيراً للخليفة ويعاجلهم بالموت، فيتولى الوزارة من بعده صلاح الدين، ويقضي على الخلافة العباسية وعمارة يتحدث عن نفسه وعن علاقته بهؤلاء الوزراء جميعاً وبأسد الدين شيركوه وصلاح الدين، ويلم بكثير من الحوادث، مضمناً كتابه مانظمه من قصائد في هذا الوزير أو ذاك أو في هذا الأمير أو ذاك.
وكان عمارة قد تحول شيعياً، فلما أزيلت الدولة الفاطمية نعاها في غير قصيدة، وعرف فيه صلاح الدين ووزيره القاضي الفاضل هذه العصبية، فطاولاه، حتى اشترك في مؤامرة يريد بها قلب نظام الحكم والرجوع بمصر إلى الدعوة الفاطمية، واكتشفت المؤامرة، فصلب في جماعة من أصحابه ولم تفده مدائحه الكاذبة في صلاح الدين ورفقائه. » «الترجمة الشخصية - شوقي ضيف.. ».
الأحرى أنها ملاحظات استدراكية عامة، في فن السيرة الذاتية الحديثة في الأدب اليمني نوردها على هذا النحو :
أن تبدأ الذاتية بتبرير كتابتها، لهو محاولة مكشوفة لتغطية «نرجسية» كاتبها، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فعندما تبدأ غالبية السير الذاتية.
بتبريرها - وهي كذلك في الواقع - فإن التبرير يجعل وكأن لفن كتابة السيرة الذاتية باب أمامي أو رسمي يجب الدخول منه.
السطحية في التراتب الزمني، دون اعتبار مراحل العمر على أنها المكونات - كمية ونوعية.
- التي قد تحسم في خيارات الإنسان «نستثني في ذلك سير ذاتية معدودة».
ولذا يأتي الفصل الأساسي، في أغلب السير الذاتية في اليمن، كقرارات ومواقف جاهزة أو وليدة كينونة متعالية من المثل والمبادىء الأخلاقية.
مازالت السيرة الذاتية المعاصرة في اليمن، في طور تقليدي السرد «المباشرة، التركيز على الدور على حساب الشخصي والخاص» ولذا كانت الشهادة والتقريرية هما نمط السرد في السيرة الذاتية..
السيرة الذاتية الحديثة في اليمن، هي سيرة سياسية، في المقام الأول فالجميع يدلو من دوح واحد، في أيديولوجية واحدة «الثورة» الملتقى - ربما يفترض من قبل الكاتب أنه - من قائمة واحدة.
مع أن العكس تماماً قد يكون صحيحاً : أن نجد في الأدب العربي تجارب مميزة في كتابة السيرة الذاتية، لانجدها في الأدب اليمني، كتجربة سيرة «طه حسين» الذاتية، وتجربة «محمد شكر»، والتي تفصلها عن تجربة طه حسين عشرات السنين في الجانب الفني، هذا بالإضافة إلى وجود الكاتبة لسيرتها الذاتية في الأدب العربي الحديث والمعاصر، الأمر الذي يصعب أن نجده في كتابة السيرة الذاتية في اليمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.