فرضت التطورات المتلاحقة والطموح المتوقع للتعليم وصولاً لهدف التعليم للجميع في بلادنا، دمج الطلاب والطالبات من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في إطار المدارس العامة والاهتمام بهم كفئات تحتاج إلى منحى دمجي لتطور خدمة إنسانية من خلال التربية الجامعة «الشاملة» التي استفاد من تطبيقها خمسمائة وخمسة طلاب من منتسبي هذة الفئة بأمانة العاصمة. وتعرف التربية الشاملة بأنها حق كل طفل في التعلم وضمان التحاقه في المدارس العامة بغض النظر عن الفروق الفردية مع أقرانه على أن تقر المدارس احتياجاته وتستجيب لها وتكفل تعليماً رفيع المستوى للجميع في ظل مناهج تعليمية ملائمة، وأساليب تربوية متطورة، واستراتيجيات تعليم مرنة لا تعتمد على التلقين. ويعرف الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة بأنهم الأطفال ذوو الإعاقة والموهوبون والمتفوقون وأطفال يعانون من صعوبة التعلم وأطفال الشوارع والفقراء والأيتام والعاملون والمحرومون والمهمشون اجتماعياً والفتيات في المناطق الريفية. حيث يفيد مدير مكتب التربية الشاملة بوزارة التربية والتعليم بالأمانة عبدالكريم المصباحي أن التربية الشاملة تسهم في إيجاد جو تكافؤي للفرص الطفولية مهما كانت فروقهم لتكون المنطلق الأول لاحتضان دمج الطلاب والطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العامة رفضاً للعزلة العالمية التي حاصرت الأطفال ذوي الإعاقة حتى منتصف القرن العشرين. لافتاً إلى أن أهداف التربية الشاملة التي بدئ تطبيقها ببلادنا من عام 2003م تشمل إزالة المعوقات، وبناء الخبرات الإيجابية لدى الأطفال من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة وأقرانهم الأطفال العاديين إضافة إلى رفع الوعي المجتمعي، وتشجيع المواقف الإيجابية للأطفال العاديين تجاه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحسين نوعية الحياة لهم، وتأهيل التربويين والاختصاصين الاجتماعيين، والإدارات المدرسية للتناول الإيجابي مع قضايا هذه الشريحة لتشجيعهم وزيادة مهاراتهم بهدف خلق تنمية شاملة للفئة الطفولية الأكثر انزعاجاً من خصوصية احتياجها وأكثر قدرة على تجاوز هذا الاحتياج. وتوضح إحصائيات مكتب التربية الشاملة بأمانة العاصمة أن المكتب تمكن من عام 2003 وحتى العام المنصرم 2007م من تدريب معلمين ومعلمات من الصفوف (13) من التعليم الأساسي وعقد عشر دورات أكسبت مائة وخمسين معلماً ومعلمة مهارات التعامل مع أساليب وأهداف التربية الشاملة، ومناقشة الأطفال من هذة الفئة حول احتياجاتهم وكبح سلوكيات الاستخفاف بها وتشجيع التعامل الإيجابي لبناء صداقات مع أقرانها.. ملخصاً تجربة التربية لشاملة بالأمانة بثمانية مجالات، توزعت على مجال التدريب، التقدير، المراقبة، تغيير النظرة، التخطيط والبحوث، ومجال تحسين البيئة التعليمية، والتنسيق والمتابعة، الإحالة والتوسع. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن الإعاقة تحاصر 12.2 بالمائة من إجمالي عدد سكان العالم، فيما تقدر نسبة الإعاقة في اليمن حسب المتوسط الدولي الذي حددته منظمة اليونسكو من إجمالي عدد السكان 12.2 بالمائة، وبحسب التقديرات الوطنية الرسمية للسكان لعام 2002م يبلغ العدد التقديري للمعاقين 2.35 مليون شخص منهم مليون طفل معاق. حيث تأتي الإعاقة الحركية أولاً تليها الإعاقة الذهنية تليها الإعاقة البصرية ويسجل العالم مخاوفه بصعوبة التعلم لهذه الفئات تطول 15 إلى 20 بالمائة من طلاب المدارس العامة في الدول المتقدمة، فيما يظل الرقم والنسبة التقديرية مجهولة لدول العالم الثالث والدول الأشد فقراً. وتنشط منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في بلادنا بمساندة الجهات الحكومية في تفعيل التربية الشاملة انطلاقاً من دستور الجمهورية اليمنية الذي يكفل تكافؤ الفرص وأحقية الجميع في التعليم وإلزامية التعليم الأساسي وقانون وزارة التربية والتعليم إضافة إلى الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تدعم التربية الشاملة والتي وقّعت عليها بلادنا منها مؤتمر جومتين 90م ومؤتمر سلامنكا 94 والقواعد الموحدة لتكافؤ الفرص للأشخاص المعاقين 93م والمنتدى العالمي للتعليم للجميع بداكار 2000م وتعميم التعليم للجميع حتى عام2015م. فيما تنطلق اتجاهات التربية الشاملة ببلادنا إلى اتجاه أول يركز على مدارس التربية الشاملة، حيث تنشط ست مدارس بأمانة العاصمة بهذا النمط التربوي، حيث تحتضن ثلاثمائة وثلاثة وخمسين طالباً وطالبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما يختص الاتجاه الثاني بست مدارس التربية الخاصة تضم تسعمائة وأربعة وخمسين من الطلاب والطالبات ذوي الإعاقة لتساند ثلاث مدارس دمج أخرى النشاط التربوي كما تضم 32 مدرسة عامة ثمانية وأربعين من طالبات الدمج الكفيفات إضافة إلى عشر مدراس للذكور تضم ثلاثين طالباً كفيفاً من المدموجين وثلاث مدراس تضم تسعة وستين طالباً أصم وأبكم. ويلخص تقرير إدارة التعليم والدمج بجميعه الأمان لرعاية الكفيفات فوائد الدمج في تفادي التأثير السلبي لنظام العزل واكتساب المهارات الأكاديمية والاجتماعية لهذه الفئة مساواة مع أقرانهم العاديين.. فيما حذر التقرير من سلبيات الدمج في تحوله من وسيلة تقبل اجتماعي إلى هم وإحباط للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة حسب ترشيح سلبيات الدمج التي خلص إليها باحثون اجتماعيون أمثال (هلاهان، ووكفمان، ونورويش وكيرك وود وجاليجر) واعتبروا التأثير العكسي للتربية الشاملة يتمثل في إحساس مضاعف بالعزلة في حال عدم وجود فرص متكافئة بشكل مناسب مع أقرانه العاديين أو استخدام المعيار التحصيلي للمعلومات والمناهج الدراسية كأساس لتقييم هذة الفئة إضافة إلى فقدان الاهتمام الخاص الذي يحصل عليه المعاق خصوصاً في المدارس الخاصة. ويمثل الطموح النوعي للتربية الشاملة دعماً أساسياً لتجاوز خصوصية فئة الموهوبين الأكثر قبولاً والمعاقين والمهمشين وغيرهم الأقل تقبلاً في المجتمع والأطفال العاديين المفروضين كواقع طبيعي وحتمي بالمجتمع لتظل التربية الشاملة حلماً تنموياً طامحاً يسمح لمليون طفل يمني من تجاوز إعاقاتهم ويمكن الأطفال الموهوبين والمتميزين من النجاح اللافت والداعم للتنمية مستقبلاً. ويظل الطموح الطفولي في تجاوز الخصوصية فيما يتسع الأمل الحكومي إلى تطبيق التربية الشاملة لإيجاد فرص تكافؤية غير عقابية على قدرية الإعاقة والتميز والموهبة والتهميش واليتم والعوز والفقر والحرمان.