القاضي إسحاق: شواهد تاريخية بطابع ثقافي ستزيد من جمالية شوارع الحديدة المجسمات تعد من الأدوات التي تعبر عن هوية الشعوب وتعكس ثقافتها وموروثها الحضاري والتاريخي بل إنها أصبحت من المعالم التي تميز الأوطان عن بعضها.. فتمثال «الحرية» مثلاً يعتبر من أبرز المعالم المميزة للولايات المتحدة الأمريكية.. وعلاوة على ذلك فإن المجسمات التي توضع في بعض الساحات أو في مرتفعات معينة تعطي نبذة مختصرة عن الذوق والجمال الفني الإبداعي الذي تتميز به البلدان.. ولا يغني هنا الذوق الشكلي المجرد.. ولكن ماتختزله هذه المجسمات من تعابير ومعانٍ فنية.. ومايمكن أن توجزه من أحداث وشواهد تاريخية.. وهذا ماجعل شعوب الدنيا تتسابق للتباري في تجسيد ابداعاتها بهذه المجسمات ووضعها في الساحات العامة أو الشواهق وماتلبث إلا وتصبح «مزاراً» سياحياً كبيراً.. غير أننا أعني في اليمن لازلنا بمنأى عن إعطاء هذا الجانب حقه من الاهتمام.. رغم التنوع البيئي والتراثي والموروث الحضاري والتاريخي العريق الذي تتميز به بلادنا.. ومع هذا وجدنا من يحاول تحريك «المياه الراكدة» في هذا الجانب بتقديم فكرة إعداد ثلاثة مجسمات توضع في شوارع الحديدة مستوحاة من تراث وحضارة وتاريخ هذه المحافظة وماشهدته من أحداث تاريخية كبيرة باعتبارها كانت وما تزال البوابة الغربية التي يطل من خلالها اليمن على العالم.. إنه القاضي اسحاق محمد صلاح رئيس نيابة الأموال العامة بمحافظة الحديدة والذي استضفناه في صحيفة الجمهورية لنستقرئ منه فكرة المجسمات الثلاثة والذي قال عنها: تقدمنا بمقترح لعمل مجسمات لشوارع محافظة الحديدة وتم تحديد الأماكن المقترحة والدلالات التاريخية والثقافية لكل مجسم وقد تم وضع هذا المقترح على طاولة المجلس المحلي بالمحافظة.. المجسمات هي عبارة عن «مجسم الحرية» «مجسم الفخار التراثي،مجسم الخير» «مجسم باب البيت التهامي» وقد تم تجسيد الفكرة إلى لوحات مرسومة ولاينقصها إلى اعتماد الفكرة والبدء بتنفيذها.. إنعاش السياحة طبعاً الفكرة ظلت تراودني كثيراً خاصة في ظل التسابق المحموم بين الأمم والشعوب لإثراء هذا الجانب الابداعي الهام.. ولما تزخر به بلادنا من مواهب في النحت والفن التشكيلي ولما يمكن أن تسهم به هذه المجسمات من جمال على الساحات أو الشوارع التي ستوضع فيها.. وماستعكسه من موروث شعبي وحضاري وتنوع بيئي وحراك ثقافي والذي تمتاز به محافظة الحديدة.. فمن الظلم أن تظل شوارع وساحات محافظة الحديدة دون هوية من المجسمات والشواهد التعبيرية والتي سيكون لها أكبر الأثر في إثراء الجانب السياحي في بلادنا.. والذي نرجوه أن يتم التفاعل مع هذا المشروع الوطني.. شواهد تاريخية واستطرد القاضي اسحاق محمد في سرد المجسمات والأماكن المقترحة لوضعها والدلالات التاريخية لكل مجسم على حدة بقوله: بعد استقراء آراء الكثير من الفعاليات الاجتماعية والسياسية تم التقدم بمقترح المجسمات على النحو التالي: المجسم الأول «مجسم الحرية» الأهداف: الشاهد التعبيري على أغلال وظلم الحقبة الإمامية وإحياء روح الشعور الوطني وحماية الجمهورية والوحدة.. مكان التنفيذ: اقترحنا إقامة المجسم وسط الساحة الواقعة بين القصر الجمهوري ومكتب الأشغال.. وهو المكان الذي كان فيه الإمام رمز الملكية المستبدة يعتلي شرفة قصره المسمى بالمقام ويسوق الجلادون أبناء الشعب إلى تحت قدميه ليكيل لهم خطب الدجل والاذلال والارهاب والوعيد ويطلب المبارزة بالسيف،ووصلت به دمويته المستبدة حد صلب شهيد الحرية محمد عبدالله العلفي في وسط الساحة ليخوف ويرهب الشعب لو فكر في الثورة عليه ولم يسلم من ذلك صغار طلاب المدارس عندما أخرجهم الإمام يشاهدون العلفي مصلوباً إلا أن الشعب كان أكبر من الخوف والارهاب وعجل بالثورة في 62 سبتمبر 2691م فهيهات لمن يحلمون بإعادة الزمن إلى الوراء من دعاة الامامة والسلالية والطائفية المقيتة التي لاتجلب إلا الموت والخراب للشعوب. الدلالات التاريخية وحول الدلالات التعبيرية للمجسم يذكرالقاضي اسحاق: ٭ قاعدة تذكارية لشهداء الحرية ضد ظلم الامامة واستبدادها. ٭ ساعد عملاق يرمز إلى قوة الشعب وشعبوية الثورة اليمنية. ٭ القيد والسلسلة ويرمز إلى العهد الملكي المتحجر والذي كبل الأحرار وقيد الوطن عن ركب الحياة والتقدم. ٭ انكسار القيد ويرمز إلى الثورة التي كسرت قيود الاستبداد والظلم وحطمت أغلال التخلف. ٭ قبضة الشعب القوية وهي في موقع الإبهام تشكل رقم «62» في دلالة إلى ثورة «62 سبتمبر 2691م» الأم وتلاحم الجماهير معها وأن قبضة الثورة القوية كانت كل جماهير الشعب الذي حماها وسيحميها ما بقيت السماوات والأرض. ٭ علم الوحدة الذ ي سند الساعد وارتفاعه في دلالة على أن الوحدة سند للشعب ورفعة الوطن. ٭ الشعلة وترمز للثورة والحرية والتقدم وتبديد دياجير التخلف والكهنوت الإمامي والرجعي. مجسم الفخار التراثي الجمالي «مجسم الخير» وترمز الجرار والازيار التي يتفنن في تشكيلها الإنسان اليمني في تهامة من صلصال طين الأرض إلى سمفونية التناغم بين الأرض والإنسان في أسطورة وحضارة الطين في أرض السعيدة منذ العهد السبئي الأول والتي تعكس الذوق الابداعي للإنسان اليمني الممتد من أقصى غرب اليمن في تهامة إلى أقصى شرقها في حضرموت. أما امتلاء الجرار أو الأزيار بالماء منداحاً إلى قاع الحوض فترمز إلى وديان تهامة الدفاقة والتي تمنح الخير والحياة للأرض والإنسان وتكسب المجسم جمالاً يعكس العمق الروحي لعظمة البساطة وبساطة العظمة في تهامة اليمن. مجسم باب البيت التهامي وهو مجسم واقعي لمنزل أسرة معد المشروع ويعكس الذوق الجمالي لمعمار البوابات الخارجية لسور البيت التهامي الواسع حيث تزخر بنقوش الحفر الدقيقة المستلهمة من زهور النرجس وباقات الزهور وعناقيد الخير وتقوسات سعف النخيل ومحاريب الأربطة الصوفية المجللة من أعلاها بالآيات القرآنية في لوحة مهابة الجلال يتماهى فيها المكون البيئي بالروحي ثم يعلو ذلك تاج البوابة بتقوساته المتناسقة والمجملة في وسطها بالعرف الجميل والتشريف أو العرف الكبير في نهاية طرفي تاج البوابة وكل ذلك يضفي عليها مهابة وجلالاً يجعلها بهذه الخصوصية جديرة أن تكون هوية لبوابة البيت اليمني في تهامة وأن يزين بها أحد شوارع أو ميادين الحديدة كماهي الحال في دول الخليج والهند وكثير من دول أوروبا التي تفاخر بجمال بواباتها الأثرية في الميادين العامة وما أحوجنا إلى ذلك لا سيما ونموذج البوابة المقدمة في هذا المشروع يندر الآن وجودها. واختتم القاضي اسحاق حديثه بالقول: نأمل من الجهات المعنية الاستجابة للمقترح والذي سيشكل مصالح عامة على صعيد تقوية الشعور لدى المواطنين بالثقة وبتأكيد اعتزازهم بوطنهم في عيون الآخرين ناهيك عما سيضفيه من جمال على المدينة سياحياً.. شاكراً لصحيفة الجمهورية التفاعل مع هذا الموضوع ومشيداً بتفاعلها مع القضايا السياحية في بلادنا.