صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلهارسيا.. إختراق طفيلي لجلد الإنسان في المياه العذبة
تبدأ الحملة الثانية للتخلص منها الأحد القادم
نشر في الجمهورية يوم 05 - 04 - 2008


مدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي:
الفئة المستهدفة تشكل (80%) من اجمالي الاصابات بالبلهارسيا في اليمن
بعض الناس يجهلون الكثير عن مرض البلهارسيا وعدواه وسبل الوقاية منه.. والبين واسع والهوة واسعة إن لم نرتق بالمعرفة والوعي المجتمعي في هذه الجوانب الأساسية الضرورية في حياتنا.
فما يضمن النجاح الحقيقي لحملة وطنية هدفها التخلص من البلهارسيا في البلاد من خلال المعالجة، كهذه الحملة التي بتنا نقترب كثيراً من موعد تنفيذ مرحلتها الثانية، في الفترة من «69 إبريل 2008م» لعمري ليس كافياً إذا لم تكن هناك وقاية ممارسة وتخلٍ حقيقي عن العادات والسلوكيات غير الصحية التي ساهمت وتسهم في تردي أوضاع الصحة عموماً وانتشار الأمراض والأوبئة وعلى رأسها مرض البلهارسيا الذي لايقل شأناً ولاشناعة عن أسوأ الأوبئة المعروفة.
ولمزيد من التفاصيل حول مرض البلهارسيا ومايزمع تنفيذه من حملة هدفها التخلص من البلهارسيا من خلال علاج المستهدفين في الفئة العمرية من «618عاماً»، كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور/ عبدالحكيم الكحلاني مدير عام مكافحة الأمراض والترصد الوبائي، ليضع النقاط على الحروف، إيماناً منا بأهمية بناء قاعدة معرفية ووعي جيد بمشكلة البلهارسيا وخطورتها المهددة صحة وسلامة المصابين، ومعرفة قواعد الوقاية الشخصية والجماعية الكفيلة إلى جانب العلاج بالتخلص والقضاء على هذا المرض.فإلى ما دار وورد في هذا اللقاء..
قضية البلهارسيا
ما الوضع الوبائي للبلهارسيا؟ وماتقييمك للمشكلة ودواعيها؟
البلهارسيا مرض طفيلي يوجد منه في اليمن نوعان.. نوع بولي وآخر معوي، وتمثل مشكلة عالمية تتوطن في حوالي «74دولة» من دول العالم، معظمها تتركز في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
يتوطن المرض أيضاً في إقليم شرق البحر المتوسط في عدة دول، منها اليمن بشكل أساسي والسودان، وأيضاً في جمهورية مصر العربية والمغرب وجنوب المملكة العربية والسعودية.
كما توجد حالات إصابة بالمرض في سوريا وباكستان وإيران وأفغانستان.
وفي الجمهورية اليمنية تعد من أهم مشكلات الصحة، حتى أنها سميت "المشكلة الصامتة".
فهي لاتظهر بشكلٍ وبائي، بمعنى أنك قد لاتجد فجأة ألف شخص يشكون من هذا المرض في يوم واحد مثلاً وإن من الممكن أنهم أصيبوا بنفس العدوى في نفس اليوم، لاتظهر عليهم أعراضاً تجعلهم يقلقون كالحال عند الإصابة بالملاريا التي يعقبها حمى شديدة وقشعريرة وغثيان وإسهال وذلك أنها لاتظهر بأعراضٍ شديدة في وقتٍ قصير تجعل المريض يشكو منها بسرعة وتستنفر أهله وأقاربه.
وأهل المنطقة بدورهم إذا ظهرت لديهم حالات إصابة كثيرة فإنهم يرفعون الشكوى ويبلغون عنها سريعاً الجهات المعنية مهما بعدت قراهم ومناطقهم عن المرفق الصحي، فالكثير من سكان اليمن يعيشون في مناطق بعيدة عن المرافق الصحية ويحتاجون إلى وقتٍ طويل للوصول إليها وبلوغها.
إن مشكلة البلهارسيا عانت التهميش إعلامياً لسنوات طويلة، ولم يكن للصحافة ووسائل الإعلام الأخرى دور توعوي ملموس، وهذا جزء من القضية على خلاف الأوبئة الأخرى، حيث البلاغات ترفع عنها والأصوات تتعالى.
وحقيقة كان هذا الإهمال مشتركاً، فالمرافق الصحية على الأرجح لم توفر المكافحة المطلوبة في حينها، والإعلام لم يعط دوره، كذلك خطباء المساجد لم يكن لهم سلفاً أي دور في توعية الناس؛ وأيضاً المدارس لم تقم بدورها في تعليم الطلبة منذ الصغر عن مرض البلهارسيا وطرق انتقاله والوقاية منه، وبالتالي تضافر هذه العوامل جعل من البلهارسيا مشكلة.
ويقدر عدد المصابين بالبلهارسيا في اليمن بنحو «3 ملايين» شخص، وهذا العدد مرتفع جداً للإصابة يقتصر على تعداد «14محافظة» فقط، حيث تنتشر فيها بؤر العدوى وينتشر فيها المرض.
وقد قام البرنامج الوطني لمكافحة البلهارسيا بمسوحات عديدة شملت تقريباً «120» مديرية، منها «107» تقريباً من هذه المديريات تتوطن فيها البلهارسيا بشكل كامل في المديرية أو بشكل جزئي، ولايعني هنا وجود المرض في المديرية بجميع عزلها وإنما بشكلٍ متفرق، مما يظهر فعلاً حجم المشكلة.
من ناحية أخرى مرت فترات على البرنامج الوطني لمكافحة البلهارسيا لم يظهر فيها بالمستوى المطلوب حتى على مستوى الدول الأخرى وحتى على مستوى منظمة الصحة العالمية، لذلك أسست المنظمة مؤخراً إدارة هيكلية تهتم بمكافحة الأمراض المهملة أو المنسية، ومن ضمنها مرض البلهارسيا.
هنا في الجمهورية اليمنية بعد أن تبنى الدكتور عبدالكريم يحيى راصع وزير الصحة العامة والسكان وهذه الحملة، فإنه في الحقيقة أول وزير يعطي البلهارسيا الاهتمام الكافي، فقد تبنى هذا الموضوع وبدأ بطرحه مع خبراء منظمة الصحة العالمية، سواءٍ في الاجتماعات الإقليمية أو في اجتماع الصحة العمومية الذي انعقد في «جنيف» بسويسرا، حتى استطاع أن يكون شبه تحالف ضد البلهارسيا وتبنى استراتيجية للتخلص من هذا المرض في البلاد؛ فأعطيت المشكلة أولوية إلى جانب المشاكل الصحية الكبرى.
مصطلح التخلص
ما المغزى من إطلاق مصطلح التخلص من البلهارسيا.. هل معناه القضاء على المرض أو استئصاله؟ أم ماذا؟
ثمة مصطلحات من المهم شرحها وتوضيحها، وهي:
1 السيطرة أو التحكم.
2 التخلص.
3 الاستئصال، وخضع لهذا الهدف فيروس شلل الأطفال؛ وأيضاً الجدري في سبعينيات القرن الماضي.
ونجح الأمر ولم تسجل في الجمهورية اليمنية حالات إصابة جديدة بفيروس شلل الأطفال منذ فبراير «2006م»؛ كما قضي تماماً على الجدري، فمنذ نهاية عام «1979م» تقريباً وإلى الآن لم تسجل محلياً ولاعالمياً أية حالة جدري.
ويوجد اختلاف بين مصطلحي التخلص والاستئصال فالتخلص يعني خفض عدد المصابين بالمرض إلى أدنى مستوى ممكن بحيث تسجل حالات قليلة جداً يمكن حصرها في مناطق محصورة؛ وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة نستطيع الدخول في مرحلةٍ أخرى والتفكير في الاستئصال، أي بعد الوصول إلى المرحلة المتدنية من حالات الإصابة فإنه يمكن محاصرة المرض في مناطقه المحصورة ضمن نطاق جغرافي محدد، وبالتالي القيام بإجراءات أكثر عمقاً وأكثر جهداً حتى بلوغ الاستئصال.
مسببات العدوى
بعض الناس لايزالون يجهلون الكثير عن طبيعة عدوى المرض.. كيف نرتقي بالمعرفة والوعي في هذا الجانب؟
ماتقوله مهم خصوصاً في بلد كاليمن، كون نسبة الأمية فيها لاتزال عالية جداً، فما بالك بالمعرفة والوعي الصحي الذي هو بطبيعة الحال متدن.
إن طرق العدوى بكل بساطة تأتي عن طريق الالتماس بمياه فيها يرقات البلهارسيا التي تحتاج إلى وسيط/ القوقع المائي أو الحلزونات المتواجدة في البرك بالقرى والأرياف، كذلك في خزانات المياه المكشوفة الخاصة بالمساجد وفي الغيول وتجمعات المياه العذبة الراكدة والبطيئة الجريان.. جميع مصادر المياه هذه تعد مكاناً ومرتعاً لتواجد القواقع التي تحتضن يرقات البلهارسيا بداخلها، ومنها تنطلق خارجة بعد أن تكمل دورة الحياة بداخلها وتسبح في المياه في أسراب كبيرة تسمى مذنبات الطور المعدي «السركاريا» لتهاجم الإنسان وتقوم باختراق جلده ومنه تنفذ إلى داخل الجسم.
ويجب أن نميز بين عدوى البلهارسيا وعدوى أي مرض آخر.. ففي مرض البلهارسيا تأتي عن طريق دخول الطفيلي «الطور المعدي» عبر الجلد باختراقه له، من أجل اتخاذ تدابير الوقاية المطلوبة الكفيلة بمنع عدوى البلهارسيا، كعدم السباحة في المياه غير المأمونة، كالبرك وحواجز المياه وما شابه، وعدم المشي والخوض في المياه إذا أردنا عبور غيل أو سائلة أو أي مصدر للماء غير مأمون قد يؤدي إلى دخول الطفيلي للجسم عبر اختراق الجلد.. هذه هي طريقة العدوى الواضحة، ولو تجنبها الإنسان لاستطاع حماية نفسه ووقايتها من المرض.
نحن بحاجة إلى توعية الناس ونصحهم بترك العادات السيئة، كالنزول إلى المياه الراكدة والخوض فيها، أو السباحة أو الوضوء فيها.
ولشحة المياه الصالحة للشرب في اليمن مشكلة أخرى تضطر معها بعض النساء إلى اللجوء لمصادر المياه غير الآمنة التي قد لاتخلو من المرض، وذلك لاستخدامات كثيرة، كغسل الملابس بمياه البرك أو الغيول البطيئة الجريان، أضف إلى ذلك انجذاب الأطفال والنشء إلى السباحة في مياهٍ كهذه، وأن من بين الناس من يلجأون إليها للوضوء أو الشرب.
وأحب أن أنوه بأن توجه منظمة الصحة العالمية ببذل أقصى جهد نحو التوزيع المباشر والجماعي للأدوية جاء لتغطية أكبر عدد ممكن من الأهالي في المناطق والمديريات الموبؤة، ذلك أن كلفة العلاج أصبحت رخيصة مامكن من توفير كميات كبيرة منها لإيصال العلاج إلى كافة المستهدفين، وهم في الحملة الوطنية للتخلص من البلهارسيا في الفئة العمرية من «618عاماً».
وقضية التثقيف الصحي مهمة، لأن التوعية ضرورية حول البلهارسيا، لكنها تأتي كمرحلة ثانية تعقب التوزيع الجماعي للعلاج.
لذا نلاحظ في الحملة الحالية أن التركيز جاء على الجانب الإعلامي.. فهناك توزيع لمطبوعات برنامج مكافحة البلهارسيا التوعوية الاعتيادية، إلى جانب المطبوعات التي تم طباعتها لأغراض الحملة.
استراتيجية المعالجة
هل تبقى فاعلية وكفاءة جرعة علاج البلهارسيا مدة طويلة في الجسم؟ وماهي الاستراتيجية المتبعة لصرف وإعطاء هذه الجرعات في حملة التخلص من البلهارسيا؟
مدة العلاج ليست طويلة، من الممكن لستة أشهر كحدٍ أقصى وليست لمدى الحياة، ولذلك سيتكرر تنفيذ هذا النوع من الحملات في بعض المناطق التي تنتشر فيها الإصابة.. ربما كل «6أشهر»، وفي بعض المناطق المعتدلة أو الخفيفة الإصابة.. ربما مرة كل عام.
ولابد من استمرار إعطاء العلاج لأنه لايبقى مدى الحياة في الجسم ولايُعطي وقاية مدى الحياة.
إذ أنه علاج وليس لقاحاً.
وأؤكد بأن استراتيجية التوزيع للعلاج الجماعي مهم جداً، فعند توزيع العلاج وأخذ وتناول كافة المستهدفين له في الفئة العمرية من «618عاماً» يمكن من تيسير القضاء على البلهارسيا داخل جسم الإنسان.
وبالنسبة لمكافحة طفيلي البلهارسيا في البرك وماشابه، فإنه إذا استمرت وتكررت المعالجة الجماعية على مدى سنوات عديدة، تتراوح من «57سنوات» فعندها ستكون مجدية بالطبع وستقطع حلقة العدوى، لأننا عندما نقضي على طفيلي المرض في جسم الإنسان سنكون قد قطعنا شوطاً كبيراً في العلاج.
صور المضاعفات
للبلهارسيا تأثير كبير على الصحة وعلى الحالة الغذائية، وحتى على العمليات الإدراكية بالنسبة لصغار السن.. ماتعليقك على هذا؟
أبرز عرضٍ للبلهارسيا خروج دم مع البول في نوع البلهارسيا البولية، أو خروج دم مع البراز البلهارسيا كما في البلهارسيا المعوية، وهذا يؤدي إلى فقر الدم «الأنيميا».
بالتالي تضعف مناعة الشخص وتضعف بنيته، مما يؤدي إلى ضعفٍ في التركيز الذي قد يكون سبباً من أسباب التغيب عن الدراسة في المدارس، وهذا مهم جداً.
وما من شك أن ضعف مناعة الإنسان تعرضه إلى سوء تغذية، ونحن نسمي هذا التدعور في الصحة حلقة مفرغة، فالإصابة بالبلهارسيا تؤدي إلى ضعف في البيئة، ثم إلى سوء التغذية وسوء التغذية بدوره يضعف المناعة ويؤدي إلى الإصابة بعدوى الأمراض ويضعف الذاكرة والعمليات الإدراكية.
والتأثيرات هذه دون شك خطيرة جداً بالذات في المراحل المتأخرة لدى بلوغ المضاعفات الشديدة كتليف الكبد، سرطان المثانة، ارتفاع الضغط في الوريد البابي للكبد المؤدي إلى دوالي في المريء بجسم الإنسان، ومن ثم يمكن أن يؤدي إلى النزيف «تقيؤ دموي»؛ فقد يذهب المريض إلى المستشفى وهو يتقيأ دماً، وفي هذا خطورة عليه، وتنسب هذه المضاعفات للبلهارسيا المعوية.
أما مضاعفات البلهارسيا البولية فأخطرها وأشهرها سرطان المثانة والفشل الكلوي.
المستهدفون بالمعالجة
أكان اختياركم في حملة التخلص من البلهارسيا للفئة العمرية من «618عاماً» واستهدافها بالمعالجة في المدارس على اعتبار أن هذا الطريق الأسهل دون أية اعتبارات أخرى؟
ليست الفكرة الأساسية أن الوصول أسهل للفئة العمرية من «618عاماً» فهم الفئة الأكثر عرضة وإصابة بالبلهارسيا، لذا تم استهدافها، إذ أن البيانات والإحصاءات تشير إلى أنها أكثر فئة عمرية تتعرض لعدوى البلهارسيا، كونها أكثر احتكاكاً بمصادر المياه الراكدة من خلال السباحة في البرك والمياه الموبؤة بالمرض، إلى جانب وجود فئة أخرى تتعرض للمرض وهي فئة المزارعين الذين يتعاملون مع مصادر المياه غير المأمونة لري مزروعاتهم دون اتباع تدابير الوقاية من خلال ارتداء الأحذية المطاطية الحامية للقدمين والساقين.
بحسب تقديراتكم.. كم تشكل الفئة المستهدفة في الحملة بين السكان؟ ولماذا عنيت بالتحديد؟ وهل تعطى أولوية للطلاب غير الملتحقين بالمدارس لتلقي العلاج؟
الفئة العمرية من «6 18عاماً» المستهدفة في حملة التخلص من البلهارسيا تشكل حسب التقديرات نسبة «80%» من المصابين بالبلهارسيا، فاستهدافهم فعلاً هدف كبير جداً، إلى جانب أنهم في التعداد السكاني يشكلون ربما أكثر الفئات السكانية تعداداً، إذ يمثلون تقريباً من «46% 50%» من إجمالي السكان باليمن، فهم فئة كبيرة جداً، علاوة على سهولة الوصول إليهم، لأن الإحصاءات تشير إلى أن «69%» من هذه الفئة ملتحقين بالمدارس، بينما «31%» غير ملتحقون بها، حيث إن الحملة تستهدف جميع هذه المرحلة العمرية.
هنالك رسائل صحية للآباء والأمهات تم طباعتها في المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني.. تنصحهم وتدعوهم إلى ضرورة إحضار الأطفال غير الملتحقين بالمدارس لأخذ العلاج خلال موعد تنفيذ الحملة، ودعونا فيها طلبة المدارس إلى أخبار وحث من يعرفونهم من غير الدارسين الذين ينتمون إلى الفئة المستهدفة من «6 18عاماً» وذلك للحضور للعلاج في المدرسة.
الشق الآخر للإجابة.. نحن نفرح بغير الملتحقين بالمدارس إذا جاءوا إلى المدرسة حتى نعطيهم العلاج.. أما طلاب وطالبات المدارس فهم موجودون، وإذا كانت المدارس مكتظة، فهناك فترة كافية في الحملة لتلقيهم للعلاج وهي أربعة أيام.
تعليمات وإرشادات
برأيك.. مايلزم لإعطاء علاج البلهارسيا خلال الحملة من نصائح وإرشادات؟ ولماذا يتم تحديد الجرعة بناءً على الطول بدلاً من الوزن؟
أولاً، أنصح الطلبة وغير الطلبة في الفئة المستهدفة من «618 عاماً» أن يأتوا يوم الحملة وقد تناولوا طعامهم حتى لايؤثر العلاج على المعدة، هذه أهم نصيحة.. المهم أن يأتوا إلى المدرسة لأخذ علاج مرض البلهارسيا وبطونهم غير خاوية من الطعام.
وهناك ارتباط بين الطول والوزن، وعلى هذا الأساس أعتمد هذا الشريط الخاص بقياس الطول، وهو شريط واضح يتم تعليقه على الجدار، ومن ثم يحضر الطالب أو الطالبة ليقف أمام الشريط ليتم قياس طوله، وبناءً عليه تحدد الجرعة.
ومن واقع الدراسات والتجارب في الدول الأخرى ثبتت فاعلية الشريط المستخدم لقياس الطول لتحديد المقدار الملائم من جرعة حبوب العلاج، ولايوجد في هذه الطريقة أي لبس.
وبالمراقبة والإشراف أثناء الحملة، إذا وجدت أي أخطأ يتم تصحيحها فوراً من قبل العاملين والمدرسين.
وأحب أن أشيد هنا بالإخوة في وزارة التربية والتعليم الذين ساهموا معنا كثيراً، وكذا بتعاون وتفاعل وزير التربية والتعليم وفريق التنسيق المشترك بين وزارة الصحة العامة والسكان ووزارة التربية، حيث تم تدريب مدرسين في المدارس لهذه الحملة ليساعدوا على تنظيم الطلبة بقياس أطوال الطلاب بالشريط الذي ذكرته، وأيضاً لإعطائهم الجرعات اللازمة.
ماذا عن الإجراءات الوقائية التي من شأنها تغيير ممارسات وسلوكيات غير صحية أضحت مترسخة في المجتمع ويعزى إليها التسبب بالإصابة بالبلهارسيا؟
تغيير السلوك من أصعب الأشياء، لكن الأمر ليس مستحيلاً ولابد من بذل جهود فيها ولو أن «30%» من السكان قاموا بتغير سلوكهم نحو الأفضل، فهذا مكسب كبير لبرنامج المكافحة أو التخلص أو الاستئصال.
ويجب أن يقوم الأب والأم بدورهما في المنزل في السنوات الأولى، في تربية الطفل على السلوكيات والعادات الصحية السليمة.
ودور الوالدين إذا كانوا مقتنعين بالرسائل الصحية الموجهة إليهم لتغير السلوك بأنماط إيجابية، فسيعكسون ذلك على تغيير سلوك أبنائهم، أما المدرسة فدورها يأتي لاحقاً بعد الأسرة.
أيضاً الإعلام بقنواته المختلفة والمساجد بقيام خطباء الجمعة بدورهم في الإرشاد والحث على النظافة سيسهمون بدورهم في تغيير السلوك.
كل هذه القنوات إذا اجتمعت معاً تعد بمثابة حملة إعلامية كفيلة بتغيير أنماط السلوك غير الصحي، إلى جانب بعض الإجراءات لابد من اتخاذها مثلاً المجلس المحلي في المديرية يجب أن يقوم بدوره بأن يضع حلولاً للبرك كعمل حواجز أو سياج للبركة، وبالتالي يتسنى التحكم بدخول الناس إلى البرك، أيضاً النهوض بمشاريع التنمية، بتأمين المياه الجوفية وتوفير مياه الشرب النقية، وعندها لن يكون هناك داع لذهاب الناس إلى البرك وماشابه، مادامت المياه النقية والنظيفة وفيرة وفي متناول الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.