اثار ما عرف بقضية "تخزين الديزل"بمنشأة جحيف النفطية"، علامات استفام كثيرة عن اختصاصات نيابات ومحاكم الأموال العامة، وطبيعة الإجراءات المتبعة من قبل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على ضوء صلاحياتها القانونية، ومدى صلة تلك الإجراءات بالسلطة القضائية. هذه الاسئلة كانت محل بحث رئيس مجلس القضاء الأعلى رئيس المحكمة العليا ، والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في اليمن خلال اجتماع مشترك امس الاحد ، عقب حكم محكمة الميناء الابتدائية في محافظة عدن بعدم قانونية إجراءات الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد فيما عرف بقضية "تخزين الديزل" بمنشأة حجيف النفطية. وهو الحكم الذي اثار جدلا ، ففيما اشاد المستثمر لمنشأت جحيف توفيق عبدالرحيم بالحكم الصادر من المحكمة وقال " إنا هذا الحكم لهو انتصار للقضاء اليمني وهو ما يعزز ثقة المستثمرين بالقضاء "، اعتبرته هيئة مكافحة الفساد «باطل» ومنعدم من الناحية القانونية. وكان مجلس القضاء الأعلى وافق في مايو الماضي على انتداب عدد من أعضاء النيابة العامة في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، للعمل في الهيئة، ومساعدتها في مجال التحقيقات. منطوق الحكم الصادر عن محكمة الميناء الابتدائية امس الاول السبت –حصلت الوطن على نسخة منه- قضى برفض الدفع المقدم من قبل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد التي قامت باحتجاز كميات الديزل بلغت 12 مليون لتر في الخزانين رقمي 4، 6،في منشأة حجيف باعتبارها قضية فساد متهم فيها مجموعة توفيق عبد الرحيم التجارية. وأمرت المحكمة برئاسة القاضية أحلام محمد أحمد بموجب حكمها، الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بعدم التعرض المادي وإزالة العدوان ضد المدعي مجموعة توفيق عبد الرحيم بمنشاة حجيف ، كما أمرت المحكمة بإعادة الحال في المنشأة المؤجرة للمدعي إلى ما كان عليه بتاريخ 25 ديسمبر 2008م ، إلزام الجهات المختصة بتنفيذ الحكم بصورة مستعجلة . وكانت مجموعة توفيق عبد الرحيم قد تقدمت في وقت سابق بدعوى قضائية ضد الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد وذلك عقب قيام الهيئة بإغلاق منشأة حجيف النفطية ، وهو ما اعتبره المستثمر دون مسوغ قانوني كونها منشأة خاصة، الأمر الذي تسبب له بخسائر مادية ومعنوية. المؤسسة الوطنية للنفط والغاز في اليمن من جانبها وصفت اجراءات الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بتشميع خزانات في منشأة حجيف النفطية بمحافظة عدن و قرارها استدعاء كافة المسئولين في المنشأة ، "تصرفات دون وجه حق أو دليل قاطع يدنها وكانما هناك استقصاد من قبل الهيئة لناس معينيين في القطاع الخاص ، رغم ان مهمتها في القطاع العام التي أنشئت الهيئة من اجله وتحريره من الفساد"، متعهدة بالافصاح عن التفاصيل في وقت لاحق. وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط في ان المنشأة التابعة لها بموجب عقد إيجار قانوني "هي منشاة خاصة بتخزين المواد النفطية وتموين السفن ، بالإضافة إلى إننا لم نخرج عن العقود المنصوصة في عقد التأجير". وفيما أكدت المؤسسة في ردها التوضيحي واقعت التخزين للديزل التي قالت هيئة مكافحة الفساد ان فريقها الميداني قام بإثباتها ، اضافت في ذات بيانها" أن الكمية المخزنة ملك خالص للمؤسسة وليست مهربة او مسروقة ، و المؤسسة متعهدة بتوفير المواد النفطية لكثير من الجهات الرسمية والخاصة بموجب عقود قانونية وحرصا منا نقوم بتخزين تلك المواد ضمان لاستمرار تقديم تلك الخدمات للمواطن إضافة إلى إن تلك العقود فيها التزامات قانونية وشروط جزائية في حال الإخلال بها او بالالتزام بها ومن هنا يأتي حرصنا على توفير تلك المواد طوال أيام السنة وحتى في حدوث أية أزمة نبقى مسئولين عن توفيرها". غير ان هئية مكافحة الفساد ( وهي اعلى هيئة مستقلة لمكافحة الفساد المستحدثة قبل عامين ترجمة لبرنامج الرئيس علي عبدالله صالح الانتخابي ) اعتبرت في اول تعليق لها الحكم "باطل". وقال رئيس قطاع التحري والتحقيق والمتابعة القضائية بالهيئة محمد سنهوب ان الهيئة لم تكن على علم بهذه الدعوى، ولم يحصل أن تم إعلامها عن طريق المحاكم إعلاناً صحيحاً.. وأنَّ الهيئة لم تمثل تمثيلاً صحيحاً حتى يمكن ان نطلق على الحكم صفة المشروعية. وأكد سنهوب ان الحكم يمثل تعدياً على اختصاصات الهيئة ومحاولة لاثنائها عن أداء مهامها واختصاصاتها وصلاحياتها المنصوص عليها في القانون رقم (39) لعام 2006م بشأن مكافحة الفساد. ونسبة صحيفة الجمهورية لسنهوب القول : إن ما قامت به الهيئة يقع في صميم اختصاصها ويندرج ضمن صلاحياتها المخولة لها قانوناً، ذلك ان الهيئة قد تلقت بلاغاً بقيام توفيق عبدالرحيم مطهر بعملية تهريب لمادة الديزل، يقوم بسحبها واستلامها من فرعي شركة النفط اليمنية في كل من محافظتي الحديدة وعدن، وذلك من المخصصات المعتمدة للشركة، لصالح بعض المؤسسات الحكومية الخدمية..وأضاف : وبدلاً من توريدها لصالح هذه المؤسسات، قام بتخزينها في منشأة «حجيف». وأشار إلى انه وتعزيزاً لبعض المستندات ولأغراض التحري والتقصي والتأكد من صحة البلاغ ، كلفت الهيئة فريقاً من المختصين بالنزول الميداني إلى منشأة «حجيف» بمحافظة عدن بالتنسيق مع النائب العام وإدارة أمن محافظة عدن، وتم الدخول إلى المنشأة من قبل الفريق يرافقهم احد المتخصصين من شركة النفط اليمنية وتم الكشف عن الخزانات . وأوضح سنهوب انه تم بعد ذلك طلب محمد توفيق عبدالرحيم، مدير عام منشأة «حجيف» للحضور والرد على استيضاحات الفريق وتقديم بعض الوثائق وسندات الشحن المتعلقة بالكمية التي خزنت، لكنه رفض ذلك بالمخالفة لأحكام القانون، وتم الكشف عن الخزانات بحضور بعض الموظفين المنتسبين إلى المنشأة فاتضح انه قد قام بتخزين حوالي «12» مليون لتر من مادة الديزل في الخزانين رقم «6.4». وقال سنهوب: إنه اتضح من خلال السجلات والوثائق التي وقف عليها فريق الهيئة ان هذه الكمية قد تم سحبها وتوريدها خلال فترة وجيزة لا تزيد عن الشهر الواحد، وانها تمت في الفترة الواقعة ما بين 2008/11/24 و 2008/12/24م. وأشار إلى وجود بعض الإفادات من موظفي المذكور بأنه تم توريد هذه الكميات خارج أوقات الدوام الرسمي للعاملين في المنشأة وبالذات في الفترة المسائية، منوهاً أن مدير منشأة حجيف محمد توفيق عبدالرحيم كان قد حاول القيام بسحب الكمية، حيث - والكلام لسنهوب - حضرت إلى المنشأة عند بدء فريق التحري بالتفتيش أكثر من «20» قاطرة في محاولة واضحة لسحب الكمية والتلاعب بالقضية، مما اضطر الفريق وقتها إلى القيام بحجز الخزانات والتحريز عليها، وختمها حتى الانتهاء من إجراءات إثبات الواقعة.