يتذكر سعيد أحمد - عامل بإحدى عربات الإطفاء بأمانة العاصمة - بحسرة مواقف كثيرة واجهته أثناء تأديته عمله في إنقاذ أرواح وممتلكات المستنجدين برجال الإطفاء، حيث يتسبب عدم وجود أرقام للمباني والعقارات والمنشآت والشوارع في العاصمة - بحسب قوله - إلى تأخر وصول عربة الإطفاء لصعوبة الاستدلال على المكان، ما يضاعف من حجم الخسائر في الممتلكات والأرواح.. ويؤكد مدير عام الدفاع المدني المهندس إسماعيل عبدالله محمد بقوله: "نحن في الدفاع المدني نعاني من مشكلة عدم وجود تسمية وترقيم للشوارع ما يعيق أعمالنا ووصول خدماتنا التي تتطلب السرعة في التحرك في الزمان والمكان المناسبين، ما يبرز اهمية عملية التسمية والترقيم للأحياء والشوارع في إنجاح عمل مصلحة الدفاع المدني". ويتطلع عامل الإطفاء ومثله كثيرون من مقدمي الخدمات كالإسعاف والبريد والهاتف وغيرها أن تتنبه الجهات المعنية لهذه المعضلة وبسرعة، كونها تمس حياة وسلامة وممتلكات المواطنين، وتسهيل حصولهم على الخدمات. وعند اطلاعنا له على خطة الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني التي أعدت نظاماً متكاملاً لتسمية وترقيم الشوارع والمنازل والعقارات.. يتمنى بتفاؤل حذر سرعة انجاز هذا المشروع لما يشكله من أهمية في رسم معالم المدن ويسهل وصول الخدمات إليها.. ولا تقتصر هذه المشكلة على مقدمي الخدمات بل تتعداها إلى سائر المواطنين والأجهزة المعنية بحفظ الأمن، الذين يعانون الأمرّين في العثور على منزل أو مبنى معين بسهولة. وكيل الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني المهندس محمد عبدالخالق الطلوع أوضح ان نظام التسمية والترقيم للشوارع الذي تعده الهيئة يهدف إلى تحديد مواقع المنشآت والعقارات ووصول الخدمات الحكومية (الطوارئ، البريد والمطافئ والإسعاف) والخدمات التجارية، بالإضافة إلى تبسيط إجراءات وصول خدمات البنية التحتية بكافة أشكالها وصورها مع تأسيس وإنشاء وإدامة نظام المعلومات الجغرافية (GIS)الوطني على ضوء معلومات التخطيط العمراني وكذا تسهيل ترسيم حدود التقسيمات الإدارية في المدينة. ويعتبر هذا النظام أحد المشاريع الهامة والداعمة للعملية للتنموية، بما يوفره من قاعدة بيانات للمدن الحديثة ويسهل إيصال الخدمات الحكومية والتجارية للمواطنين والوصول إلى مواقع المنشآت والعقارات بيسر وسهولة ودقة. طرود وعناوين ويرى مدير عام الهيئة العامة للبريد محمد علي مرغم ان نظام التسمية والترقيم سيمكن الهيئة العامة للبريد من تقديم واحدة من الخدمات الأساسية والمتمثلة في إيصال البعائث البريدية بمختلف أنواعها وأحجامها إلى منازل المواطنين بسهولة ويسر ما يسهم في تقليل عامل الوقت والجهد والإيفاء بمعايير مُهل التوجيه المقرة من الاتحاد البريدي العالمي. وقال: سيسهم هذا المشروع في رفع مستوى إدارة البريد اليمنية ضمن التوصيف الدولي المقر من الاتحاد البريدي العالمي.. مشيراً إلى وجود انعكاسات غير مباشرة للمشروع منها استيعاب قوى وظيفية جديدة وخلق فرص عمل للشباب والحد من البطالة وخلق مسميات لخدمات بريدية جديدة على مستوى اليمن مثل خدمة البريد الدعائي والتي قطعت من خلالها إدارات البريد أشواطاً متقدمة وحققت مكاسب وموارد مالية إضافية". فيما يعتبر مدير عام الدفاع المدني المهندس إسماعيل عبدالله محمد تسمية وترقيم الشوارع من أساسيات التطوير الحضري ومظهراً من مظاهر التحضر للتجمعات السكانية كالعواصم أو المدن الثانوية وحتى القرى وذلك كبنية أساسية لتقديم خدمات أكثر رقياً وتنظيماً وسرعة في إيصال الخدمات العامة للمواطنين. ويؤكد مدير عام الدفاع المدني أن إجراء عملية تسمية وترقيم الأحياء والشوارع والمباني ستعمل على سلامة البلاغ من المواطن من حيث دقة العنوان وسرعة التحرك من قبل رجال الدفاع المدني ومعرفة مكان الحادث بكل دقة بما يسهل وصول سيارات الدفاع المدني إلى مكان الحادث بالسرعة المطلوبة، وهو ما سينعكس على السرعة في مواجهة الحالة الطارئة (كحريق أو إنقاذ أو إسعاف) ويخفف من الخسائر البشرية والمادية التي قد تحدث نتيجة عدم وضوح العنوان أو الخطأ في إعطائه بالشكل الصحيح. وأضاف: "إن عملية التسمية والترقيم للأحياء والشوارع والمباني ستسهل أيضاً الأعمال التقنية والمعلوماتية وتعزز من كفاءة غرفة عمليات الدفاع المدني من ثلاث نواحٍ، تتمثل الأولى في إمكانية الاستعانة بالخرائط العادية والرقمية التفصيلية للمدن والموضح عليها الأسماء والترقيم للاستفادة منها في إدارة مختلف أنظمة التتبع الخارطي (GPS)والإدارة العملياتية للتحرك إلى أماكن الحوادث عن بعد. والثانية تتمثل بسهولة تقسيم المدينة إلى مناطق أو مربعات على الخرائط وتحديد أهم المواقع والأماكن الأكثر عرضة للمخاطر المختلفة بالاسم والرقم ومعرفة منطقة الجوار. أما الثالثة فتتمثل بسهولة الإدخال المعلوماتي لمختلف المرافق العامة والخاصة وتحديد نوعية الأنشطة بموجب التسمية أو الرقم. ويطرح المهندس إسماعيل عبدالله عدة مقترحات لتفادي أي قصور أو أخطاء قد تضعف من أهمية هذا النظام، منها عدم تكرار التسميات للأحياء والشوارع في نفس المدينة حتى لا يحتار الإنسان في الحي أو الشارع المقصود في البلاغ، وكذا ضرورة العمل على تنفيذ حملة توعية مقروءة ومسموعة ومرئية لتوعية وتعريف المواطنين بأهمية النظام وكذا التعريف بالتسميات السابقة وما يقابلها من التسميات الجديدة بحيث يسهل التعرف على المناطق بموجب التسمية والترقيم الجديد. آلية التسمية والترقيم يقول مدير عام معلومات التخطيط العمراني في الهيئة المهندس قحطان محمد الحداء: إن نظام التسمية يعتمد على قواعد أساسية يبنى عليها هذا النظام ويتدرج من المدينة إلى المنطقة ثم الحي وصولاً إلى الشارع ومن ثم المنزل. وأضاف: "على سبيل المثال في مدينة صنعاء فقد تم تقسيم الأمانة إلى عشر مناطق إدارية، وأصبح التقسيم سارياً ومتعاملاً به، أما بالنسبة للشوارع الرئيسية فقد تم الاحتفاظ بجميع مسمياتها القائمة والمتعارف عليها باستثناء ما لزم إعادة النظر فيه، أما الشوارع الداخلية والتي ليس لها أسماء فسيتم ترك فراغ لها في لوحات الترقيم حتى يتم تسميتها.. وعن نظام الترقيم أوضح الحداء أنه سيتم تقسيم المدينة إلى قطاعات ثم تقسم القطاعات إلى مناطق وكل منطقة إلى مجاورات طبقاً لنظام الترقيم المعمول به في المخططات العمرانية.. وقال: "إذا أخذنا مدينة صنعاء كمثال، فقد تم تقسيمها شعاعياً إلى تسعة قطاعات - القطاع جزء من التقسيم الفني للمدينة - حيث أعطى لصنعاء القديمة القطاع الأول (المركز) والقطاعات الأخرى لباقي المدينة باتجاه عقارب الساعة وكل قطاع يحتوي على تسعة مناطق وكل منطقة تحتوي على تسع وحدات جوار، وقد انعكس ذلك على رقم المجاورة، حيث يتكون التقسيم من ثلاثة أرقام يدل الرقم الأول من اليسار على رقم القطاع، والثاني يدل على رقم المنطقة والثالث يدل على رقم المجاورة. ترقيم الشوارع وبشأن ترقيم الشوارع داخل وحدة الجوار يقول المهندس قحطان: اعتمدنا على إعطاء الأرقام الزوجية للشوارع الرأسية والأرقام الفردية للشوارع الأفقية فيبدأ ترقيم الشوارع الرئيسة الممتدة من مركز المدينة إلى الخارج فتعطى الأرقام الزوجية إلى اليمين والأرقام الفردية إلى اليسار وتنتهي بانتهاء الحي أو المجاورة وذلك لتلافي عدم التجانس والوصول إلى أرقام كبيرة. ويضيف مدير عام معلومات التخطيط العمراني: ان الشوارع الكبيرة 20 متراً وما فوق ستعطى أسماء خاصة بها تتضمن (شخصيات ، رؤساء، مفكرين، شهداء ، مناضلين ، معارك ، مدناً عربية وأجنبية) بالإضافة إلى رقم الشارع الموجود في المخططات المعتمدة. وبحسب بيانات نظام الترقيم فإن الترقيم يبدأ من بداية الشارع إلى نهايته داخل المجاورة الواحدة حيث سيؤخذ اتجاه الشارع من الجنوب إلى الشمال ومن الغرب إلى الشرق بحيث تضع الأرقام الزوجية على يمين الشارع والفردية على يسار الشارع، كما ترقم العقارات حسب مداخلها، وإذا كان هناك أكثر من مدخل للعقار على أكثر من شارع فالعقار يتبع الشارع الأكبر، ويترك الرقم فارغاً في اتجاه الشارع الآخر. وبالنسبة للمنشآت متعددة الأدوار فستعطى هذه المشاريع بالإضافة إلى رقم العقار رقمين الأول يدل على رقم المنزل والثاني يدل على رقم الدور، فمثلاً 102 حيث يسجل 1 رقم العقار ( 0) رقم الدور الأرضي و(2) رقم الشقة. وإذا زاد ارتفاع المباني وتضاعف عدد الشقق يعطى للعقار رقم مثل بقية العقارات ويتم وضع لوحة داخل العقار بأرقام الشقق حسب الدور أو عدد الشقق. وفي المراكز والمحلات التجارية يتم إعطاء الأدوار أحرف "الفبيت الانجليزية" ويعطى المركز رقم مثل أي عقار عادي (A1، A2، B1، B2). ويشير مدير عام معلومات التخطيط العمراني قحطان الحداء إلى أن نظام التسمية والترقيم يبنى على قاعدة بيانات جغرافية عريضة وذلك عبر أنظمة المعلومات الجغرافية (GIS)الذي يعمل على توفير خارطة رقمية دقيقة بجميع معلوماتها على ضوء تصوير جوي حديث، يسهل الوصول إلى مواقع المنشآت والعقارات بأبسط الوسائل الرقمية بما يخدم أجهزة الأمن والبريد والإطفاء والإسعاف، بالإضافة الى إمكانية تحليل ودراسة البيانات بما يخدم الوصول إلى قرارات سريعة وصائبة ويحقق الاستمرارية والتوافق مع أي قواعد بيانات في أي جهات أخرى إلى جانب المميزات المعروفة لهذا النظام.. ويعرب كثير من المواطنين ممن تم استطلاع آرائهم حول هذا الموضوع عن تطلعهم الكبير لتنفيذ هذا النظام، والتعريف بكيفية التعامل معه لتمكينهم من الحصول على خدماتهم المطلوبة بسهولة ويسر، بل وفي إرشاد أي زائر للوصول إلى المنزل - كما يقول عمر أمين شاكر فيصل، ووصول الطرد البريدي إلى المنزل بدلاً من الذهاب إلى مركز البريد لاستلام الرسالة كما يتمنى مطيع القدسي.