لم يكن الشاعر المبدع.عبدالقادر طيب بعكر الحضرمي يحمل بين جنبيه قلباً عادياً أو روحاً مستسلمة لريح الأيام السوافي..ولكن قلبه وروحه كانا استثنائيين كصاحبهما منذ طفولة تجربته الشعرية.. فالحزن الذي يضج به ديوانه الوحيد حتى الآن «مرآة قلب» «٭» يكفي أن يكون زاداً لآلاف القلوب المتعبة..أما دمعه: فإنه شرابه اللذيذ المرارة وهو يروي تجاعيد أحلامه اليابسة. «خبريني يافرحة العيد مابال شجوني تزداد في العنفوان خبريني ياأنت ماالذي حل بقلبي وأي خطب دهاني إن صحا البشر مرة صفعتني حادثات الزمان بالأحزان لا خليل يرجى به الأنس..كلا لا أخ يحتفي ولايرعاني أي شيء يريده الدهر مني أنجم الدهر مقولي ولساني» «1» وعندما سألناه «لماذا كل هذا الأسى»؟؟ وجدناه تجربة شعرية فريدة حتى في كبرياء شموخها الحزين: «بمدينتي شمم يعلمني الشمم.. بمدينتي لا الجرح ينزف راعفاً وينز دم بمدينتي الأطفال إن جاعوا فلا يتضورون بمدينتي حتى الكبار يخبئون جراحهم ويصممون لا العجز يعرفهم ولا هم يعرفون..» «2» إنه الأخ غير الشقيق للأديب والشاعر الراحل المرحوم عبدالرحمن طيب بعكر.. من ينابيع الأصالة رضع استقامة معانيه المتجددة.. ومن فيض شاعريته المتمردة جاء شاعراً معاصراً بكل مدلولات القصيدة المواكبة: «هو ذا الشباب بطالة تغتاله الأيدي الأثيمة هو ذا الشباب فريسة أضحى لأفكار سقيمة لا عاش إن لم ينتفض صلب الإرادة والشكيمة الأرض مئزره وعمته السماوات العظيمة» «3» وفي «حيس» مسقط رأسه وعشقه وتجربته في الشعر والحياة.. نما شاعراً وتنامى واحداً من أبرز الشعراء الشباب الذين عركتهم غربة الروح في متاهات الجسد فكان الشاعر وكان الحكيم وكانت القصيدة: مرآة قلب لايرى القارئ فيها سوى نفسه بملامح قلب الشاعر الذي يشبهها وبكل الألوان التي ارتسمت قوافيها حروفاً تؤبجد في معانيها هوانا ورؤانا وثنائيات اللقاء الصعب في زمن البعاد. «أنت حبي الذي نما وغرامي الذي سمق أنت ترنيمتي فما أعذب اللحن ماأرق لم أعد أصحب الورى أنت ياخير من خلق كلهم دونك انزوى كلهم غيرك احترق وأرى واقعي غداً بوتقات من الملق الصفا أنت نبعه أنت فجري الذي انبثق بك صالحت حاضري بعد أن كان قد حنق» «4» وللشاعر المتألق مجموعة شعرية أخرى في طريقها إلى الطبع والنشر نأمل أن تكون الامتداد الحي للإبداع الشبابي.. هامش ٭ صادر عن مؤسسة الإبداع للثقافة والآداب والفنون صنعاء الطبعة الأولى عام 9991م. «1» من قصيدة «دمعة في العيد» الديوان ص94. «2» من قصيدة «صور من مدينتي» الديوان ص06. «3» من قصيدة «زمن التحدي» الديوان ص401 501. «4» من قصيدة «مرقص» الديوان ص79 89.