أضحت قضية الاستثمار قضية الساعة في مختلف المجتمعات والدول وخاصة النامية منها مثل بلادنا حيث شكلت هذه القضية هما رئيسياً ودخلت معها الدول في منافسات حادة وقوية من خلال الإغراءات والتسهيلات التي تقدمها للمستثمرين وكذا الإنفاق على الترويج وعرض الفرص الاستثمارية والمميزات التي ستمنحها للمستثمرين سواء كانت في مجال توفير البنى التحتية أو في مجال التشريعات القانونية فهناك إعفاءات جمركية وضريبية وغيرها إيماناً منها بدور الاستثمار في دفع عجلة التنمية من خلال المشاريع الإنمائية والخدمية التي توفر الكثير من فرص العمل وتمتص البطالة. وفي بلادنا كرست كل الحكومات المتعاقبة جهودها في هذا الخصوص وأنشأت هيئة خاصة تعني بالاستثمار إلى جانب المزايا التي منحها قانون الاستثمار والضمانات التي يوفرها للمستثمر.. كل تلك الجهود لم تحقق الهدف الذي ننشده فظل الاستثمار متواضعاً للغاية فالامتيازات والتسهيلات القانونية وحدها لا تكفي فهناك جملة من المعوقات تحدث عنها الاقتصاديون والمختصون في الجهات ذات العلاقة ومن أهمها ازدواج الاختصاصات بين مختلف الجهات وتجاوز الاختصاصات والروتين الممل بالإضافة إلى مصالح المتنفذين التي تفرض على المستثمر ودخولهم شركاء فيما يسمى مقابل الحماية، الأمر الذي أدى إلى توقف العديد من المشاريع الاستثمارية وكذا إحجام المستثمرين عن الاستثمار في الوطن. والشواهد على ذلك كثيرة نطالعها في الصحافة بين الحين والآخر وآخرها ما تعرض له مستأجر منشأة حجيف للمشتقات النفطية في محافظة عدن حيث تم تشميع المنشآة من قبل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على حد قول المستثمر في تصريحه لإحدى الصحف فإذا كان هذا الأمر حقيقة بالفعل فإنها سابقة خطيرة فالهيئة مجال اختصاصها محدود في مكافحة الفساد في القطاع العام وفي الحفاظ على المال العام والوظيفة العامة، أما القطاع الخاص فيقع خارج نطاقها وحتى لو افترضنا أنه من اختصاصها فأين اختصاص النيابة والقضاء؟ وهل هي بديلة عنه؟ كثير من الأسئلة يمكن أن تطرح في هذا الشأن ذلك أن دور الهيئة معول عليه في إعادة الاعتبار والاحترام للوظيفة العامة والحفاظ على المال العام المهدور. فالقانون يحظر على الهيئة وموظفيها إفشاء أي سر أو معلومة أو بيان أثناء التحري والتحقيق وكذلك النشر لا يكون إلا بعد حكم نهائي بات ومع ذلك نطالع تصريحات هنا وهناك!!