لاتسود التنمية ولايوجد الأمن والاستقرار والطمأنينة في المجتمع إلاّ بوجود القضاء القوي النزيه العادل .. نشاط محكمة استئناف محافظة عدن .. الكم الكبير من القضايا الواردة على المحاكم الابتدائية الاحتياجات ، الامكانيات ، المشاكل التي تواجه عمل القضاء وكيف يمكن معالجتها من الاهتمام والرعاية .. والتطورات التي طرأت على المجال القضائي .. هذه وغيرها كانت محاور لقائنا بالقاضي العلامة / جسار العدوف رئيس محكمة استئناف محافظة عدن. بداية استهل القاضي جسار العدوف رئيس محكمة استئناف محافظة عدن حديثه باستعراض بعض نشاط المحكمة الاستئنافية وعدد القضايا الواردة والمرحلة من الأعوام السابقة والتي بلغت حوالي (5893) قضية فيما وصل عدد القضايا الواردة إلى محكمة الاستئناف خلال العام الماضي 2007م (7438) قضية ليصل اجمالي عدد القضايا المنظورة أمام المحكمة إلى (13831) قضية وقد تم الفصل بأحكام في (7480) قضية وتزيد القضايا المرحلة إلى العام الجاري عن (5920) قضية مدنية وجزائية. إطالة أمد التقاضي مازالت مسألة إطالة أمد التقاضي تؤرق الكثير من المتقاضين .. أين تكمن المشكلة .. وكيف يمكن معالجتها ؟ يجيب القاضي جسار العدوف بالقول : - إن الإطالة في القضايا له عدة أسباب منها : - شحة القضاة في بعض المحاكم الابتدائية أو الشعب الاستئنافية ،فعدد القضاة غير كاف ولا يتلاءم مع زيادة وكثرة القضايا الواردة إلى المحاكم الابتدائية أو هيئاتها الاستئنافية .. فكما تعلمون أن هذه المحكمة جميع القضايا لديها مجدولة ، ولها مواعيد محددة وبالتالي فلا توجد لدينا قضايا حبيسة الأدراج ، أو حبيسة لدى القضاة. بل إن ازدحام وكثرة القضايا وزيادة عددها أدى إلى التباعد بين فترات مواعيدها أو مواعيد جلساتها .. وهذا السبب يُعالج من خلال زيادة عدد القضاة في المحاكم الابتدائية وكذا هيئة الحكم والشُّعب الاستئنافية. ويضيف رئيس محكمة استئناف عدن: إن قيادة وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى قطعوا شوطاً كبيراً في معالجة تلك الاشكالية المتمثلة بنقص الكادر القضائي وكما هو مبين في قرارات المجلس في رفد المحاكم الابتدائية بقضاة والمحاكم الاستئنافية بهيئات الحكم. ذلك الداء وذلك الدواء ويرى أن هناك عاملاً آخر تسبب في إطالة أمد التقاضي وهذا السبب يعود إلى أصحاب القضايا أنفسهم ، فبعضهم لا يحبذ سرعة الفصل في القضية بل يعمل جاهداً على إطالة أمد النزاع نكاية بخصمه وتعمل المحاكم، والقضاة على الحد من تلك المشاكل بما أوتيت أي المحاكم من صلاحيات وامكانيات. ويعزو القاضي جسار السبب الأخير من وجهة نظره ، وبحكم خبرته إلى الجهل الكامل لدى الخصوم لعدم الثقافة القانونية مما يسهم في إطالة أمد التقاضي. والقانون واضح والقاعدة القانونية مبينة أنه لا يعذر المرء بجهله للقانون. والقضاة بقراراتهم إزاء ذلك يسهموا اسهاماً كبيراً في الحد من الظاهرة وارساء المفاهيم القضائية والقواعد القانونية ، ويتحسن الأداء من عام إلى آخر .. وبإمكان الجميع الاطلاع ميدانياً لتلمس ماكان عليه الحال في أعوام سابقة وإلى أين وصل الحال حالياً .. فالشاهد يرى ما يراه الغائب. القاضي رقيب نفسه ما دور الرقابة والتفتيش في أنشطة المحاكم ومعالجة الاختلالات ؟ الرقابة والتفتيش لها دور فاعل في ذلك ولكننا نقول : إن القاضي هو رقيب نفسه لأنه مراقب أولاً من قبل الله سبحانه وتعالى ومن لم يكن له زاجر من قلبه فلا تنفعه الزواجر ، فالمعلوم أن كل قاضٍ كفء واهلٌ للعدالة والأمانة وتتوافر فيه شروط القضاء «القاضي». وما نلمسه ونعرفه هو أن القضاة هم صفوة المجتمع وهم الملاذ الذي يلجأ إليه الظالم والمظلوم ، الحاكم والمحكوم. فالقاضي لاتدفعه رغبة ولا تثنيه رهبة ، ولا يُصانع ولا يضارع ، ولا يخشى إلا الله ، ولا رقيب عليه في أحكامه سوى الشرع والقانون. الرقي بالقضاء ما هي أفضل طرق المعالجات للرقي بأداء القضاء ؟ من أفضل المعالجات للرقي بالقطاع القضائي إلى مستوى منشود وبما يواكب العصر والتطورات الاجتماعية ، هو حسب اختيار القاضي فالمثل يقول : «اعطني قاضياً ولا تعطني قانوناً» فالقاضي صانع القانون ، وحارسه ومنفذه. مجريات سير العدالة هل انفراد القاضي بإصدار قراره يؤثر على مجريات سير التقاضي ؟ القانون نظم متى يصدر القاضي قراره بمفرده وصدور القرار من قبل هيئة المحكمة وبين تشكيل المحكمة ، فما كان منها من قاضِ فرد يصدر من قاضٍ فرد والمحكمة المشكلة من هيئة سواء أكانت محكمة ابتدائية أم هيئة حكم لايصدر إلا بعد النزول بين أعضاء هيئة المحكمة ويصدر من الهيئة لا من قاض فرد .. كما هو معمول به قانوناً. الدعوى الكيدية الدعاوى الكيدية .. ماذا تتخذون إزاءها ؟ بالنسبة لمثل هذه الحالات لم يغب عنها القانون ، بل استوعبها ونظم الاجراءات المتعلقة بها والاحكام الصادرة بشأنها فمنها : إن كانت جزائية أخذت عقوبة البلاغ الكاذب ، وإن كانت مدنية وتبين أنها كيدية ، قضي على رافعها بالأغرام وتحميله المخاسير وأتعاب المحاماة .. كما يلزم صاحب الدعوى كل ما تكبده خصمه من مخاسير ، بل ومنها ما يقضى إضافة إلى ذلك الحكم بالتعويض للمتضرر من الدعوى الكيدية سواء أكان التعويض أدبياً أم مادياً. معالجة الاشكاليات أين تكمن مشاكل القضاء ؟ بصفة عامة وفي محكمتكم بصفة خاصة وكيف يمكن معالجتها ؟ مشاكل القضاء قد ذكرنا بعضها في بداية الحديث سواء من حيث اختيار القاضي أو الامكانيات أضف إلى ذلك بالنسبة لمحكمتنا وبعض المحاكم في الجمهورية وهي من المحاكم التي أوليت حسن الرعاية والاهتمام من قيادة الوزارة ومجلس القضاء الأعلى كمحاكم نموذجية فنحن الآن مشرفون على الانتهاء من الربط الشبكي ، والقاضي الآلي والدورات للعاملين في المجال القضائي متوالية سواء في اعداد البرامج أو تلقين الحاسوب. كما أن هناك دورات تنشيطية للقضاة على مستوى الداخل في معهد القضاء العالي أو على المستوى الخارجي في دول شقيقة وصديقة والوزارة وعلى رأسها معالي الأخ الدكتور غازي الأغبري ، يولي هذا الجانب اهتماماً خاصاً وكبيراً ، فهناك من رؤساء الاستئناف والمحاكم الابتدائية من تلقوا الدورات في الداخل والخارج. والدفع متوالية على المستوى الداخلي والخارجي التأهيل وتدريب القضاة. هيبة القضاء كيف يمكن ترسيخ هيبة القضاء ؟ وكيف يمكن للقاضي أن يحافظ على ذلك ؟ القضاء كما هو معلوم .. ما وجد إلاّ لفض النزاعات بين الناس بالعدل .. والعدل اسم من أسماء الله الحسنى.. فالعدل مطلق ولايوجد عدل نسبي ، وهيبة القضاء في شخص القاضي والمجتمع والدولة ، كل ذلك بجميعه لا منفرد. فمن خلال حسن اختيار القاضي وتوافر الشروط فيه المطلوبة قضائياً واحترام المجتمع والدولة للقضاء والعمل سوياً على إعمال سيادة القانون وذلك يعطي هيبة للقضاء ولا يعمل على تعميق ثقة المتقاضين بالقضاء وبدون ذلك لايكون إلا العكس من اهتزاز الثقة بالقضاء من المتقاضين والعمل على اضعافه ...الخ. التوعية القانونية ماذا عن دور القضاء في تعزيز التوعية القانونية للحد من المشاكل ؟ يؤكد القاضي جسار رئيس محكمة استئناف محافظة عدن أن الغرض من العقوبة هو الردع والزجر ، ردع للجاني وزجر لغيره من أن يقارف مثل ذلك الفعل، ومن هنا توجد التوعية القانونية من إعمال القانون واحترام سيادة القانون من قبل الجميع فإذا ما استشعر المرء أنه إذا ما ارتكب جرماً سيعاقب فإنه سيحجم عن الإقدام على فعله أو ارتكاب جرمه، وصدور الأحكام وتنفيذها وعقد الجلسات العلنية بحضور الجمهور ، يكون القضاء قد أدى رسالة التوعية القانونية. لا سلطان على القضاء القضاء .. لا سلطان عليه .. لماذا تتدخل الوساطات في عمل القضاء ؟ كما هو معلوم لدينا أن إلصاق الوساطات بعمل القضاء شائعة من الشائعات التي تزيد الإساءة إلى القضاء حقيقة ..لا وساطة في القضاء فالقضاء قائم على دعاوٍ وردود وأدلة وبراهين ، يتقيد القاضي بحسبها ويمر في اجراءاته بموجبها ويصدر حكمه بناء عليها .. كما هو مقرر شرعاً وقانوناً ولا بناءً على الوساطة. فالقاضي كما ذكر سابقاً لا تثنيه رهبة ولا تدفعه رغبة ولا يُصانع يضارع. واختتم القاضي جسار العدوف حديثه بالشكر والاشادة بصحيفة (الجمهورية) على دورها التوعوي والتنويري لأفراد المجتمع وطرحها لمختلف قضايا الناس .. بما في ذلك تنوعها في الإصدارات والملاحق اليومية المختلفة.