يصف العديد من الناس التوقف عند الإشارات المرورية في الشوارع والخطوط العامة في قلب وضواحي أمانة العاصمة أشبه بأسواق الترانزيت في محطات تجمعات المسافرين غير المنظمة، والكثير منهم يصفها بالبازارات المرتجلة التي يأتي إليها القرويون لعرض بضاعاتهم دون الخضوع لنظام التسويق والرقابة والعرض والطلب.. وفي هذا التباين يصفها الخاصة منهم بالفوضى التي ليست لها إيجابيات في امتصاص البطالة التي تشوّه المظهر الحضاري والجمالي لمدينة صنعاء التاريخية العريقة، حيث ما أن يقف المرء عند إشارة المرور إلا ويتجمع حوله لفيف من مجاميع تمثل في فئاتها المتسول والمعاق وأطفال الشوارع والبائعة المتجولين وغيرهم من مروجي التجارة الراجلة لمواد مختلفة من التصنيع المحلي والخارجي وبأسعار مغرية. أشبه بيوم الحشر الوقوف عند إشارة مرور في شوارع الأمانة لا يطاق وقد يكون أشبه بيوم الحشر العظيم، والنجاة منه عند افتتاح الإشارة الخضراء للانطلاق سريعاً إلى طريق الجنة إذا جاز لي التعبير عن ذلك.. لأنه ما أن يتوقف المرء بسيارته عند إشارة حمراء إلا ويلتف حوله المتسول والمتشرد والبائع وغيرهم من الحشريين، وكلهم يتجهون نحوك بعروض استفزازية لا تطاق.. من يردعهم؟!.. الله يعلم. لا يطاق كيف أقول لك؟! وضع لا يُحتمل ولا يطاق.. إلا أني أقول عنه واقع يعرّى فشل المؤسسات الاجتماعية التي تدّعي أنها عملت على معالجة كثير من الظواهر السلبية ومنها قضية التسول والطفولة المتشردة.. أين ذلك؟!. فما أن تقف عند إشارة مرور تجدهم بالعشرات، والذي لا يطاق هنا هو أن تتفاجأ وأنت داخل سيارتك بهؤلاء يحلّقون عليك من كل جانب ويسدون نفسك.. هذا يعرض لك سلعة وهذا يشتى منك صدقة، وهذا يفتح لك أبواب الجنة، فالمرء أصبح يلعن اللحظة التي يتوقف بها أمام إشارة مرور في أمانة العاصمة. شنو يا زول؟! شنو يا زول.. هذا غير منظم ولا يوجد مثله، حتى ما عندهم يا زول أسلوب .. قرف يا زول والله .. قرف يا زول، هذا يدسك بخشمك، ويقول لك حسنة.. حالة تطلع لك الضغط وتخليك معصباً؛ ويخرج لك روحك وما يفلت منك إلا بعد أن يطلع لك روحك.. شنو هذا يا زول؟!. أو تشتي صدقة؟! أهلاً بالصحافة.. كمّلت.. ما ينقصنا إلا الصحافة عند إشارة المرور.. أو أنت مثل الخبرة تشتي صدقة؟ روح لك يا أستاذ واسأل غيري!!. مجاميع التشرد من هذا الشرح للحشر أمام الإشارات المرورية في أمانة العاصمة كان لابد من الحوار مع من هم المعنيون بهذه المشكلة، وبعد ملاحقات وجدناهم يشكلون مجموعات متخصصة لبيع منتجات قطنية مثل المناشف والنظارات وغيرها من السلع الكمالية التي لا تزيد قيمتها عن مئتين إلى ثلاثمائة ريال، ولهم دراسة لتفحص الزبون وهو على مقود السيارة لإغرائه بشراء بضائعهم. أما المجموعة الثانية فهي متخصصة بالمشروبات والبسكويتات وبعض ألعاب الأطفال وكذا بعض مستلزمات مكياج السيارات. أما المجموعة الثالثة فتتكون أو تتوزع في ثلاث فئات متسولة نساء وأطفال وشيوخ، محملة على عربات المعاقين وبضاعتها فتح أبواب الجنة للمحسنين عند إشارة المرور!!.