السفير الأغبري:ماكتب في المحاضر شيء جميل، ولكن الواقع شيء مختلف! وزير الصناعة:سنطبق الشفافية الكاملة في اختيار من ينظم المعارض التجارية * صاحب الفندق يحتجز أعضاء الوفد الفني لعدم التزام المنظم بدفع الرسوم * بعض التجار يشحنون كميات كبيرة لبيعها على هامش المعرض التجاري أستطيع القول إن الأسبوع اليمني الأول في اثيوبيا قد حقق معادلة النصف مقابل النصف، أي أن نصفه ناجح ونصفه الآخر فاشل! فهو أشبه بتلك النكتة التي أطلقت ذات يوم على شخص يوصف بالغباء، فقيل فيه نصفه إنسان ونصفه الآخر حمار«!» مع الاعتذار لأسرة الحمير فقد أثبتت الدراسات والتجارب أنها من المخلوقات الذكية بعكس ما يطلقه ابن آدم عليها! لا أريد من التعليق على الأسبوع اليمني الذي أقيم في اثيوبيا وكأنني واحد من أولئك النفر الذين يحدون سكاكينهم عند سقوط الثيران، هذا إذا ما اعتبرنا أن فشل افتتاح المعرض التجاري لأسباب قد تكون وجيهة أو غبية بمثابة السقوط الذريع والكارثة المروعة!دعوني أولاً أشير إلى النصف الأعلى من صورة هذه الفعالية، أي النصف الناجح.. وأنا أميل دوماً إلى الجوانب الإيجابية في أية صورة قد يعتري جانب منها بعض القبح! بداية الشق الثقافي، وقد كانت من رموزه الدكتوران القديران يوسف محمد عبدالله، وحسين عبدالله العمري وهما قامتان ثقافيتان لا يشق لهما غبار أضاءا سماء العلاقات اليمنية الاثيوبية بلآلئ من الدرر المكنون.. يصاحبهما المبدع الغربي عمران صاحب الأنامل الرقيقة في عزف الحكايات القديمة عن معشوقه الجميل محمد عبدالولي.
أشرت إلى هذه الأسماء لأعتذر لهم جميعاً لتخلفي عن حضور الفعالية التي أحيوها ذات يوم في سماء أديس أبابا، وهي كما عرفت تعبد الطرقات التي تصل القلوب، وتنهل من تاريخ ذات يوم كان متداخلاً وأماكن ما كانت تقفل أبوابها أمام القادمين. ولحكاية تخلفي عن الحضور وباقي الطاقم الإعلامي ما يبرره، بل ويستحق أن يروى، ففي أجواء «اللخبطة»، حيث كان المفترض أن يقوم المنظم بالاتفاق مع فندق يتسق مع إمكاناته لسكن أعضاء الفرقة الفنية والأشخاص الذين دعاهم وبالقطع لست منهم وأعضاء الفريق التلفزيوني فقد حدث ذلك اليوم، وبعد أن تأخر المنظم عن دفع المستحقات المالية عن الأيام التي قضاها أعضاء الفريق الفني قام صاحب الفندق بإغلاق الأبواب الخارجية ومنع خروج الجميع.. وعندما أخبرناه بأننا لا علاقة لنا بالموضوع، وبأننا سبق وأن دفعنا أجرة الفندق، رفض خروج أي منا إلا بعد أن يأتي المتعهد ويدفع المستحقات عن الباقين. وبعد مفاوضات استمرت لساعات طويلة تم الإيفاء بدفع المبلغ.. وبعدئذ تم الإفراج عنا جميعاً، وهو الأمر الذي أخرنا عن حضور الفعالية الثقافية والفكرية التي أحياها نخبة من الزملاء الأعزاء. باختصار فإن الوجه السار للاحتفائية بمناسبة مشاركة الأصدقاء الأثيوبيين فرحتهم بدخول الألفية الثالثة حسب التقويم المعتمد لديهم، وهي معادلة صعبة تقوم على أساس أن أيام الشهر الأثيوبي أقل من الشهور الميلادية بنحو ستة أيام.. فإذا بهم يحتفلون مع مطلع عام 2008م بالألفية الثالثة، بينما يكون العالم قد احتفل بها قبل نحو سبعة أعوام، والموضوع طويل ومعقد! فقط أردت أن أشير إلى أن فكرة الأسبوع اليمني كما أخبرني سعادة السفير لدى اثيوبيا جازم الأغبري جاءت على هذا الأساس، أي أن تقام ثمة فعاليات ثقافية احتفائية بهذه المناسبة تتمثل في محاضرات عن العلاقات الثنائية وفرقة فنون شعبية وتدشين حدثين لا تخطئهما الدلالة عن عمق العلاقات وإمكانية ازدهارها في المستقبل.. وهما تدشين الكرسي الجامعي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح في جامعة أديس أبابا، الذي يعنى بتدريس اللغة العربية التي هجرها اللسان في هذه المنطقة بعد أن كانت ذات يوم سيدة الموقف، وكذلك الحال في وضع حجر الأساس للمركز الثقافي اليمني، الذي إذا تضافرت الجهود لإنجازه فسيكون بمثابة منارة ثقافية في قلب أكبر دولة أفريقية لنشر ثقافة المشترك بين الأمم والشعوب.
ولا أنسى الفرقة الفنية الشعبية بقيادة المحمدي ومجموعة ممن نذروا أنفسهم أن يكونوا دوماً في القوافل الخارجية لتمثيل اليمن فنياً، كما حدث في أديس أبابا، حيث أُحييت ألوان من التراث الغنائي والرقص الشعبي في كل من أديس أبابا و«هرر». وثمة صور إيجابية أخرى للمشهد الاحتفالي اليمني بهذه المناسبة الأثيوبية الكبيرة، ومنها إقامة المجلس المشترك لرجال الأعمال اليمنيين والأثيوبيين.. لكن دعوني أعرج على النصف السيئ في الصورة، وهو إقحام التجاري بالثقافي.. والسؤال كيف يلتقيان، أقصد البيع والشراء..؟ حيث كميات مهولة من المنتجات والسلع وسط أمسية قصصية.. إنني أفهم المعارض التجارية المصاحبة للأنشطة الثقافية أن تتمثل بنماذج وكتالوجات تعريفية تصاحبها لقاءات ثنائية بين رجال التجارة والاستثمار في البلدين للتعارف وعقد الصفقات، بمعنى أن الشاعر يقرأ قصيدته، ويذهب التاجر لعقد صفقته ولا تثريب على الاثنين!
المهم أن النكسة الكبرى عندما تفاعل الناس هناك، وبينهم الديبلوماسيون المعتمدون والمغتربون لحضور احتفال تدشين المعرض التجاري، ولكنهم وجدوا أبوابه موصودة موصودة ياولدي! ثمة حكايات تتناقلها الألسن، والكل يهرب من تحمل نتيجة هذا الفشل ويدافع عن نفسه، ويبدو أن الوحيد الذي سيتحمل نتائج هذه المصيبة هو منظم الفعالية.. يقال إن الكمية التي وصلت من المنتجات والسلع اليمنية كانت مهولة، فهي لا تقتصر على المعلبات والمنتجات القماشية والجلدية ونماذج عن الصناعات المحلية، بل شملت زيوتاً وسبائك ذهب وحلي من الفضة والمرجان بكميات تجارية. ويقول البعض الآخر بأن القوانين الأثيوبية لا تسمح بالبيع المباشر عند افتتاح المعارض التجارية، إذ أن لكل بلد قوانينه وأنظمته.
وكما عرفت فإن بعض التجار اليمنيين شحنوا بضائع بمئات الآلاف من الدولارات، وبعضهم لم يحمل معه عدا النماذج والكتالوجات، لكن السيئة تعم كما قيل في المثل! لقد اختلطت التصريحات.. وأكثرها عقلانية تلك التي دعت إلى عدم تكرار المأساة ثانية في أي معرض قادم.
وقال الدكتور يحيى المتوكل وزير الصناعة والتجارية إن الوزارة سوف تمارس في قادم الأيام شفافية كاملة في تنظيم مثل هذه المعارض، وهو الاعتماد على نشر الإعلانات لمشاركة أكبر عدد من الشركات في إطار من المنافسة والشفافية.
أما الديبلوماسي جازم الأغبري سفيرنا لدى اثيوبيا فقد قال: عندما اطلعت على محاضر الترتيب ووجدت كل شيء دقيقاً ومفصلاً قلت الحمدلله.. الأمور تمام التمام، ولكن عندما حلّت الكارثة وراجعت التفاصيل وجدت أن الكلام على الورق جميل وحلو، ولكن المسئولين على تطبيقه لم ينفذوا منه حرفاً واحداً! وحسب قول السفير الأغبري فإن التنسيق جرى بين وزارة التجارة عبر قنصلها المعتمد في السفارة وبين الشركة المنظمة الذين كما يبدو أهدروا وقتهم في المحاضر ونسوا أن يأتوا باكراً للتخليص الجمركي في مطار أديس أبابا!
بعض التجار أصابهم الذهول الشديد وذهبوا يلقون المسئولية تارة على السفارة، وأخرى على الوزارة، وثالثة على الشركة المنظمة. أما المسئولون في جمرك مطار اثيوبيا فقد أمضوا أياماً بلياليها لفرز المنتجات وتصنيفها وعدها، إذ أنهم محكومون بقانون لا يستطيع أحد أن يتدخل فيه، حيث لا سلطة إلا سلطة القانون!
وبالمناسبة تساءلت في نفسي وأنا أشاهد عشرات المعارض التجارية التي تقام في المدن اليمنية وهي تحتوي على منتجات وسلع، وقد وصلت إلى يد المشتري كم يؤثر ذلك على الاقتصاد الوطني وهل ثمة إيجابية تحصل عليها الأوعية الضريبية والجمركية في ظل غياب التطبيق الصارم للتشريعات اليمنية عند الموانئ؟
والحمدلله فلقد علمت بعد عودتي إلى أرض الوطن أن المعرض التجاري افتتح أخيراً بعد الإفراج عن المنتجات والسلع.. ولكن هذا لا يمنع القول من أن الفعالية حققت نصف نجاح ونصف فشل!اقرأ غداً فرحة افتتاح مشروع المركز يخنقها سؤال البحث عن التمويل حميمية الرئيس الأثيوبي تزيل معاناة الوفد رئيس غرفة تجارية يطلب من السفير دفع فاتورة الفندق! عمدة أديس أبابا ووزير الثقافة الأثيوبيان يثمنان فعاليات الأسبوع اليمني