أزمة سير ، أزمة مواصلات ، أزمة اقتصادية ، حتى أزمة منتصف العمر يبدو أن حياتنا أصبحت أزمات ما أوجد دافعا لا إراديا لخلقها فقد أدمنا الأزمات والأزمات أدمنتنا ، لكن هذا المرض المعدي يبدو أنه انتقل لموقع شباب الدستور ومواقع أخرى شبيهة حيث تخلق بعض الأزمات بين الكتاب و القراء أو حتى القراء أنفسهم نتيجة لتعليقات غير مسؤولة من شخص ما على أحد المواضيع المطروحة من قبل الموقع ، ما استفز بداخلي السؤال:لماذا نخلق أزمة التعليق هذه وما الدافع وراء ذلك؟؟. لماذا سألت نفسي وبهذا أجابتني، لو كان هناك رقيب سير متمكن يشرف على الحركة المرورية فإنه يسهم بحل الأزمة وتسيير السيارات ، هذا إذا فرضنا أن الطرف الآخر متمكن من القيادة ويحترم قوانين السير أيضا ، ولكن ماذا يستطيع هذا الشرطي المسكين أن يفعل إذا كان الشعب (ما يعرف يسوق) ولا يهتم لا بقوانين ولا بإشارات؟،، إن المشكلة لدينا ليست وجود موقع يعطينا حرية التعبير ، ويسمح لنا بإبداء الرأي بل تكمن بافتقار الشباب لأدوات التعبير وعدم احترامهم لآراء الآخرين وخصوصياتهم ومساحاتهم الشخصية فرغم وجود فئة غير مؤهلة إطلاقا لتعبر إلا أنهم قد منحوا فرصة القيام بذلك بعد عولمة وسائل الاعلام والتواصل وبدلا من استغلالهم هذه الفرصة للارتقاء بمستواهم وتطوير مهاراتهم وصقلها اختاروا اختلاق أزمات لا داعي لها على المستوى الشخصي والمهني وذلك ، بتوجيههم النقد لمجرد النقد وبأسلوب سوقي ولأسباب شخصية. من الطبيعي أن يتلقى الكاتب النقد الإيجابي او السلبي ولكن في الحالتين يجب أن يكون هذا النقد بنّاء فالمديح في غير مكانه لا يثري الكاتب لا من قريب ولا من بعيد والنقد دون ذكر أسباب موضوعية ونقاط محددة وباختيار كلمات غير مناسبة هو عبارة عن سوء استخدام واضح لحرية التعبير الممنوحة لهذا الشخص ولا يساعد الكاتب على تطوير نفسه ومهارته ومعرفة نقاط ضعفه وأخطائه ليتفاداها مستقبلا. علينا أن ندرك اليوم أن العالم يقوم على مبدأ العرض والطلب فحتى الإنتاج الأدبي شمله هذا المبدأ فمن الممكن أ لا تجد ما تبحث عنه من لذة أو تناغم في الطرح والأسلوب عند كاتب بعينه إلا أنك ربما تجده عند آخر. ولا يعني ذلك أبدا أن هذا الكاتب جيد وذلك سيئ إلا من وجهة نظرك أنت ، فكل شخص يعرض إبداعه على جمهور متلق ، ولكل مبدع جمهوره الخاص الذي علينا احترامه عند توجيه أي نقد سلبي له. إنني أشعر بالضيق والخيبة عندما أرى مثل هذه النوافذ التي وجدت لمنح الشباب فرصة التعبير والإبداع والنقد تستغل من قبل البعض كمساحات للتهكم وتخليص الحسابات الشخصية فتصبح فرصة التعبير التي كانت إيجابية بالسابق فرصة لتشويه الذات وجرح الآخرين وقتل الحافز الذي يدفعهم للإبداع. نهاية لا يسعني إلا أن أوجه شكري لرقيب السير لمحاولته الدؤوبة احتواء الأزمة دائما ولكن” لا يصلح العطار ما أفسد الدهر”.