من الملاحظ خلال السنوات الماضية قيام ورشات تأهيلية ودورات تدريبية تحت مسميات شتى، تتناول برامج وموضوعات متعددة بغرض التأهيل وإكساب معارف حديثة لمواكبة كل جديد كل فيما يخصه. وترصد لها الكثير من المخصصات المالية بعضها بالعملة الصعبة وهي ضرورية نظراً لعدم توافر الكادر الإداري المؤهل بصورة كافية، الأمر الذي لا يتناسب والتطورات المتلاحقة لعلوم ومعارف العصر. غير أن ما يحز في النفس أن المعارف التي تُكتسب في ورشة العمل الخاصة أو الندوة الفكرية أو الدورة التدريبية لا تترجم على أرض الواقع، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك، حيث يعتبرونها نقطة تساهم في إثقال الكاهل الإداري بالمزيد من الفساد من حيث يفترض أن تكون عاملاً حيوياً في محاربته والحد من آثاره. لكن هناك من يرى أن الورشات ساهمت بفاعلية في تطوير وتحسين الأداء الإداري مكتبياً كان أو ميدانياً، ولا سبيل في وضعنا الراهن الاستغناء عن إقامتها بل والمطالبة بتوسيع اهتماماتها. وفي ضوء ذلك أصبحت القضية محل خلاف تفتح الباب على مصراعيه لدراسة أعمق وأشمل لمضامين وبرامج وأهداف هذه الورش، وتقييم مردودها الفعلي على الارتقاء بالمستوى الإنتاجي للوحدات الإدارية المختلفة. وحول هذه المسألة الشائكة وللاقتراب أكثر على حقيقة ما يدور كان لنا بعض اللقاءات مع قيادات إدارية وعناصر وظيفية مشاركة في مثل هذه الدورات، علماً أن هناك من لجأ إلى التسويف والمماطلة للتهرب من شرنقة التعليق.. استفادة شخصية المهندس عبدالله الشاوش مدير عام كهرباء منطقة يريم قال: الحقيقة إن مثل هذه الورش والدورات التأهيلية مهمة جداً، خاصة في ظل مستوى العطاء الإداري الحالي.. وأنا شخصياً شاركت في عدة ورش عمل استفدت منها استفادة كبيرة واكتسبت معلومات، ولكن على المستوى الشخصي لأن ترجمتها ميدانياً تحتاج إلى إمكانات ووسائل ليست متوافرة لدينا. تأهيل لليد العاملة أما خالد زيد عمران مدير عام الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع ذمار، البيضاء فقال: الصندوق الاجتماعي للتنمية المنشأ بالقانون رقم 10 لعام 1997م حريص منذ البداية أن يتضمن برامجه ومشاريعه الخدمية والتنموية تأهيل اليد العاملة لتتمكن من إيجاد فرصة عمل مناسبة لتلك القدرات، لذلك يتم الاهتمام بإقامة ورش عمل ودورات مختلفة وفق خطة علمية مدروسة وممنهجة. ومن خلال التقييم يلاحظ تحسن كبير وبنسب عالية في مستوى الأداء الإداري والنشاط الميداني، لأننا لا نترك الحبل على الغارب بعد إقامة أية ورشة عمل، فما أن يتم الانتهاء من فعاليات أية ورشة أو دورة تأهيلية إلا ويعقبها وضع برنامج للنزول الميداني إلى مختلف المديريات والمناطق، الأمر الذي يعكس مدى استفادة المشاركين من المعارف والمعلومات التي اكتسبوها. وهناك عدة دورات تأهيلية للمتطوعين والعاطلين عن العمل ومثلها للمجالس المحلية في مختلف المديريات في مجالات مهمة ومرتبطة بمهامهم مثل المشاركة المجتمعية وإعداد وتخطيط الموازنة، وأعتقد أنها حظيت بنجاح كبير. تخاطب واقعاً آخر محمد علوي مدير إدارة التدريب والتأهيل بمستشفى ذمار العام قال: صحيح هناك ورش عمل ودورات تأهيلية كثيرة، ولكن لم نسأل أنفسنا ماهي النتائج التي تحققها هذه الدورات على أرض الواقع؟ والجواب بكل صراحة وبدون مواربة لا نستفيد من ذلك شيئاً، فهو مجرد صدى وصرف مخصصات مالية وينتهي كل شيء وكأن شيئاً لم يكن.. الموضوع يحتاج إلى مراجعة بالفعل، ويجب أن تكون هناك آلية محددة المعالم وشفافة حتى نتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة والمتوخاة من إقامتها. أما إذا استمرت الأوضاع على ماهي عليه الآن فالأفضل صرف النظر عن هذه الورشات والدورات وإلغاؤها. وكلامي هذا ليس من فراغ، شاركت أنا في عدة دورات ولمختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية، ولكن لا فائدة، كون المعلومات التي تستقيها لا يمكن تفعيلها على الواقع، وفي بعض المحاضرات نحس أنها ليست موجهة لنا هنا في اليمن بل أخطأت الطريق لأنها موجهة لخصوصية واحتياج دولة أخرى لا نعلم عنها شيئاً. نتسابق على المخصصات أما محمد علي الخربي موظف الإنشاءات فقد قال: حقيقة لا نستفيد من هذه الدورات شيئاً، وعندما نتسابق للمشاركة فيها يكون بسبب الحصول على المخصصات المالية ليس إلا..! وأضاف: ورغم أن لدينا إدارة المتابعة والتقييم إلا أن الإمكانات المادية والمعنوية تحول دون تفعيل دورها لعدم توفر الإمكانات. ناجحة بشكل كبير من جانبه عبده علي الحودي مدير عام مكتبة البردوني العامة بمحافظة ذمار قال: بالنسبة للمكتبة فالإدارة تنفذ العديد من الدورات مثل دورات كمبيوتر ولغات وتخطيط استراتيجي، وكلها ناجحة وتطبق ميدانياً وساهمت في تحسين الأداء بشكل ملحوظ وملموس.. وهناك ورشات متلاحقة لمركز الحوار أيضاً موفقة ويتم متابعة التطبيق بصورة دائمة. وهذه الورشات مهمة جداً، لأن الإدارة الناجحة يجب أن تكون لديها بدائل وخيارات ممكنة لتنفيذ دورات تتطلبها مصلحة العمل وبأهداف محددة عن طريق دراسة القدرات البشرية داخل أي مرفق أو مؤسسة حكومية وحتى خاصة.. وبالتالي يتم وضع تصور عام لتنمية هذه القدرات، ولا أنسى هنا أن أشير إلى دورة البرمجة اللغوية العصبية التي نفذتها المكتبة لطلاب المدارس، وأخرى تحت عنوان «كيف تكون طالباً متميزاً؟»، وثالثة لخلق علائق طيبة أسرية بين الطفل والأسرة.. ولا أبالغ إذا قلت إن هذه الدورات مجتمعة حققت نسبة نجاح عالية قد تصل إلى 80%. لا أذكر حتى العنوان أما محمد علي النمر مدير إدارة الخدمة المدنية بمديرية ذمار فقد قال: الورشات والدورات التدريبية في معظمها إذا لم نقل جميعها لا تجدي نفعاً ولا نرى من خلالها أي تغير وكل ما في الأمر مشاركة لأجل المخصصات المالية فقط، والدليل أن هناك دورات تدريبية قد تكون مهمة لكن بدون مخصصات مالية للمشاركين لا تحفز أحداً للمشاركة من أجل اكتساب مهارات ومعارف جديدة.. وأنا شاركت في عدة ورشات صدقني أنني لا أذكر سوى العنوان وربما لا تسعفني الذاكرة لذلك والاستفادة القصوى كما قلت هي المخصصات