لحظات جميلة، كما عبر عنها الكثيرون من المشاركين في افتتاح (ملك الكباب) الذي رفع للمرة الأولى "عرش بلقيس" في قلب مدينة "هامترامك" بولاية متشغان الأمريكية، في رسالة فصيحة يحملها الآباء المغتربرن لأبنائهم "الأمريكيين" من الأصول اليمنية، والعربية بل الإسلامية. الجميع تذوق طعم الحضارة، ومذاق "المائدة العربية الأمريكية" التي تخللتها حبات الزيتون، ولحم الحمام، وخبز الذرة، وأصناف شتى.. فلم تفارق أذهان الكثيرين من المشاركين أياماً وليالي تلك اللحظات المعبرة عن عمق الانتماء الحضاري، وذلك الإحساس اللذيذ بالوطن الذي أنعشه صاحب المطعم "المغترب" الذي يعد أحد أشهر الطباخين العرب في الولاية الأخ محمد حسان سنان "أبو محسن" وتمتد خبرته إلى أكثر من عشرين عاماً. "نبأ نيوز" وكالعادة تتعقب أنفاس اليمن في كل مكان، فكانت بين الحضور، وسألت الأخ محمد سنان عن سرّ اختياره لماذا "عرش بلقيس" شعاراً، وعلامة تجارية لمطعم "ملك الكباب"؟! ويبدو أنه لم يكن بحاجة لأي تفكير بالجواب، إذ ردّ سريعاً بالقول: حضارة اليمن غنية عن التعريف، والأصدقاء الأمريكيون والأوروبيون والكنديون وغيرهم يعرفون كثيراً عن عرش بلقيس، وأرض سبأ، ولهذا أردنا ان نقول لهم: نحن هنا أبناء تلك الحضارات التي أنتم مندهشون بها، وتقطعون البحار والمحيطات لزيارتها.. اليمن غالٍ دائماً. لم أجد في جعبتي سؤالاً أستكمل به خبري، فهذا الرجل قطع عليّ الطريق بجوابه، وتيقنت أن الغالبية العظمى من اليمنيين يجيدون فن الحديث عن الوطن، والتعبير عما تجيش به الصدور تجاهه، ويفهمون قيمة التشبث بالحضارة والتاريخ، فالتجار والمهندسون والطباخون وسائقو التكاسي والعمال؛ جميعهم يعتبرون حضارة اليمن هي مجد وفخر كل اليمنيين، حتى وإن اختلفت مواقعها بين صنعاء، وعدن، ومأرب، والضالع، وحضرموت، وصعدة.. فذلك التنوع يضفي عليها مزيداً من الجمال. في حفل افتتاح "ملك الكباب" شارك ممثلون عن عدد من الجهات الرسمية، في مقدمتهم حاكمة منطقة «هامترامك» وعدد من قيادات الجالية اليمنية، ومسئولون ومحامون أمريكيون من الولاية. لست بصدد الترويج ل"ملك الكباب" رغم أنه أحد أبرز مطاعم الجاليات اليمنية الأمريكية على مستوى عدة ولايات، ولست بصدد الحديث عن تميزه، وتكاليفه الباهظة التي ترجمت قدرات أبناء الجالية اليمنية في هامترامك على خوض غمار أعمال تجارية ناجحة؛ إلاّ أن "عرش بلقيس" استوقفني طويلاً، وهو يتوسط إحدى المدن الأمريكية، وهذا التشبث بالهوية الوطنية والأصالة الحضارية حتى عند الذين أمضوا عقوداً من حياتهم في المهجر.. ولعله هو سرّ وصف بلادنا بأنها "مهد العروبة" والسرّ في أن يخصنا الحبيب المصطفى بقوله الشريف: (إذا اشتدت الفتن، فعليكم باليمن)!!.