منتصف ليل الجمعة الفائتة، سمرنا أمام شاشة قناة فواصل الشعرية في انتظار إعلان فوز معاذ الجنيد بقصيدة التحدي. الجائزة المالية «مليون ريال سعودي» لم تكن تعنيناً كثيراً مايعنينا تكريم الإبداع الذي فاضت به قريحة شاعرنا الشاب. لكن خيبة الأمل غيبت فرحتنا المنتظرة بلهفة للنتيجة النهائية ليفوز الشاعر السعودي نائف كسار الجزاع بالمركز الأول تاركاً لمعاذ المركز الثاني، ولنا إحباط وحيرة وشك. في قصيدة التحدي ومع كل قصيدة لمعاذ.. وبعد الانتهاء منها كنا نصغي جيداً للجنة التحكيم وهي تقيم شاعرنا الصغير «تخرج من الثانوية العامة قبل عام» ومع الإطراء والمديح له، كنا نشعر بالزهو وبتعاظم ثقتنا بانتصار الإبداع حتى وإن كان صاحبه من بلد فقير وبائس اقتصادياً.. والمسئولون فيه عن الاهتمام بشباب الوطن المبدع لايجيدون إلاَّ إطلاق التصريحات التي لاتغادر أدراج مكاتبهم، وإذا غادرتها لاتنفذ.. لأنها في الحقيقة تفتقر للمصداقية وفهم أن الانتصار للمبدع انتصار للوطن كونه كياناً يُشرف وطنه ويشرف به. المبدعون في بلدي كثيرون ومجالات إبداعهم شتى.. لكنهم على مايبدو خارج أجندة اهتمامات أصحاب القرار في الدعم والاحتواء والتطوير، لذا فمسألة دعم أي مبدع في مسابقة أو تظاهرة إبداعية، لاتعدو عن كونها مجرد آمال لايلقي لها بالاً. فمتى نفهم أن الإبداع الأدبي ليس رفاهية أو مضيعة وقت لكنه مؤشر حقيقي ومهم لتقدم وتنمية المجتمع!! موهبة حقيقية خرجت من طور التشكل إلى الخلق كان معاذ.. قصائده تؤكد ذلك، أيضاً قدرته الفائقة على تحويل بعض الأمور والأشياء العادية، إلى ذات قيمة بلغة شعرية جميلة في النسج والإحكام والقدرة الفذة على التصوير والبوح بأسلوب بسيط ولاهث يتناسب إيقاعه وإيقاع نفسية الرجل المتوثبة دائماً. وبالرغم من صغر سنه وتجربته الحياتية القصيرة إلاَّ أن قصائده كانت مليئة بالماء والعطر.. وكلمات تنبع من روحه ورؤيته لمفردات الحياة على اختلاف تفاصيلها. معاذ الذي لم يخذلنا ومثلنا بصورة مشرفة في قصيدة التحدي.. ومضى في مراحل المسابقة واثق الخطوة. يقيني أنه لن يقف عند محطة إبداع واحدة، بل سيمضي قدماً صوب إبداع لاينضب سيجعله قافية أدبية كبيرة في طالع الأيام.. وهو حقاً جدير بالآتي الجميل.