قال الأخ عبدالقادر همام، الوكيل المساعد في وزارة شئون المغتربين إن ظاهرة الهجرة والاغتراب بالنسبة لليمن تشكل معلماً أساسياً ومستمراً عبر التاريخ القديم والحديث وليس لليمن وحده فحسب؛ بل للعديد من المجتمعات والأمم والشعوب منذ تاريخ نشوئها وتشكلها. وأضاف في محاضرة ألقاها في مركز دال للدراسات والأنشطة الثقافية والاجتماعية تحت عنوان "المغتربون اليمنيون ودورهم التنموي في الوطن والمهجر ورعاية شئونهم" بأنه كان لليمنيين الدور الأبرز في تشكل وتبلور شعوب الأمة العربية ونشر ثقافة الحضارة الإسلامية العظيمة في مشارق الأرض ومغاربها، مدللاً على ذلك باندونيسيا وماليزيا اللتين تعتبران خير شاهد على دور المهاجرين اليمنيين العظماء. وبيّن بأن هجرات اليمنيين تميزت بكونها أبعد ما تكون عن موجات للغزو أو اللجوء؛ بل كانت هجرات حاملة لرسالة حضارة أو عمل أو لنشر دعوة دين وإيمان وسلام. موضحاً بأن ظاهرة الهجرة الخارجية الحديثة في اليمن واحدة من أبرز الظواهر الهامة في حياة الأجيال المتعاقبة على أرض اليمن بقصد الكسب وتحسين مستوى المعيشة المتدني لأسر المهاجرين.. وأشار إلى أن الهجرة اليمنية بدأت في العصر الحديث بعد احتلال عدن من قبل الاستعمار البريطاني عام 1839م، وهاجر اليمنيون بعد ذلك إلى العديد من بلدان أفريقيا وآسيا وأمريكا، وتواصلت من مطلع النصف الثاني من القرن العشرين لتشمل السعودية وبلدان الخليج بعد اكتشاف النفط فيها وبلدان شرق أفريقيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.. منوهاً إلى أن الهجرة اليمنية إلى أمريكا تعتبر أحدث عهد، حيث تعود بدايتها الفعلية على الأرجح إلى مطلع النصف الثاني من القرن الماضي، أما الهجرة إلى بلدان الخليج فتعود إلى الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين.. وأرجع الوكيل المساعد لوزارة شئون المغتربين أسباب الهجرة لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية. وقال إن أوضاع المغتربين في الخارج تختلف من بلد إلى آخر إما بسبب طبيعة الأنظمة والأحوال العامة في تلك البلدان؛ أو بسبب التركيب الاجتماعي ومستوى وعي أولئك المغتربين.. مضيفاً بأن المغتربين في بلدان الخليج العربي يعانون إلى حد كبير من آثار الأحداث والمتغيرات التي شهدتها هذه البلدان خلال السنوات الماضية والتي أدّت إلى إحلال واسع للعمالة الآسيوية محل العمالة العربية إلى جانب تشبع الكثير من القطاعات ومجالات العمل التقليدية وتدهور أسعار النفط وانخفاض مستويات الأجور إلى جانب استبدال المزايا والتسهيلات الخاصة التي كانت تمنح لهم بالأنظمة والإجراءات الجديدة. وقال إن المغتربين في بريطانيا يعيشون على رواتبهم التقاعدية أو من أجور غير كافية أمام مستويات المعيشة المرتفعة، أما في أمريكا وأوروبا فيواجهون مشكلتين الأولى من عدم قدرتهم على التكيف الحقيقي في حياتهم الجديدة، والثانية في مخاطر فقدان أولادهم وبناتهم المقيمين معهم لروابطهم الإسلامية. وأضاف بأن هذه المشاكل والصعوبات تذوب بالنسبة للمهاجرين في بلدان مثل الهند واندونيسيا وسنغافورة وماليزيا، كما يتميز اليمنيون في شرق أفريقيا بأوضاع مختلفة من حيث تمتعهم بحقوق عديدة ومعاملتهم كمواطنين في تلك البلدان.. وأوضح بأن أبرز المهام والأعمال التي قامت بها الوزارة هي تنفيذ عملية مسح أولي حول المغتربين في ستة عشر بلد اغتراب في بداية 98م، وإنشاء مركز ونظام للمعلومات المتعلقة بالمغتربين داخل الوزارة، والاهتمام في انشاء مركز دراسات الهجرة والاغتراب بجامعة حضرموت، وإصدار عدد من الكتب في مجالات الهجرة والتنمية وشئون المغتربين، والانضمام إلى منظمة الهجرة الدولية عام 98م، والإعداد والتحضير للمؤتمر العام الأول للمغتربين مايو 99م، ومتابعة حقوق وموضوعات التعويضات للمغتربين العائدين، وإعداد ومتابعة إصدار مشروع قانون رعاية المغتربين الصادر في 2002م، والإعداد والتحضير للمؤتمر العام الثاني للمغتربين سبتمبر 2002م. وأشار همام إلى أن تحويلات المغتربين شكلت رافداً للتنمية والاستثمار من خلال اسهامهم في معالجة قضية الفقر والتخلف الاجتماعي، وإعالة جزء كبير من المواطنين من قبل أهاليهم وأقربائهم المغتربين، وتوفير المعالجات لبعض المشاكل الاجتماعية، ودعم الموازنة العامة والميزان التجاري للدولة وخطط وبرامج الدولة، وتنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، وتبني وإسهام في إقامة مشاريع، وقيام النهضة العمرانية.