المرآة، علبة «المكياج» ،العطر،صندوق المجوهرات،ودولاب الملابس..كل شيءٍ في الغرفة انتشى تسبيحاً وتهليلاً بقدوم هذا اليوم.. سبقتني العباءة قبل أن تمتد يدي إليها فلففت جسدي وهرولت حقيبتي الصغيرة لتستقر على معصمي،حتى خواتمي وهي تحشر نفسها حول أصابعي كادت تكسرها.. الكل كان مضطرباً ومستعجلاً أيضاً..قلبي كان قد استقل دراجة نارية وسبقني منذ أكثر من ساعة، فبقيت قدماي تعد الخطى وتقيس المسافات ابتداءً من المليمترات وحتى الكيلو مترات المكعبة.. وحينما وصلت كان جسدي بارداً كتمثالٍ من الجليد،ووجدت قلبي متهللاً مستبشراً بين يديه.. تحررت حقيبتي من معصمي واستلقت على الطاولة فلامست إحدى أصابع يديه...حتى هي كانت تريد الاقتراب منه...مددت يداً باردة وسحبت كرسياً وجلست عليه..كل شيء فيّ كان يتحرك لوحده.. ويلقي بنفسه إليه... الجميع كان يتحدث دون إذن مني...خذلوني جميعهم...قلبي ،عيناي،جوارحي.. تحدثوا كثيراً بل أنهم تحثوا كل الوقت..إلا أنا لم يبق لي متسعٌ من الوقت لأقول شيئاً... كان منهمكاً يقلب بين أصابعه كأساً من الزجاج رُسمت على واجهته أشكالٌ مبهمة وخطوط متداخلة...ونظر إليّ نظرةً فاحصة كأنه يسألني: هل جئتي حقاً!؟ أو ربما سأل نفسه"لماذا جئتي أصلاً؟!" قال لي وهو يفرد شفتيه بثقة لتبرز منهما ابتسامة بريئة وقد أحكم أسنانه عليهما بعضة خفيفة... "كم معك سلف..؟؟.." قلبي الذي كان منتشياً بين يديه...هذه المرة انتظر متوسلاً قبل أن يسمع أولى كلماته..حينها انسحب خائباً مكسور الخاطر...صار جسدي كتلة نار... فضممت قلبي بشدة...وعدت إلى غرفتي أجر ماتبقى لي من ألم وخيبة أمل...