الطريق إلى عودة الحرب الباردة تبدأ كما يبدو من تصريحات ساخنة، ثمة ما يشبه ذلك الآن بين موسكو وواشنطن حيث نجد مثلاً.. على مستوى البحر تسعى الولايات المتحدة إلى إدخال عدد من قطعها البحرية إلى البحر الأسود قبل نهاية أغسطس - آب الجاري، عبر البحر المتوسط، فيما يعتبر خبراء ومسؤولون عسكريون في روسيا أن دخول وحدات بحرية أمريكية إلى البحر الأسود، قد يؤدي إلى حدوث "مواجهة عسكرية" بين القوات الروسية والأمريكية. تركيا التي تسيطر على مضيقي "البسفور" و"الدردنيل"، كانت حالت دون التصعيد حين رفضت دخول قطع البحرية الأمريكية، باعتبار أنها تحمل أوزاناً تتجاوز الأوزان المسموح بها. الأمر اعتبرته الوكالة الروسية بمثابة تفجر أزمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وتركيا، لكن تركيا التي تحججت في منع عبور السفينتين الأميركيتين "مرسي" "وكومفورت"، بأن حمولتيهما تزيد عن الحد الأقصى للحمولة المسموح بنقلها عبر المضيقين، وهو 45 ألف طن وفقاً لاتفاقية "مونترو."كانت نجحت في إيقاع الرئيس الأمريكي، جورج بوش، في "حرج"، من حيث كونه أصدر أوامره بنقل الإمدادات الإنسانية إلى جورجيا، دون أن يقدم "إشعاراً مناسباً" إلى الحكومة التركية، التي تسيطر على الممر الذي يربط البحرين المتوسط بالأسود. مسؤولون عسكريون وسياسيون في موسكو رأوا رغم ذلك أن أنقرة لن يمكنها مقاومة الضغوط الأمريكية طويلاً، خاصة أن تركيا عضو بحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو ما سيضع البحرية الروسية وجهاً لوجه أمام البحرية الأمريكية، في البحر الأسود، معتبرين - الروس - أن دخول سفن عسكرية أمريكية إلى البحر الأسود سيعني "حصار القوات البحرية الروسية"، الموجودة في هذا البحر، اعتبروا أن "بإمكان روسيا فك هذا الحصار، بإرسال وحدات بحرية من بحر البلطيق"، ولكنهم عادوا ورجحوا أن تعترض قوات الناتو الوحدات الروسية تلك.. مصدر في الأسطول الروسي في البحر الأسود، اعتبر من الأفضل، في حال وصول وحدات بحرية أمريكية إلى الشواطئ الجورجية، أن تعيد روسيا انتشار وحداتها البحرية في المياه الإقليمية الإبخازية. لكن ذلك في تقدير ذات المسئول الروسي لن ينفي احتمال وقوع مواجهات بحرية بين روسيا والولايات المتحدة، على خلفية اعتبار أن بإمكان جورجيا افتعال مواجهات من هذا القبيل. وفي مثل هذه الحالة لا خيار أمام روسيا سوى حشد مزيد من القوات الجوية في المنطقة، كونها - القوات الجوية الروسية - بمقدورها ضرب أي هدف في البحر الأسود. بحسب الخبير العسكري، قسطنطين ماكيينكو. على مستوى الجو بعد تهديد روسي شديد اللهجة لبولندا وقعت وزيرة الخارجية الأمريكية، كونداليزا رايس، الأربعاءالفائت مع الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي، اتفاقية رسمية لنشر صواريخ باليستية اعتراضية في بولندا،كإجراء يدخل ضمن المنظومة الصاروخية الدفاعية الأمريكية. كاتشينسكي الذي وصف إبرام الاتفاق بأنه "نجاح ساحق" اعتبر أن بلاده حققت تحالفاً مع الدولة الأقوى في العالم في رسالة موجهة إلى روسيا الرافضة إبرام هذه الاتفاقية بالتأكيد. وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس وصفت من جانبها الاتفاق بأنه ميثاق صداقة وتعاون استراتيجي بين الولايات والمتحدة وبولندا لكنها حولت وجهة الرسالة حيث لم يشأ كاتشينسكي فقد حددت أهداف نشر المنظومة التي وصفتها ب"الدفاعية "ب"التصدي لخطر صواريخ طويلة ومتوسطة المدى، قد تطلقها كل من كوريا الشمالية وإيران." وبشكل يوحي بتوجيه رسالة إلى روسيا لكن من نوع آخر كررت رايس مراراًً القول:الدرع الصاروخي لأغراض دفاعية بحتة ولا يستهدف أي طرف. تلعب رايس في هذه الأثناء دورها كدبلوماسية من الطراز الثقيل فهي ولا شك تحسب حساب الزمن وحجم الحدث في الحسبان ذلك أن توقيعها الاتفاق مع كاتشينسكي يأتي بعد أقل من أسبوع من تهديد روسي بأن نشر عناصر من المنظومة الأمريكية في أراضي بولندا، سيجعل من الحليفة الشيوعية السابقة عرضة للهجوم وربما بأسلحة نووية. تصر الولايات المتحدة على أن المنظومة مصممة لمواجهة تهديدات أنظمة مارقة من نوع كوريا الشمالية وإيران.. وتعترض موسكو بقوة على المنظومة الصاروخية الأمريكية في بولندا والتشيك؛ كونها تمثل تهديداً للأمن القومي الروسي. . وتفكر روسيا، ولأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة، في توجيه صواريخ نووية نحو أوروبا، رداًً على منظومة الصواريخ الدفاعية الأمريكية التي تقول واشنطن أنها لدرء خطر هجمات أنظمة مارقة، بعدماكانت "كالينينغراد" أعلنت منطقة خالية من السلاح النووي خلال اتفاق بين موسكو وواشنطن على خفض ترسانتهما النووية مع انتهاء حقبة الحرب الباردة.. وبين هذه وتلك تحتاج بولندا إلى معونات لتحديث قواتها لغرض الحفاظ على السيادة من أطماع الحيتان المحيطة.. الولايات المتحدة وافقت على مساعدة بولندا بتحديث قواتها المسلحة، وهو ما اشترطته وارسو مقابل الموافقة على نشر المنظومة الأمريكية في أراضيها.. أما روسيا فهددت بنسف بولندا في حال شعر أمن روسيا بالقلق من وجود المنظومة على أرض بولندا ..الاتفاقية تعرض العلاقات الروسية الأمريكية للخطر،وهو لن يمضي قدماً دون عقاب. يقول الجنرال أناتولي نوغوفيتسين، نائب رئيس هيئة الأركان الروسية في تصريح سابق تلى اتفاق الأحرف الأولى بين الحليفين الجديدين الذين يفتحان بهذا الاتفاق صفحة جديدة فيما سيكون على روسيا إغلاق صفحة في كتاب التحالفات.