أن تمتطي دراجة نارية في شوارع المدينة، عليك بإشغال نفسك بقراءة الفاتحة وترديد الشهادتين «احترازاً» حينها قد تكون أمام خيارين، إذ لم يكونا فثالثهما ملازمة الخوف.. تيقن أنك عرضة إما للإصابة أو الموت وإن نجوت حتماً قد ساورك القلق.من غرائب الصدف وعجائب الأمور بمجرد مابدأنا بالتحقيق عن أسباب حوادث الدراجات النارية وتحديداً من يوم الثلاثاء منتصف الأسبوع الماضي عرفنا أن اليوم الأول شهد حادثة دراجة مرورية في دمنة خدير أدت إلى إصابة 4 أشخاص إصابتهم مابين متوسطة وخفيفة بعدما انحرفت عن مسارها والتقطت كاميرتنا صورة لها في نفس اليوم انقلاب دراجة صينية الصنع فجأة في منطقة ورزان التابعة لخدير وعليها 3 ركاب كانت اصابتهم طفيفة، اليوم التالي الأربعاء حادث تصادم بين شاحنة ودراجة صينية الصنع في مفرق حيفان انتهت الدراجة وفارق سائقها الشاب مفيد جميل الحياة وهو في طريق اسعافه إلى تعز، اليوم الذي بعده الخميس أمس الأول حادث تصادم بين سيارتين هيلوكس إحداهما أرادت التجاوز والضحية سائق دراجة نارية كان يمشي في خطه والنتيجة كسران في رجله اليسرى حسب إفادة النقيب عبدربه مدير قسم مرور الراهدة. أكثر عرضة للحوادث في وطن لم تعد فيه الدراجات النارية وسيلة للاقتناء الشخصي أو كمالية للتباهي والرحلات الترفيهية، يرى البعض أن الحاجة إليها أصبحت ملحة للنقل والمواصلات من قبل المواطنين الذين يجدون فيها وسيلة سهلة ومناسبة لترحلهم من مكان إلى آخر بأقل تكلفة وأقصر مسافة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سرعة تخطيها للطرق الوعرة والمسافات الطويلة اضافة إلى قدرتها على تخطي الازدحامات المرورية وكسرها لإشارات وقواعد المرور في كثير من الأحيان والتي تلزم سائقي المركبات الأخرى إلى التوقف عند كل جولة منها. يرى آخرون أن الدراجات النارية هي الوسيلة الأقرب للحوادث المرورية والأقرب كذلك إلى الموت أسوة بغيرها من مركبات الأجرة.. ففي الأواني الأخيرة زادت حدة انتشار الدراجات النارية بطريقة لافتة للنظر وذلك بفعل عدة عوامل أهمها غزوها للسوق بأسعار مناسبة وبمواصفات كما يرى البعض جيدة اضافة إلى رخصها وتوفر قطع غيارها والعامل الآخر هو سهولة اقتنائها بطريقة التقسيط التي وفرت للكثير من السائقين وخاصة من ذوي الدخل المحدود الكثير من الجهد في توفير مبلغ شرائها. يضيف آخرون: إن الدراجات النارية وفرت الكثير من فرص العمل للكثير من العاطلين وبالتالي قد أسهمت في امتصاص جزء من البطالة وتوفير لقمة العيش للكثير من الأسر التي تعاني الفقر. وللغوص أكثر في الحديث عن الدراجات النارية «السلبيات والايجابيات» كانت مديرية خدير بمحافظة تعز هي نقطة استطلاعنا كون المنطقة تعج بالكثير منها وربما تعد الأولى على مستوى المحافظة كون المديرية تضم سوقي الراهدة ودمنة خدير اللذين يعتبران من أهم الأسواق على امتداد التاريخ لتمركزهما على الكثير من المديريات المجاورة كالصلو والقبيطة وحيفان وماوية والمواسط والمسراخ، تبعد خدير عن محافظة تعز بحوالي 24 كيلو متراً مربعاً وتبلغ مساحتها 064 كيلو متراً ويقدر عدد السكان فيها بحوالي 193401 نسمة وفقاً للإسقاطات السكانية لعام 0002م. مصدر دخل لإعالة الأسرة شدنا في البداية رجل في منتصف عقده الخامس راكباً على دراجته بانتظار رزقه بفارغ الصبر، عبدالرحمن الفقي من مديرية سامع اقتنى الدراجة قبل عدة أشهر بالتقسيط بعدما ضاق به الحال في إيجاد فرصة عمل مناسبة، يضيف الرجل الأب لعشرين طفلاً أن حالته صعبة للغاية وإن الدراجة التي كان يعول عليها في تحسين ظروفه زادته هماً فوق همه فسداد أقساطها أصبحت له همة في النهار وأرق في الليل، من نبرات صوته وتعابير وجه تدرك أن الرجل والمتزوج بامرأتين يحمل على كاهله كتلاً من البؤس والحرمان، يردف «من الصباح شقينا بمائة ريال رحنا اصطبحنا فيها» لا إجابة عنده عن كيفية إعالة أسرته في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تكتنفه؟ ويحول مجرى الإجابة: تجمع الهواء والريح والشمس على جسده تشكل له وجبة دسمة في كثير من الأحيان. مثالي السائق الشاب مصطفى الحميد يجد في دراجته النارية دخلاً جيداً خصوصاً وأن ا لشاب قد استطاع بحنكته أن يكون له زبائن رسميون يقلهم ويقل أمتعتهم في كثير أحيان إلى حيث مبتغاه ويضيف :إن دراجته الجديدة تجلب له الزبائن عكس دراجاته القديمة فهي اقتصادية في صرف البنزين، عوامل كثيرة جعلت الشاب في وضع معيشي لابأس به حد قوله ويجد في التوكل على الله أهم مصادر الرزق والبركة لذا فهو لايكترث لوجود المئات من الدراجات النارية التي تنافسه، الشاب ليس متهور كغيره ولم يصب بحمد الله بمكروه منذ ممارسة مهنته التي تجاوزت العشرة أعوام. قائد محمد السوي بدأ باقتناء دراجاته قبل 53 عاماً للعمل عليها في نقل الركاب والتي تعد الثانية بعدما باع الأولى ب 0003 ريال في تلك الفترة، يتحدث الرجل في عقده الخامس أن كل ما ادخره من رزق طيلة هذه الفترة من دراجاته النارية هي ذريته الصالحة التي وهبها الله له والمكونة من 31 فرداً من كلا الجنسين، قائد أحسن حال من غيره في الوقت الراهن كون أطفاله يساعدونه في توفير مستلزمات المنزل، ومع ذلك فالرجل مازال محباً لمهنته والتي اختصرها للنقل وتوصيل مادة الديزل من المحطة إلى الحلويات والأفران دون الركاب وذلك لفقدان الرؤية لديه بشكل واضح وترجع الأسباب بفعل تلك الحوادث التي تعاقبت عليه، كان آخرها مانجا منه بأعجوبة ليظل طريح المستشفى قرابة الثلاثة أشهر، والنتيجة هزل في الجسد وغشاوة في البصر وعدم وضوح الرؤيا بشكل طبيعي، يجد أن اقتناء النظارة والذهاب إلى طبيب خاص يعد أمراً مستحيلاً مع ظروف معيشته الصعبة. نتائجها مآس عند الحديث عن الحوادث المرورية تجد مأساة تحدث في مديرية خدير خاصة الراهدة ودمنة خدير ففي مفرق حيفان في الراهدة تخضب الاسفلت بدماء العشرات من أبناء المديرية والمديريات المجاورة لها، ففي هذا المكان تحديداً تناثرت مئات الأشلاء وأزهقت الأرواح ويتم أطفال وأرملت نساء سواء لسائقي الدراجات أو لركابهم ويرجع جميع المواطنين الأسباب إلى تلك البراميل الخاصة بخزانات مشتقات النفط والتابعة لإحدى المحطات والتي وضعت بطريقة تعتم على السائق رؤية الدراجات أو المركبات الأخرى القادمة من المفرق وبالتالي تكون المأساة. حوادث مزعجة مدير مرور مديرية خدير الرائد وليد البعداني يجد أن هناك الكثير من العوامل التي تؤدي إلى حوادث الدراجات النارية والمركبات الأخرى ومن ذلك عدم استكمال اسفلت الراهدة الخط العام الذي يربط بين محافظتي تعز عدن حيث تم العمل على توسعة الخط وعند الاقتراب من الانتهاء ترك العمل فجأة الأمر الذي خلف وراءه ارتفاعاً وانخفاضاً في طبقات الاسفلت تصل في مواضع إلى عشرات السنتمترات في الخط الواحد هذا بحد ذاته أدى إلى عشرات الحوادث المرورية، علاوة على ترك بعض الحفر وعدم استكمال بعض المساحات في أماكن أخرى. ويضيف الرائد وليد والذي تولى منصبه منذ قرابة الشهر: إنه وجد أغلب الحوادث في الدراجات النارية ويرى أن العائق الأصعب والوحيد أمامهم في الوقت الراهن الدراجات النارية خاصة في الراهدة، ويرجع الأسباب إلى عدم التوعية المرورية وعدم الانتظام وغير ذلك من العوامل التي تشكل عائقاً أمام مهامهم، ويستطرد :إن العمل يجري على قدم وساق في مديرية خدير وذلك لتنظيم حركات المرور إضافة إلى فتح إدارة متكاملة بجميع أقسامها للقيام بترقيم السيارات ونقل الملكيات وتجديد الكروت، كل ذلك تم بتوجيه من محافظ المحافظة والأخ مدير أمن المحافظة وبمتابعة المقدم قيس الارياني مدير مرور محافظة تعز كما أن هناك اعتزاماً على تنظيم وقوف الدراجات النارية بخط مستقيم بدلاً من الوقوف العشوائي، وأكد أن التعاون مطلوب مع سلطة الإدارة المحلية في المديرية ويجري التنسيق معها من أجل رفع المخلفات كما في الشارع العام لدمنة خدير حتى يتسنى تنظيم الدراجات اضافة إلى إدارة الأمن وذلك بوفد عسكري لضبط المخالفين، وأعلن مدير مرور خدير أن الأيام القليلة القادمة ستشهد ترقيماً للدراجات النارية اضافة إلى رفع شكاوى للإدارة المحلية بشأن الشوارع الغير مكتملة وخاصة خط تعز عدن لأن استمرار الأوضاع على ماهي عليه ستخلف العديد من الحوادث المروية وحوادث السير. تهور وبما أن أغلب حوادث الدراجات النارية تقع مع مركبات النقل الأخرى من سيارات أجرة أو نقل أو خصوصي نجد أن هؤلاء السائقين لهم وجهة نظر أخرى في الحوادث التي تسببها الدراجات، من ذلك يرى محمد قائد الصلوي سائق سيارة أن بعض سائقي الدراجات النارية عقولهم كعقول دراجاتهم أثناء السير ويضيف الرجل المغلوب على أمره والذي وقع معه حادث مشابه قبل ثلاثة أسابيع عندما كان يمشي في خطه فوجئ بدراجة نارية تريد تجاوزه مع وجود شاحنة نقل كبيرة في الطرف الآخر للسير فما كان من سائق الدراجة إلا أن رجع لعرض سيارته الأمر الذي تسبب كسراً في ركبته وإصابة الراكب الذي معه، ومع أنه ليس له أي ذنب في الحادثة فقد احتجزت سيارته لمدة أسبوعين من قبل إدارة المرور علاوة على تغريمه 041 ألف ريال تكاليف علاج السائق، لم يبق أمام الرجل إلا المطالبة من إدارة المرور بنظام للدراجات النارية كماهو النظام لهم بحيث لا يظلم السائق الآخر إذا كان سائق الدراجة هو المتسبب بالحادثة كما حدث معه وطالب بتحديد سرعة منضبطة للدراجات النارية كون الأواني الأخيرة شهدت دراجات سريعة بعقول خاوية من أصحابها. مقولة: «من أراد أن يقتل ابنه فعليه بشراء دراجة نارية له» هكذا يردد الأهالي هذه العبارة، ليبقى السؤال هل سيكون هناك حل ناجح من إدارة المرور بالمحافظة لوضع حلول للدراجات النارية كتحديد سرعتها إضافة إلى إلزام سائقها بالقواعد المرورية..والحد من عشوائيتها.