أضحك بمرارة كلما قال لي متبجحاً: لقد اخترتك من بين آلاف النساء لتكوني حبيبتي، وأتخيل من وحي كلامه، أنني كنت مع عدد من النساء أقف في واجهة زجاجية «فاترينة» لأحد محلات الأزياء، رافعة إحدى يدي، وعلى وجهي ابتسامة ناعمة، وفوق صدري بطاقة كتب عليها «تتريلات آخر الموسم»، مادام هذا الرجل قد اختارني من بين جميع النساء، وليسحب مني صلاحية التفكير واختياره أنا أيضاً!! وكأي سلعة تجارية يختارها، ويدفع ثمنها، ويأخذها إلى بيته! هذا بشكل عام، تفكير الرجل الشرقي، الذي يعطي لنفسه الحق بالسيادة على المرأة، بدعم من المجتمع أولاً، ومن المرأة «ذاتها» ثانياً، متناسياً أن الحياة، هي رجل وامرأة، أحدهما يكمل الآخر، وعلى كل طرف منهما اختيار نصفه! نعم، العادات والتقاليد تعطي الرجل فرصة المبادرة، والبدء بالخطوة الأولى في مصارحة المرأة باختياره لها له لكن تلك العادات بدأت بالزوال تدريجياً، وأصبحت المرأة هي التي تختار زوجها بنفسها، ذلك لأن اختيار المرأة لزوجها بنفسها لايقلل من شأنها ولايحط من قدرها، فمثل تلك الحالات كانت تحدث قديماً، ولنا في سنة نبينا الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم» أسوة حسنة، وكيف أن أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد «رضي الله عنها» بعثت إلى رسول الله لتقول له، يا ابن عم! إني رغبت فيك لقرابتك، وشرفك في قومك وأمانتك، وحسن خلقك، وصدق حديثك.. ثم عرضت عليه نفسها، فوافق عليه الصلاة والسلام. إذن، لماذا الرجل الشرقي مازال يفترض «جدلاً» أنه يستطيع لوحده اختيار المرأة التي ستكون حبيبته أو زوجته، سالباً منها الحق في الاختيار، حد تصوره بأن المرأة تجلس في مكانها منتظرة إياه ليشتريها بالمال أو بالكلمات، أو بأي شيء آخر؟ صحيح أنه المبادر في أغلب الأحيان إلى طلب الود، لكن موافقة المرأة ورفضها هو نوع من أنواع الاختيار ذلك لأن الحياة الناجحة المكللة بالحب إلا باتفاق الرجل والمرأة معاً، وأختيار واحدهما للآخر عن قناعة وقبول، وعن محبة ورغبة في العيش معاً.. لماذا، تقبل المرأة أن تكون دمية في واجهة محل، منتظرة «الشاري» الذي يدفع ثمنها؟ شاب علّق على استفتاء أجرته إحدى الصحف، عن مدى قبول الشاب بفتاة تبادر هي إلى خطبته قبل أن يفعل: أتخيل أن جرس الباب سيدق فتفتح والدتي الباب، وإذا بفتاة وأهلها قادمون ل«خطبتي».. ولا أدري ماذا سيكون رد فعلي وقتها.. هل أذهب لصنع القهوة وتقديمها للضيوف؟ وليأذن لي هذا الشاب وأنا أقول له رداً على ماقاله متهكماً تخيل شكلك، وأنت ذاهب مع أسرتك إلى منزل فتاة تروم خطبتها، فتدخل عليكم غاضبة لتقول: والله لو كنت آخر رجل في الوجود، فلن أقبل بك زوجاً!!