نظمت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية أمس بالمعهد الوطني للعلوم الإدارية بصنعاء ورشة عمل حول دور وأهمية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد "الإمكانات والفرص لبرنامج مكافحة الفساد في اليمن". وفي الجلسة الافتتاحية للورشة أكد رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أحمد الآنسي أن عملية مواجهة الفساد تتطلب اتباع استراتيجية شاملة بإشراك المجتمع المدني وصولاً إلى تحقيق الأهداف المنشودة.. مؤكداً بأن ذلك ما سعت وتسعى الهيئة إليه بالاستفادة من الخبرات الوطنية والتجارب الإقليمية والدولية في هذا المجال. ولفت إلى أن هذا اللقاء المكرس لمناقشة دور وأهمية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد يمثل إحدى الخطوات في سبيل تحقيق أهداف إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد. وأشار الآنسي إلى أن الفساد أصبح ظاهرة تثقل كاهل كافة المجتمعات دون استثناء ويترتب عليه نطاق واسع من الآثار الضارة والمدمرة لهذه المجتمعات.. مبيناً أن من تلك الآثار تقويض أسس الديمقراطية وسيادة القانون وانتهاك حقوق الإنسان وخلق أجواء مناسبة لتفشي الجريمة المنظمة والمساس بالقيم الأخلاقية والتنمية المستدامة. وأضاف: بسبب كل هذه الأخطار كان لابد أن يتحرك المجتمع الدولي للبحث عن الطرق والسبل التي من شأنها وضع حد لهذه الآفة المتنامية، فجاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن إصدار واعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد اقتناعاً منها بأن الفساد لم يعد شأناً داخلياً، بل ظاهرة عالمية مما يستوجب معه إيجاد صك دولي شامل ومتعدد لمنع ومكافحة هذه الظاهرة. واعتبر رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد هذا الصك الدولي رسالة واضحة على تصميم المجتمع الدولي على مكافحة الفساد وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال وتعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون والممتلكات العمومية.. مستعرضاً الخطوات التي قطعتها اليمن في مجال مكافحة الفساد بدءاً بالمصادقة على هذه الاتفاقية الدولية وما تلى ذلك من إصدار للقانون رقم (30) لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية والقانون رقم (39) لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد، وصولاً إلى إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد. وأعرب في ختام كلمته عن أمله بأن تخرج هذه الورشة بنتائج إيجابية تسهم في مساعدة الهيئة في تحقيق أهدفها في مجال مكافحة الفساد. من جانبها اعتبرت عميد المعهد الوطني للعلوم الإدارية الدكتورة وهيبة فارع هذه الورشة بداية موفقة للعمل المشترك بين المعهد الوطني للعلوم الإدارية والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد. وقالت: نظراً لأهمية التأهيل والتدريب المتخصص لموظفي الهيئة وأهمية تأدية واجباتهم بمهنية عالية تكرس الكفاءة والدقة لإنجاز أعمالهم، فقد استشعر المعهد الوطني للعلوم الإدارية واجبه باعتباره المدرسة الوطنية للإدارة في اليمن، من خلال تقدمه بمسودة لتنفيذ الجانب التدريبي والاستشاري للهيئة بالتعاون مع المؤسسات التدريبية العالمية للنهوض بجوانب تطوير الأداء الإداري الفاعل للهيئة. وأكدت أن المعهد اعتمد برنامجاً تدريبياً من ثلاث مراحل متدرجة نحو التخصص لهذا العام ليتوافق واستراتيجية الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد الهادفة إلى التأهيل والتدريب المستمر لموظفيها في شتى المجالات التي تخدم مصلحة العمل. وأشارت الدكتورة وهيبة فارع إلى أن البرنامج التدريبي الذي قدم للهيئة يشتمل على موضوعات تهدف إلى تعريف المشاركين بمفهوم الإدارة العامة ومكوناتها والتشريعات الإدارية العامة التي تنظم الجهاز الحكومي وأهمية هذه التشريعات في تنظيم وتأطير عمل المؤسسات. وأضافت: كما اشتمل البرنامج على 20 ساعة تدريبية على موضوعات تتعلق بتنظيم الإدارة الحكومية وقانون الإدارة العامة أنظمة الوزارات والدوائر الحكومية ونظام الخدمة المدنية وقانون الضمان الاجتماعي والنظام المالي ونظام اللوازم ونظام الانتقال، إضافة إلى موضوع الولاء والانتماء التنظيمي. وتحدث مدير مكتب الوكالة الألمانية للتنمية (جي.تي.زد) بصنعاء الدكتور توماس انجيلهاردت بكلمة أشار فيها إلى أن هذا اللقاء يهدف إلى مناقشة سبل تعزيز جوانب التعاون الثنائي بين اليمن والمانيا في مجال مكافحة الفساد في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.. لافتاً إلى أن هناك تعاوناً بين البلدين في هذا المجال منذ العام 2003م، وأنه تم تنفيذ العديد من الأنشطة المشتركة في مجال مكافحة الفساد. وأكد اهتمام الحكومة الألمانية بدعم جهود الحكومة اليمنية في مجال مكافحة الفساد وبناء القدرات المؤسسية ودعم وتطوير النظام القانوني.. منوهاً إلى أن مهمة مكافحة الفساد لا يمكن القيام بها في معزل عن الآخرين، وإنما يتم ذلك بالتعاون مع جهات مختلفة مثل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والأمن وجهات الضبط القضائي ومنظمات المجتمع المدني والإعلام، فضلاً عن المانحين وشركاء التنمية. وقدم الخبير في مجال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الدكتور ديدو جينيتز عرضاً للاتفاقية باعتبارها أداة هامة لدعم الجهود الوطنية والمؤسسية في مجال مكافحة الفساد.. مشيداً بالخطوات التي قطعتها اليمن في إطار جهود مكافحة الفساد وتنفيذ أجندة الإصلاحات المالية والإدارية التي تمثل للمجتمع الدولي الإرادة والفعل السياسي على جدية العمل في هذا الاتجاه، فضلاً عن إنشاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وإصدار العديد من القوانين، والمصادقة على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.. واستعرض الدكتور جينيتز مكونات الاتفاقية الدولية التي صادقت عليها حتى الآن أكثر من 116 دولة من بينها اليمن. بعد ذلك بدأت عملية النقاش من قبل المشاركين في الورشة الذين يمثلون جهات عديدة من بينها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ووزارة العدل والنيابة العامة واللجنة العليا للمناقصات ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى ممثلي عدد من الجهات المانحة. وقد أثري النقاش بالعديد من الآراء والملاحظات والمقترحات الهادفة إلى تعزيز التعاون بين اليمن والمانيا في مجال مكافحة الفساد من خلال برنامج دعم مكافحة الفساد في اليمن. حضر الورشة رئيس اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات المهندس محمد أحمد الجنيد ونائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد الدكتورة بلقيس أبو اصبع ، وعدد من أعضاء الهيئة والمسؤولين في الجهات ذات العلاقة.