بدأت مساء أمس في العاصمة الأردنية عمّان اجتماعات الدورة الثالثة عشرة للجنة العليا اليمنية - الأردنية المشتركة برئاسة رئيسي الوزراء الدكتور علي محمد مجور وأخيه المهندس نادر الذهبي. وجرى استعراض ومناقشة علاقات التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والتجارية والخدمية والثقافية والصحية والجمركية والضريبية والنقل، إضافة إلى آليات تطوير دور القطاع الخاص والارتقاء المستمر به لخدمة توجهات البلدين في التنمية الاستثمارية وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما. وتطرقت المباحثات إلى تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والجهود المبذولة لرأب الصدع في الصف الفلسطيني، وفي المقدمة حركتا فتح وحماس على ضوء المبادرة اليمنية واتفاق صنعاء بين الحركتين، إضافة إلى استعراض الأوضاع في المنطقة العربية. وبهذا الصدد أكد الجانبان أهمية العمل العربي الجماعي لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق والصومال والأخذ بعين الاعتبار الدعم الدولي لتهيئة الأجواء اللازمة لتحقيق هذه الغاية، مع التأكيد على مساندة جميع الجهود المبذولة لوضع الحلول السلمية والعملية لمشكلة دارفور وبعيداً عن أي تدخل خارجي. واستعرضت اللجنة تقرير اللجنة التحضيرية وما توصلت إليه من نتائج في إطار التحضير لاجتماع اللجنة العليا في المجالات المذكورة بما في ذلك مسودات الاتفاقات التي سيتم التوقيع عليها في ختام الدورة. وفي بداية اجتماعات الدورة تُبودلت الكلمات، حيث أشار رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور إلى ما يربط الشعبين الشقيقين من علاقات الاخوة والمحبة والصداقة، تزداد وثوقاً ورسوخاً على الدوام في ظل الرعاية الكريمة للقيادتين السياسيتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين. ونقل رئيس الوزراء في كلمته تحيات فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - إلى أخيه جلالة الملك عبدالله بن الحسين ،ودولة وحكومة الشعب الأردني الشقيق، وتمنياته لمسيرة العلاقات اليمنية - الأردنية المزيد من التقدم والازدهار. وقال الدكتور مجور: يأتي لقاؤنا اليوم في إطار اجتماعات الدورة الثالثة عشرة للجنة العليا اليمنية - الأردنية المشتركة ليعكس وبشكل واضح مدى التطور الذي تشهده العلاقات الثنائية بين بلدينا، والحرص المشترك على تعزيز تلك العلاقات والدفع بها نحو آفاق رحبة تلبي تطلعات الشعبين الشقيقين وتخدم مصالحهما المشتركة على كافة الأصعدة. وأكد أن تواصل اللقاءات وتبادل الزيارات بين المسؤولين في البلدين على كافة المستويات الرسمية وعلى مستوى رجال المال والأعمال، تسهم بشكل فاعل في تطوير العلاقة الاخوية. لافتاً إلى أن آفاق التعاون بين اليمن والأردن واسعة ومتعددة وتدعمها إرادة سياسية حكيمة، فضلاً عن تطابق وجهات النظر إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولة، الأمر الذي يحتم على الحكومتين مضاعفة الجهود والعمل الدؤوب لتحقيق الأهداف المشتركة، ولما فيه مصلحة الشعبين في البلدين الشقيقين. وقال رئيس الوزراء: اليمن والأردن تسعيان إلى تحقيق أهداف مشتركة تخدم شعبيهما وشعوب الأمتين العربية والإسلامية، وكذا تحقيق النمو الاقتصادي والتخفيف من البطالة والفقر وتعزيز التنمية البشرية وتطوير الممارسة الديمقراطية في الحكم واحترام حقوق الإنسان، كما أن البلدين يقفان في خندق واحد ضد التطرف والإرهاب بكافة أشكاله والعمل في نفس الوقت على نشر وتكريس قيم التسامح والعدالة. وأكد سعي الجمهورية اليمنية إلى تعزيز تعاونها وعملها المشترك مع كل الدول الشقيقة والصديقة باتجاه خلق قاعدة مشتركة من المصالح وبما يلبي طموحات الشعب اليمني وشعوب تلك الدول بالمزيد من التنمية والاستثمار. وتطرق الدكتور مجور إلى الإنجازات التي شهدتها اليمن على كافة الأصعدة منذ انعقاد اجتماعات الدورة الثانية عشرة للجنة العليا اليمنية - الأردنية المشتركة في العاصمة صنعاء في يناير 2007م.. وثمن دور سفارتي البلدين ووزارتي التخطيط والتعاون الدولي بمتابعة آخر المستجدات فيما يتعلق بتفعيل مجالات التعاون بين البلدين، الأمر الذي من شأنه إيجاد نمط متابعة مستمرة للدفع بمجالات التعاون إلى مستويات أفضل تلبي تطلعات البلدين نحو تحقيق المصالح المشتركة على المستوى الرسمي والقطاع الخاص، وهو ما يتطلب إرساء آلية منظمة ومنتظمة لمتابعة تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين البلدين وحل أية إشكاليات قد تعترض ذلك في مجال. وأشار إلى أهمية مشاركة رجال المال والأعمال ودورهم الحيوي الذي لا يقل أهمية عن المؤسسات الرسمية في تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة للبلدين.. مؤكداً بهذا الخصوص ضرورة إعطاء القطاع الخاص دوراً محورياً في تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية الثنائية، والدفع برجال المال والأعمال في البلدين لإقامة المؤسسات المشتركة في مجالات التجارة والاستثمار والخدمات ومؤازرة الجهود الحكومية في تحقيق التنمية الشاملة وتبادل المنافع عبر الشراكة الإيجابية ذات البعد الاستراتيجي. وتطرق رئيس الوزراء إلى جهود اليمن من خلال علاقاتها على المستويين الإقليمي والدولي في المساهمة بتحقيق الأمن والاستقرار على مستوى الجزيرة العربية والخليج العربي ومنطقتي البحر الأحمر والبحر العربي والقرن الافريقي، مشيراً إلى تطابق مواقف البلدين إزاء القضايا العربية والإقليمية والدولية. وأكد دعم الجمهورية اليمنية لجميع الجهود المبذولة لإحلال الأمن والسلام في الشرق الأوسط، من خلال استئناف مفاوضات حقيقية وواقعية لإحلال السلام في المنطقة واستناداً على قرارات الشرعية الدولية. وجدد تأكيد اليمن ضرورة رأب الصدع في الصف الفلسطيني عبر الحوار وتغليب مصلحة الشعب الفلسطيني الصامد وتقوية جبهته الوطنية الداخلية بما يمكنه من مواجهة التحديات الماثلة أمامه خلال المرحلة الراهنة. كما جدد التأكيد على وحدة العراق والحفاظ على هويته العربية ورفض أي مساس بوحدته وسلامة أراضيه، داعياً كافة الأطراف العراقية للحوار بما يضمن تجنيبه مخاطر الفرقة والفتنة المذهبية والطائفية. وفي الشأن السوداني أكد الدكتور مجور مساندة اليمن كل الجهود العربية والسودانية المختلفة الهادفة لوضع الحلول السلمية والعملية لمشكلة دارفور وذلك في الإطار الوطني السوداني بعيداً عن كل تدخل خارجي، باعتبار ذلك شأناً داخلياً يخص الشعب السوداني. وفي الشأن الصومالي أشار رئيس الوزراء إلى أن اليمن تؤكد مجدداً ضرورة دعم المجتمع الدولي والدول المانحة للصومال بما يساعد على إعادة بناء مؤسسات الدولة وفرض الأمن والنظام في ربوع الصومال. وطالب رئيس الوزراء كافة الأطراف الخارجية الكف عن التدخل في الشئون الداخلية للصومال، مع أهمية استمرار عملية المصالحة في بعدها السياسي وبمشاركة كافة الأطراف.. داعياً مجلس الأمن إلى الإسراع في إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى الصومال. كما جدد الدكتور مجور دعوة الجمهورية اليمنية إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي من السلاح النووي وكل أسلحة الدمار الشامل واعتبار ذلك شرطاً ضرورياً لاستتباب الأمن والسلام في المنطقة. وقال: وفي هذا الشأن نجدد مطالبتنا بضرورة الضغط الدولي على إسرائيل للانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وإخضاع كافة منشآتها لنظام التفتيش والمراقبة الدولي. وأضاف: كما ندعو إلى الأخذ بالخيار الدبلوماسي في مواجهة أزمة الملف النووي الإيراني مع التأكيد على حق كافة الدول في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية. وأعرب الدكتور مجور في ختام كلمته عن الأمل في أن تخرج اجتماعات هذه الدورة بنتائج إيجابية تعزز من جهود العمل المشترك بين البلدين على كافة الأصعدة. معرباً عن الحرص على التطوير الدائم لعلاقات البلدين الشقيقين وفق آليات عمل حيوية وعلى كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية وبما يخدم تحقيق آمال وطموحات شعبي الجمهورية اليمنية والمملكة الأردنية الهاشمية. من جهته رحب دولة رئيس الوزراء الأردني المهندس نادر الذهبي في كلمته بالجانب اليمني في اللجنة، وقال: إن تواجدكم بيننا اليوم في الدورة الثالثة عشرة للجنة العليا الأردنية - اليمنية المشتركة يدل على عمق ومتانة العلاقات الأخوية بين بلدينا وتميزها ورغبتنا في جني ثمارها بالمزيد من التشاور والتعاون لما فيه مصلحة شعبينا الشقيقين تحقيقاً لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم، وأخيه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية اليمنية. ولفت المسؤول الأردني إلى ارتباط اليمن اليمن والأردن باتفاقات وبروتوكولات اقتصادية وتجارية منذ أوائل الثمانينات، الأمر الذي كان له أثر إيجابي ملحوظ على مسيرة العمل الثنائي المشترك. وأضاف: ولتطوير آفاق التعاون اقترحنا التوقيع على اتفاقية إقامة منطقة للتجارة الحرة بين بلدينا عام 2007 والتي اتسمت بالشمولية في معالجة قضايا وآليات التبادل التجاري وفي نفس الوقت جاءت مرتكزة على البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والتي آمل أن نتوصل إلى توقيعها خلال أعمال لجنتنا هذه، لتعمل على رفع حجم التبادل التجاري بين بلدينا، والذي ما زال متواضعاً، حيث لم يتجاوز (97) مليون دولار في عام2007 ، ووصل إلى (68) مليون دولار خلال النصف الأول من هذا العام. وعبّر رئيس الوزراء الأردني عن تطلع بلاده بأن تسفر اجتماعات اللجنة عن تفعيل الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تربط البلدين في مجالات عدة والتي وصل عددها إلى حوالي (17) اتفاقية في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والصحة والعمل والزراعة والسياحة وغيرها. وقال: لابد لنا أن نعظم الاستفادة منها ونتجاوز أية عقبات أو صعوبات إدارية حتى تجد الاتفاقات والبروتوكولات طريقها إلى التنفيذ بسهولة ويسر وبما يخدم المصالح المشتركة لكل من بلدينا الشقيقين. ويتوجب علينا العمل بشكل جاد وبجهد مثابر لزيادة حجم التبادل التجاري من خلال تسهيل إجراءات الاستيراد والتسجيل للمنتجات والإسراع في التوقيع على مشروع وثيقة ترتيبات الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة بين البلدين، ووضع خطط العمل لمتابعة تنفيذ نتائج أعمال الدورات السابقة ودورتنا هذه، بما في ذلك الاتفاقات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي سنشهد توقيعها في اختتام دورتنا والتي تغطي مجالات عدة كالنقل والزراعة والإسكان والثقافة والتربية والتعليم والمياه والري والتعاون الصناعي، وغيرها. وأكد الذهبي أهمية تسهيل وتيسير النقل بين البلدين لما لذلك من دور في تعزيز حركة البضائع وبالتالي زيادة المبادلات التجارية وكذلك تشجيع وتنمية حركة السياحة بين البلدين... ودعوة الجهات المختصة في البلدين إلى مواصلة المباحثات حول إنشاء شركة مشتركة للنقل البحري، ودراسة اشتراك الجانب اليمني في الشركة الأردنية - السورية للنقل البحري. وأوضح أن العلاقات المتميزة بين البلدين تعتبر أنموذجاً في مسيرتها الثنائية وفي إطار العمل العربي المشترك لما تظهره هذه العلاقة من إصرار على التعاون والتقدم في المجالات السياسية والاقتصادية، والمحافظة على انتهاج سياسات معتدلة ومتوازنة تستهدف خير ومصلحة أمتنا العربية. لقد كانت العلاقات الأردنية - اليمنية أنموذجاً للعلاقة الحميمة بين الإخوة الأشقاء سواء في مسيرتها الثنائية أم مسيرتها القومية، فهناك انسجام تام في الرؤيا وهناك تطابق في المواقف المتعلقة بالقضايا العربية الأساسية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وهنا لابد لي من الإشادة بالدور الكبير الذي يقوم به اليمن الشقيق لدعم وحدة الشعب الفلسطيني وإيجاد الوسائل المناسبة لإعادة الوحدة بين فصائله ومواصلة تقديم العون ومساعدته في كل الظروف الصعبة التي يعانيها. حضر الجلسة عن الجانب اليمني وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي، ووزير الدولة، مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء عبدالرحمن طرموم، وزير الصحة العامة والسكان الدكتور عبدالكريم يحيى راصع، وزير النقل الدكتور خالد إبراهيم الوزير، وزير المالية نعمان الصهيبي، وزير الصناعة والتجارة الدكتور يحيى المتوكل، أمين عام مجلس الوزراء عبدالحافظ السمة، نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محمد مطهر، وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي هشام شرف، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية محمد عبده سعيد، رئيس مجلس رجال الأعمال اليمنيين حسين المسوري، وسفير اليمن بالأردن حسين طاهر بن يحيى. فيما حضرها عن الجانب الأردني الدكتور حمد الكساسبة - وزير المالية، الدكتور صلاح المواجدة - وزير الصحة ، المهندس شحادة أبو هديب - وزير الشؤون البلدية، رئيس بعثة الشرف، والمهندس عامر الحديدي - وزير الصناعة والتجارة، الدكتور عمر شديفات - وزير التعليم العالي والبحث العلمي، المهندس علاء البطاينة - وزير النقل، العين حيدر مراد - رئيس غرفة تجارة الأردن، عطوفة الدكتور منتصر العقلة - أمين عام وزارة الصناعة والتجارة، السفير محمد توفيق الخالدي - مدير دائرة الشؤون العربية والشرق أوسطية في وزارة الخارجية، أحمد جرادات - السفير الأردني لدى الجمهورية اليمنية، حمدي الطباع - رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، وحاتم الحلواني - رئيس غرفة صناعة الأردن.