منذ بداية الخلق وولادة الإنسانية عرفت غريزة الأمومة بأنها شيء يولد مع الفتاة وأنها جزء من تكوينها وكينونتها،وقد رسمت لنا عبر الزمن والتاريخ صورة الأم كالأسطورة؛ فهي تلك التي لا تمل ولا تكل من العناية بأطفالها وهي من تحبهم بلا شروط،وهي من تسهر إلى جوار طفلها إذا مرض وتكافئه إن أحسن صنعاً وتعاقبه إن أساء. اليوم وفي ظل ثورة التغيير التي يشهدها العالم يبدو أن معنى الأمومة قد اختلف و تغير أيضا وأخشى أن هذا التغيير ليس للأفضل،فتيات اخترن أن يكن أمهات بالاسم فحسب فهن لا يقمن فعلياً بأي من واجبات الأم فقد أوكلن وظيفة التربية والأمومة لامرأة غريبة مستقدمة من شرق آسيا لا تعرف شيئاً لا عنا ولا عن عاداتنا وعلى الأغلب هي إنسانة جاهلة لا تملك ذلك التحصيل العلمي الفذ ولا الثقافة العالية قدمت من بيئة يملأها التخلف والجهل و على الرغم من ذلك فهي مؤتمنة الآن على أكثر من نصف أطفال العرب بأقل تقدير وبالتالي على مستقبل المجتمع العربي كذلك. لربما حينما تكون المرأة عاملة نجد لها عذراً و إن كنت شخصياً لا أرى أي عذر يبرر إهمال المرأة لأطفالها ،فالمرأة قبل أن تكون أي شيء آخر هي أم ورسالة وجودها في هذه الحياة ستبقى ناقصة وبلا معنى إذا لم تقم بهذا الدور المقدس والأساسي الذي خلقت من أجله فأية وظيفة أسمى من هذه في الوجود وإن كانت الفتاة لا ترى في الأمومة تحقيقاً لذاتها وتبعاً لهذا اختارت المسار المهني والنجاح العملي فإن ذلك خيارها وعلينا احترامه ولكن عليها هي أن لا تكون على قدر من الأنانية فتنجب أطفالاً وتلقي بعبء تربيتهم على شخص آخر سواء أكان من العائلة أم من خارجها لأنها بذلك تساهم بتنشئة شخص غير سوي لا نفسياً ولا اجتماعياً وبالتالي تؤذي تكوين المجتمع ككل. لربما كان أكثر ما يقلقني في هذه الظاهرة هو تصريح العديد من الأمهات الشابات بأنهن لا يرغبن بتمضية الوقت مع أطفالهن أو تصريحهن بعدم حبهن لأطفالهن حيث يقع الأطفال على آخر سلم أولوياتهن فهن يفضلن قضاء وقت فراغهن مع صديقاتهن أو في التسوق على البقاء مع أبنائهن متهمات الحياة بالظلم وذلك لأنها لم تحمل الرجل نفس المسؤوليات التي تحملها للمرأة من ناحية الأطفال!!..السؤال الذي يطرح نفسه لماذا أنجبوهم أصلاً؟ومن ذاك الذي خدعهم وأخبرهم بأن الأمومة وظيفة سهلة وأن الطفل منذ الولادة قادر على العناية بنفسه؟ومن أعطاهم الحق بحرمان أطفالهم من الحب والحنان والعناية ووجود الأم الفعلي و الحقيقي في حياتهم؟ اليوم ولد لدينا جيل من سيدات الأعمال والصالونات وإن كان هناك بعض الاستثناءات إلا أن الأغلب لا يرقى حتى لاستحقاق لقب أم..إني فعلا أتساءل أين ذهبت الأمهات وأين اختفى شعور الأمومة..فنحن فتيات هذا الجيل نريد زواجا تلفزيونيا يتبعه حمل تلفزيوني وأمومة تلفزيونية بحيث تصل الزوجة إلى البيت لتلاقيها الخادمة وتناولها ابنها لدقائق معدودة ثم تعود فتأخذه منها لتتفرغ هي لأمور أهم مثل العمل والسهر والرفاهيات.إني أتساءل كيف يمكن لهؤلاء الأطفال أن يبروا والديهم في كبرهم فالزمن كما يقولون دوار فهذا الطفل الذي لم يشعر في بالحنان والحب وهو صغير لا يمكن أن يعطيه حينما يكبر لأن وجود الأب والأم في حياته كان عبارة عن وفرة في الماديات لا أكثر ولا أقل وبالتالي فإن هذا ما سيقدمه لهم كابن في المستقبل، هو بالتأكيد سيكون ابنا بارا ويستقدم لوالدته خادمة شرق آسيوية لتبرها وتكون ابنتها كما أحضرت له هي مثل هذه الخادمة لتكون أمه فترعاه وتربيه وبهذا يكون قد رد الدين الذي عليه كاملا.