سأم ووهن وتردي النشاط والتحصيل التعليمي وضعف في المناعة تبقي الجسم عرضة لأمراض كثيرة. هكذا هو حال الأطفال والنشء المصابين بالبلهارسيا ممن ينتمون إلى الفئة العمرية من 618عاماً والتي تعد الأعلى نسبة في البلاد في الإصابة بهذا الداء المريع، من أصل نحو ثلاثة ملايين حالة إصابة بالبلهارسيا بنوعيها البولي والمعوي بحسب التقديرات. وأساس هذه المشكلة غياب الوعي بالمشكلة ووقوع الكثيرين لاسيما في الأرياف في اخطاء وممارسات سلبية لدى تعاملهم واستعمالهم للمياه الراكدة والبطيئة الجريان التي تمثل لأغلب المناطق الريفية عصب الحياة في ظل غياب أو ضعف مشاريع المياه النقية الصالحة للشرب وتضافر عوامل وعراقيل كثيرة تقف حجر عثرة امام المشاريع من هذا النوع أهمها صعوبة التضاريس الجبلية وتناثر القرى على قمم ومنحدارات وسفوح الجبال وبطون الأودية ما مهد لانتشار البلهارسيا في هذه المناطق. أضف إلى شيوع الجهل الكبير بالمرض الذي تلوح آثاره في جنوح البعض إلى اللامبالاة بأهمية طلب المعالجة والاستشفاء ولا علم لهم بأن المرض لاهمالهم قد يتطور مع الوقت ليصير مزمناً صعب العلاج، مفضياً إلى مضاعفات بالغة الخطورة فمع مرور الوقت تغزو البلهارسيا الكبد فتحدث فيه التهابات وتليفات تقود إلى تلفه ودماره وبالتالي فشله تماماً في أداء وظائفه الحيوية. وللمضاعفات الأخرى للبلهارسيا المعوية طابعها الخاص مثل «التقيؤ الدموي دوالي المري البواسير تضخم الطحال سرطان القولون والمستقيم». أما مضاعفات البلهارسيا البولية فتشمل «قرحة المثانة حصوات المثانة تضيق الحالب الفشل الكلوي العقم عند الرجال والنساء سرطان المثانة»، وأي من هذه المضاعفات تشكل خطراً على الإنسان قد تحتاج إلى تدخلات جراحية كبيرة يصعب كثيراً التنبؤ بنجاحها كذلك حال العلاج بالأدوية في ظروف مرضية متردية كهذه. إنها لكارثة تلك العادات والسلوكيات غير الصحية السائدة في أغلب الارياف مثل: «الاستحمام الوضوء السباحة الشرب غسل الأواني والملابس» وذلك في برك الامطار المكشوفة والحواجز المائية والسدود والغيول الجارية، وأسوأها وأفظعها اقتراف اعمال قبيحة أنكرها الدين، كالتبول والتبرز في مصادر المياه أو بالقرب منها، كون هذه القاذورات لا تفسد المياه وتلوثها بمختلف الأمراض الخطيرة وحسب، بل وهي السبب الوحيد للعدوى بالبلهارسيا وانتشارها واستكمالها لدورة الحياة، علاوة على ذلك إهمال النظافة الشخصية وإهمال تقليم الاظافر وعدم اتخاذ المراحيض لقضاء الحاجة. ولابد أن يعي الناس جيداً أهمية ترك هذه العادات والسلوكيات السلبية من أجل صحتهم وصحة من حولهم، و إلا ما جدوى معالجة البلهارسيا بمعزل عن الالتزام بقواعد الوقاية، إلى جانب المعالجة للقضاء على مرض البلهارسيا في بلادنا لاجتثاثه من الجذور. إن تنفيذ حملات وطنية للتخلص من البلهارسيا لن تكفي بمعزل عن ترسيخ القيم والسلوكيات الوقائية. فمقياس النجاح لبلوغ هدف التخلص من البلهارسيا والقضاء عليه مرهون بالوقاية والالتزام بتدابيرها وإجراءاتها إلى جانب المعالجة. ويبقى لنا التذكير بأن تنفيذ حملة وطنية للتخلص من البلهارسيا التي تتخذ المدارس موقعاً لتنفيذها تتألف من أربع مراحل للتنفيذ في «106» مديريات تابعة لأربعة عشرة محافظة، مستهدفة من تتراوح أعمارهم بين «6 18» عاماً بلا استثناء من طلاب وطالبات المدارس وغير الملتحقين بالدراسة أيضاً ممن ينتمون لهذه الفئة العمرية. حيث أن تنفيذ مرحلتها الأولى على مدى أربعة أيام في الفترة من 1013» مارس 2008م جار في «36» مديرية بمحافظة تعز حجة الضالع ذمار المحويت أبين». وللعلم فإن علاج البلهارسيا في الحملة مجاني لجميع المستهدفين من طلاب وطالبات المدارس وغير الملتحقين بالدراسة ممن تتراوح اعمارهم بين «618» عاماً واعطائهم الجرعة المضادة للبلهارسيا يعتمد على قياس طول الجسم.*المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي