تعكف وزارة الإدارة المحلية هذه الأيام على إعداد الاستراتيجية الوطنية للانتقال لنظام الحكم المحلي من أجل تفعيل الدور التنموي للسلطة المحلية بغية تحقيق تنمية محلية مستدامة. وتوقع وكيل وزارة الإدارة المحلية لقطاع التنمية محمد حمود الحمادي أن يتم الانتهاء من إعدادها وتقديمها إلى الحكومة لإقرارها خلال النصف الثاني من العام الجاري. مشيراً إلى أن عملية تعزيز تجربة السلطة المحلية تمثل أحد المكونات الرئيسة لبرنامج الحكومة باعتبارها واحدة من عناصر الحكم الرشيد، ووسيلة لإدارة الشأن المحلي وتقديم الخدمات وتحقيق تنمية محلية مستدامة. وقال الحمادي في حديث لوكالة الأنباء اليمنية سبأ: إن الحاجة إلى استراتيجية وطنية للانتقال للحكم المحلي مبنية على توجه واضح، تدريجي وعملي، تستند إلى إرادة راسخة وإلى رؤية واضحة لأهداف اللامركزية على المستوى البعيد والمتوسط والقريب وكيفية الوصول إليها وتحقيقها. مشيراً إلى أن الاستراتيجية الجاري إعدادها تتكامل فيها السياسات والبرامج الضرورية لدعم اللامركزية وآلية التنسيق في تنفيذها بين جميع شركاء التنمية وتتلاحم فيها الجهود الحكومية والشعبية سواء كانت من قبل المجتمع ذاته أو فعالياته المدنية من منظمات المجتمع المدني أو القطاع الخاص والمانحين في إطار شراكة مؤسسية لتحقيق التنمية المحلية والإسهام في التنمية الوطنية والتخفيف من الفقر. لافتاً إلى أن الاستراتيجية تتضمن عدداً من الرؤى والتوجهات الهادفة إلى بناء نظام قويم لإدارة الشأن المحلي يوفر للمحافظات والمديريات القدرات الأساسية (الإدارية والمالية) لتستجيب إلى حاجات المجتمع المحلي بصورة تشاركية وتحسين مستوى الخدمات، إلى جانب تعميق المسار الديمقراطي والمشاركة الشعبية عبر الانتخابات المحلية، وإرساء تقاليد لمساءلة السلطات المحلية المنتخبة من قبل المجتمع المحلي، تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الموارد والحصول على الخدمات والمشاركة السياسية. وحول الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها الاستراتيجية قال الحمادي إنها تستهدف تطوير وتعزيز الإطار التشريعي لنظام السلطة المحلية ليتواكب مع الدور المؤمل منها، وزيادة مساحة الصلاحيات للسلطات المحلية وإعطائها قدراً أكبر من حرية اتخاذ القرارات التي تهم المصلحة المحلية وتعزز التنمية، على اعتبار أن لكل مجتمع محلي مصالحه الخاصة المرتبطة بالطبيعة الجغرافية والموارد المتاحة في الإطار المحلي، واليمن متنوعة بطبيعتها الجغرافية بين سهول وجبال، وصحارى وقيعان ووديان. حيث سيتضمن التطوير التشريعي لنظام السلطة المحلية إرساء مبادئ لتفعيل المشاركة المجتمعية، ليس فقط من خلال الانتخاب والتمثيل في المجالس المحلية، وإنما في تفعيل وتحريك كل فعاليات المجتمع، من خلال إرساء قيم وتقاليد المساءلة المجتمعية، وإعمال مبدأ الشفافية، والشراكة مع منظمات المجتمع المدني وفعاليات المجتمع المختلفة. وأضاف: كما تستهدف الاستراتيجية إصلاح البنية الهيكلية للسلطة المحلية لتكون فاعلة ومقتدرة على تأدية وتقديم الخدمات المسندة إليها وفقاً للقانون، ويكون هذا الهيكل يتماشى مع التوجهات العامة لبرنامج الإصلاح المالي والإداري، من حيث الاقتصار على الهياكل الفاعلة بغض النظر عن حجمها، بحيث تعكس هذه الهيكليات خطوط السلطة والمسئولية بين المجلس المحلي المنتخب، وجهازه الفني والتنفيذي، مع عدم إغفال الهيكل الرقابي القانوني والإجرائي والمحاسبي المصاحب واللاحق. واستطرد: ليس ذلك فحسب، وإنما يجب أن يعكس الإصلاح الهيكلي أسس الشراكة مع المجتمع المدني، حتى لا تتحول عملية الشراكة إلى مجرد شعار يفعل مرة ويترك مرات أخرى. ولفت الوكيل المساعد لقطاع التنمية المحلية إلى أن الاستراتيجية في جانب منها تستهدف بناء وتنمية القدرات المحلية للسلطة المحلية، سواء كانت هذه القدرات مادية أو بشرية، من حيث توفير البنية التحتية للسلطة المحلية من مجمعات، وتجهيزات تليق بدور السلطة المحلية وتتناسب مع دورها التنموي والاجتماعي والسياسي.. أو من حيث تأهيل وتدريب الموارد البشرية من خلال برامج تأهيل تستهدف المستويات المختلفة سواء كانت قيادات إشرافية، أو قيادات إدارية وسطية أو فنيين وتنفيذيين إداريين.. كما تستهدف إصلاح المالية المحلية حتى تكون الوحدات الإدارية قادرة على إدارة وتمويل خططها التنموية، وذلك من خلال إصلاح منظومة الموارد المحلية وتعزيزها. مشيراً إلى أن هذا الجانب على وجه التحديد ينبع من البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية المتضمن تعزيز موارد السلطة المحلية بما يمكنها من القيام بدورها في تحقيق التنمية المحلية وتقديم الخدمات للمواطنين. منوهاً إلى أن الاستراتيجية ترتكز أيضاً على عدد من القضايا ذات الصلة بتعزيز نظام السلطة المحلية كالتقسيم الإداري، ونظام الرقابة والمحاسبة المحلية. لافتاً إلى أن نظام السلطة المحلية القائم على مبدأ اللامركزية الإدارية والمالية وعلى أساس توسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وإدارة الشأن المحلي في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال المجالس المحلية المنتخبة، يجب أن تنصهر فيه الأبعاد الثلاثة للامركزية أولها البعد السياسي: من خلال مشاركة المجتمع المحلي في إدارة شئونه عبر انتخابات حرة ونزيهة، وثانيها البعد الإداري: المتمثل في استقلال الوحدات الإدارية (المحافظات والمديريات) من إدارة وتصريف شئونها وتحقيق مصالح السكان في إطارها الجغرافي، وثالثها البعد المالي ويتمثل في تمتع الوحدة الإدارية بالشخصية الاعتبارية وأحقيتها بخطة تنموية وموازنة مستقلة، وكل ذلك يستدعي أن تحشد كل الإمكانات والقدرات المتاحة لترسيخ هذا النظام حتى يبلغ مداه.