للعارف بالله الشيخ أحمد بن علوان سبحانك حفيظ أنت: لما أحصيت فلا تضل ولاتنسى، ولما علمت واستقصيت من فعل من أحسن وأساء، تحفظ لخلقك كما تحفظ عليهم، وتنظر لهم كما تنظر إليهم، تحفظهم عن كل ماأرابهم من كل شيطان ضرار وسبع ضار، ولايحجب شهودك مشهود عن مشهود، ولايقطع بصرك موجود عن موجود، احترقت بنار شهودك الرسوم والحدود، فأنت الشاهد الحق، وماسواك مشهود. سبحانك هاد أنت: هديت الأنفس إلى مساعيها، وألهمتها الفرق بين محاسنها ومساويها، فأنت سائقها إلى رحمتك وداعيها، وهديت البهائم إلى مراعيها، وكنت أنت مسخرها وراعيها، فلك الفضل على قاصيها ودانيها. سبحانك شاكر أنت: شكرك للطائعين أجرك وحسن ثنائك، كما أن مقتك للعاصين ذمك ودار بلائك، تشكر قليلاً من قليل، وتهب جزيلاً من جزيل، تهب على قدرك العظيم الجليل، لا على قدر عبدك الحقير الذليل. سبحانك ولي أنت: تلي الأشياء كلها ولاتليك الأشياء، ولايتك من حيث قربك المتهييء كما تشاء، المتنزه أن يعقل أو يرى، ولاية عامة لأهل الأرض والسماء، عبارتها الملك والقرب والاحصاء. ثم تلي أولياءك ألطف ولاية: عبارتها الهداية، وحقيقتها الرعاية، أولئك: الفاعلون لكل ما أمرت به، الطائعون. التاركون لكل مانهيت عنه، القاطعون. الخاشعون لجلال عظمتك، الخاضعون. السائحون في رياض ملاطفتك، الرائعون. الآيبون فيما ساء وسر ونفع وضر إليك الراجعون. السامعون لكلامك الذي كلمتهم، التابعون:[إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون]. سبحانك وهاب أنت: كان من أجزل مواهبك وأجل عطاياك، منّك بالايجاد من العدم على براياك، فأصبحت مليكهم الحق وأصبحوا رعاياك، تجري عليهم أحكامك العادلة وقضاياك، ثم ألهمتهم أن لايعبدوا إلا إياك، لتصل إليهم نعيم آخرتك بنعيم دنياك. ومن لطيف مواهبك التي وهبتهم، وخفيّ رعايتك التي بها أكرمتهم، أن أعنتهم بالآلات التي يستطيعون بها فعل الخيرات والطاعات على جميع الحالات. بالعقول ليعرفوك، والنفوس ليعبدوك والأجسام لينزهوك ويفردوك والألسنة ليذكروك والأعين ليبصروك والآذان ليسمعوك والمشام ليرتاحوا روائحك فيجدوك والمطاعم ليذوقوا نعمك فيشكروك والملامس ليجدوا لين ثوابك فيرجوك، وخشونة عقابك فيخافوك، والفروج لتظهر عنهم نسلاً فيسبحوك ويقدسوك والجوارح ليطيعوك ولايعصوك. سبحانك غني أنت: خلقت الخلائق لأنفسهم، لا لوحشة كانت بك إلى أنسهم، فأنت الغني عنهم وهم المحتاجون إليك، الجاثون على ركب الافتقار وذلة الصغار بين يديك، المتوكلون بمعانيهم في الحقيقة عليك، الخائفون لك المتضرعون لديك، يسبحونك بألسنة كمال قدسك. سبحانك أنت الله الغني بنفسك، عن ملائكتك وجنك وإنسك. سبحانك أنت الله قامت القواعد على أُسًّك، وبسقت الفروع عن مُروع غرسك، ورفعت الرؤوس إلى طلو شمسع. سبحانك أنت الله المتكمل لأوصاف الغنى، خزائنك من الخيرات ملأى لا تنقصها المواهب ولايفنيها العطاء. سبحانك أول أنت: كل ثان يخبر عنك بالأحوال والأعيان، لاقبل لأوليتك إلى منقطع الأوان، بل أنت دهر الدهور وزمن الأزمان، لاتجاوزك العقول ولا تحدك الأذهان، لامكان لذاتك ولكل شيء مكان، أنت العالم في علمك كالسر في الاعلان، وأنت المتصرف بما كان وبما يكون والآن.