في حوار تركز حول تعريف الهوية الثقافية ومكوناتها الأساسية وكيفية البدء بإعادة بناء الذات الشبابية قال خالد محمود مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة البيضاء إن الهوية الثقافية اليمنية ليست جامدة، بل متجددة ومتطورة باستمرار، لكنها تتطور في إطار الأصل الذي انبثعت منه. ما الذي تعنيه الهوية الثقافية وما المكونات الأساسية؟ الهوية الفردية تعني الهوية الفردانية والتميز والتفرد عن الغير، فهوية الشيء خصوصياته وتميزه بعدد من الصفات فللفرد هويته أي أن له سمات وخصائص تميزه عن غيره مثل العمر واللون والطباع والقدرات العقلية وكلها صفات تختلف من شخص لآخر.. وأما مكونات الهوية الثقافية اليمنية فإن ما يتميز به أبناء الدولة اليمنية الحديثة من خصائص مشتركة توحدهم وتميزهم عن نظائرهم من الشعوب الأخرى وتشكل هويتهم للثقافة الوطنية والتي تكمن في الوطن والعروبة والدين وفلسفة الثورة ومبادئها وأبعادها الوطنية والعربية والإنسانية والكيان السياسي الموحد الذي تحقق في 22 مايو 1990م القائم على الديمقراطية والتعددية السياسية والفكرية والتاريخية المشتركة والعادات والتقاليد. إن تحديد طبيعة التوجه الفكري والسياسي يعد إضافة جوهرية لمكونات الهوية الثقافية اليمنية وهذا يدل على أن الهوية الثقافية لنا ليست جامدة بل متجددة ومتطورة باستمرار لكنها تتطور في إطار الأصل الذي انبثقت منه فالأصل في هويتنا هو المكان الجغرافي الذي يقع في جنوب غرب الجزيرة العربية والأصل العربي والدين الإسلامي فالذي يميز واقعنا الثقافي والفكري يتجاوز مجموعة من التناقضات التي تكاد تسيطر على حياتنا العملية والفكرية معاً. إعادة ترتيب أوراقنا {.. لماذا هويتنا الثقافية الآن؟ في هذه المرحلة التي يتوجب علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا وإعادة صياغة أنفسنا والبحث عن هويتنا الحقيقية وإعادة قراءة هذه الهوية كفعل غير قابل للتأويل في هذه المرحلة كونها تعد ضرورة بقاء حيث يؤكد الكثير من المفكرين والباحثين في الفترة الأخيرة أن الهوية الثقافية ستكون الحراك الأساسي للأحداث السياسية في المستقبل.. فهناك اهتمام بالغ بموضوع الهويات الثقافية، حيث تسعى القوى الاستعمارية الجديدة بوسيلة فعالة للهيمنة على العالم من خلال تفكيك الهويات الوطنية والخصائص القومية إلى كيانات صغيرة متصارعة ومتناصرة من جهة وفرض هويتها على شعوب العالم من جهة أخرى، وبالمقابل ستكون الهوية الوطنية والقومية الأكثر فاعلية للشعوب الضعيفة للدفاع عن وجودها وشخصيتها واستغلالها بتأكيد ثوابت الهوية الوطنية والقومية وتنمية روح الولاء للوطن والأمة دون أن يعني ذلك الانغلاق على الآخر والانكفاء حول الذات، بل يتعين تأكيد التراث من جهة وتحديد التعامل مع الآخر من جهة أخرى. لقد حقق شعبنا هوية ثقافية معالمها واضحة ومتميزة أثرتها مبادئ الثورة وأغنتها وعمقت جذورها الوطنية والقومية والإنسانية وشكلت تلك الإضافات الجديدة إلى هويتنا الثقافية الوطنية قوة دفع جديدة نحو مستقبل أفضل. مبادئ التحول {.. لتجاوز الأفكار المهيمنة على الوعي الشبابي الراهن ما أهم مبادئ التحول في ثقافة الشباب؟ لقد تضمن البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ رئيس الجمهورية حفظه الله العديد من المحاور التي تغطي الكثير من الاحتياجات المجتمعية، وقد كان الشباب أحد أهم هذه المحاور التي يتوجب الاهتمام بها وتحويلها إلى برامج وتقديم الجهات الحكومية لكافة مستلزمات تنفيذها في محور تنمية الشباب وتوفير فرص العمل. واستلهاماً لبرنامج سيادته الخاص بقطاع الشباب وفي سعي المسئولين عن ثقافة الشباب لتجاوز الأفكار المهيمنة على الوعي الشبابي بين الانتماء إلى مختلف الكيانات المحلية السابقة لوجود المجتمع الحديث والدولة ككيان سياسي، ولكي نرتفع بالأفكار الشبابية إلى مواجهة التحديات الخارجية لابد من البدء بإعادة بناء الذات الشبابية وتحديد أهدافنا انطلاقاً من سؤال أنفسنا من نحن وماذا نريد للمستقبل. وهنا يجب التأكيد على أهمية إحداث نوع من التقاطع والتحول إلى المجتمع الحديث، وأهم مبادئ التحول تكمن في الانتقال إلى المجتمع المدني الحديث، والاستمرار في بناء الدولة الوطنية الحديثة وهي الكيان الذي نحقق فيه حريتنا ووجودنا، وتأكيد دور الشباب في الولاء للوطن وأهميته، وعوامل الولاء والتماسك الاجتماعي وتنمية الولاء وهو يعد العامل الأهم والأخطر، حيث يمكن تنمية الولاء عبر تنشئة الأطفال وتشجيع الشباب على قراءة سير الأبطال وقصص الشهداء العظماء الذين قدموا التضحيات من أجل أوطانهم ودفعهم لتمثيل صورة الأبطال والثوار الوطنيين والحلم بالأعمال العظيمة.. وفي تاريخنا الوطني اليمني الكثير من الرموز والبطولات التي يمكن أن تكون مثلاً أعلى نقتدي به. مفهوم حب الوطن {.. لغرس مفهوم حب الوطن وتثقيفهم ثقافة وطنية خالصة في نفوس شبابنا ما الذي ينبغي فعله؟ من المؤكد والمتعارف عليه أن تثقيف الشباب ثقافة وطنية هي حصيلة تضافر مجموعة من الجهود التي تقوم بها مؤسسات المجتمع الرسمية وغير الرسمية وأنه لا يمكن تعلمها بشكل كلي من نشر الوعي الثقافي وحده، بل تعتمد بالدرجة الأولى على الممارسات والتطبيقات التي تسعى إلى تعضيدها كافة المؤسسات المجتمعية من خلال التوعية في القضية ذات أهمية مصيرية ألا وهي بناء الهوية الوطنية للناشئة باعتبارها قضية وجود.. وهذه مسئولية جسيمة تتطلب تضافر جميع الجهود المجتمعية، وهناك العديد من الأسس المهمة والمفاهيم لنشر الثقافة الوطنية للناشئة والشباب يظل من أبرزها الوطنية ومفهوم المواطنة ومفهوم الولاء الوطني بما يمثله من انتماء صادق للوطن وثوابته ومصالحه العامة واستقراره وتقدمه وفي الوقت نفسه التحصين والوقاية من النزعات والانتماءات الضيقة كالطائفية والمناطقية..وإن حب الإنسان لوطنه فطرة مزروعة فيه، وحب الوطن له دلالات عدة أهمها محاربة جميع أشكال التطرف والغلو والتفرقة المذهبية والنظرة المناطقية الضيقة واحترام النظام والالتزام بالقانون والدفاع عن الثوابت الوطنية وحمايتها والحفاظ عليها.. ومن مظاهر حب الوطن الاعتزاز بالهوية الوطنية والدفاع عنها.