حذّر مدير متحف ظفار عبدالله العنابي من استمرار بقاء خمسة آلاف قطعة أثرية في مخازن المتحف منذ أكثر من 15 سنة دون ترميم أو عناية تذكر. وحمّل العنابي الجهات المعنية مسؤولية تعرضها للتلف أو الصدأ والتآكل في حال لم تسارع باتخاذ الإجراءات اللازمة لترميمها وتوثيقها وعرضها باعتبارها تضم قطعاً في غاية الأهمية التاريخية فضلاً عن كونها تمثل عروضاً أثرية يحتاج إليها المتحف، علاوة على أنه مضى عليها فترة طويلة وهي (مكدسة) في المخازن على حد تعبيره.. مشيراً إلى أن المخازن غير مهيأة لحفظ وتخزين قطع أثرية. ويتحدث مدير المتحف لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن الوضع السيئ للمتحف والحال التي وصلت إليه خدماته في ظل استمرار تجاهل الجهات المعنية في الهيئة العامة للآثار ووزارة الثقافة لرسائل المناشدة وصيحات المطالبة بإنقاذ المتحف وتعزيز آلية عمله بما يتيح له حماية مقتنياته وتقديم خدماته بما يليق به كمتحف يمثل نافذة على حضارة مملكة سبأ وذي ريدان التي تعد من أبرز ممالك اليمن القديم. وأشار العنابي إلى أن معاناة المتحف تبقى أكبر بكثير مما ذكر، إذ أن المبنى الحالي يعاني من تسرب مياه الأمطار إلى أروقته مما يهدد القطع الأثرية المعروضة بالتلف، كون جزء من سقف المتحف يعتمد على الأخشاب وليس الأسمنت المسلح.. وطالب العنابي الجهات المعنية بناء دور ثانٍ للمتحف حسب توجيهات وزير الثقافة السابق كون القطع الأثرية كثيرة والمكان ضيقاً ومن أجل تنشيط الحركة السياحية بالمنطقة إضافة إلى أهمية المتحف الاقتصادية في جذب السياحة وخلق فرص عمل لأبناء المنطقة. ويقع المتحف بالقرب من موقع العصيبية الأثري والذي تعرّض للنهب والعبث بمحتوياته ومعالمه من قبل بعض أهالي المنطقة في سياق عمليات نهب وعبث بالعديد من المواقع في هذه المنطقة التاريخية الهامة. وأنشئ المتحف عام 1982م في مبنى تقليدي غير مخصص للعمل المتحفي، عند مدخل قرية ظفار بالقرب من جبل ريدان في إطار منطقة ظفار التاريخية بمديرية السدة بمحافظة إب، ويضم نحو 300 قطعة أثرية قيمة تم العثور عليها خلال الفترة الماضية عبر بعثات التنقيب الأجنبية والمحلية إضافة إلى أن جزءاً منها عثر عليها الأهالي. ويتكون المتحف من ثلاثة أروقة بتجهيزات فنية متواضعة يضم الرواق الأول المقتنيات الحجرية من الآثار النقشية والنحتية، فيما يضم الرواق الثاني المقتنيات من الأثاث القصري والمنزلي والجنائزي، وفي الرواق الثالث نجد المقتنيات من الآثار المعدنية الذهبية وغيرها. ويشتمل الرواق الأول مقتنيات نقشية نحتية حجرية أول ما يلفت انتباهك منها بمجرد أن تتجاوز بوابة المتحف حجرة كلسية بطول مترين وعرض متر ونصف عليها نقش حميري ترجمه للعربية المتخصص في شئون الآثار الحميرية ومدير المتحف السابق الراحل أحمد عبدالولي الأشول. ويتحدث هذا النقش الكبير عن تجديد وإصلاح قصر ذي ريدان على يد شرحبيل يعفر بن أبو كرب أسعد (أسعد الكامل)، ويصف كيفية زخرفة القصر بتماثيل برونزية ورسومات أسود ونمور وبرك مزخرفة بالنوافير والرسوم الحيوانية، كما يشير النقش إلى إعادة ترميم سد مارب، ويعد هذا النقش مؤرخاً بعام 562م بالتقويم الحميري الموافق 447 ميلادي. ويضم الرواق الثاني قطعاً أثرية منحوتة لتماثيل برونزية ورؤوس أثوار ووعلان، إضافة إلى أحجار بلقية مرسوم فيها أشجار العنب وثمار فاكهة وفرسان وأحجار منحوتة عليها حيوانات خرافية ومجنحة وسيوف وعقود قصور ومسارج حميرية للإضاءة اعتماداً على زيت الترتر والجلجل وأوانٍ فخارية جميعها حميرية، إضافة إلى بعض الآلهة الوثنية والأبراج الفلكية وأوزان ومباخر حميرية ومذابح وأدوات حادة من السيوف والخناجر والسكاكين. فيما يحتوي الرواق الثالث مجموعة من الأساور والأختام الساسانية والخرز والحلي الفضية مثل الخواتم والأقراط وجميعها تعود إلى العصر الحميري، إضافة إلى شمعدانات ولجامات خيول برونزية وصور وتماثيل حجرية وبرونزية والمطاحن الحميرية جميعها ترجع إلى القرن الأول والرابع الميلادي. ويظهر من محتويات الأروقة الثلاثة على توزيعها المتخصص ثمة تداخل في المحتويات بينها جميعاً، مما يوحي بغياب الاهتمام المتحفي المتخصص وهو الأمر الذي لمسناه يطغى على وضع خدمات المتحف بشكل عام.