حداد بن حسن بن عبدالله الكاف شاعر وملحن وهب حياته للنهوض بفن الدان الحضرمي قرابة نصف قرن من الزمان ووجد فيه عشاق الدان فناناً ملحناً ملهماً كثيراً ما أثرى الغناء الحضرمي بروائع الحانه وبديع كلماته ويعد الشاعر الغزلي حداد بن حسن الكاف واحداً من أبرز عباقرة الدان الحضرمي الذين ذاع صيتهم في وادي حضرموت وحظوا بمكانة عالية حيث ظل يشدو بالحانه الجميلة الدقيقة الرائعة أشهر المغنين المعروفين منهم عاشور أمان وعوض حميد وعوض فاضل بل يعتبر الفنان اليمني الكبير الراحل محمد جمعه خان الوحيد بين الفنانين اليمنيين الذين عمدوا إلى نشر تلك الألحان بين جماهير مدن وقرى الساحل الحضرمي واليمن عموماً ولربما قد ذهب العديد من ألحان حداد بن حسن بفعل النسيان أو الأهمال لكن الألحان التي غناها الفنان الكبير محمد جمعه ومن بعده الفنان اليمني الكبير أبو بكر سالم بلفقيه ظلت باقية تتحدى الآفات وتزداد مع مرور الأيام جدية ونقاء ومن أبرزها فتاة قلبي يالمختم، أو ذا فصل نظمه في السمر وأحكام، أو حيا ليالي جميلة وغيرها كثير، ولكن كيف نفسر هذا الذوق الفني لمثل هذه الأغاني وقد مضى عليها الآن سنوات طوال بيد أن الألحان المسجلة على أشرطة الكاسيت التي نستمع كل يوم إلى الجديد منها إلا أنها لا تساوي شيئاً البتة إذا ما قيست بمثل ألحان الشاعر الفنان الغزلى حداد بن حسن الكاف رحمه الله وتعد أسمار الدان في البيوت وأصوات النساء في الحقول أهم العوامل التي ساعدت على إنشاء الأغنية الحضرمية على نطاق واسع جداً. وفي دراسة للمؤرخ والكاتب اليمني القدير الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف عن الشاعر حداد بن حسن الكاف وصف شعر حداد بأنه منصب ومنحصر في الغزل لا يكاد يثنيه عنه مثنٍ وكانت المرأة الجميلة تملأ كل الدائرة الأفقية في مخيلته الشاعرية وكان حداد غزلاً بالاستعداد الفطري وبالتجربة الشخصية ولذلك كان أصيلاً في التعبير عن وجدانياته وعواطفه ومواقفه من الجمال وفتوحاته وهزائمه الغرامية وأضاف البامطرف في دراسته الأدبية القيمة لقد كانت أصوات الدان التي يلحنها حداد نفسه أو التي يلحنها غيره وسيلة لنشر أشعاره وذيوعها بين الناس ومن ناحية الشكل والموضوع لم يكن شاعرنا حداد يعتمد في صياغة أشعاره على سند من معاصريه أو الذين مضوا قبله من الشعراء الشعبيين وكان شعره كله من العامي والفصيح ومنطوياً على المعاني الطريفة والصور الرائعة في أشكال تفرد البعض منها تفرداً يثير الإعجاب ومع قوة جذوة الوجد البارزة في اشعاره لم يكن إلا حباً عفيفاً نقي السمعة متديناً. ولم يخف مؤرخنا بامطرف اعجابه بالشاعر والملحن حداد بن حسن الكاف فقد قال: إن أشعار حداد الغزلية تؤكد التزامه بالوفاء والشرع في احواله الخاصة وعلاقاته الاجتماعية أو كما قال في إحدى اغانيه مذهبي مذهب رجال الشرع والجود لدى حديثه عن المرأة المثالية المستحوذة على مشاعره لا يخفي أنه لم يكن يهمه هذه الدنيا مشى عبر المرأة الجميلة أو الحسان الحور على حد تعبيره وهو بهذا الإفصاح فالشاعر حداد يعبر عن موقفه من جمال المرأة وعلى شفتيه ابتسامة عريضة يغيظ بها المتزمتين فقد قال في إحدى أغانيه الجميلة ضرب خيط المزاهر ونسم بالغناء حبان ساهر سير البدر من كثر الشواغل في عناء وفكور ولا لي قلب ذاكر في الدنيا ولا في الغلس فاكر ولا فكري بشى ما غير فكري في الحسان الحور بهن ما زلت حاير بلانا الله في سود المحاجر تحملت به متاعب ومحبتهن وخضت بحور ومن ولعه بألحان الدان يقول: مفعل يا أهل القرن شلونا واطرحونا حينما ترضون حيثما ترضون فضلا ويعنونا بي مرض من وطفكم متعوب شو دوى الليم لي في بير مشهور نسنسوا بالدان واحيونا عندكم من مات حد تحيون ضيفكم والضيف واجب تكومونا خلع راشد فيه لي مطلوب إن حصل والا كفى والعاد بازور ووصف المؤرخ والكاتب اليمني الكبير بامطرف أشعار حداد الغزلية بأنها صادقة لما كان يشده في المرأة من صفات وشمائل من الوضاحة والحسن والهيف والرشاقة وصفاء الصوت واعتدال القوام والطراوة والنظرة الساحرة والابتسامة العذبة وهكذا تدلنا اشعاره على أن تطلعاته إلى المرأة تطلعات موضع اهتمام العرب المرهف الحس من قديم الزمان إلى يومنا هذا ومن أشعاره وتعلقه بالحسان يقول في أغنيته المشهورة: اليوم قابلت محبوبي نهار الخميس العشق بلوى ومن فشله حنب وانتشب كله سواء ما يحصل مقصده والطلب تاجر وانه فليس عشقتك حلت بخاطرنا انته كما ليلى وأنا المجنون خلقك ربي وأنا مثلك خلقنا للمحبه وانته المحبوب سنة الله ذالنا مقدر ومكتوب ومن أغانيه أيضاً: قال الفتى المشتاق صوت الدان ذكرنا أهل المحبة لي عليهم خاطري محنون ياعين حبي ليش بحق تبكين من بعد المحبين رب لا تحمل العبد يوم البعد عذب كل إنسان ومنها أيضاً... اغنيته قال الفتى العاشق البارح سمع عنقه ويتبع الصوت من عدقه إلى عدقه مسكين حداد ما يلتام وبودي الا وسط بستانها ندقه بيت وظلي ولعاد ما تتذكر المشروب المطعوم من عشقة الغيد عظامي في غدت دقه ومن السهر ركت الأقدام والجوف يخلع بدم والقلب له دقه ما خطب قلبي باروح فيد الغواني هكذا مظلوم ومن أغانيه نذكر هنا عناوينها.. ذا فضل نظمه من الممر وأحاكم با سألك يا عاشور عن حال البلد، ردده رده برده مضناك الغواني ليله سعيدة يقول بن هاشم: بكت لعيان دم واحتن قلبي، خرج ذا فضل طالب الأنس في دار بو علوي. توفي الشاعر الملحن حداد بن حسن الكاف عام 1969م.