على مدى أربعة عقود من الزمان وزبارة المراوعة تنتحل شخصية مدينة الكدراء الأثرية ذات الصيت التاريخي العريق.. بتضليل وتزييف مقصود زبارة المراوعة الواقعة شرق المدينة المتاخمة والملاصقة لها مكان رمي النفايات، تصبح بفعل التزوير والتضليل موقعاً أثرياً وتصبح هي المقصودة في تلك المراجع والمعاجم التاريخية الوثائقية الموجودة بمكتبة زبيد! لهذا المصاب الذي منيت به مدينة الكدراء الحقيقية تنوي رفع دعوى قضائية أثرية ضد المسئولين المتورطين في التضليل عن موقعها الحقيقي. دعوى قضائية تحضرها الصحافة مدينة الكدراء الحقيقية مدينة الكدراء المطمورة كانت حاضرة الدولة الزيادية وثغر تهامة الباسم اتخذها الحسين بن سلامة عاصمة له قبل فتحه مدينة زبيد (304) وكانت حاضرة من حواضر دولة بني نجاح تمتد حدودها من القحمة (الدرب حالياً) شمالاً حتى باب المندب جنوباً ومن جزر فرسان وكمران غرباً حتى المناطق المتاخمة للعاصمة صنعاء كالجبي وغيرها شرقاً. وكانت مدينة مزدهرة ذات قصور عالية وبوابات وحصن منيع تشرف على نهر جار ويقصد بالنهر الجاري وادي جاحف إذ كان غيالاً إلى عهد قريب قبل ان تقطعه الحواجز والسدود التي ذكرها الشاعر بقوله (وسيل من أرض يحصب ٭٭ ثمانون سداً تقذف بالماء سائلاً) وهي تقع على بعد خمسة عشر كيلو متراً في الجنوب الشرقي لمدينة المراوعة ولازالت آثار العمارة تنبض بالحقيقة. بعد ان أماط عنها اللثام ونفض عنها الغبار محمد الجنيد في تلك الرحلة الاستكشافية التي قام بها إلى موقع مدينة الكدراء الحقيقي بصحبة الشيخ ابراهيم الشراعي وما أحدثه ماكتبه الجنيد من ضجة إعلامية خاصة في مديرية المراوعة فرحلته تلك كانت أشبه برحلة قد يقول قائل قد سبقه بذكرها الأخ.. يحيى علاو في برنامجه (فرسان الميدان) ولكن هذا الكلام غير صحيح فقد ذكر مدينة الكدراء ولكن للأسف الشديد قادوه إلى زبارة المراوعة يسمونها هم الكدراء وضلوا عن موقع مدينة الكدراء الحقيقية حتى جاء الجنيد وكشف الحقيقة بالرغم أن الأخ يحيى علاو قال لهم بصريح العبارة إنها مدينة كانت تقع على ضفاف نهر جاري هذا مع العلم أن زبارة المزعومة لا يوجد حولها أي وادي أو أي مجرى له ولا حتى سائلة إلا إذا كانت سائلة للمجاري..! اندثار المدينة الغامض حول اندثار المدينة الغامض غموضاً شديداً تضاربت الأقوال وتباينت ويمكن حصرها في ثلاثة اتجاهات، الاتجاه الأول الذي يقول بأن اندثار المدينة كان نتيجة عوامل طبيعية كالسيول الجارفة ومثل هذا الاتجاه محمد الجنيد ومن حذا حذوه. أما الاتجاه الثاني فيقول بأن الدولة التي تلت الدولة الزيادية ودولة بني نجاح قادت جيشاً عظيماً قوامه أربعون الف فارس بقيادة علي بن مهدي مؤسس دولة بني مهدي وحاصر به مدينة الكدراء، وذلك في (835هجرية) إلا أن أمير الكدراء آنذاك اسحاق بن مرزوق هزم جيش المهدي شر هزيمة ومع ذلك لم تطل الفترة فقد أدت تلك الهزيمة بجيش علي بن مهدي إلى أن يعاود الكرة ولكن بجيش أقوى من الجيش الذي أعده في الجولة الأولى واغار على الكدراء وحاصرها واحرقها وشرد أهلها ودمر المدينة بالكامل وكان ذلك (845هجرية) في عهد فاتك بن محمد أضعف وآخر حكام بني نجاح، ومثل هذا القول الأقهل والاخت بشرى العزي ومن حذا حذوهما. أما الاتجاه الأخير فهو ما يؤكده كبار السن من أهالي المنطقة وجاء ذكره في «الدر المنظم» بأن المدينة تعرضت لريح سوداء عظيمة فيها خسف إلهي فتم الخسف وفقلت الريح السوداء مابقي من المدينة وألقته بأرض المهجم شرق مدينة زبيد. وبين تضارب الأقوال حول اندثارها يصعب تحديد القول الراجح في هذه المسألة. وللاستزادة ومعرفة المزيد من أخبار هذه المدينة العريقة الضاربة في جذور التاريخ ماعليكم سوى زيارة مكتبة زبيد وتصفح المعاجم والتراجم التالية «غاية الأماني في اخبار القطر اليماني، العسجد، الدر المنظم» وغيرها. الطمس والتضليل عن موقع المدينة الحقيقي وحول التضليل عن موقع المدينة من قبل في مدينة المراوعة وطمس هويتها واسقاط موقعها من خارطة المديرية الخاصة بالأماكن الأثرية حول هذا الموضوع التفت نخبة من مثقفي عزلة الشراعية متطوعين للبحث عن سرهذا الطمس والتكتم وما الدافع من اسقاط موقع مدينة الكدراء الأثرية وتبديله بموقع آخر يسمى الزبارة ومن هو المتورط في هذا الطمس والتضليل؟ وأثناء التجول والبحث هنا وهناك والسؤال هنا وهناك وجدنا ماهو افضع وابشع من طمس هوية الكدراء. فقد وجدنا عزلتنا عزلة الشراعية مطموسة ومطمورة هي الأخرى بالكلية مدموجة تحت مسمى آخر هو عزلة الكتابية، حينها اصبنا بالدهشة والذهول ولماذا هذا الطمس والتزييف!؟ من هو المسؤول في مدينة المراوعة عن طمس عزلتنا وطمس هويتنا كعزلة مستقلة؟ لاندري من هو المستفيد من جراء هذا الفعل؟ لاندري.! وهكذا شغلنا بالطمس الأخير وهو طمس العزلة عن طمس الأول وهو طمس موقع مدينة الكدراء، جاءنا شيخنا الفاضل ابراهيم الشراعي وسألناه ماإذا كان بالإمكان رفع دعوى قضائية في هذا الموضوع ؟ فردعلينا الشيخ بقلبه الكبير الذي يسع المديرية بأكملها بعد أن هدأ من روعنا قائلاً: المسؤولون الموجودون في المراوعة قبل كل شيء إخواننا ونحن قطعة منهم وأكثرهم تولى المسؤولية عن قريب ولايجوز أن نحملهم أخطاء من سبقهم (لا تزر وازرة وزر أخرى) وأما مسألة تسمية العزلة فسوف أتولى ذلك عنكم وسوف ألقي منهم المساعدة إن شاء الله. وهكذا رد علينا الشيخ فردنا عن عزمنا رداً جميلاً وكان هذا آخر مطاف النخبة من عزلة الشراعية. نعود إلي مدينة الكدراء هذه المدينة الصامتة التي تذكر بعض المصادر أنها انطوت على كنوز الذهب الخالص بآبار وسط المدينة ويذكر أن مدينة المراوعة قامت على انقاضها وتم بناء المحكمة القديمة وماحولها من احجار وياجور مدينة الكدراء بل إن الجامع الكبير بمدينة المراوعة تم نقل احجاره من جامع مدينة الكدراء المطمورة ويعتبر صورة طبق الأصل لجامع الكدراء وبني على نفس طراز جامع الكدراء. ومايمكن الوصول إليه في هذا الطرح أن مدينة الكدراء لازالت صامتة، لا نعرف شيئاً عن اسرارها وكنوزها وتحتاج من هيئة الآثار لفت الانتباه للتنقيب والكشف عن المزيد من الاسرار الخاصة بهذه المدينة الصامتة.