غيب الموت أمس الجمعة رجاء النقاش، أبرز النقاد الأدبيين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين الذي توفي في أحد مستشفيات القاهرة عن عمر يناهز 74 عاماً، حسب ما أفادت أسرته..وكان النقاش يعاني مرض السرطان منذ قرابة ثلاث سنوات.. وبدأ رجاء النقاش في ممارسة النقد الأدبي وهو طالب في السنة الأولى في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وكان ينشر مقالاته آنذاك في مجلة الآداب البيروتية، ثم عمل في جريدة الأخبار المصرية، ورأس تحرير مجلة الكواكب الأسبوعية، ودورية الهلال الشهرية، ثم انتقل إلى قطر حيث أسس مجلة الدوحة التي ذاع صيتها في سبعينيات القرن الماضي. كان لرجاء النقاش الفضل في اكتشاف العديد من المواهب الأدبية وهو أول من عرف قراء العربية خارج فلسطين بالشاعرين محمود درويش وسميح القاسم، كما كان أول من اكتشف الشاعر المصري أحمد عبدالمعطي حجازي، والروائي السوداني الطيب صالح..تميزت كتابات رجاء النقاش النقدية بالعمق والبساطة في آن، ما جعله ينجح في جذب اهتمام القارئ العادي وغير المتخصص إلى عالم الإبداع الثقافي والأدبي. كتب رجاء النقاش عدة مؤلفات من بينها «نجيب محفوظ صفحات من مذكراته وأضواء جديدة على أدبه وحياته»، وهي السيرة الذاتية للروائي المصري الراحل الحائز على جائزة نوبل للآداب، و«ثلاثون عاماً مع الشعر والشعراء» و«بين اليمين واليسار» عن الكاتب المصري محمود عباس العقاد وكتابه «فدوى طوقان وأنور المعداوي»، وكتابه عن «محمود درويش وسميح القاسم»..وبمناسبة حفل تكريم أقيم له في نقابة الصحافيين المصريين الشهر الماضي، بعث محمود درويش برسالة إليه عبر فيها عن حبه معترفاً له بالفضل. وقال درويش في رسالته: «عزيزي رجاء النقاش .. كنت وما زلت أخي الذي لم تلده أمي منذ جئت إلى مصر (..) أخذت بيدي وأدخلتني إلى قلب القاهرة الإنساني والثقافي». وتابع: «وكنت من قبل قد ساعدت جناحي على الطيران التدريجي فعرفت قراءك علي وعلى زملائي القابعين خلف الأسوار (..) عمقت إحساسنا بإننا لم نعد معزولين عن محيطنا العربي»..واعتبر أن النقاش كان له دور «في تطوير وعي المسؤولية وفي تعميق العلاقة بين حرية الشعر وشعر الحرية». وأضاف: «نحن مدينون لك لأنك لم تكف عن التبشير النبيل بالمواهب الشابة وعن تحديث الحساسية الشعرية والدفاع عن الجديد الإبداعي في مناخ كان ممانعاً للحداثة الشعرية ومدينون لك لأنك ابن مصر البار وابن الثقافة العربية الذي لم تدفعه موجات النزعات الإقليمية الرائجة إلى الاعتذار عن عروبته الثقافية».