أضحى الخط الإسفلتي الذي يربط محافظتي تعزوعدن ويصل طوله إلى 170 كم تقريباً من أكثر الخطوط الذي تزهق فيه الأرواح بفعل الحوادث شبه اليومية.. هذه الحوادث المتكررة تتركز بشكل أكبر بذات الخط الذي يمر بين مديريتي خدير والقبيطة إذ يصل طوله إلى 30 كم وتتعاظم تلك الحوادث بدءًا من منعطف الجاشعية ثم مفرق الهجر إلى الضلعة في مديرية خدير التابعة لمحافظة تعز مروراً بمنعطفات المحمولة، الصريح، الكسارة والحويمي التابعة لمديرية القبيطة التابعة إدارياً لمحافظة لحج. رائحة الموت التي أصبحت تنتشر في هذه الأماكن وزادت حدتها في الأواني الأخيرة غدت حديث كل مواطن في المنطقة جعل «الجمهورية» تقترب من المكان لمعرفة أسباب تلك الحوادث ومن المسئول عنها؟ مشاهد مؤلمة يقول مفيد الشرماني سائق سيارة أجرة ومضى من عمره قرابة 51 عاماً وهو يعمل على نقل الركاب بين محافظتي تعزوعدن أن أكثر المشاهد مأساوية من حوادث المرور هي تلك التي تقع في منعطفات الموت كما أطلق عليها بدءاً من منعطف الجاشعية إلى منعطف الحويمي .. ويضيف الشرماني في عقده الخامس: إن من أكثر الحوادث إيلاماً في حياته هي تلك التي كانت في منطقة الضلعة قبل عامين تقريباً إذ نجم عن تصادم سيارة (صالون) مع نقل ركاب (بيجوت) وفاة جميع ركاب البيجوت بمن فيهم سيارة الصالون ، بشاعة الحادث لجم الرجل لبرهة من الوقت قبل أن يستطرد: إن اللحم التصق بالحديد وتقطعت جثث الضحايا إلى أشلاء متناثرة.. الأسباب الشرماني الذي يرجع أسباب معظم الحوادث إلى السرعة الجنونية التي تكتنف بعض السائقين إلا أنه يردف: إن للدولة باعاً في التقليل من الحوادث أقل القليل أن تقوم إدارة المرور بتحديد سرعة السائقين بمعيار معين تختلف عنها في المدن عن الخطوط الطويلة ، ويضيف إن ضيق الخطوط والتي عفا الدهر على معظمها تسهم بشكل أساسي في معظم الحوادث وخاصة في تلك المنعطفات والتي تفتقر معظمها إلى أبسط المقومات المروريةكوضع الإشارات واللافتات التحذيرية علاوة إلى انعدام الخطوط الفسفورية على هذه الخطوط والتي تساعد السائقين على تجنب أكثر الحوادث وخاصة في فترة المساء. الرائد مصطفى عبدالقوي علي عماد مدير قسم مرور القبيطة في محافظة لحج يشارك الشرماني في معظم ما جاء به ويضيف إن من الأماكن التي تقع فيها أكثر تلك الحوادث على خط تعزعدن هما سوقا الشريجة وكرش ويرجع الأسباب كما هو المعتاد إلى السرعة إلا أن الطريقة الجغرافية التي وضعت بهما الأسواق من محاذاة الإسفلت ساهمت في تفاقم الحوادث وخاصة سوق الشريجة الذي يكاد لا يفصله على الخط سوى أذرع قليلة إذا ما قيست المسافة بيد الانسان العادي. منعطفات خطرة الرائد مصطفى الذي تولى مهام إدارة مرور المنطقة عام 2001م يرى أن كل المنعطفات خطرة إلا أنه يركز على منعطف الصريح فهو أخطرها ويذهب للقول إنه أخطر من منعطف المحمولة الذي حصد مئات الأرواح قبل أن يتم شقه من قبل وزارة الطرق والأشغال العامة عام 1990م. الزميل أنيس منصور مراسل صحيفة (الأيام) والذي غطى معظم تلك الحوادث لذات الصحيفة يذهب إلى أبعد من ذلك حين يصف أن الخط تم شقه وفق طابع سياسي معتبراً أن تلك المنعطفات الحلزونية والمنحدرات وضعت قبل الوحدة ويرى منصور أن التغلب على مشكلة منعطف المحمولة أو منعطف (الموت) كما كان يسميه البعض هو خطوة جيدة من قبل وزارة الأشغال العامة ليبقى الأمل في التغلب على بقية المنعطفات التي تحولت معظمها إلى مقابر خلاف ما تخلفه من خسائر فادحة للمواطن والدولة ، ويضيف أنيس: إن الطريق بين كرش والشريجة أصبحت لا تناسب سير المركبات والناقلات وسيارات الأجرة والخصوصي كونها لا تواكب حركة السير بعد الوحدة علاوة على التضخم السكاني والمروري كونها بحاجة توسيع وإعادة صيانة. جهود توسعة الخط قائمة العقيد علي عبده حنش شيخ مشايخ خدير والذي عمل قائداً لحراس الحدود منذ ستينيات القرن المنصرم لا يوافق الزميل منصور في رأيه ويضيف إن الطريق الذي تم شقه في تلك الفترة لم يخضع لأي عوامل سياسية وإنما لعوامل جغرافية تتناسب والمكان الذي تم فيه الشق ، يوافق شيخ مشايخ خدير كل من سبقوه أن معظم الحوادث سببها السرعة غير أنه يردف إن الدولة مازالت تولي الخط جل اهتمامها في التوسعة مستدلاً بذلك على ما تم انجازه من توسعة على طول خط عدن مثلث العند علاوة على مداخل مديرية خدير ليؤكد «للجمهورية» أن قادم الأيام ستشهد اكتمال الخطة التي وضعت من قبل وزارة الأشغال العامة قبل عدة سنوات بتوسيع كامل الخط. الانهيارات الصخرية الزميل أنيس منصور والرائد مصطفى عبدالقوي يتفقان أن شق طريق المحمولة بعد الشريجة ينقلب إلى نقمة مع مواسم الأمطار بفعل عوامل الانهيارات الصخرية التي تتساقط معظمها فوق السيارات إضافة إلى قطع الطريق وهو ذات الأمر الذي سبب في العديد من الوفيات والضحايا في المكان نفسه ويرجع عبدالقوي السبب في ذلك إلى الشركة المنفذة للمشروع التي شقت الطريق بطريقة غير صحيحة تفتقر إلى أبسط المقومات الهندسية إذ غلب الشق الأفقي على الانسيابي المناسب. الرائد يرى أن منعطف الموت لم يكن بخطورة منعطف الصريح كون الأول ينتهي بانقلاب المركبات على أماكن رملية وطينية وهو ما يقلل من الوفيات عكس الصريح الذي يتميز بكثافة الصخور وهو ما يسهم في ارتقاع عدد الوفيات. غياب الإشارات التحذيرية الرائد وليد البعداني مدير مرور قسم الراهدة والدمنة والذي استحدث مؤخراً بفعل المتابعة المستمرة للعقيد قيس الإرياني مدير مرور تعز وبمباركة المحافظة يرى أن التوعية المرورية هي من أهم الأشياء التي يجب التركيز عليها ويردف البعداني إن المنعطفات تتسبب بمعظم الحوادث نتيجة لانعدام الإشارات التحذيرية ويوضح البعداني الذي تولى منصبه في يوليو 2008م أن لديهم طموحات كبيرة في التقليل من الحوادث تكمن أولى تلك الطموحات في ترقيم الدراجات النارية التي انتشرت بصورة جنونية مؤخراً وما أعقب ذلك من تكرار وتسبب بحوادث مرورية مؤلمة. الرائد البعداني يرجع بعض من أسباب الحوادث المرورية والتي بدأت شبه يومية إلى عدم إكمال توسعة مدخل مدينة الراهدة والذي وضع بصورة عشوائية لا تخلو من المطبات والمرتفعات المتعددة وغير المتوازنة في الخط الواحد ، علاوة على وضع جزر مفاجئة للسائقين وسط الخطوط دون أي إرشادات مرورية وهو ما أسهم في تعاظم الحوادث. ازدحام المناطق وعدم تناسب الخطوط البعداني يرى أن من أسباب الحوادث عدم تناسب الخط وازدحام المناطق بالسكان وبالمركبات على مختلف أنواعها وتفاقم أعداد الدراجات النارية غير أنه يضيف إن التلفون ساهم بشكل أو بآخر في بعض الحوادث وذلك لانشغال بعض السائقين بالمكالمات أثناء قيادتهم لمركباتهم. يتذكر أنيس بوضوح كيف نقل أول حادث في مهنته من عام 2004م حين انقلبت حافلة تحمل طلاباً في رحلة سياحية من محافظة إب وتوفي في الحادث (11) شخصاً وأصيب (13) آخرين ويرى أنيس أن أبشع حادث هو ما كان في منعطف الصريح حيث كانت (3) حوادث في يوم واحد أدت إلى وفاة أسرة بأكملها خمسة أطفال مع الأبوين ونجاة طفل رضيع والآخر وفاة (7) وإصابة (3) من بائعي القات والثالث انقلاب سيارة هيس ولم ينج منهم أحد. الرائد مصطفى يرى أن كل الحوادث باتت مألوفة لديه غير أنه يتذكر حادثة الزميل الصحفي إياد سالم ومرافقيه شاب وفتاة حيث كان الحادث مروعاً. افتقار المنطقة للمقومات الإسعافية قيادات المرور في المديريتين تتمنى على الجهات المختصة توفير سيارات إسعاف للمنطقة خاصة على الطريق السريعة وتأهيلها بما يتناسب والحوادث المتكررة في هذا الخط ، منوهاً لضرورة وجود مستوصفات خاصة على الطرق السريعة وتأهيلها بما يتناسب والحوادث المتكررة في هذا الخط ، منوهاً أن مستوصف كرش ومستشفى الراهدة يفتقران إلى المقومات الكاملة لاسعاف المصابين وهو ما يجعلهما أقرب للاسعافات الأولية ففي حين يتم تحويل الحالات الخطرة من مستشفى الراهدة إلى تعز يكون مستوصف كرش قد حول مصابه إلى لحج وهو ما يتسبب في كثير من الأحيان في وفاة الكثير من البشر. ويذهب الرائد البعداني أن الحوادث تكون متفرقة وأغلبها في الصباح في فترة عمله التي لها قرابة 7 أشهر رصد فيها (32) حادثاً في فترة الصباج و(24) حادثاً فترة الظهيرة و(29) حادثاً فترة المساء. الرائد مصطفى يرى أن أغلب الحوادث تكون أيام الإجازات الصيفية ويرصد هو الاخر حوادث العام 2008م في منطقته بين (10) حالات دهس (19) صدام (1) صدام بجزء ثالث ، (31) انقلاب مركبات فيما مجموع الوفيات (26) من الرجال والنساء والأطفال فيما أصيب (100) رجل و(11) امرأة في العام المنصرم. غياب الإرشادات المرورية في ختام حديث الرائد مصطفى ينصح شركات المقاولات التي تعتزم تنفيذ أي عمل على الخطوط السريعة أن تضع الإشارات والارشادات والتحذيرات المرورية اللازمة لتجنب الكثير من الحوادث نتيجة الإهمال التي تسهم به هذه الشركات المقاولة. جميع المواطنين الذين شملهم الاستطلاع أكدوا أن تعاظم السرعة الزائدة هي أسباب الحوادث متمنين على الجهات المختصة سرعة توسعة الخطوط بطريقة تتناسب ودولة الوحدة المباركة تعاظم المركبات وضيق الخطوط. الكل يجمع أن أسباب الحوادث السرعة ، البيئة الجغرافية للمنعطفات ، ضيق الخطوط ، عدم توفر سيارات الإسعاف ، عدم وجود مراكز طبية متكاملة لإسعاف المصابين الحفر والمطبات والجزر العشوائية وعدم اكمال بعض الأعمال من الشركات المقاولة كما في الراهدة وتآكل طبقات الاسفلت القديمة ، غياب الإرشادات والإشارات المرورية اللازمة المكالمات الهاتفية ، عدم صيانة المركبات . قيادة صغار السن.