تكاثفت الكثير من الجهود في الخمس السنوات الماضية للحد من ظاهرة تهريب الأطفال إلى دول الجوار عبر المنافذ البرية الحدودية بغرض استخدامهم للتسول من قبل من يقومون بتهريبهم بطرق مأساوية يتجرعها الطفل في سن الرابعة والخامسة دون معرفة مصيره المأساوي المجهول حين يجد نفسه خارج نطاق الحماية الأسرية والمجتمعية والقانونية يعيش بين عصابة أو مجموعة من أناس فاسدين وفاقدين للهوية. التفكك الأسري والفقر وغيرهما من العوامل الاجتماعية والاقتصادية كانت دافعاً لتشرد كثير من الأطفال نحو الضياع ونحو المصير المأساوي من قبل ضعفاء النفوس لاستغلال مثل هذه الطفولة المشردة والدفع بها عبر عصابات تهريب الأطفال إلى دول الجوار لاحتراف التسول وغيرها من الممارسات الخاطئة ومن ثم إلى ذلك الوضع الذي يصبح فيه الطفل خارج نطاق الحماية. قصص مأساوية متعددة قصص تهريب الأطفال متعددة، تزيد عن أكثر من ألفي حالة معظمها لاتتجاوز الخمس السنين كما يرويها الأخ هيثم الجبني مسئول حماية الطفولة الموقتة بمنطقة حرض سابقاً حيث يقول : - قصص تهريب الأطفال قصص متعددة وخصوصاً أن الحالات تجاوزت ألفي حالة خلال الثلاث السنوات الماضية وهناك حالة أعتبرها من أصعب الحالات وبشكل شخصي أكتفي بطرح هذه الحالة فخلال عام 2005م مع بداية عملنا في مركز حماية الطفولة الاجتماعية الموقتة بحرض عندما كنا متواجدين في نقطة حرض ووجدنا طفلة عمرها من أربع إلى خمس سنوات .. هذه الطفلة تنتمي إلى محافظة حجة .. من أسرة محترمة ووالدها يعمل في منصب مناسب .. مهندس ، وللأسف كان هناك نوع من التفكك الأسري .. سبب استغلال أحد المهربين في المنطقة حيث اتفق مع عم الطفلة وأخذها لكي يهربها إلى السعودية بغرض التسول .. وعندما تم القبض عليه ادعى أنه جدها .. فعندما عزلنا هذه الطفلة عن هذا الرجل وعزلنا أيضاً طفلاً آخر وكان يقول إنه أخوه بعد هذا العزل وجدنا الطفلة والطفل ينتمي كل واحد منهما إلى أسرة أخرى ولا ينتمي أي واحد منهما إلى الآخر. إلا أن الطفلة كانت ذكية جداً وقابلة للتعليم بصورة كبيرة ومتشجعة أن تكون في مكان مناسب لا يسمح للظروف الصعبة .. فكنت أتخيل إذا لم نأخذ بيد هذه الطفلة ونحمها .. ماذا كان مصيرها ؟ عندما يقودها هذا المهرب ويدخلها تلك الشعاب وعندما تسير مشياً بتلك الصحاري والبراري لتعبر المنطقة الحدودية وعندما تنجو وتصل إلى الدولة المجاورة وهي خائفة من الجهات الأمنية أو تتعرض لاطلاق نار وكيف سيكون مصيرها بالمستقبل ؟ طبعاً كانت الطفلة في وضع صعب وكانت تعيش بخوف شديد وفعلاً تم بإرادة الله القبض عليها لتكون في حمايتنا من مكان ينتظرها من مصير مأساوي وحاولنا حرصاً على سلامتها أن نؤيها مع اسرة قريبة من المركز .. حيث لم يكن في المركز قسم خاص بالفتيات . فأسكناها مع إحدى المشرفات الاجتماعيات إلى أن تم تنسيق وترتيب إعادتها إلى والدتها وأخذ التعهدات اللازمة كما هو متخذ بالآلية المتبعة بالمركز لحماية الأطفال من حيث تعميد التعهد من ولي أمر الطفل ويعمد من قبل عضو المجلس المحلي في المنطقة ومدير أمن المنطقة والغرض من هذا التعميد هو أن يتم لفت انتباه أعضاء المجالس المحلية في مناطقهم ومديري أمن هذه المديريات لهذه الأسرة أنه حصل منها أن استغلت هذا الطفل أو تورطت في تهريب الأطفال لكي يتم متابعتهم وحمايتهم. جهود كبيرة للحد من تهريب الأطفال وحول الجهود للحد من هذه الظاهرة يقول هيثم الجبني : فخلال الخمس السنوات الماضية كثفت الحكومة جهوداً كبيرة من أجل الحد من هذه الظاهرة وأهمها تم تأسيس العديد من البرامج والأنشطة وتحديداً لمعرفة ودراسة ظاهرة تهريب الأطفال من حيث التعريف الدولي الذي شملت تعريفاتها البروتكولات والاتفاقيات الدولية بحقوق الطفل. ماهي نتائج جهود مكافحة الظاهرة ؟ حقيقة.. ظاهرة تهريب الأطفال إلى دول الجوار انخفضت خلال السنوات الماضية خاصة بعد تشديد الجوانب الأمنية وجانب الخدمات الاجتماعية سواء كانت من وزارة الشئون الاجتماعية أو منظمة المجتمع المدني وهناك احصائيات تؤكد أن الاجراءات والضوابط الأمنية قد عملت على الحد من هذه الظاهرة أكثر مما كان عليه في السابق .. وقد استقبل مركز الطفولة في منطقة حرض الذي تم تأسيسه عام 2005م ما يقارب من (6228) حالة في عام 2007م وتم معالجتها ودمج الأطفال في المدارس وأسرهم ومجتمعاتهم. وحقيقة بعد أن تم تنفيذ دراسة مكافحة تهريب الأطفال عام 2004م اعتبر أن هذه المشكلة ظاهرة نظراً لدخول حالات من الأطفال بصورة يومية عبر الحدود المفتوحة إلى السعودية ونلاحظ الآن انخفاض هذه الظاهرة بشكل كبير ونأمل أن تنتهي. استخدام الأطفال في التسول ويضيف : بأنه من خلال التحقيقات التي أجريت مع عدد من الحالات تبين أنه يتم استخدام الأطفال في عدة استخدامات منها انزال البضائع كمثل ادخال مادة الدقيق من السعودية إلى اليمن أثناء الليل بصورة غير شرعية وذلك بعرض الطفل إلى عدة مخاطر كمثل إطلاق النار من قبل حرس الحدود وغيرها. ومنها يستخدم الطفل للتسول والعمل في المنازل لدى الإخوة السعوديين وكذا في البقالات والمطاعم والمفارش المتجولة. وبالنسبة للمحافظة الأكثر نسبة في تهريب أطفالهم وجدنا من خلال الاحصائيات أن محافظة حجة والحديدة والمحويت كانت هي الأكثر نسبة من بقية المحافظات الأخرى وهذا قد لايكون بسبب قرب الحدود مع المملكة العربية السعودية الشقيقة بقدر ما هو عدم الإحساس بالمسؤولية الحقيقية من الآباء بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية «الفقر». تعديلات قانونية لمعاقبة المهربين هل هناك قوانين خاصة في السابق لمنع هذه الظاهرة ومحاسبة المهربين للأطفال ؟ حقيقة كانت خلال السنوات الماضية فرق مكافحة التهريب تلقي القبض على المهربين وإحالتهم إلى النيابات والمحاكم وكانت تتخذ الاجراءات القانونية الخاصة بقانون الجرائم والعقوبات ضد من يعرض الطفل إلى الانحراف بالحبس ستة أشهر ولا تزيد عن سنة وهذه الاجراءات ليست عقاباً لمهربي الأطفال . ونظراً للجهود الحكومية التي بذلتها وزارة الشئون الاجتماعية واللجان الفنية الممثلة بالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة تم عمل تعديلات قانونية خاصة بظاهرة تهريب الأطفال وتنص على معاقبة من يتورط في تهريب الأطفال من خمس سنوات إلى سبع سنوات وغرامة مالية وتكثيف العقوبة ضد من يستخدم الطفل للتسول أو ما إلى ذلك وإلى الآن القوانين معروضة أمام مجلس النواب ونأمل إخراج هذه القوانين وتنفيذها على أرض الواقع وتطبيقها كي تحد بصورة كبيرة من تفشي هذه الظاهرة