سلختَ جلدك..ذبتَ في بحور الدنيا.. وستبقى غريبا) أغلق باب العيادة وسط ذهول الأطباء، سار بخطوات ثابتة، حافظ خلالها على أناقته، أصلح ربطة عنقه وهو يجتاز الردهة الخارجية للمشفى نحو باحة السيارات، قاد سيارته نحو منز له، ثم أغلق بابه وارتمى على أريكته المعتادة، نظر في صورة والده المعلقة منذ ثلاثين عاما، تأمله بطوله المهيب وشاربيه المفتولين، شرواله، العصا التي يتأبطها، هيبته التي لم يرثها عنه، طأطأ رأسه مسترجعا ما قاله الأطباء، ثم عاود النظر إلى الصورة، فلم يجدها! شعر بالصداع ينهش رأسه، ذهب ليغسل وجهه، فوجد وجه والده يطل من المرآة المعلقة فوق المغسلة، عاد ينظر إلى جسمه فرأى بدلته وربطة عنقه التي ارتداها صباحا كما هي، عاد إلى المرآة فرأى وجه والده بشاربيه المفتولين وهيبته المعتادة، تلمّس المرآة فجاءه صوت والده: لا تعبأ بما قاله الأطباء لك. يقولون إن قلبي حالة نادرة! بل أنت حالة نادرة! تريد وكالات الأنباء تصويري وإجراء مقابلة معي! أتذكر تلك الصورة القديمة في الصندوق الذي تركته لك؟ اعرفها، كنتُ طفلا صغيرا معفّرا بالتراب أجلس على باب الخيمة. يومها.. التقطتها لك صحافية فرنسية ودخلت بها مسابقة.. قاطعه: نعم، اذكر وفازت بالمركز الأول ومائة ألف دولار، وبقيت أنا على باب الخيمة! التاريخ يعيد نفسه معك يا بني، وغداً سيباع الخبر بمليارات الدولارات، ويبقى قلبك الغريب كما هو شجرة وأغصانها شرايين وفروعها شعيرات دموية. سأساومهم، وأبرم معهم صفقة مربحة. .لقد فهمت اللعبة.!! وكيف ستبرم الصفقة؟ لا أدري.. ترى كم تساوي؟ افتح الصندوق القديم وستجد في داخله ما يرشدك.. أسرع يفتح الصندوق فوجد فيه “كواشين” بيارات جده في يافا، ومفتاحا عتيقا.. تفحص “الكواشين” وقبض على المفتاح بيده ثم.. أجهش في البكاء!